وَ) زِيَادَةِ (مَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ غَيْرَ ظِلِّ اسْتِوَاءٍ) أَيْ غَيْرَ ظِلِّ الشَّيْءِ حَالَةَ الِاسْتِوَاءِ إنْ كَانَ وَالْأَصْلُ فِي الْمَوَاقِيتِ قَوْله تَعَالَى {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39] {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ} [ق: 40] أَرَادَ بِالْأَوَّلِ الصُّبْحَ وَبِالثَّانِي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَبِالثَّالِثِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَخَبَرُ «أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعِشَاءُ حِينَئِذٍ تَذْكِيرًا بِذَلِكَ كَمَا أَنَّ كَمَالَهُ فِي الْبَطْنِ وَتَهْيِئَتُهُ لِلْخُرُوجِ كَطُلُوعِ الْفَجْرِ الَّذِي هُوَ مُقَدِّمَةٌ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ الْمُشَبَّهِ بِالْوِلَادَةِ فَوَجَبَتْ الصُّبْحُ حِينَئِذٍ لِذَلِكَ وَمِنْهَا حِكْمَةُ كَوْنِ الصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ بَقَاءُ كَسَلِ النَّوْمِ وَالْعَصْرَيْنِ أَيْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ أَرْبَعًا تَوَفُّرُ النَّشَاطِ عِنْدَهُمَا بِمُعَانَاةِ الْأَسْبَابِ وَالْمَغْرِبِ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ وَلَمْ تَكُنْ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهَا بُتَيْرًا تَصْغِيرُ بَتْرًا مِنْ الْبَتْرِ وَهُوَ الْقَطْعُ وَأُلْحِقَتْ الْعِشَاءُ بِالْعَصْرَيْنِ لِيَنْجَبِرَ نَقْصُ اللَّيْلِ عَنْ النَّهَارِ زَادَ فِيهِ فَرْضَانِ وَفِي النَّهَارِ ثَلَاثَةً لِكَوْنِ النَّفْسِ عَلَى الْحَرَكَةِ فِيهِ أَقْوَى وَمِنْهَا حِكْمَةُ كَوْنِ عَدَدِهَا سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً أَنَّ سَاعَاتِ الْيَقَظَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْهَا النَّهَارُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً وَنَحْوُ ثَلَاثِ سَاعَاتٍ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَسَاعَتَيْنِ آخِرَهُ فَكُلُّ رَكْعَةٍ تُكَفِّرُ ذُنُوبَ سَاعَةٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَشَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَزِيَادَةِ مَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلُهُ) أَيْ فَلَا يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ إلَّا بِزِيَادَةٍ عَلَى مَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ الْأَصْحَابُ عَنْ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَمَّا كَانَ وَقْتُ الْعَصْرِ لَا يَكَادُ يُعْرَفُ إلَّا بِهَا عَوَّلَ عَلَيْهَا الْإِمَامُ وَإِلَّا فَهِيَ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ يَدْخُلُ بِمَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ وَقِيلَ فَاصِلَةٌ بَيْنَهُمَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ غَيْرَ ظِلِّ اسْتِوَاءٍ) لَمَّا كَانَتْ الْعِبَارَةُ تَقْتَضِي أَنَّ الِاسْتِوَاءَ لَهُ ظِلٌّ أَوَّلَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ غَيْرَ ظِلِّ الشَّيْءِ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي الْمَوَاقِيتِ إلَخْ) الْآيَةُ مُجْمَلَةٌ وَالسُّنَّةُ فَصَّلَتْ ذَلِكَ الْمُجْمَلَ وَلِذَلِكَ قَدَّمَ الْآيَةَ عَلَى الْحَدِيثِ إشَارَةً لِذَلِكَ إذْ الْآيَةُ لَا يُعْلَمُ مِنْهَا ابْتِدَاءُ وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ وَلَا انْتِهَاؤُهُ، وَإِنَّمَا دَلَّتْ عَلَى الْأَوْقَاتِ إجْمَالًا فَذِكْرُ الْحَدِيثِ بَعْدَهَا تَفْصِيلٌ لِذَلِكَ الْمُجْمَلِ وَبِهِ يُعْلَمُ رَدُّ مَا اسْتَشْكَلَ بِهِ الِاسْتِدْلَال بِهَذِهِ الْآيَةِ، فَإِنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى الْمَوَاقِيتِ، وَإِنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الصَّلَوَاتِ إجْمَالًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [طه: 130] أَيْ صَلِّ حَامِدًا اهـ جَلَالٌ وَعَبَّرَ عَنْ الصَّلَاةِ بِالتَّسْبِيحِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ اهـ ع ش وَفِيهِ أَنَّ التَّسْبِيحَ لَيْسَ جُزْءًا مِنْهَا فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ أَعْظَمَ الْأَجْزَاءِ حَتَّى يُسْتَعْمَلَ فِي الْكُلِّ وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَعَانِي التَّسْبِيحِ الصَّلَاةَ وَعَلَيْهِ لَا تَجُوزُ اهـ وَاسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ دُونَ قَوْلِهِ {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ} [الروم: 17] ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا الدَّلَالَةُ عَلَى جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْأَمْرَ بِالتَّسْبِيحِ الَّذِي هُوَ الصَّلَاةُ فِيهَا وَلَمَّا كَانَتْ الْآيَةُ مُجْمَلَةً وَالدَّلِيلُ الْمُجْمَلُ فِيهِ مَا فِيهِ احْتَاجَ إلَى الثَّانِي فَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: وَخَبَرُ أَمَّنِي جِبْرِيلُ إلَخْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَخَبَرَ أَمَّنِي جِبْرِيلُ) أَيْ جَعَلَنِي إمَامًا وَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ صَلَّى بِي الظُّهْرَ بِمَعْنَى مَعَ وَقِيلَ مَعْنَى أَمَّنِي صَارَ إمَامًا لِي فَتَكُونُ الْبَاءُ عَلَى حَقِيقَتِهَا اهـ شَوْبَرِيٌّ وَالْأَخِيرُ هُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ الَّذِي فِي ع ش وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف، وَإِنَّمَا تَقَدَّمَ جِبْرِيلُ وَصَلَّى بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ كَوْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلَ مِنْهُ لِغَرَضِ التَّعْلِيمِ لَا يُقَالُ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَقْتَدِيَ جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُعَلِّمَهُ التَّبَعِيَّةَ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْقَوْلِ أَوْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي بِهِ إمَامًا وَيُعَلِّمُهُ جِبْرِيلُ مَعَ كَوْنِهِ مُقْتَدِيًا بِالْإِشَارَةِ أَوْ نَحْوِهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَعَلَّ إمَامَةَ جِبْرِيلَ أَظْهَرُ مَعَ التَّعْلِيمِ مِنْهُ فِيمَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ جِبْرِيلُ وَعَلَّمَهُ بِالْإِشَارَةِ لَا يُقَالُ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ الْعِلْمُ بِكَيْفِيَّتِهَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الشَّرْعِ وَظُهُورِ كَيْفِيَّتِهَا لِلنَّاسِ وَأَنْ يَكُونَ جِبْرِيلُ عَلَّمَهُ مَا فِيهَا مِنْ الْأَرْكَانِ وَغَيْرِهَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَأَمَّ بِهِ لِيُعَلِّمَهُ كَيْفِيَّةَ الْفِعْلِ الَّذِي عَلِمَ وُجُوبَهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: جِبْرِيلَ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَالرَّاءِ وَفِيهِ لُغَاتٌ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْجَلِيلِ وَكُنْيَتُهُ أَبُو الْفُتُوحِ كَذَا قِيلَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْبَيْتِ) أَيْ فِيمَا بَيْنَ الْحِجْرِ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَحَلُّ الْمَعْرُوفُ بِالْمِعْجَنَةِ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُمْ كَانُوا مُسْتَقْبِلِينَ الْكَعْبَةَ وَيُخَالِفُهُ مَا وَرَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِرَأْيِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَعْلَمَ هَلْ تَتْبَعُهُ الْكُفَّارُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ قِبْلَتَهُمْ» لَا يُقَالُ: إنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ مُسْتَقْبِلِينَ الشَّامَ.
لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ وَرَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أُمِرَ بِاسْتِقْبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَانَ يَجْعَلُ الْبَيْتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ» «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا جَاءَهُ جِبْرِيلُ لِيُعَلِّمَهُ الْكَيْفِيَّةَ نَادَى أَصْحَابَهُ فَاجْتَمَعُوا فَقَالَ إنَّ جِبْرِيلَ أَتَى إلَيْكُمْ لِيُعَلِّمَكُمْ الصَّلَاةَ فَأَحْرَمَ جِبْرِيلُ وَأَحْرَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَلْفَهُ وَأَحْرَمَتْ الصَّحَابَةُ كَذَلِكَ مُقْتَدِينَ بِجِبْرِيلَ لَكِنَّهُمْ لَا يَرَوْنَهُ فَصَارُوا يُتَابِعُونَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالرَّابِطَةِ» قَالَ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ وَاحْتِيَاجُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلتَّعْلِيمِ هُنَا تَفْصِيلًا لَا يُنَافِي كَوْنَهُ أُعْطِيَ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ إجْمَالًا؛ لِأَنَّ