كَهِرَّةٍ عُهِدَ إتْلَافُهَا (مُضَمَّنٌ) لِذِي الْيَدِ لَيْلًا وَنَهَارًا إنْ قَصَّرَ فِي رَبْطِهِ لِأَنَّ هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْبَطَ وَيُكَفَّ شَرُّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَادِيًا وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَهِرَّةٌ تُتْلِفُ طَيْرًا أَوْ طَعَامًا مَا إنْ عُهِدَ ذَلِكَ مِنْهَا ضَمِنَ مَالِكُهَا.
الْمُتَلَقَّى تَفْصِيلُهُ مِنْ سِيَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزَوَاتِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ الطَّيْرُ، وَالنَّحْلُ فَقَوْلُهُ: م لَا ضَمَانَ بِإِرْسَالِ الطَّيْرِ، وَالنَّحْلِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْعَادِيِّ الَّذِي عُهِدَ إتْلَافُهُ اهـ سم.
وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ وَإِتْلَافٌ عَادَ مُضَمَّنٌ أَيْ إلَّا الطُّيُورُ وَمِنْهَا النَّحْلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا ز ي فَلَا ضَمَانَ لِمَا يُتْلِفُهُ مُطْلَقًا وَبِهِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر خِلَافُهُ تَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: كَهِرَّةٍ عُهِدَ إتْلَافُهَا) أَيْ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ أَمَّا إذَا لَمْ يُعْهَدْ ذَلِكَ مِنْهَا فَلَا يَضْمَنُ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْعَادَةَ حِفْظُ الطَّعَامِ عَنْهَا لَا رَبْطُهَا وَلَا يَجُوزُ قَتْلُ الَّتِي عُهِدَ ذَلِكَ مِنْهَا إلَّا حَالَةَ تَعَدِّيهَا فَقَطْ حَيْثُ تَعَيَّنَ قَتْلُهَا طَرِيقًا لِدَفْعِهَا وَإِلَّا دَفَعَهَا كَالصَّائِلِ وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ خَرَجَتْ أَذِيَّتُهَا عَنْ عَادَةِ الْقِطَطِ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهَا وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا فَتُدْفَعُ كَمَا لَوْ صَالَتْ وَهِيَ حَامِلٌ وَسُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ وِلَادَةِ هِرَّةٍ فِي مَحَلٍّ وَتَأْلَفُ ذَلِكَ الْمَحَلَّ بِحَيْثُ تَذْهَبُ وَتَعُودُ إلَيْهِ لِلْإِيوَاءِ فَهَلْ يَضْمَنُ مَالِكُ الْمَحَلِّ مُتْلِفَهَا فَأَجَابَ بِعَدَمِهِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِ أَحَدٍ وَإِلَّا ضَمِنَ صَاحِبُ الْيَدِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: حَيْثُ تَعَيَّنَ قَتْلُهَا طَرِيقًا لِدَفْعِهَا أَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ بِأَنْ أَمْكَنَ دَفْعُهَا بِضَرْبٍ أَوْ زَجْرٍ فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهَا بَلْ يَدْفَعُهَا بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ كَدَفْعِ الصَّائِلِ، وَمِنْهُ مَا لَوْ كَانَتْ الْهِرَّةُ صَغِيرَةً وَلَا يُفِيدُ مَعَهَا الدَّفْعُ بِالضَّرْبِ الْخَفِيفِ وَلَكِنْ يُمْكِنُ دَفْعُهَا بِأَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ الْبَيْتِ وَيُغْلِقَهُ دُونَهَا أَوْ بِأَنْ يُكَرِّرَ دَفْعَهَا عَنْهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهَا وَلَا ضَرْبُهَا ضَرْبًا شَدِيدًا اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مُضَمَّنٌ لِذِي الْيَدِ) هُوَ فِي الْهِرَّةِ مَنْ يَأْوِيهَا مَا دَامَ مُؤْوِيًا لَهَا أَيْ قَاصِدًا إيوَاءَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْرَضَ عَنْهَا فِيمَا يَظْهَرُ اهـ حَجّ اهـ س ل وَقَوْلُهُ: مَنْ يَأْوِيهَا أَيْ بِحَيْثُ لَوْ غَابَتْ تَفَقَّدَهَا وَفَتَّشَ عَلَيْهَا اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: إنْ قَصَّرَ فِي رَبْطِهِ) هَذَا إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ يَرْبِطُ وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ مُطْلَقًا كَالْهِرَّةِ، وَالْكَلْبِ غَيْرِ الْعَقُورِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَادِيًا) أَيْ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْتَادُ رَبْطُهُ كَالْهِرَّةِ لَمْ يَضْمَنْ مُطْلَقًا وَإِلَّا ضَمِنَ نَهَارًا لَا لَيْلًا كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى وَإِنْ اقْتَضَى ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ خِلَافَهُ اهـ عَمِيرَةُ (أَقُولُ) وَكَالْهِرَّةِ الْكَلْبُ الْعَقُورُ اهـ سم.
