وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْجِهَادُ كَمَا مَرَّ فَإِنْ أَمِنَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ حَالًا لَا بَعْدَ الْأَسْرِ اُحْتُمِلَ جَوَازُ اسْتِسْلَامِهَا ثُمَّ تَدْفَعُ إذَا أُرِيدَ مِنْهَا ذَلِكَ ذِكْرُهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا.
(وَلَوْ أَسَرُوا مُسْلِمًا) وَإِنْ لَمْ يَدْخُلُوا دَارَنَا (لَزَمَنَا نُهُوضٌ لِخَلَاصِهِ إنْ رُجِيَ) بِأَنْ يَكُونُوا قَرِيبِينَ مِنَّا كَمَا يَلْزَمُنَا فِي دُخُولِهِمْ دَارَنَا دَفْعُهُمْ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمُسْلِمِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الدَّارِ فَإِنْ تَوَغَّلُوا فِي بِلَادِهِمْ وَلَمْ يُمْكِنْ التَّسَارُعُ إلَيْهِمْ تَرَكْنَاهُ لِلضَّرُورَةِ.
(فَصْلٌ) فِيمَا يُكْرَهُ مِنْ الْغَزْوِ وَمَنْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ قَتْلُهُ مِنْ الْكُفَّارِ وَمَا يَجُوزُ أَوْ يُسَنُّ فِعْلُهُ بِهِمْ (كُرِهَ غَزْوٌ بِلَا إذْنِ إمَامٍ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ نَعَمْ إنْ عَطَّلَ الْغَزْوَ وَأَقْبَلَ هُوَ وَجُنْدُهُ عَلَى الدُّنْيَا أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ إذَا اُسْتُؤْذِنَ لَمْ يَأْذَنْ أَوْ كَانَ الذَّهَابُ لِلِاسْتِئْذَانِ يُفَوِّتُ الْمَقْصُودَ لَمْ يُكْرَهْ وَالْغَزْوُ لُغَةً الطَّلَبُ لِأَنَّ الْغَازِيَ يَطْلُبُ إعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى (وَسُنَّ) لَهُ (أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَى سَرِيَّةٍ) وَهِيَ طَائِفَةٌ مِنْ الْجَيْشِ يَبْلُغُ أَقْصَاهَا أَرْبَعَمِائَةٍ (بَعَثَهَا وَ) أَنْ (يَأْخُذَ الْبَيْعَةَ) عَلَيْهِمْ (بِالثَّبَاتِ) عَلَى الْجِهَادِ وَعَدَمِ الْفِرَارِ وَيَأْمُرَهُمْ بِطَاعَةِ الْأَمِيرِ وَيُوصِيَهُ بِهِمْ لِلِاتِّبَاعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالِامْتِنَاعِ وَالِاقْتِتَالِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُقْتَلُ عَلَى فَرْضِ أَنْ يُقَاتِلَ وَيَمْتَنِعَ مِنْ الِاسْتِسْلَامِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْجِهَادُ) رَاجِعٌ لِلْقُيُودِ الثَّلَاثَةِ أَيْ قَوْلُهُ وَجُوِّزَا سِرًّا وَقَتْلًا وَقَوْلُهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ قُتِلَ وَقَوْلُهُ وَأَمِنَتْ الْمَرْأَةُ فَاحِشَةً فَقَوْلُهُ كَمَا مَرَّ أَيْ فِي قَوْلِهِ لَكِنْ عَلِمَ كُلٌّ مِنْ قَصْدِ أَنَّهُ إنْ أُخِذَ قُتِلَ هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ قُتِلَ وَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ تَأْمَنْ الْمَرْأَةُ إلَخْ هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَأَمِنَتْ الْمَرْأَةُ فَاحِشَةً (قَوْلُهُ اُحْتُمِلَ جَوَازُ اسْتِسْلَامِهَا) نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ تَرْجِيحَهُ وَعَنْ الْبَسِيطِ أَنَّ الظَّاهِرَ الْمَنْعُ اهـ ز ي.
