وَاخْتُلِفَ فِي الْمَيِّتِ مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَالصَّحِيحُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ تَبَعًا لِلْمُحَقِّقَيْنِ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُمْ فِي النَّارِ، وَقِيلَ عَلَى الْأَعْرَافِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُرْتَدًّا وَالْآخَرُ كَافِرًا أَصْلِيًّا فَكَافِرٌ أَصْلِيٌّ قَالَهُ الْبَغَوِيّ.

(وَمِلْكُهُ) أَيْ الْمُرْتَدِّ (مَوْقُوفٌ) كَبُضْعِ زَوْجَتِهِ (إنْ مَاتَ مُرْتَدًّا بَانَ زَوَالُهُ بِالرِّدَّةِ) وَإِلَّا فَلَا يَزُولُ (وَيُقْضَى مِنْهُ دَيْنٌ لَزِمَهُ قَبْلَهَا) بِإِتْلَافٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَ) بَدَلِ (مَا أَتْلَفَهُ فِيهَا) قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ تَعَدَّى بِحَفْرِ بِئْرٍ وَمَاتَ، ثُمَّ تَلِفَ بِهَا شَيْءٌ (وَيُمَانُ مِنْهُ مُمَوِّنُهُ) مِنْ نَفْسِهِ وَبَعْضِهِ وَمَالِهِ وَزَوْجَاتِهِ؛ لِأَنَّهَا حُقُوقٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَتَصَرُّفُهُ إنْ لَمْ يَحْتَمِلُ الْوَقْفَ) بِأَنْ لَمْ يَقْبَلْ التَّعْلِيقَ كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ وَرَهْنٍ وَكِتَابَةٍ (بَاطِلٌ) لِعَدَمِ احْتِمَالِهِ الْوَقْفَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ احْتَمَلَهُ بِأَنْ قَبِلَ التَّعْلِيقَ كَعِتْقٍ وَتَدْبِيرٍ وَوَصِيَّةٍ (فَمَوْقُوفٌ إنْ أَسْلَمَ نَفَذَ) بِمُعْجَمَةٍ نَبِيّنَا وَإِلَّا فَلَا (وَيَجْعَلُ مَالَهُ عِنْدَ عَدْلٍ وَأَمَتُهُ عِنْدَ نَحْوِ مَحْرَمٍ) كَامْرَأَةٍ ثِقَةٍ احْتِيَاطًا وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِامْرَأَةٍ ثِقَةٍ (وَيُؤَجَّرُ مَالُهُ) عَقَارًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ صِيَانَةً لَهُ عَنْ الضَّيَاعِ (وَيُؤَدِّي مُكَاتَبُهُ النُّجُومَ لِقَاضٍ) حِفْظًا لَهَا وَيَعْتِقُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا سَبَقَ فِي الْوَصِيَّةِ مَنْ يُنْسَبُ هُوَ أَوْ أُمُّهُ لَهُ وَيَعُدُّ قَبِيلَةً.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر هُنَا قَوْلُهُ وَإِنْ بَعُدَ أَيْ حَيْثُ يُعَدُّ مَنْسُوبًا إلَيْهِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ وَاخْتُلِفَ فِي الْمَيِّتِ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَحْذُوفٍ صَرَّحَ بِهِ م ر فَقَالَ هَذَا كُلُّهُ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا أَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَكُلُّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ الْأَصْلِيِّينَ أَوْ الْمُرْتَدِّينَ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ فِي الْأَصَحِّ اهـ. (قَوْلُهُ مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ) أَيْ، وَلَوْ مُرْتَدِّينَ. وَأَمَّا أَوْلَادُ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ النَّوَوِيُّ أَجْمَعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَتَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ نَفَى بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ وَكَأَنَّهُ عَنِيَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ فَإِنَّهُ أَطْلَقَ الْإِجْمَاعَ فِي ذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ إجْمَاعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الْخِلَافُ فِي غَيْرِ أَوْلَادِ الْأَنْبِيَاءِ اهـ فَتْحُ الْبَارِي اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) أَيْ مِنْ عَشَرَةِ أَقْوَالٍ ذَكَرَهَا فِي فَتْحِ الْبَارِي فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ: أَحَدُهَا فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، ثَانِيهَا أَنَّهُمْ تَبَعٌ لِآبَائِهِمْ، ثَالِثُهَا أَنَّهُمْ يَكُونُونَ فِي سَرْحٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، رَابِعُهَا خَدَمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، خَامِسُهَا يَصِيرُونَ تُرَابًا، سَادِسُهَا هُمْ فِي النَّارِ، سَابِعُهَا يُمْتَحَنُونَ فِي الْآخِرَةِ، ثَامِنُهَا أَنَّهُمْ فِي الْمَحْشَرِ، تَاسِعُهَا الْوَقْفُ، عَاشِرُهَا الْإِمْسَاكُ، وَفِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَقْفَةٌ، وَقَدْ بَسَطَ الْكَلَامَ عَلَيْهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ مُطْلَقًا، وَقَدْ رَأَيْت رِسَالَةً بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا لِشِهَابِ بْنِ قَاسِمٍ فِي بَيَانِ الْمَعَادِ وَالرُّوحِ لِلسَّيِّدِ مُعِينِ الدِّينِ الصَّفَوِيِّ جَدِّ السَّيِّدِ عِيسَى فِيهَا مَا نَصُّهُ (فَإِنْ قُلْت) قَدْ وَرَدَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِخَدِيجَةَ أَوْلَادُك الَّذِينَ مَاتُوا فِي