[كِتَابُ الْجِهَادِ]
(قَوْلُهُ مِنْ سِيَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ أَحْوَالِهِ كَمَا وَقَعَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَدْرٍ فَإِنَّهُ قَتَلَ الْبَعْضَ وَفَدَى الْبَعْضَ وَمَنَّ عَلَى الْبَعْضِ وَضَرَبَ الرِّقَّ عَلَى الْبَعْضِ اهـ عَزِيزِيٌّ، وَالسِّيَرُ بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِ الْيَاءِ جَمْعُ سِيرَةٍ بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ الْيَاءِ كَسِدْرَةٍ وَسِدَرٍ وَهِيَ لُغَةً الطَّرِيقَةُ أَوْ السُّنَّةُ أَوْ التَّتَبُّعُ أَوْ الذِّكْرُ الْحَسَنُ عِنْدَ النَّاسِ وَغَلَبَ اسْمُ السِّيَرِ فِي أَلْسِنَةِ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْمَغَازِي اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَمِصْبَاحٍ أَيْ الْغَزَوَاتِ فَكَأَنَّهُ قَالَ الْمُتَلَقَّى مِنْ غَزَوَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُرَادُ بِهَا مَا يَشْمَلُ بُعُوثَهُ لِأَنَّ الْغَزَوَاتِ اسْمٌ لِمَا خَرَجَ فِيهَا بِنَفْسِهِ وَالْبُعُوثَ اسْمٌ لِمَا لَمْ يَخْرُجْ فِيهَا اهـ وَفِي الْبُخَارِيِّ كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ وَفِي الْقَسْطَلَّانِيِّ عَلَيْهِ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَزَادَ فِي الْفَرْعِ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ جَمْعُ سِيرَةٍ وَهِيَ الطَّرِيقَةُ وَأُطْلِقَ ذَلِكَ عَلَى أَبْوَابِ الْجِهَادِ لِأَنَّهَا مُتَلَقَّاةٌ مِنْ أَحْوَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزَوَاتِهِ وَالْجِهَادُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْجَهْدِ بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ الْمَشَقَّةِ لِمَا فِيهِ مِنْ ارْتِكَابِهَا أَوْ مِنْ الْجُهْدِ بِالضَّمِّ وَهُوَ الطَّاقَةُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَذَلَ طَاقَتَهُ فِي دَفْعِ صَاحِبِهِ وَهُوَ فِي الِاصْطِلَاحِ قِتَالُ الْكُفَّارِ لِنُصْرَةِ الْإِسْلَامِ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى جِهَادِ النَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ وَالْمُرَادُ بِالتَّرْجَمَةِ الْأَوَّلُ اهـ
(قَوْلُهُ فِي غَزَوَاتِهِ) أَيْ الَّتِي خَرَجَ فِيهَا بِنَفْسِهِ وَهِيَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَأَمَّا الْبُعُوثُ وَالسَّرَايَا الَّتِي لَمْ يَخْرُجْ فِيهَا فَعِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ وَعِنْدَ الْوَاحِدِيِّ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَحَكَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّلْقِيحِ سِتًّا وَخَمْسِينَ وَعِنْدَ الْمَسْعُودِيِّ سِتِّينَ وَبَلَّغَهَا شَيْخُنَا فِي نَظْمِ السِّيرَةِ زِيَادَةً عَلَى السَّبْعِينَ وَوَقَعَ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي الْإِكْلِيلِ أَنَّهَا تَزِيدُ عَلَى مِائَةٍ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ ضَمَّ الْمَغَازِي إلَيْهَا اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَهِيَ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ غَزْوَةً وَقَاتَلَ فِي ثَمَانٍ مِنْهَا بِنَفْسِهِ بَدْرٌ وَأُحُدٌ وَالْمُرَيْسِيعُ وَالْخَنْدَقُ وَقُرَيْظَةُ وَخَيْبَرُ وَحُنَيْنٌ وَالطَّائِفُ وَبَعَثَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعًا وَأَرْبَعِينَ سَرِيَّةً وَهِيَ مِنْ مِائَةٍ إلَى خَمْسِمِائَةٍ فَمَا زَادَهُ مَنْسِرٌ بِنُونٍ فَمُهْمَلَةٍ إلَى ثَمَانِمِائَةٍ فَمَا زَادَ جَيْشٌ إلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ فَمَا زَادَ جَحْفَلٌ وَالْخَمِيسُ الْجَيْشُ الْعَظِيمُ وَفِرْقَةُ السَّرِيَّةِ تُسَمَّى بَعْثًا وَالْكَتِيبَةُ مَا اجْتَمَعَ وَلَمْ يَنْتَشِرْ وَكَانَ أَوَّلًا