(قَوْلُهُ لَزَمَنَا نُهُوضٌ إلَخْ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ فَرْضِ الْعَيْنِ اهـ شَرْحُ م ر وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَلْ يَتَعَيَّنُ أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَإِذَا قَامَ بِهِ بَعْضُ الْمُكَلَّفِينَ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا لَا يَخْفَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَوَغَّلُوا فِي بِلَادِهِمْ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُنْدَبُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ خَلَاصِهِ افْتِدَاؤُهُ بِمَالٍ فَمَنْ قَالَ لِكَافِرٍ أَطْلِقْ هَذَا الْأَسِيرَ وَعَلَيَّ كَذَا فَأَطْلَقَهُ لَزِمَهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ عَلَى الْأَسِيرِ مَا لَمْ يَأْذَنْ فِي فِدَائِهِ فَيَرْجِعْ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ الرُّجُوعَ كَمَا عُلِمَ مِنْ آخِرِ بَابِ الضَّمَانِ انْتَهَتْ.
[فَصْلٌ فِيمَا يُكْرَهُ مِنْ الْغَزْوِ وَمَنْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ قَتْلُهُ مِنْ الْكُفَّارِ]
(فَصْلٌ فِيمَا يُكْرَهُ مِنْ الْغَزْوِ إلَخْ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَسُنَّ أَنْ يُؤَمَّرَ عَلَى سَرِيَّةٍ إلَخْ وَمِنْ قَوْلِهِ وَحَرُمَ انْصِرَافُ مَنْ لَزِمَهُ جِهَادٌ عَنْ صَفٍّ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ كُرِهَ غَزْوٌ) أَيْ لِلْمُتَطَوِّعَةِ وَأَمَّا الْمُرْتَزِقَةُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ اهـ ح ل وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر وَسَوَاءٌ فِي الْحُرْمَةِ عَطَّلَ الْإِمَامُ الْغَزْوَ أَوْ لَا فَيَخُصُّ مَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ كَرَاهَةِ الْغَزْوِ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ بِالْغُزَاةِ الْمُتَطَوِّعَةِ بِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ لُغَةً الطَّلَبُ) أَيْ وَشَرْعًا الْخُرُوجُ لِقِتَالِ الْكُفَّارِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَسُنَّ لَهُ أَنْ يُؤَمِّرَ إلَخْ) يَنْبَغِي وِفَاقًا لِلطَّبَلَاوِيِّ الْوُجُوبُ إذَا أَدَّى تَرْكُهُ إلَى التَّغْرِيرِ الظَّاهِرِيِّ الْمُؤَدِّي إلَى الضَّرَرِ اهـ سم (قَوْلُهُ أَنْ يُؤَمِّرَ) أَيْ شَخْصًا يَثِقُ بِدِينِهِ وَيُسَنُّ كَوْنُهُ مُجْتَهِدًا فِي الْأَحْكَامِ الدِّينِيَّةِ فَإِنْ أَمَّرَ فَاسِقًا أَوْ نَحْوَهُ اُتُّجِهَتْ حُرْمَةُ تَوْلِيَتِهِ أَخْذًا مِنْ حُرْمَةِ تَوْلِيَةِ نَحْوِ الْإِمَامَةِ وَالْآذَانِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ اُتُّجِهَتْ حُرْمَةُ تَوْلِيَتِهِ أَيْ وَتَجِبُ طَاعَتُهُ لِئَلَّا يَخْتَلَّ أَمْرُ الْجَيْشِ وَمَحَلُّ حُرْمَةِ التَّوْلِيَةِ مَا لَمْ يَكُنْ ظَاهِرُ الْمَزِيَّةِ فِي النَّفْعِ فِي الْحَرْبِ وَالْجُنْدِ وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَيُسَنُّ التَّأْمِيرُ لِجَمْعٍ قَصَدُوا سَفَرًا تَجِبُ طَاعَةُ الْأَمِيرِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا هُمْ فِيهِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَيُسَنُّ التَّأْمِيرُ لِجَمْعٍ أَيْ بِأَنْ يُؤَمِّرُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ عَلَيْهِمْ وَقَوْلُهُ قَصَدُوا سَفَرًا أَيْ وَلَوْ قَصِيرًا اهـ ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ عَلَى سَرِيَّةٍ) ذِكْرُهَا مِثَالٌ فَمِثْلُهَا غَيْرُهَا مِنْ الْمِنْسَرِ وَالْجَيْشِ وَالْجَحْفَلِ وَالْخَمِيسِ وَأَفَادَ فِي