أَيْ الدَّفْعُ (فِي بُضْعٍ وَ) فِي (نَفْسٍ وَلَوْ مَمْلُوكَةً قَصَدَهَا غَيْرُ مُسْلِمٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (مَحْقُونِ الدَّمِ) بِأَنْ يَكُونَ كَافِرًا أَوْ بَهِيمَةً أَوْ مُسْلِمًا غَيْرَ مَحْقُونِ الدَّمِ كَزَانٍ مُحْصَنٍ فَإِنْ قَصَدَهَا مُسْلِمٌ مَحْقُونُ الدَّمِ فَلَا يَجِبُ دَفْعُهُ بَلْ يَجُوزُ الِاسْتِسْلَامُ لَهُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا كَانَ كَافِرًا ذِمِّيًّا فَوُجُوبُ الدَّفْعِ عَنْهُ إنَّمَا يُخَاطَبُ بِهِ الْإِمَامُ دُونَ الْآحَادِ وَقَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ دَفْعُهُ أَيْ لَا عَلَى الْمَصُولِ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ فَإِذَا رَأَيْت مُسْلِمًا مَعْصُومًا يَصُولُ عَلَى مُسْلِمٍ ظُلْمًا لِيَقْتُلَهُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْك دَفْعُهُ عَنْهُ وَقَوْلُهُ: بَلْ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِسْلَامُ بَلْ يُسَنُّ لِخَبَرِ ابْنَيْ آدَمَ وَلِذَا اسْتَسْلَمَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَالَ لِعَبِيدِهِ وَكَانُوا أَرْبَعَمِائَةٍ: مَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ حُرٌّ وقَوْله تَعَالَى {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] مَفْرُوضٌ فِي غَيْرِ قَتْلٍ يُؤَدِّي إلَى شَهَادَةٍ مِنْ غَيْرِ ذُلٍّ دِينِيٍّ كَمَا هُنَا وَخَرَجَ بِالنَّفْسِ الْعُضْوُ فَيَجِبُ دَفْعُ الصَّائِلِ الْمُسْلِمِ الْمَحْقُونِ الدَّمُ عَنْهُ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الشَّهَادَةِ وَكَمَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ الْبُضْعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ وَعَنْ النَّفْسِ فِيمَا إذَا قَصَدَهَا غَيْرُ مُسْلِمٍ يَجِبُ أَيْضًا عَنْ الْمَالِ ذِي الرُّوحِ وَإِنْ كَانَ الصَّائِلُ مَالِكَهُ لِتَأَكُّدِ حَقِّهِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ لُزُومُ الْإِمَامِ وَنُوَّابِهِ الدَّفْعَ عَنْ أَمْوَالِ رَعَايَاهُمْ وَلَا يَخْتَصُّ وُجُوبُ الدَّفْعِ بِالصَّائِلِ بَلْ كُلُّ مَنْ أَقْدَمَ عَلَى مُحَرَّمٍ فَلِلْآحَادِ مَنْعُهُ خِلَافًا لِلْأُصُولِيِّينَ حَتَّى لَوْ عَلِمَ بِشُرْبِ خَمْرٍ أَوْ ضَرْبِ طُنْبُورٍ فِي بَيْتِ شَخْصٍ فَلَهُ الْهَجْمُ عَلَيْهِ وَإِزَالَةُ ذَلِكَ فَإِنْ أَبَى قَاتَلَهُمْ وَلَوْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى قَتْلِهِمْ لَمْ يَضْمَنْ وَيُثَابُ عَلَى ذَلِكَ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ أَمْنِ فِتْنَةٍ مِنْ وَالٍ جَائِرٍ لِأَنَّ التَّعْزِيرَ بِالنَّفْسِ، وَالتَّعْرِيضَ لِعُقُوبَةِ وُلَاةِ الْجَوْرِ مَمْنُوعٌ اهـ شَرْحُ م ر.

وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ فِي بُضْعٍ عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَيَجِبُ عَلَى الْبُضْعِ إنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنْ انْدَفَعَ بِغَيْرِ الْقَتْلِ فَقَتَلَهُ فَالْقَوَدُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُحْصَنًا وَإِنْ قَالَ قَتَلْته لِذَلِكَ وَأَنْكَرَ وَلِيُّهُ أَثْبَتَهُ الْقَاتِلُ بِشَاهِدَيْنِ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ قَصَدَ زَوْجَتَهُ فَأَدَّى الدَّفْعُ إلَى قَتْلِهِ وَبِأَرْبَعَةٍ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ زَنَى بِهَا وَهُوَ مُحْصَنٌ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ حَلَفَ وَارِثُهُ وَأُقَيِّدُ. . . إلَخْ اهـ قَالَ م ر وَيَشْمَلُ قَوْلُهُ: فِي بُضْعِ الْحَرْبِيَّةِ وَهُوَ كَذَلِكَ لَا لِاحْتِرَامِهَا بَلْ مِنْ بَابِ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ وَإِنْ كَانَ الْوَاطِئُ لَهَا حَرْبِيًّا لِأَنَّ الزِّنَا لَمْ يُبَحْ فِي مِلَّةٍ مِنْ الْمِلَلِ قَطْعًا اهـ انْتَهَتْ وَكَتَبَ أَيْ سم أَيْضًا قَوْلُهُ: فِي بُضْعٍ أَيْ وَلَوْ لِغَيْرِهِ لَكِنْ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ: لَا يَلْزَمُهُ الِابْتِدَاءُ بِالْقَتْلِ فِي بُضْعِ الْغَيْرِ بِخِلَافِ بُضْعِ نَحْوَ أُخْتِهِ وَزَوْجَتِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الِابْتِدَاءُ بِالْقَتْلِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ الدَّفْعُ بِغَيْرِهِ، وَالْمَعْرُوفُ الْجَوَازُ لَا التَّعْيِينُ اهـ أَقُولُ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا م ر وَغَيْرِهِ وَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِالْقَتْلِ مَعَ إمْكَانِ غَيْرِهِ اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: فِي بُضْعٍ) أَيْ وَفِي مُقَدِّمَاتِهِ أَيْضًا اهـ ز ي وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَاصِدُ لَهُ مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا مَعْصُومًا أَمْ لَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَقْيِيدِهِ فِي النَّفْسِ وَإِطْلَاقِهِ هُنَا اهـ وَيُؤْخَذُ أَيْضًا مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: وَفِي نَفْسٍ قَصَدَهَا. . . إلَخْ) شَامِلٌ لِنَفْسِ الذِّمِّيِّ وَهُوَ مُتَّجَهٌ ثُمَّ رَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ اسْتِثْنَاءَ النَّفْسِ الْكَافِرَةِ فَلَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهَا لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْوُجُوبِ هُنَا انْتَهَى فَإِنْ قُلْنَا بِهَذَا الْبَحْثِ فَذَاكَ وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِهِ بَلْ قُلْنَا يَجِبُ دَفْعُ الْكَافِرِ وَنَحْوِهِ عَنْ الذِّمِّيِّ فَهَلْ يَجِبُ دَفْعُ الْمُسْلِمِ الْمَحْقُونِ عَنْهُ أَيْضًا وَيُفَارِقُ الْمُسْلِمَ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِسْلَامُ لِلْمُسْلِمِ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي نَيْلِ الشَّهَادَةِ، وَالذِّمِّيُّ لَا تَحْصُلُ لَهُ الشَّهَادَةُ أَوْ لَا يَجِبُ بَلْ يَجُوزُ فَقَطْ رَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ وَوَافَقَ م ر عَلَى الْوُجُوبِ وَضَعْفِ الْبَحْثِ اهـ سم (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُسْلِمٍ) قَضِيَّةُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ يَجِبُ دَفْعُ الذِّمِّيِّ عَنْ الذِّمِّيِّ لَا الْمُسْلِمِ عَنْ الذِّمِّيِّ فَلْيُحَرَّرْ وَلَكِنْ وَافَقَ م ر عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ دَفْعُ كُلٍّ مِنْ الْمُسْلِمِ، وَالذِّمِّيِّ عَنْ الذِّمِّيِّ وَيُفَارِقُ الْمُسْلِمَ حَيْثُ لَا يَجِبُ دَفْعُ الْمُسْلِمِ عَنْهُ بِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ حُصُولِ الشَّهَادَةِ لَهُ دُونَ الذِّمِّيِّ اهـ سم (قَوْلُهُ: أَيْضًا غَيْرُ مُسْلِمٍ مَحْقُونِ الدَّمِ) يَتَنَاوَلُ الصَّبِيَّ، وَالْمَجْنُونَ وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ لِأَنَّ الْمَحْذُورَ قَتْلُ مُسْلِمٍ وَذَلِكَ مُحَقَّقٌ فِيهِمَا وَخَالَفَهُ وَالِدُهُ فَأَوْجَبَ الدَّفْعَ قَطْعًا.

(تَنْبِيهٌ)

إذَا لَمْ نُوجِبْ الدَّفْعَ فَقَتَلَهُ الصَّائِلُ فَهُوَ ضَامِنٌ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ تَمَكُّنُهُ مِنْ الدَّفْعِ هَذَا هُوَ الْحَقُّ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ إنَّهُمْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ اهـ وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَاعْتَمَدَهُ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ: مَحْقُونِ الدَّمِ) أَيْ وَلَوْ مَجْنُونًا وَمُرَاهِقًا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ كَافِرًا) لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا يَأْتِي فِي الْجِهَادِ فِيمَا إذَا دَخَلَ الْكُفَّارُ بِلَادَنَا مِنْ أَنَّ مَنْ قَصَدُوهُ إذَا جُوِّزَ الْأَسْرُ وَعَلِمَ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ قُتِلَ جَازَ لَهُ الِاسْتِسْلَامُ فَانْظُرْهُ.

(فُرُوعٌ)

وَافَقَ م ر عَلَى اعْتِمَادِهَا يَجِبُ دَفْعُ الصَّائِلِ الْمُسْلِمِ الْمَحْقُونِ الدَّمِ عَلَى عُضْوِ الْمُسْلِمِ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الشَّهَادَةِ، وَدَفْعُ الْمُسْلِمِ عَنْ الرَّقِيقِ لِأَنَّ الْحَقَّ لِغَيْرِهِ وَدَفْعُ غَيْرِ الْمَعْصُومِ وَلَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ الْمَعْصُومِ وَيَجِبُ دَفْعُ الْمُسْلِمِ عَنْ الذِّمِّيِّ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الشَّهَادَةِ كَمَا تَقَدَّمَ لَكِنْ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِشَيْخِنَا حَجّ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ دَفْعُ الْكَافِرِ عَنْ الْكَافِرِ فَهَلْ مِثْلُهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015