الْمُشَارَكَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ بَعُدَ أَوْ غَابَ.
(وَيَجُوزُ بِلَا كُرْهٍ) وَنُدِبَ (لِقَوِيٍّ) بِأَنْ عَرَفَ قُوَّتَهُ مِنْ نَفْسِهِ (أَذِنَ لَهُ إمَامٌ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ (مُبَارَزَةٌ) لِكَافِرٍ لَمْ يَطْلُبْهَا لِإِقْرَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهَا وَهِيَ ظُهُورُ اثْنَيْنِ مِنْ الصَّفَّيْنِ لِلْقِتَالِ مِنْ الْبُرُوزِ وَهُوَ الظُّهُورُ (فَإِنْ طَلَبَهَا كَافِرٌ سُنَّتْ لَهُ) أَيْ لِلْقَوِيِّ الْمَأْذُونِ لَهُ لِلْأَمْرِ بِهَا فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد لِأَنَّ فِي تَرْكِهَا حِينَئِذٍ إضْعَافًا لَنَا وَتَقْوِيَةً لَهُمْ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَطْلُبْهَا أَوْ طَلَبَهَا وَكَانَ الْمُبَارِزُ مِنَّا ضَعِيفًا فِيهِمَا وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ أَوْ كَانَ قَوِيًّا فِيهِمَا وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ (كُرِهَتْ) أَمَّا فِي الْأَوَّلَيْنِ فَلِأَنَّ الضَّعِيفَ قَدْ يَحْصُلُ لَنَا بِهِ ضَعْفٌ وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَيْنِ فَلِأَنَّ لِلْإِمَامِ نَظَرًا فِي تَعْيِينِ الْأَبْطَالِ وَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَجَازَ) لَنَا (إتْلَافٌ لِغَيْرِ حَيَوَانٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ) كَبِنَاءٍ وَشَجَرٍ وَإِنْ ظُنَّ حُصُولُهُ لَنَا مُغَايَظَةً لَهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ} [التوبة: 120] الْآيَةَ وَلِقَوْلِهِ {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} [الحشر: 2] وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَحَرَّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} [الحشر: 5] الْآيَةَ» (فَإِنْ ظُنَّ حُصُولُهُ لَنَا كُرِهَ) إتْلَافُهُ هُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِنَدْبِ تَرْكِهِ حِفْظًا لِحَقِّ الْغَانِمِينَ وَلَا يَحْرُمُ لِمَا مَرَّ (وَحَرُمَ) إتْلَافٌ (لِحَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ) لِحُرْمَتِهِ وَلِلنَّهْيِ عَنْ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ مَأْكَلِهِ (إلَّا لِحَاجَةٍ) كَخَيْلٍ يُقَاتِلُونَ عَلَيْهَا فَيَجُوزُ إتْلَافُهَا لِدَفْعِهِمْ أَوْ لِلظَّفَرِ بِهِمْ كَمَا يَجُوزُ قَتْلُ الذَّرَارِيِّ عِنْدَ التَّتَرُّسِ بِهِمْ بَلْ أَوْلَى وَكَشَيْءٍ غَنِمْنَاهُ وَخِفْنَا رُجُوعَهُ إلَيْهِمْ وَضَرَرَهُ لَنَا فَيَجُوزُ إتْلَافُهُ دَفْعًا لِضَرَرِهِ أَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ كَالْخِنْزِيرِ فَيَجُوزُ بَلْ يُسَنُّ إتْلَافُهُ مُطْلَقًا.
(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْأَسْرِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ (تَرِقُّ ذَرَارِيُّ كُفَّارٍ) وَخَنَاثَاهُمْ (وَعَبِيدُهُمْ) وَلَوْ مُسْلِمِينَ (بِأَسْرٍ) كَمَا يَرِقُّ حَرْبِيٌّ مَقْهُورٌ لِحَرْبِيٍّ بِالْقَهْرِ أَيْ يَصِيرُونَ بِالْأَسْرِ أَرِقَّاءً لَنَا يَكُونُونَ كَسَائِرِ أَمْوَالِ الْغَنِيمَةِ الْخُمُسُ لِأَهْلِهِ وَالْبَاقِي لِلْغَانِمِينَ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَبِالْقُرْبِ أَنْ يُدْرِكَهُمْ الْغَوْثُ اهـ ز ي.
