(وَ) كُرِهَ (قَضَاءٌ عِنْدَ تَغَيُّرِ خُلُقِهِ بِنَحْوِ غَضَبٍ) كَجُوعٍ وَشِبَعٍ مُفْرِطَيْنِ وَمَرَضٍ مُؤْلِمٍ وَخَوْفٍ مُزْعِجٍ وَفَرَحٍ شَدِيدٍ نَعَمْ إنْ غَضِبَ لِلَّهِ فَفِي الْكَرَاهَةِ وَجْهَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمُعْتَمَدُ عَدَمُهَا.
(وَأَنْ يُعَامِلَ) هَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَأَنْ لَا يَشْتَرِيَ وَلَا يَبِيعَ (بِنَفْسِهِ) إلَّا إنْ فَقَدَ مَنْ يُوَكِّلُهُ (أَوْ وَكِيلِ) لَهُ (مَعْرُوفٍ) لِئَلَّا يُحَابِيَ وَذِكْرُ كَرَاهَةِ الْمَسْجِدِ وَالْمُعَامَلَةِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَسُنَّ) عِنْدَ اخْتِلَافِ وُجُوهِ النَّظَرِ وَتَعَارُضِ الْآرَاءِ فِي حُكْمٍ (أَنْ يُشَاوِرَ الْفُقَهَاءَ) الْأُمَنَاءَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159] .
(وَحَرُمَ قَبُولُهُ هَدِيَّةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ فَلَا مَعْنَى لِلْكَرَاهَةِ حِينَئِذٍ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ قَضَاءٌ عِنْدَ تَغَيُّرِ خُلُقِهِ إلَخْ) أَيْ لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْهُ فِي الْغَضَبِ، وَقِيسَ بِهِ الْبَاقِي، وَلِاخْتِلَالِ فَهْمِهِ وَفِكْرِهِ بِذَلِكَ، وَمَعَ ذَلِكَ يَنْفُذُ حُكْمُهُ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِيمَا لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمَطْلَبِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِعَدَمِ أَمْنِ التَّقْصِيرِ فِي مُقَدِّمَاتِ الْحُكْمِ اهـ شَرْحُ م ر قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ نَعَمْ تَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ إذَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى الْحُكْمِ فِي الْحَالِ، وَقَدْ يَتَعَيَّنُ الْحُكْمُ عَلَى الْفَوْرِ فِي صُوَرٍ كَثِيرَةٍ اهـ سم، وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ غَضِبَ لِلَّهِ إلَخْ) وَمِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَهُ الْقَضَاءُ فِي حَالِ غَضَبِهِ لِأَنَّهُ لَا يَقُولُ فِي الْغَضَبِ إلَّا كَمَا يَقُولُ فِي الرِّضَا لِعِصْمَتِهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) نَسَبُهُ إلَى بُلْقِينَةَ بِالضَّمِّ وَسُكُونِ اللَّامِ وَالتَّحْتِيَّةِ، وَكَسْرِ الْقَافِ وَنُونٍ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى مِصْرَ قُرْبَ الْمَحَلَّةِ اهـ لُبُّ اللُّبَابِ فِي تَحْرِيرِ الْأَنْسَابِ اهـ شَوْبَرِيٌّ، وَقَوْلُهُ الْمُعْتَمَدُ عَدَمُهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الرَّاجِحُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَالْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِ الْأَحَادِيثِ، وَكَلَامِ الشَّافِعِيِّ، وَالْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ لِأَنَّ الْمَحْذُورَ تَشْوِيشُ الْفِكْرِ، وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ، وَاعْتَمَدَ هَذَا م ر، وَرَأَيْته عَنْ وَالِدِهِ أَيْضًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم.
(قَوْلُهُ وَأَنْ يُعَامِلَ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ فَعَلَ صَحَّ لَكِنْ إنْ كَانَ هُنَاكَ مُحَابَاةٌ فَفِي قَدْرِهَا مَا يَأْتِي فِي الْهَدِيَّةِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ مُعَامَلَتَهُ مَعَ أَبْعَاضِهِ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى إذْ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لَهُمْ، وَمَا قَالَهُ لَا يَأْتِي مَعَ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ اهـ سم (قَوْلُهُ إلَّا إنْ فَقَدَ مَنْ يُوَكِّلُهُ) أَيْ فَإِنَّهُ يُعَامِلُ لِلضَّرُورَةِ فَإِذَا وَقَعَتْ خُصُومَةٌ لِمُعَامَلَةٍ أَنَابَ نَدْبًا فِي فَصْلِهَا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُحَابِيَ) بَحَثَ سم أَنَّ مُحَابَاتَهُ فِي حُكْمِ الْهَدِيَّةِ لَهُ، وَأَخَذَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ بِيعَ لَهُ شَيْءٌ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ حَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهُ قَالَ وَهُوَ مُتَّجِهٌ، وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُمْ لِئَلَّا يُحَابِيَ تَعْلِيلًا لِلْكَرَاهَةِ قَدْ يَقْتَضِي حِلَّ قَبُولِ الْمُحَابَاةِ اهـ س ل.
(قَوْلُهُ وَسُنَّ أَنْ يُشَاوِرَ الْفُقَهَاءَ) أَيْ وَلَوْ أَدْوَنَ مِنْهُ بِدَلِيلِ اسْتِشَارَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغَيْرِهِ اهـ بُرُلُّسِيٌّ اهـ سم.
