وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْحَلِفِ لِحَقِّ الْخِدْمَةِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْحِنْثِ صَامَ بِلَا إذْنٍ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْحَلِفِ فَالْعِبْرَةُ فِي الصَّوْمِ بِلَا إذْنٍ فِيمَا إذَا أَذِنَ فِي أَحَدِهِمَا بِالْحِنْثِ وَوَقَعَ فِي الْأَصْلِ تَرْجِيحُ اعْتِبَارِ الْحَلِفِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِيهِ إذْنٌ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْتِزَامِ الْكَفَّارَةِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ مَانِعٌ مِنْ الْحِنْثِ فَلَا يَكُونُ الْإِذْنُ فِيهِ إذْنًا فِي الْتِزَامِ الْكَفَّارَةِ فَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ الصَّوْمُ فِي الْخِدْمَةِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إذْنٍ فِيهِ وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ الْأَمَةِ مِنْ زِيَادَتِي (وَمُبَعَّضٌ كَحُرٍّ فِي غَيْرِ إعْتَاقٍ) فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ كَفَّرَ بِتَمْلِيكِ مَا مَرَّ بِإِعْتَاقٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْوَلَاءِ وَإِلَّا فَيَصُومُ وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ.

[فصل في الحلف على السكنى والمساكنة وغيرهما]

(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي. لَوْ (حَلَفَ لَا يَسْكُنُ) بِهَذِهِ الدَّارِ (أَوْ لَا يُقِيمُ بِهَا) ، وَهُوَ فِيهَا (فَمَكَثَ) فِيهَا (بِلَا عُذْرٍ حَنِثَ وَإِنْ بَعَثَ مَتَاعَهُ) وَأَهْلَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَبْعَثْهُمَا؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى سُكْنَى نَفْسِهِ فَلَا يَحْنَثُ إنْ خَرَجَ حَالًا

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحِنْثُ كَتَرْكِ الْوَاجِبِ كَالْإِذْنِ فِي الْحِنْثِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْحَلِفِ) لَا يُشْكِلُ هَذَا بِثُبُوتِ الرُّجُوعِ حَيْثُ أَذِنَ فِي الضَّمَانِ دُونَ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّ الْفَرْقَ لَائِحٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَمُبَعَّضٌ كَحُرٍّ) اعْلَمْ أَنَّهُمْ أَلْحَقُوهُ هُنَا بِالْمُوسِرِ، وَكَذَا فِي إيجَابِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ، وَفِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ جَعَلُوا عَلَيْهِ نَفَقَةَ الْمُعْسِرِينَ اهـ عَمِيرَةُ أَقُولُ الْمُدْرَكُ بَيِّنٌ فَلَا إشْكَالَ اهـ سم (قَوْلُهُ كَفَّرَ بِتَمْلِيكِ مَا مَرَّ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ وَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَصُومُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ ضَرَّهُ الصَّوْمُ وَهُوَ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِهِ اهـ ح ل.

وَفِي سم وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِي صَوْمِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِ بَعْضِهِ مَا تَقَدَّمَ فِي خَالِصِ الرِّقِّ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُهَايَأَةً، وَيَصُومُ فِي نَوْبَتِهِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر.

[فَصْلٌ فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا]

(فَصْلٌ فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى إلَخْ)

تَرْجَمَ هَذِهِ الْمَبَاحِثَ الْأَتِيَّةَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ بِقَوْلِهِ الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يَقَعُ بِهِ الْحِنْثُ وَالْبِرُّ

الْأَصْلُ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ فِيهِمَا اتِّبَاعُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الْيَمِينُ وَقَدْ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ التَّقْيِيدُ بِنِيَّةٍ تَقْتَرِنُ بِهِ أَوْ بِاصْطِلَاحٍ خَاصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ وَصُوَرُهُ لَا تَتَنَاهَى لَكِنَّهُمْ تَكَلَّمُوا فِيمَا يَغْلِبُ اسْتِعْمَالُهُ لِيُقَاسَ بِهِ غَيْرُهُ وَهُوَ أَنْوَاعٌ سَبْعَةٌ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ فِي الدُّخُولِ وَالْمُسَاكَنَةِ إلَخْ، ثُمَّ قَالَ النَّوْعُ الثَّانِي فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، ثُمَّ قَالَ النَّوْعُ الثَّالِثُ فِي الْعُقُودِ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ أَوْ لَا يَشْرَبُ مَا اشْتَرَاهُ إلَخْ، ثُمَّ قَالَ النَّوْعُ الرَّابِعُ فِي الْأَوْصَافِ وَالْإِضَافَاتِ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارِهِ حَنِثَ بِدَارٍ يَمْلِكُهَا إلَخْ، ثُمَّ قَالَ النَّوْعُ الْخَامِسُ فِي الْكَلَامِ فَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك إلَخْ، ثُمَّ قَالَ النَّوْعُ السَّادِسُ فِي تَأْخِيرِ الْحَلِفِ وَتَقْدِيمِهِ لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ غَدًا إلَخْ، ثُمَّ قَالَ النَّوْعُ السَّابِعُ فِي الْخُصُومَاتِ وَنَحْوِهَا لَوْ حَلَفَ لَا يَرَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ لِلْقَاضِي إلَخْ اهـ.

