وَالْمَقْذُوفِ فِي الْخِلْقَةِ وَفِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ غَالِبًا.
(وَلَوْ اسْتَقَلَّ مَقْذُوفٌ بِاسْتِيفَاءٍ) لِلْحَدِّ (لَمْ يَكْفِ) وَلَوْ بِإِذْنٍ لِأَنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ مِنْ مَنْصِبِ الْإِمَامِ نَعَمْ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ الْقَاذِفِ لَهُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْهُ وَكَذَا الْمَقْذُوفُ الْبَعِيدُ عَنْ السُّلْطَانِ وَقَدْ قَدَرَ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ مُجَاوَزَةِ حَدٍّ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ يَسْقُطُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِزِنَا الْمَقْذُوفِ وَبِإِقْرَارِهِ وَبِعَفْوِهِ وَبِاللِّعَانِ فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ.
(خَاتِمَةٌ) إذَا سَبَّ شَخْصٌ آخَرَ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَسُبَّهُ بِقَدْرِ مَا سَبَّهُ وَلَا يَجُوزُ سَبُّ أَبِيهِ وَلَا أُمِّهِ وَإِنَّمَا يَسُبُّهُ بِمَا لَيْسَ كَذِبًا وَلَا قَذْفًا نَحْو يَا أَحْمَقُ يَا ظَالِمُ إذْ لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَنْفَكُّ عَنْ ذَلِكَ وَإِذَا انْتَصَرَ بِسَبِّهِ فَقَدْ اسْتَوْفَى ظَلَّامَتَهُ وَبَرِئَ الْأَوَّلُ مِنْ حَقِّهِ وَبَقِيَ عَلَيْهِ إثْمُ الِابْتِدَاءِ وَالْإِثْمُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.
بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا مَعَ فَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا وَالْأَصْلُ فِي الْقَطْعِ بِهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وَغَيْرُهُ مِمَّا يَأْتِي (أَرْكَانُهَا) أَيْ السَّرِقَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَطْعِ الْآتِي بَيَانُهُ ثَلَاثَةٌ (سَرِقَةٌ وَسَارِقٌ وَمَسْرُوقٌ فَالسَّرِقَةُ أَخْذُ مَالٍ خُفْيَةً مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQضَعِيفِهِ فَتَخْتَلِفُ صُورَةُ الضَّرْبِ وَهَذَا لَا يَصِحُّ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ تَأْثِيرَ الْحَدِّ هُوَ الَّذِي يَخْتَلِفُ وَفِي الْحَقِيقَةِ الَّذِي يَخْتَلِفُ هُوَ التَّأْثِيرُ فَالنَّحِيفُ يَتَأَثَّرُ بِالْحَدِّ أَكْثَرَ مِنْ قَوِيِّ الْبَدَنِ بِهِ وَصُورَةُ ضَرْبِهِمَا وَاحِدَةٌ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِ الْحَدَّيْنِ بِاخْتِلَافِ الْبَدَنَيْنِ غَالِبًا انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ: لَمْ يَكْفِ) أَيْ وَيَجِبُ الْقِصَاصُ لَوْ مَاتَ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْقَاذِفِ هَذَا مُحَصَّلُ مَا يُفْهَمُ مِنْ الزَّرْكَشِيّ نَقْلًا عَنْ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ اهـ.