(قَوْلُهُ وَحَرُمَ قَبُولُهُ هَدِيَّةَ إلَخْ) مِثْلُ الْهَدِيَّةِ الضِّيَافَةُ، وَهَلْ يَجُوزُ لِغَيْرِ الْقَاضِي مِمَّنْ حَضَرَ ضِيَافَتَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فِيهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى رِضَا الْمَالِكِ بِأَكْلِ الْحَاضِرِينَ مِنْ ضِيَافَتِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَحْضَرَهَا لِلْقَاضِي، وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ التَّفْصِيلِ فِي سَائِرِ الْعُمَّالِ، وَمِنْهُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ إحْضَارِ طَعَامٍ لِشَادِّ الْبَلَدِ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْمُلْتَزِمِ أَوْ الْكَاتِبِ اهـ ع ش عَلَى م ر، وَسَائِرُ الْعُمَّالِ مِثْلُهُ فِي نَحْوِ الْهَدِيَّةِ لَكِنَّهُ أَغْلَظُ وَلَا يَلْتَحِقُ بِالْقَاضِي فِيمَا ذُكِرَ الْمُفْتِي، وَالْوَاعِظُ، وَمُعَلِّمُ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ أَهْلِيَّةُ الْإِلْزَامِ، وَالْأَوْلَى فِي حَقِّهِمْ إنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ لِأَجْلِ مَا يَحْصُلُ مِنْهُمْ مِنْ الْإِفْتَاءِ وَالْوَعْظِ وَالتَّعْلِيمِ عَدَمُ الْقَبُولِ لِيَكُونَ عَمَلُهُمْ خَالِصًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ أُهْدِيَ إلَيْهِمْ تَحَبُّبًا وَتَوَدُّدًا لِعِلْمِهِمْ وَصَلَاحِهِمْ فَالْأَوْلَى الْقَبُولُ، وَأَمَّا إذَا أَخَذَ الْمُفْتِي الْهَدِيَّةَ لِيُرَخِّصَ فِي الْفَتْوَى فَإِنْ كَانَ بِوَجْهٍ بَاطِلٍ فَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ يُبَدِّلُ أَحْكَامَ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَشْتَرِي بِهَا ثَمَنًا قَلِيلًا، وَإِنْ كَانَ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً شَدِيدَةً اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَسَائِرُ الْعُمَّالِ إلَخْ مِنْهُمْ مَشَايِخُ الْبُلْدَانِ وَالْأَسْوَاقِ، وَمُبَاشِرُ الْأَوْقَافِ، وَكُلُّ مَنْ يَتَعَاطَى أَمْرًا يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْلِمِينَ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْله أَيْضًا وَحَرُمَ قَبُولُهُ هَدِيَّةَ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر فَإِنْ أَهْدَى إلَيْهِ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ ضَيَّفَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا مَنْ لَهُ خُصُومَةٌ أَوْ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ سَيُخَاصِمُ وَلَوْ بَعْضًا لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِئَلَّا يَمْتَنِعَ مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ يُهْدِي إلَيْهِ قَبْلَ الْوِلَايَةِ أَوْ مَنْ لَا خُصُومَةَ لَهُ أَوْ لَمْ يُهْدِ إلَيْهِ شَيْئًا قَبْلَ وِلَايَتِهِ أَوْ لَهُ عَادَةٌ بِالْإِهْدَاءِ لَهُ، وَزَادَ عَلَيْهَا قَدْرًا يُحَالُ عَلَى الْوِلَايَةِ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ أَوْ صِفَةً فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهَا وَلَا يَمْلِكُهَا لِأَنَّهَا تُوجِبُ الْمَيْلَ إلَيْهِ فِي الْأُولَى، وَيُحَالُ سَبَبُهَا عَلَى الْوِلَايَةِ فِي الثَّانِيَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُهْدِي مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ
وَقَدْ حَمَلَهَا إلَيْهِ لِأَنَّهُ صَارَ فِي عَمَلِهِ فَلَوْ جَهَّزَهَا لَهُ مَعَ رَسُولٍ وَلَا خُصُومَةَ لَهُ فَفِيهِ، وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا الْحُرْمَةُ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَبُولُهَا فِي غَيْرِ عَمَلِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُهْدِي مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِ مَا لَمْ يَسْتَشْعِرْ بِأَنَّهَا مُقَدِّمَةٌ لِخُصُومَةٍ، وَمَتَى بُذِلَ لَهُ مَالٌ لِيَحْكُمَ بِغَيْرِ الْحَقِّ أَوْ لِيَمْتَنِعَ مِنْ حُكْمٍ بِحَقٍّ فَهُوَ الرِّشْوَةُ الْمُحَرَّمَةُ بِالْإِجْمَاعِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْحُكْمِ بِالْحَقِّ إلَّا بِمَالٍ لَكِنَّهُ أَقَلُّ إثْمًا، وَمَحَلُّ كَوْنِهِ أَقَلَّ إثْمًا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رِزْقٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَذَلِكَ الْحُكْمُ مِمَّا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ، وَطَلَبَ أُجْرَةَ مِثْلِ عَمَلِهِ فَقَطْ، وَإِلَّا جَازَ لَهُ طَلَبُهَا، وَأَخْذُهَا عِنْدَ كَثِيرِينَ، وَامْتَنَعَ عِنْدَ