لَمْ يُسْمَعْ) ذَلِكَ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) فَلَا يَحْلِفُ لِأَنَّهُ نَائِبُ الشَّرْعِ وَالدَّعْوَى عَلَى النَّائِبِ دَعْوَى عَلَى الْمُنِيبِ وَلِأَنَّهُ لَوْ فُتِحَ بَابُ التَّحْلِيفِ لَتَعَطَّلَ الْقَضَاءُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إنْ كَانَ مَوْثُوقًا بِهِ وَإِلَّا حَلَفَ.

(أَوْ) اُدُّعِيَ عَلَيْهِ (مَا) أَيْ شَيْءٌ (لَا يَتَعَلَّقُ بِحُكْمِهِ أَوْ عَلَى مَعْزُولٍ شَيْءٌ) كَأَخْذِ مَالٍ بِرِشْوَةٍ أَوْ بِشَهَادَةِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (فَكَغَيْرِهِمَا) فَتُفَصَّلُ الْخُصُومَةُ بِإِقْرَارٍ أَوْ حَلِفٍ أَوْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ وَقَيَّدَ السُّبْكِيُّ الْأُولَى مِنْ هَاتَيْنِ فَقَالَ هَذَا إنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَقْدَحُ فِيهِ وَلَا يُخِلُّ بِمَنْصِبِهِ وَإِلَّا فَالْقَطْعُ بِأَنَّ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ وَلَا يَحْلِفُ وَلَا طَرِيقَ لِلْمُدَّعِي حِينَئِذٍ إلَّا الْبَيِّنَةُ ثُمَّ قَالَ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَإِنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَقْدَحُ فِيهِ وَلَمْ يَظْهَرْ لِلْحَاكِمِ صِحَّةُ الدَّعْوَى صِيَانَةً عَنْ ابْتِدَائِهِ بِالدَّعْوَى وَالتَّحْلِيفِ انْتَهَى وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى مُتَوَلٍّ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ عِنْدَ قَاضٍ أَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا أَوْ مَعْزُولًا سُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ وَلَا يَحْلِفُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَمَا ذَكَرْته فِي الْمَعْزُولِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا ذَكَرَاهُ فِيهِ.

[فصل في آداب القضاء وغيرها]

(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا (تَثْبُتُ التَّوْلِيَةُ) لِلْقَضَاءِ (بِشَاهِدَيْنِ) كَغَيْرِهَا (وَيَخْرُجَانِ مَعَ الْمُتَوَلِّي) إلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ (يُخْبِرَانِ) أَهْلَهُ بِهَا (أَوْ بِاسْتِفَاضَةٍ) بِهَا كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْخُلَفَاءُ وَلِأَنَّهَا آكَدُ مِنْ الْإِشْهَادِ فَلَا يَثْبُتُ بِكِتَابٍ لِإِمْكَانِ تَحْرِيفِهِ قَالَ تَعَالَى {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} [النساء: 82] .