وَعِبَارَةُ التَّصْحِيحِ فَإِنْ كَانَ بِالْإِذْنِ فَلَا قِصَاصَ وَكَذَا لَا دِيَةَ فِي الْأَظْهَرِ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَإِنْ مَاتَ بِهِ قُتِلَ الْمَقْذُوفُ مَا لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِ الْقَاذِفِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ لَمْ يُجْلَدْ حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ أَلَمِ الْأَوَّلِ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِذْنٍ) أَيْ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ الْقَاذِفِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ مِنْ مَنْصِبِ الْإِمَامِ) لَكِنْ لَا يَسْتَوْفِيهِ إلَّا بِطَلَبِ الْمُسْتَحِقِّ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمَقْذُوفُ الْبَعِيدُ. . . إلَخْ) قَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِهِ أَنَّ مُسْتَحِقَّ التَّعْزِيرِ لَيْسَ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ رَفْعِهِ لِلْحَاكِمِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّعْزِيرَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ فَلَيْسَ لَهُ قَدْرٌ مَخْصُوصٌ وَلَا نَوْعٌ يَسْتَوْفِيهِ الْمُسْتَحِقُّ وَلَوْ كَانَ عَارِفًا بِذَلِكَ فَلَوْ جَوَّزَ لَهُ فِعْلَهُ فَرُبَّمَا تَجَاوَزَ فِي اسْتِيفَائِهِ عَمَّا كَانَ يَفْعَلُهُ الْقَاضِي لَوْ رَفَعَهُ لَهُ فَاحْفَظْهُ وَقَوْلُهُ: عَنْ السُّلْطَانِ أَيْ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِفِعْلِهِ وَمِنْهُ الْحَاكِمُ السِّيَاسِيُّ فِي قُرَى الرِّيفِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَبِعَفْوِهِ) أَيْ وَلَوْ عَلَى مَالٍ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْمَالُ عَلَى الْقَاذِفِ اهـ شَرْحُ م ر
[خَاتِمَةٌ إذَا سَبَّ شَخْصٌ آخَرَ]
(قَوْلُهُ: بِقَدْرِ مَا سَبَّهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ قَدْرُهُ عَدَدًا لَا مِثْلُ مَا يَأْتِي بِهِ الْأَوَّلُ لِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَسُبُّهُ. . . إلَخْ اهـ ح ل وَقَوْلُهُ: بِمَا لَيْسَ كَذِبًا وَلَا قَذْفًا أَيْ وَإِنْ كَانَ مَا أَتَى بِهِ الْأَوَّلُ كَذِبًا وَقَذْفًا وَقَدْ يُقَالُ فِي هَذِهِ لَمْ يَسُبَّهُ بِقَدْرِ مَا ذَكَرَ حَرِّرْ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: بِمَا لَيْسَ كَذِبًا قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَصَفَهُ بِنَحْوِ شُرْبِ خَمْرٍ جَوَابًا لِسَبِّهِ بِهِ لَا يَحْرُمُ إنْ كَانَ صَادِقًا فِيهِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ إذْ لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَنْفَكُّ عَنْ ذَلِكَ خِلَافَهُ لِإِشْعَارِهِ بِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِلْقَطْعِ بِصِدْقِهِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ بِمَا لَيْسَ كَذِبًا مَا لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْكَذِبُ بِخِلَافِ مَا يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ، وَالْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَقَدْ اسْتَوْفَى ظَلَّامَتَهُ) أَيْ قَائِمُ السَّبِّ سَقَطَ بِمَا حَصَلَ مِنْ سَبِّ الْآخَرِ لَهُ فِي مُقَابَلَتِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا إثْمٌ وَاحِدٌ هُوَ إثْمُ الْإِقْدَامِ (قَوْلُهُ: وَبَرِئَ الْأَوَّلُ مِنْ حَقِّهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَتَى بِهِ الْأَوَّلُ قَذْفًا وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَفِيهِ أَنَّ الْأَعْرَاضَ لَا يَقَعُ فِيهَا تَقَاصٌّ إلَّا أَنْ يُقَالَ سُومِحَ فِي هَذَا لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَالْإِثْمُ) أَيْ الْمَذْكُورُ أَيْ إثْمُ الِابْتِدَاءِ فَأَلْ فِيهِ لِلْعَهْدِ الذَّكَرِيِّ لَا أَنَّ الثَّانِيَ غَيْرُ الْأَوَّلِ تَأَمَّلْ.