وَعِبَارَةُ حَجّ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ أَنَّ الْأَلْفَاظَ تُحْمَلُ عَلَى حَقَائِقِهَا إلَّا أَنْ يُتَعَارَفَ الْمَجَازُ وَيُرِيدُ دُخُولَهُ فِيهِ فَيَدْخُلُ أَيْضًا فَلَا يَحْنَثُ أَمِيرٌ حَلَفَ لَا يَبْنِي دَارِهِ وَأَطْلَقَ إلَّا بِفِعْلِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ مَنْعَ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ فَيَحْنَثُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ بِنِيَّتِهِ ذَلِكَ صَيَّرَ اللَّفْظَ مُسْتَعْمَلًا فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَنَا مِنْ جَوَازِ ذَلِكَ أَوْ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ كَمَا هُوَ رَأْيُ الْمُحَقِّقِينَ، وَكَذَا مَنْ حَلَفَ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ وَأَطْلَقَ فَلَا يَحْنَثُ بِحَلْقِ غَيْرِهِ لَهُ بِأَمْرِهِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَقِيلَ يَحْنَثُ لِلْعُرْفِ وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا الْأَصْلُ فِي الْبِرِّ وَالْحِنْثِ اتِّبَاعُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ وَقَدْ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ التَّقْيِيدُ وَالتَّخْصِيصُ بِنِيَّةٍ تَقْتَرِنُ بِهِ أَوْ بِاصْطِلَاحٍ خَاصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ اهـ وَسَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ وَهَذَا عَكْسُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَغْلِيظًا بِالتَّعْمِيمِ بِالنِّيَّةِ.

(تَنْبِيهٌ)

مَا تَقَرَّرَ أَنَّ ابْنَ الْمُقْرِي رَجَّحَ ذَلِكَ هُوَ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا حَيْثُ جَعَلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ فَإِنَّ عِبَارَةَ أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَشْمَلُ عَدَمَ الْحِنْثِ فِي هَذَا أَيْضًا وَهِيَ فِي الْحَلِفِ قِيلَ يَحْنَثُ لِلْعُرْفِ وَقِيلَ فِيهِ الْخِلَافُ كَالْبَيْعِ وَذَكَرُ قَبْلَ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ الْفِعْلُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لَا يَعْتَادُ الْحَالِفُ فِعْلَهُ أَوْ لَا يَجِيءُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ فِيهِ بِالْأَمْرِ قَطْعًا وَهَذَا صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فَلَيْسَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ شَيْخِنَا بِأَنَّهُ فَهِمَ مِنْ إفْرَادِ مَسْأَلَةِ الْحَلْقِ بِالذِّكْرِ وَعَدَمِ تَرْجِيحِ شَيْءٍ فِيهَا أَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ لَا يَجِيءُ مِنْهُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، فَإِنْ قُلْت هَلْ لِاسْتِثْنَائِهَا وَجْهٌ؟ قُلْت يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ يُمْكِنُ مَجِيئُهُ مِنْهُ لَا يَتَعَاطَاهُ بِالنَّفْسِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُتْقِنُ إحْسَانَهُ الْمَقْصُودَ فَكَانَ الْمَقْصُودُ ابْتِدَاءَ مَنْعِ حَلْقِ الْغَيْرِ لَهُ فَإِذَا أَمَرَهُ بِهِ تَنَاوَلَهُ الْيَمِينُ بِمُقْتَضَى الْعُرْفِ فَحَنِثَ بِهِ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَتْ بِالْحَرْفِ (قَوْلُهُ مِمَّا يَأْتِي) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا وَهُوَ فِيهَا إلَى آخِرِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ فَمَكَثَ بِلَا عُذْرٍ) أَيْ وَلَوْ لَحْظَةً اهـ شَرْحُ م ر، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ هُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَرَادَ لَا أَمْكُثُ فَإِنْ أَرَادَ لَا أَتَّخِذُهَا مَسْكَنًا فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْحِنْثِ بِمُكْثِ نَحْوِ السَّاعَةِ اهـ أَقُولُ لَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِنَحْوِ السَّاعَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَتَّخِذُهَا مَسْكَنًا وَمَكَثَ مُدَّةً يَبْحَثُ فِيهَا عَنْ مَحَلٍّ يَسْكُنُهُ مَعَ عَدَمِ إرَادَةِ الِاسْتِمْرَارِ عَلَى اتِّخَاذِهَا مَسْكَنًا لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ زَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ

وَقَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ إلَخْ خَرَجَ بِهِ الْإِطْلَاقُ فَيَحْنَثُ بِالْمُكْثِ وَإِنْ قَلَّ اهـ ع ش عَلَى م ر، وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ فَمَكَثَ فِيهَا بِلَا عُذْرٍ قَالَ بَعْضُهُمْ أَيْ بِقَدْرِ زَمَنِ الِاعْتِكَافِ، وَقَالَ شَيْخُنَا يُعْتَبَرُ مَا يُعَدُّ مُكْثًا فِي الْعُرْفِ اهـ (قَوْلُهُ فَلَا يَحْنَثُ إنْ خَرَجَ حَالًا) وَلَوْ خَرَجَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا لِنَحْوِ عِيَادَةٍ أَوْ زِيَارَةٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015