(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ بِلَا كُرْهٍ إلَخْ) نَعَمْ تَحْرُمُ الْمُبَارَزَةُ عَلَى فَرْعٍ وَمَدِينٍ وَرَقِيقٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ فِي خُصُوصِهَا وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْبُرُوزِ وَهُوَ الظُّهُورُ بِأَنْ يَظْهَرَ اثْنَانِ مَثَلًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَفٍّ لِلْقِتَالِ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ مَثَلًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تُبَاحُ لِقَوِيٍّ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ وَلَمْ يَطْلُبْهَا الْكَافِرُ مِنْهُ وَتُسَنُّ لَهُ إنْ طَلَبَهَا وَتُكْرَهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ مَا تَحْرُمُ فِيهِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ لِإِقْرَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهَا) اُنْظُرْ فِي أَيِّ مَوْطِنٍ كَانَ ذَلِكَ وَذُكِرَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ وَابْنَا عَفْرَاءَ بَرَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ اهـ ح ل وَفِي الْمَوَاهِبِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ مَا نَصُّهُ «وَبُنِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرِيشٌ فَكَانَ فِيهِ ثُمَّ خَرَجَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ بَيْنَ أَخِيهِ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ وَابْنِهِ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ وَدَعَا إلَى الْمُبَارَزَةِ فَخَرَجَ إلَيْهِ فِتْيَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ وَهُمْ عَوْفٌ وَمُعَاذٌ ابْنَا الْحَارِثِ وَأُمُّهُمَا عَفْرَاءُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَقَالُوا مَنْ أَنْتُمْ قَالُوا رَهْطٌ مِنْ الْأَنْصَارِ قَالُوا مَا لَنَا بِكُمْ مِنْ حَاجَةٍ إنَّمَا نُرِيدُ قَوْمَنَا ثُمَّ نَادَى مُنَادِي قُرَيْشٍ يَا مُحَمَّدُ أَخْرِجْ لَنَا أَكْفَاءَنَا مِنْ قَوْمِنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُمْ يَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ قُمْ يَا حَمْزَةُ قُمْ يَا عَلِيُّ فَلَمَّا قَامُوا وَدَنَوْا مِنْهُمْ قَالُوا مَنْ أَنْتُمْ فَتَسَمَّوْا لَهُمْ قَالُوا نِعْمَ أَكْفَاءٌ كِرَامٌ فَبَارَزَ عَبِيدَةُ وَكَانَ أَسَنَّ الْقَوْمِ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ وَبَارَزَ حَمْزَةُ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ وَبَارَزَ عَلِيٌّ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ فَقَتَلَ عَلِيٌّ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ» هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ اهـ وَقَوْلُهُ فِي تَعْيِينِ الْأَبْطَالِ فِي الْمُخْتَارِ وَالْبَطَلُ الشُّجَاعُ وَالْمَرْأَةُ بَطَلَةٌ وَقَدْ بَطُلَ الرَّجُلُ مِنْ بَابِ سَهُلَ وَظَرُفَ أَيْ صَارَ شُجَاعًا.
(قَوْلُهُ قَطَعَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ) أَيْ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ وَكَانَ فِيهَا أَيْضًا أُحُدٌ ثُمَّ بَدْرٌ الصُّغْرَى وَكَانَ فِي الثَّانِيَةِ قَبْلَهَا بَدْرٌ الْكُبْرَى اهـ شَوْبَرِيٌّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا قَطَعَهُ وَحَرَقَهُ مِنْ نَخْلِهِمْ سِتُّ نَخْلَاتٍ وَقِيلَ نَخْلَتَانِ وَكَانَ الْمَقْطُوعُ وَالْمُحَرَّقُ اللَّيِّنَةَ وَهِيَ مَا عَدَا الْعَجُوزَةَ وَالتَّمْرُ مِنْ أَنْوَاعِ النَّخْلِ اهـ مَوَاهِبُ وَفِي شَرْحِهَا وَقِيلَ اللَّيِّنَةُ كَرَائِمُ النَّخْلِ وَقِيلَ كُلُّ الْأَشْجَارِ لِلِينِهَا وَأَنْوَاعُ نَخْلِ الْمَدِينَةِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ نَوْعًا.