فَتْحِ الْبَارِي أَنَّ السَّرِيَّةَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ هِيَ الَّتِي تَخْرُجُ بِاللَّيْلِ وَالسَّارِيَةُ هِيَ الَّتِي تَخْرُجُ بِالنَّهَارِ قَالَ وَقِيلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ يَعْنِي السَّرِيَّةَ لِأَنَّهَا تُخْفِي ذَهَابَهَا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا أُخِذَتْ مِنْ السِّرِّ وَهُوَ لَا يَصِحُّ لِاخْتِلَافِ الْمَادَّةِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّحْرِيرِ السَّرِيَّةُ مَعْرُوفَةٌ وَهِيَ قِطْعَةٌ مِنْ الْجَيْشِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَنَحْوُهَا وَدُونَهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَسْرِي بِاللَّيْلِ وَتُخْفِي ذَهَابَهَا وَهِيَ فِعْلِيَّةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ يُقَالُ سَرَى وَأَسْرَى إذَا ذَهَبَ لَيْلًا اهـ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُجْمَلِ السَّرِيَّةُ خَيْلٌ تَبْلُغُ أَرْبَعَمِائَةٍ وَضَعَّفَ ابْنُ الْأَثِيرِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَالَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا خُلَاصَةُ الْعَسْكَرِ وَالْخُلَاصَةُ مِنْ الشَّيْءِ السِّرُّ النَّفِيسُ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ انْتَهَتْ وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَخْرُجُ سِرًّا أَوْ لَيْلًا غَالِبًا وَتَعُودُ إلَى الْجَيْشِ وَأَقَلُّهَا مِائَةٌ وَأَكْثَرُهَا أَرْبَعُمِائَةٍ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا مُطْلَقُ الْجَمَاعَةِ الشَّامِلَةِ لِلْبَعْثِ وَالْكَتِيبَةِ وَالْفِئَةِ وَهِيَ مَا دُونَهَا إلَى الْوَاحِدِ وَلِمَا فَوْقَهَا وَيُسَمَّى بِالْمِنْسَرِ إلَى ثَمَانِمِائَةٍ ثُمَّ بِالْجَيْشِ وَالْخَمِيسِ إلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ ثُمَّ بِالْجَحْفَلِ لِمَا زَادَ بِلَا نِهَايَةٍ اهـ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَأْخُذَ الْبَيْعَةَ عَلَيْهِمْ بِالثِّيَابِ) الْبَيْعَةُ بِفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ عَلَيْهِمْ بِالثَّبَاتِ فَيُحَلِّفُهُمْ الْإِمَامُ عَلَى أَنَّهُمْ يَثْبُتُونَ عَلَى الْجِهَادِ وَعَدَمِ الْفِرَارِ اهـ ع ش.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الْبَيْعَةُ الصَّفْقَةُ عَلَى إيجَابِ الْبَيْعِ وَجَمْعُهَا بَيْعَاتٌ بِالسُّكُونِ وَتُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْمُبَايَعَةِ وَالطَّاعَةِ وَمِنْهُ أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ وَهِيَ الَّتِي رَتَّبَهَا الْحَجَّاجُ مُشْتَمِلَةً عَلَى أُمُورٍ مُغَلَّظَةٍ مِنْ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَصَوْمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ وَلَهُ اكْتِرَاءُ كُفَّارٍ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ الْإِمَامُ وَلَوْ لِنَحْوِ صُلْحٍ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ وَاسْتَرَدَّ مِنْ الْكَافِرِ مَا أَخَذَهُ وَإِنْ خَرَجَ وَدَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ وَتَرَكَ الْقِتَالَ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ فَلَا يَسْتَرِدُّ وَلَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ عَيْنُ كَافِرٍ فَأَسْلَمَ فَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ طَاهِرٌ لِخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ فَحَاضَتْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ الِانْفِسَاخُ