(وَسُنَّ أَنْ يَكْتُبَ مُولِيهِ) إمَامًا كَانَ أَوْ قَاضِيًا فَهُوَ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لَمْ يُسْمَعْ ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) وَإِنَّمَا سُمِعَتْ هَذِهِ الدَّعْوَى مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى قَوَاعِدِ الدَّعَاوَى الْمُلْزَمَةِ إذْ لَيْسَتْ بِنَفْسِ الْحَقِّ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا التَّدَرُّجُ إلَى إلْزَامِ الْخَصْمِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ دَعْوَى عَلَى الْمُنِيبِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الشَّرْعُ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ أَوْ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِحُكْمِهِ) كَغَصْبٍ وَدَيْنٍ وَبَيْعٍ اهـ س ل (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْقَطْعُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ مَا يَقْدَحُ فِيهِ، وَيُخِلُّ بِمَنْصِبِهِ كَأَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِكُنَاسَةِ بَيْتٍ أَوْ نَزْحِ سَرَابٍ (قَوْلُهُ لَا تُسْمَعُ) أَيْ لِأَجْلِ التَّحْلِيفِ، وَإِلَّا فَهِيَ تُسْمَعُ لِلْبَيِّنَةِ كَمَا بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ كَذَلِكَ أَيْ لَا تُسْمَعُ لِلتَّحْلِيفِ، وَتُسْمَعُ لِلْبَيِّنَةِ فَخَرَجَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ لِلتَّحْلِيفِ مُطْلَقًا، وَتُسْمَعُ لِلْبَيِّنَةِ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ إلَخْ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ لَهُ صِحَّةُ الدَّعْوَى سُمِعَتْ لِلتَّحْلِيفِ، وَانْظُرْ هَلْ هُوَ مُرَادٌ فِي كَلَامِهِ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ وَلَمْ يَظْهَرْ إلَخْ أَنَّ الدَّعْوَى تُسْمَعُ لِلْبَيِّنَةِ مَعَ أَنَّ الْحَاكِمَ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ صِحَّتُهَا فَكَيْفَ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى، وَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إلَّا الْبَيِّنَةُ) فَمَتَى كَانَ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ سُمِعَتْ الدَّعْوَى، وَإِلَّا فَلَا، وَقَوْلُهُ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَيْ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى إلَّا بِبَيِّنَةٍ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا بَيَانُ حُكْمِ هَذِهِ الصُّورَةِ الَّتِي هِيَ خَارِجَةٌ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ اُدُّعِيَ عَلَى مُتَوَلٍّ جَوْرٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ أَوْ مَعْزُولًا إلَخْ غَرَضُهُ بِهِ تَخْصِيصُ قَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ عَلَى مَعْزُولٍ شَيْءٌ إلَخْ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ فَمَا ذَكَرْته فِي الْمَعْزُولِ إلَخْ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ اهـ س ل وح ل كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ سُمِعْت الْبَيِّنَةُ، وَطَرِيقُهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْخَصْمِ، وَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بِأَنَّ الْقَاضِيَ حَكَمَ لَهُ بِكَذَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّك حَكَمْت بِكَذَا إلَيَّ أَيْ وَكَانَ قَدْ أَنْكَرَ الْحُكْمَ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ سُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ) الْمُنَاسِبُ فِي الْمُقَابَلَةِ سُمِعَتْ الدَّعْوَى لَكِنَّهُ عَبَّرَ بِاللَّازِمِ (قَوْلُهُ فَمَا ذَكَرَتْهُ فِي الْمَعْزُولِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ عَلَى مَعْزُولٍ شَيْءٌ فَكَغَيْرِهِمَا فَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَحْلِفُ، وَحَاصِلُهُ دَفْعُ التَّنَافِي بَيْنَ كَلَامِهِ سَابِقًا وَبَيْنَ كَلَامِ الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا.

وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ فَمَا ذَكَرْته فِي الْمَعْزُولِ أَيْ مِنْ أَنَّهُ تُسْمَعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى لِلْبَيِّنَةِ، وَالتَّحْلِيفِ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّعْوَى بِأَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا أَوْ بِغَيْرِهِ