الْكُفْرِ فِي جَهَنَّمَ» (قُلْت) التَّوْفِيقُ أَنَّ أَوْلَادَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ هُمْ قَبْلَ الْبَعْثَةِ فِي النَّارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ. وَأَمَّا أَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ هُمْ بَعْدَ الْبَعْثَةِ فَفِي الْجَنَّةِ بِبَرَكَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَشْرِيفًا لِأُمَّتِهِ، وَهَذَا كَلَامُ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ وَهُوَ تَوْفِيقٌ حَسَنٌ اهـ بِحُرُوفِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ عَلَى الْأَعْرَافِ) فِي الْأَعْرَافِ أَقْوَالٌ لِلْمُفَسِّرِينَ أَرْجَحُهَا الَّذِي ارْتَضَاهُ الْجَلَالُ أَنَّهُ سُورُ الْجَنَّةِ أَيْ حَائِطُهَا الْمُحِيطُ بِهَا وَمِنْ جُمْلَةِ الْأَقْوَالِ أَنَّهُ مَكَانٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالْمُنَاسِبُ لِكَلَامِ الشَّارِحِ الْأَوَّلُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَى الْأَعْرَافِ وَلَمْ يَقُلْ فِي الْأَعْرَافِ اهـ. (قَوْلُهُ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُرْتَدًّا إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ أَوْ مُرْتَدُّونَ. (قَوْلُهُ فَكَافِرٌ أَصْلِيٌّ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ أَشْرَفَ أَبَوَيْهِ فِي الدِّينِ اهـ ح ل. وَالْكُفْرُ الْأَصْلِيُّ أَشْرَفُ مِنْ الرِّدَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ وَمِلْكُهُ مَوْقُوفٌ) أَيْ مَا مَلَكَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ وَإِلَّا فَهُوَ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَحَجِّرًا اهـ ح ل، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَأَنْ يَكُونَ كَحَجْرِ الْفَلَسِ لِأَجْلِ حَقِّ أَهْلِ الْفَيْءِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ كَبُضْعِ زَوْجَتِهِ) فِي الْمِصْبَاحِ الْبُضْعُ بِالضَّمِّ جَمْعُهُ أَبْضَاعٌ، مِثْلُ قُفْلٌ وَأَقْفَالٌ وَيُطْلَقُ عَلَى الْفَرْجِ وَالْجِمَاعِ وَيُطْلَقُ عَلَى التَّزْوِيجِ أَيْضًا كَالنِّكَاحِ يُطْلَقُ عَلَى الْعَقْدِ وَالْجِمَاعِ، وَقِيلَ الْبُضْعُ مَصْدَرٌ أَيْضًا مِثْلُ الشُّكْرِ وَالْكُفْرِ وَأَبْضَعْتُ الْمَرْأَةَ إبْضَاعًا زَوَّجْتهَا وَتَسَامَرَ النِّسَاءُ فِي إبْضَاعِهِنَّ يُرْوَى بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا أَيْ فِي تَزْوِيجِهِنَّ فَالْمَفْتُوحُ جَمْعٌ وَالْمَكْسُورُ مَصْدَرٌ مِنْ أَبَضَعْت وَيُقَالُ بَضَعَهَا يَبْضَعُهَا بِفَتْحَتَيْنِ إذَا جَامَعَهَا وَمِنْهُ يُقَالُ مَلَكَ بُضْعَهَا أَيْ جِمَاعَهَا وَالْبِضَاعُ الْجِمَاعُ وَزْنًا وَمَعْنًى وَهُوَ اسْمُ مَنْ بَاضَعَهَا مُبَاضَعَةً اهـ. (قَوْلُهُ أَيْضًا كَبُضْعِ زَوْجَتِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ أَيْضًا أَيْ فَيُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا لَكِنْ هَذَا إنْ كَانَتْ الرِّدَّةُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَمَعَ ذَلِكَ الْوَقْفُ إنَّمَا هُوَ إلَى تَمَامِ الْعِدَّةِ، فَإِنْ انْقَضَتْ وَلَمْ يُسْلِمْ ثَبَتَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ حِينِ الرِّدَّةِ اهـ. (قَوْلُهُ وَيُقْضَى مِنْهُ دَيْنٌ لَزِمَهُ قَبْلَهَا) أَيْ، وَلَوْ فِي حَالِ حَيَاتِهِ فَيَقْضِيهِ الْحَاكِمُ وَإِنْ قُلْنَا بِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ فَهُوَ كَالتَّرِكَةِ لَا يَمْنَعُ انْتِقَالَهَا لِلْوَارِثِ قَضَاءُ دَيْنِ الْمَيِّتِ مِنْهَا فَلَا إشْكَالَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَالْأَظْهَرُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ وَيُمَانُ مِنْهُ مَمُونُهُ) أَيْ مُدَّةَ الِاسْتِتَابَةِ اهـ شَرْحُ م ر، وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي أَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِتَابَةِ حَالًا فَكَجِوَازِ التَّأْخِيرِ لِعُذْرٍ قَامَ بِالْقَاضِي أَوْ بِالْمُرْتَدِّ كَجُنُونٍ عَقِبَ الرِّدَّةِ اهـ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ أَيْضًا وَيُمَانُ مِنْهُ مَمُونُهُ أَيْ مُؤْنَةُ الْمُوسِرِينَ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ إنْ أَسْلَمَ نَفَذَ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ بَعْدَ حَجْرِ الْحَاكِمِ خِلَافًا لِلْمُؤَلِّفِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فَإِنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ ذَلِكَ قَيْدٌ لِلْحُكْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ قَيْدٌ لِلْخِلَافِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ وَيُؤَدِّي مُكَاتَبَهُ) أَيْ الَّذِي كَاتَبَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015