وَفِي الْمِصْبَاحِ اللَّيِّنَةُ النَّخْلَةُ وَقِيلَ الدَّقَلُ بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ رَدِيءُ التَّمْرِ اهـ (قَوْلُهُ فَإِنْ ظُنَّ حُصُولُهُ لَنَا إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ نَغْنَمْ الدَّارَ أَمَّا إذَا غَنِمْنَاهَا حَرُمَ ذَلِكَ اهـ ح ل وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ نَعَمْ إنْ فَتَحْنَا بِلَادَهُمْ صُلْحًا عَلَى أَنَّهَا لَنَا أَوْ لَهُمْ أَوْ قَهْرًا وَلَمْ نَحْتَجْ إلَيْهَا حَرُمَ إتْلَافُهَا اهـ (قَوْلُهُ لِغَيْرِ مَأْكَلِهِ) مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ مُضَافٌ لِلضَّمِيرِ بِمَعْنَى الْأَكْلِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَكَشَيْءٍ غَنِمْنَاهُ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَيَحْرُمُ إتْلَافُ الْحَيَوَانِ الْمُحْتَرَمِ بِغَيْرِ ذَبْحٍ يَجُوزُ أَكْلُهُ حِفْظًا لِحُرْمَةِ رُوحِهِ لَا مَا يُقَاتِلُونَ عَلَيْهِ أَوْ غَنِمْنَاهُ وَخِفْنَا رُجُوعَهُ إلَيْهِمْ وَضَرَرَهُ لَنَا فَيَجُوزُ إتْلَافُهُ أَمَّا إذَا خِفْنَا رُجُوعَهُ فَقَطْ فَلَا يَجُوزُ إتْلَافُهُ بَلْ يُذْبَحُ لِلْأَكْلِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ بَلْ يُسَنُّ إتْلَافُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ مِنْهُ ضَرَرٌ أَمْ لَا اهـ ع ش وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْأَسْرِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ]
(فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْأَسْرِ) أَيْ فِي حُكْمِ مَا يَثْبُتُ لِلْأَسِيرِ بَعْدَ الْأَسْرِ اهـ ع ش وَقَوْلُهُ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ أَيْ وَمَا يُذْكَرُ مَعَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَلِغَانِمِينَ تَبَسُّطٌ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ تُرَقُّ ذَرَارِيُّ كُفَّارٍ) أَيْ نِسَاؤُهُمْ وَصِبْيَانُهُمْ وَلَوْ كَانَتْ النِّسَاءُ حَامِلَاتٍ بِمُسْلِمٍ أَوْ غَيْرَ كِتَابِيَّاتٍ وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْمُرْتَدَّاتِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَذَرَارِيُّ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ وَرَاؤُهُ الْأُولَى مُفَخَّمَةٌ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَلَوْ مُسْلِمِينَ) أَيْ أَوْ مُرْتَدِّينَ اهـ شَرْحُ م ر وَهَذَا غَايَةٌ فِي الْعَبِيدِ (قَوْلُهُ بِالْقَهْرِ) أَيْ بِقَصْدِ الْمِلْكِ عَلَى مَا قَيَّدَ بِهِ الْإِمَامُ وَقَالَ لَا بُدَّ مِنْهُ وَارْتَضَاهُ م ر أَيْ لِأَنَّ الدَّارَ دَارُ إبَاحَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ لِأَنَّهَا دَارُ إنْصَافٍ اهـ سم (قَوْلُهُ أَيْضًا بِالْقَهْرِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْقَاهِرُ عَبْدَ الْمَقْهُورِ فَيَرْتَفِعُ الرِّقُّ عَنْ الْقَاهِرِ أَوْ كَانَ الْقَاهِرُ بَعْضَ الْمَقْهُورِ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ بَيْعُهُ لِعِتْقِهِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ زَادَ فِي الْعُبَابِ بَلْ يُتَّجَهُ أَنْ لَا يَمْلِكَهُ لِمُقَارَنَةِ سَبَبِ الْعِتْقِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ اهـ سم (قَوْلُهُ أَيْ يَصِيرُونَ بِالْأَسْرِ أَرِقَّاءَ لَنَا) وَلَوْ قَتَلَ قِنٌّ أَوْ أُنْثَى مُسْلِمًا وَرَأَى الْإِمَامُ قَتْلَهُمَا مَصْلَحَةً وَتَنْفِيرًا عَنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِ جَازَ كَمَا ذَكَرَهُ