وَقَوْلُهُ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا ذَكَرَاهُ، وَاَلَّذِي ذَكَرَاهُ فِيهِ هُوَ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا لِأَجْلِ تَحْلِيفِهِ، وَإِنْ كَانَتْ تُسْمَعُ لِأَجْلِ الْبَيِّنَةِ فَقَوْلُ الْمَتْنِ فَكَغَيْرِهِمَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ الدَّعْوَى عَلَى الْمَعْزُولِ بِأَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا فَلَا تُسْمَعُ لِتَحْلِيفِهِ، وَوَجْهُ عَدَمِ سَمَاعِهَا لِلتَّحْلِيفِ أَنَّ فَائِدَةَ طَلَبِ الْيَمِينِ مِنْهُ إمَّا إقْرَارُهُ عِنْدَ الْعَرْضِ، وَإِمَّا نُكُولُهُ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ كَالْإِقْرَارِ، وَكُلٌّ مِنْ الْإِقْرَارِ الْحَقِيقِيِّ وَالْحُكْمِيِّ مِنْ الْمَعْزُولِ، وَمِثْلُهُ مَنْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ بِأَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا غَيْرُ مَقْبُولٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُتَوَلٍّ إلَخْ فَلَا فَائِدَةَ فِي تَحْلِيفِهِ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى لِأَجْلِ التَّحْلِيفِ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ انْتَهَتْ بِإِيضَاحٍ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ مَا ذَكَرَاهُ فِيهِ) أَيْ لِأَنَّ مَا ذَكَرَاهُ يَتَعَلَّقُ بِالْحُكْمِ اهـ ز ي.

[فَصْلٌ فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا]

(فَصْلٌ فِي آدَابِ الْقَضَاءِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَيُسَنُّ أَنْ يَكْتُبَ مُولِيهِ إلَخْ، وَغَيْرُهَا أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلَ الْفَصْلِ تَثْبُتُ التَّوْلِيَةُ بِشَاهِدَيْنِ يَخْرُجَانِ مَعَ الْمُتَوَلِّي يُخْبِرَانِ أَوْ بِاسْتِفَاضَةٍ وَمِنْ قَوْلِهِ وَحَرُمَ قَبُولُهُ هَدِيَّةَ مَنْ لَا عَادَةَ لَهُ قَبْلَ وِلَايَتِهِ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ بِشَاهِدَيْنِ) فَلَا يَكْفِي رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، وَنُقِلَ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ اهـ ح ل (قَوْلُهُ يُخْبِرَانِ أَهْلَهُ بِهَا) فَلَيْسَ الْمُرَادُ الشَّهَادَةَ الْمُعْتَبَرَةَ بَلْ مُجَرَّدَ الْإِخْبَارِ وَلَا حَاجَةَ لِلْإِتْيَانِ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر يُخْبِرَانِ بِهَا أَهْلَهُ ثُمَّ إنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ قَاضٍ أَدَّيَا عِنْدَهُ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ، وَأُثْبِتَ ذَلِكَ بِشُرُوطِهِ، وَإِلَّا كَفَى إخْبَارُهُمَا لِأَهْلِ الْحَلِّ، وَالْعَقْدِ مِنْهُمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ الِاكْتِفَاءُ بِظَاهِرِي الْعَدَالَةِ لِاسْتِحَالَةِ ثُبُوتِهَا عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ مَعَ الِاضْطِرَارِ إلَى مَا يَشْهَدَانِ بِهِ انْتَهَتْ مَعَ زِيَادَةٍ لع ش (قَوْلُهُ فَلَا تَثْبُتُ بِكِتَابٍ) ذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ، وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْفَتْوَى إذَا أَخْبَرَهُ مَنْ يَثِقُ بِهِ أَنَّهُ خَطُّ الْمُفْتِي أَوْ كَانَ يَعْرِفُ خَطَّهُ وَلَا يَشُكُّ فِيهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ هُنَا مِثْلُهُ اهـ بُرُلُّسِيٌّ اهـ سم (قَوْلُهُ لِإِمْكَانِ تَحْرِيفِهِ) أَيْ تَزْوِيرِهِ وَلَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ صَدَّقُوهُ فَلَا تَلْزَمُهُمْ طَاعَتُهُ حِينَئِذٍ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ فَهُوَ أَعَمُّ وَأَوْلَى) وَجْهُ الْعُمُومِ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْأَوْلَوِيَّةُ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَا فِي لِيَكْتُبَ مِنْ إيهَامِ وُجُوبِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ هَذِهِ الصِّيغَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015