يُخْطِئُونَ الْمَذْبَحَ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَحِلُّ ذَبْحُ الْأَعْمَى فِي الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ وَذَبْحُ الْآخَرِينَ مُطْلَقًا لِأَنَّ لَهُمْ قَصْدًا وَإِرَادَةً فِي الْجُمْلَةِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ عَدَمُ حِلِّ ذَبْحِ النَّائِمِ وَقَدْ حَكَى الدَّارِمِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ وَذِكْرُ حِلِّ ذَبْحِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ فِي غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ الصَّيْدِ مَعَ ذِكْرِ كَرَاهَةِ ذَبْحِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالسَّكْرَانِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَحَرُمَ مَا شَارَكَ فِيهِ مَنْ حَلَّ ذَبْحُهُ غَيْرَهُ) كَأَنْ أَمَرَّ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ مُدْيَةً عَلَى حَلْقِ شَاةٍ أَوْ قَتَلَا صَيْدًا بِسَهْمٍ أَوْ جَارِحَةً تَغْلِيبًا لِلْمُحَرَّمِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (لَا مَا سَبَقَ إلَيْهِ) مِنْ آلَتَيْهِمَا الْمُرْسَلَتَيْنِ إلَيْهِ (آلَةُ الْأَوَّلِ فَقَتَلَتْهُ أَوْ أَنْهَتْهُ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ) فَلَا يَحْرُمُ كَمَا لَوْ ذَبَحَ مُسْلِمٌ شَاةً فَقَدَهَا مَجُوسِيٌّ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْعَكَسَ ذَلِكَ أَوْ جَرَحَاهُ مَعًا لَوْ جَهِلَ ذَلِكَ أَوْ جَرَحَاهُ مُرَتَّبًا وَلَمْ يُذَفِّفْ أَحَدُهُمَا فَمَاتَ بِهِمَا تَغْلِيبًا لِلْمُحَرَّمِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ.
(و) شُرِطَ (فِي الذَّبِيحِ كَوْنُهُ) حَيَوَانًا (مَأْكُولًا فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ) أَوَّلَ ذَبْحِهِ وَإِلَّا فَلَا يَحِلُّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَيْتَةٌ نَعَمْ الْمَرِيضُ لَوْ ذُبِحَ آخِرَ رَمَقٍ حَلَّ إنْ لَمْ يُوجَدْ فِعْلٌ يُحَالُ الْهَلَاكُ عَلَيْهِ مِنْ جُرْحٍ أَوْ نَحْوِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْضِ تَغْيِيرٍ.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ وَكُرِهَ ذَبْحُ أَعْمَى إلَخْ أَيْ يُكْرَهُ أَكْلُ مَا ذَبَحُوهُ انْتَهَتْ وَهَذَا إذَا أَطَاقَ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ الذَّبْحَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَذْبَحُهُ فَإِنْ لَمْ يُطِقْ لَمْ يَحِلَّ بَلْ الْمُمَيِّزُ إذَا لَمْ يُطِقْ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَنُقِلَ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ اهـ س ل وع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ أَيْضًا وَغَيْرُ مُمَيِّزٍ) أَيْ التَّمْيِيزَ التَّامَّ فَقَوْلُهُ لِصَبِيٍّ إلَخْ أَيْ وَكَانَ لِكُلٍّ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ ذَبْحُهُمْ اهـ عَزِيزِيٌّ وَيُشِيرُ لِهَذَا تَعْلِيلُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ لَهُمْ قَصْدًا وَإِرَادَةً فِي الْجُمْلَةِ لَكِنْ سَيَأْتِي قَرِيبًا عَنْ ق ل مَا يُخَالِفُ هَذَا فِي الصَّبِيِّ.
وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ أَوْ جُنُونٍ قَالَ الطَّبَلَاوِيُّ يَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّهُ مَا لَمْ يَصِرْ مُلْقًى كَالْخَشَبَةِ لَا يَحُسُّ وَلَا يُدْرِكُ وَإِلَّا فَكَالنَّائِمِ بَلْ أَوْلَى فَلَا يَحِلُّ ذَبْحُهُ وَلَا صَيْدُهُ وَلَا فَرْقَ فِي الْقِسْمَيْنِ بَيْنَ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ وَغَيْرِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْبَنْجِ وَأَكْلِ الْحَشِيشِ إنْ ثَقُلَ وَصَارَ مُلْقًى كَالْخَشَبَةِ لَا يَتَحَرَّكُ وَلَا يَحُسُّ فَهُوَ كَالنَّائِمِ فَلَا يَحِلُّ ذَبْحُهُ وَلَا صَيْدُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بَلْ كَانَ يَتَحَرَّكُ وَيَحُسُّ فَهُوَ كَالْمَجْنُونِ فَيَحِلُّ مِنْهُ مَا ذُكِرَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَحِلُّ ذَبْحُ الْأَعْمَى إلَخْ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ يَتَعَيَّنُ بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْأَوْلَى أَيْ فِي الذَّبْحِ الرَّجُلُ الْكَامِلُ ثُمَّ الْمَرْأَةُ الْكَامِلَةُ ثُمَّ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ ثُمَّ الْكِتَابِيُّ ثُمَّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَالسَّكْرَانُ اهـ سم (قَوْلُهُ وَذَبْحُ الْآخَرِينَ مُطْلَقًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ نَوْعُ تَمْيِيزٍ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَمِنْهُ أَيْضًا يُعْلَمُ عَدَمُ صِحَّةِ ذَبْحِ مَنْ صَارَ كَالْخَشَبَةِ الْمُلْقَاةِ مِنْ السَّكْرَانِ أَوْ الْمَجْنُونِ أَوْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ النَّائِمِ وَهُوَ وَاضِحٌ لَكِنَّ تَعْبِيرَهُ بِقَوْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ رُبَّمَا يُنَافِيهِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.
(قَوْلُهُ وَحَرُمَ مَا شَارَكَ فِيهِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ وَقَعَ الْفِعْلُ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَلَوْ أَكْرَهَ الْمَجُوسِيُّ مُسْلِمًا أَوْ الْمُحْرِمُ حَلَالًا عَلَى الرَّمْيِ أَوْ الذَّبْحِ كَانَ حَلَالًا كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَانْظُرْ حُكْمَ عَكْسِهِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.
(تَنْبِيهٌ) مِنْ صُوَرِ التَّحْرِيمِ أَنْ يَسْبِقَ كَلْبُ الْمَجُوسِيِّ فَيُمْسِكُهُ وَلَا يَجْرَحُهُ ثُمَّ يَأْتِي كَلْبُ الْمُسْلِمِ فَيَقْتُلهُ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِكَوْنِهِ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ بِالْإِمْسَاكِ وَكَلَامُ الْمِنْهَاجِ يُوهِمُ الْحِلَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ اهـ سم وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ كَوْنُهُ حَيَوَانًا مَأْكُولًا) وَيَحْرُمُ ذَبْحُ الْحَيَوَانِ الْغَيْرِ الْمَأْكُولِ كَالْحِمَارِ الزَّمِنِ مَثَلًا وَلَوْ لِإِرَاحَتِهِ، وَلَوْ اضْطَرَّ شَخْصٌ لِأَكْلِ مَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَبْحُهُ لِأَنَّ الذَّبْحَ يُزِيلُ الْعُفُونَاتِ أَمْ لَا لِأَنَّ ذَبْحَهُ لَا يُفِيدُ وَقَعَ فِي ذَلِكَ تَرَدُّدٌ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْوُجُوبِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ) وَالْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ مَا تُوجَدُ مَعَهَا الْحَرَكَةُ الِاخْتِيَارِيَّةُ بِقَرَائِنَ وَأَمَارَاتٍ تَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بَقَاءُ الْحَيَاةِ وَيُدْرَكُ ذَلِكَ بِالْمُشَاهَدَةِ وَمِنْ أَمَارَاتِهَا انْفِجَارُ الدَّمِ بَعْدَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَالْأَصَحُّ الِاكْتِفَاءُ بِالْحَرَكَةِ الشَّدِيدَةِ فَإِنْ شَكَّ فِي حُصُولِهَا وَلَمْ يَتَرَجَّحْ ظَنٌّ حَرُمَ وَأَمَّا الْحَيَاةُ الْمُسْتَمِرَّةُ فَهِيَ الْبَاقِيَةُ إلَى خُرُوجِهَا بِذَبْحٍ أَوْ نَحْوِهِ وَأَمَّا حَرَكَةُ الْمَذْبُوحِ فَهِيَ الَّتِي لَا يَبْقَى مَعَهَا سَمْعٌ وَلَا إبْصَارٌ وَلَا حَرَكَةُ اخْتِيَارٍ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ الِاكْتِفَاءُ بِالْحَرَكَةِ الشَّدِيدَةِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْفَجِرْ الدَّمُ فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ اهـ ع ش.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ وَالْمُسْتَمِرَّةُ وَعَيْشُ الْمَذْبُوحِ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ تَقَعُ فِي عِبَارَاتِهِمْ وَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهَا فَأَمَّا الْمُسْتَمِرَّةُ فَهِيَ الْبَاقِيَةُ إلَى انْقِضَاءِ الْأَجَلِ بِمَوْتٍ أَوْ قَتْلٍ وَالْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ هِيَ أَنْ تَكُونَ الرُّوحُ فِي الْجَسَدِ وَمَعَهَا الْحَرَكَةُ الِاخْتِيَارِيَّةُ دُونَ الِاضْطِرَارِيَّةِ كَالشَّاةِ إذَا أَخْرَجَ الذِّئْبُ حَشْوَتَهَا وَأَبَانَهَا وَأَمَّا حَيَاةُ عَيْشِ الْمَذْبُوحِ فَهِيَ الَّتِي لَا يَبْقَى مَعَهَا إبْصَارٌ وَلَا نُطْقٌ وَلَا حَرَكَةُ اخْتِيَارٍ انْتَهَتْ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا الْأُجْهُورِيُّ هَذَا الْمَقَامَ فَقَالَ وَضَابِطُهَا أَيْ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حَرَكَةٌ اخْتِيَارِيَّةٌ وَتُعْرَفُ بِانْهِيَارِ الدَّمِ أَوْ بِالْحَرَكَةِ الْعَنِيفَةِ أَوْ بِهِمَا وَلَهُمْ أَيْضًا حَيَاةٌ مُسْتَمِرَّةٌ وَهِيَ الَّتِي تَبْقَى إلَى انْقِضَاءِ الْأَجَلِ أَوْ يُقَالُ فِيهَا أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ تُرِكَ لَعَاشَ وَهَذِهِ لَيْسَتْ شَرْطًا أَصْلًا وَلَهُمْ أَيْضًا عَيْشُ مَذْبُوحٍ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ حَرَكَتُهُ لَا عَنْ اخْتِيَارٍ وَهَذَا يَكْفِي إذَا لَمْ يُوجَدْ سَبَبٌ يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ
فَإِنْ وُجِدَ السَّبَبُ اُشْتُرِطَتْ الْمُسْتَقِرَّةُ وَمِنْ جُمْلَةِ السَّبَبِ أَكْلُ النَّبَاتِ وَتَحْكُمُ فِيهِ الْقَرَائِنُ لَكِنَّ الْغَالِبَ عَلَى أَكْلِ النَّبَاتِ أَنْ تَكُونَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُدَاوَى وَيُشْفَى فَلِهَذَا كَانَ الْعَزِيزِيُّ يُفْتِي فِي بَهَائِمِ الرِّيفِ الْمَنْفُوخَةِ مِنْ أَكْلِ الرِّبَّةِ بِأَنَّهَا تَحِلُّ بِالذَّبْحِ اهـ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ فِعْلٌ يُحَالُ الْهَلَاكُ عَلَيْهِ إلَخْ) وَلَوْ انْهَدَمَ سَقْفٌ عَلَى شَاةٍ أَوْ جَرَحَهَا سَبُعٌ فَذُبِحَتْ وَفِيهَا حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ حَلَّتْ وَإِنْ تُيُقِّنَ مَوْتُهَا