[كِتَابُ السَّرِقَةِ]
(كِتَابُ السَّرِقَةِ) أَخَّرَهَا عَنْ الْقَذْفِ لِأَنَّهَا دُونَهُ إذْ الِاعْتِنَاءُ بِحِفْظِ الْعِرْضِ أَشَدُّ عَلَى أَنَّ الْمَالَ وِقَايَةٌ لَهُ وَسَيَأْتِي وَشُرِعَ الْقَطْعُ فِيهَا لِحِفْظِ الْمَالِ لِأَنَّهُ أَحَدُ الْكُلِّيَّاتِ الْخَمْسِ وَلِذَلِكَ ذُكِرَتْ آخِرَهَا وَكَانَ الْحَدُّ فِيهَا بِقَطْعِ آلَتِهَا لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَلِعَدَمِ تَعْطِيلِ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ مِنْ أَصْلِهَا اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} [المائدة: 38] قَدَّمَ السَّارِقَ عَلَى السَّارِقَةِ عَكْسَ آيَةِ الزِّنَا حَيْثُ قَدَّمَ فِيهَا الزَّانِيَةَ عَلَى الزَّانِي لِأَنَّ السَّرِقَةَ تُفْعَلُ بِالْقُوَّةِ، وَالرَّجُلُ أَقْوَى مِنْ الْمَرْأَةِ، وَالزِّنَا يُفْعَلُ بِالشَّهْوَةِ، وَالْمَرْأَةُ أَشَدُّ شَهْوَةً (قَوْلُهُ: أَرْكَانُهَا أَيْ السَّرِقَةِ. . . إلَخْ) لَمَّا وَرَدَ عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ التَّهَافُتُ وَلُزُومُ كَوْنِ الشَّيْءِ رُكْنًا لِنَفْسِهِ حَاوَلَ الشَّارِحُ إصْلَاحَهَا بِتَفْسِيرِ الضَّمِيرِ بِالسَّرِقَةِ الشَّرْعِيَّةِ حَيْثُ قَالَ أَيْ: السَّرِقَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْقَطْعِ يَعْنِي، وَالْمَأْخُوذُ رُكْنًا هُوَ اللُّغَوِيَّةُ وَهِيَ كَمَا فِي شَرْحِ م ر أَخْذُ الشَّيْءِ خُفْيَةً أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْخُوذُ مَالًا أَوْ غَيْرَهُ وَسَوَاءٌ أُخِذَ مِنْ حِرْزٍ مِثْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَأَرْكَانُ السَّرِقَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَطْعِ: سَرِقَةٌ كَذَا وَقَعَ فِي عِبَارَتِهِمْ وَهُوَ صَحِيحٌ فَالْمُرَادُ بِالسَّرِقَةِ الثَّانِيَةِ مُطْلَقُ الْأَخْذِ خُفْيَةً وَبِالْأُولَى الْأَخْذُ خُفْيَةً مِنْ حِرْزِ مِثْلِ انْتَهَتْ وَحِينَئِذٍ يُتَأَمَّلُ فِي قَوْلِهِ فَالسَّرِقَةُ أَخْذُ مَالٍ. . . إلَخْ فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ أَنَّهُ تَعْرِيفٌ لِلْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ فَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَعَرَّضَ لِبَيَانِ الْأَرْكَانِ أَوَّلًا فَلَا يَحْسُنُ بَعْدَهُ التَّعَرُّضُ لِلتَّعْرِيفِ بَلْ الْمُنَاسِبُ الْعَكْسُ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَيْضًا إهْمَالُ التَّكَلُّمِ عَلَى شَرْطِ أَحَدِ الْأَرْكَانِ وَهُوَ السَّرِقَةُ اللُّغَوِيَّةُ وَعَادَتُهُ أَنَّهُ إذَا تَكَلَّمَ عَلَى شُرُوطِ الْأَرْكَانِ تَكَلَّمَ عَلَى الْكُلِّ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ عَلَى بَعْدَ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُهُ تَعْرِيفَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ بَلْ مُرَادُهُ بَيَانُ شَرْطِ الرُّكْنِ الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ قَالَ وَيُشْتَرَطُ فِي السَّرِقَةِ اللُّغَوِيَّةِ الَّتِي هِيَ رُكْنٌ