أَوْ سُجُودٍ لِمَخْلُوقٍ) كَصَنَمٍ وَشَمْسٍ فَتَعْبِيرِي بِمَخْلُوقٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ لِصَنَمٍ أَوْ شَمْسٍ.
(فَتَصِحُّ رِدَّةُ سَكْرَانَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِمَا فَالْجَوَابُ عَنْهُ كَمَا أَجَابَ بِهِ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَالْحَالَةُ مَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ إزْرَاءً؛ لِأَنَّ الْإِزْرَاءَ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْحَالَةِ الْكَامِلَةِ وَيَنْتَقِلَ عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَمَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ فِي الْحُرْمَةِ مِنْ حُرْمَةِ مَدِّ الرِّجْلِ لِلْمُصْحَفِ مَرْدُودٌ بِمَا تَقَرَّرَ وَيَلْزَمُ الْقَائِلَ بِالْحُرْمَةِ هُنَا أَنْ يَقُولَ بِالْحُرْمَةِ فِيمَا لَوْ كَتَبَ الْقُرْآنَ بِيَسَارِهِ مَعَ تَعْطِيلِ الْيَمِينِ وَلَا قَائِلَ بِهِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ لِلْكِتَابَةِ لِلْغِنَى أَوْ يَكْتُبُ غَيْرُهُ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا تَحَكُّمٌ عَقْلِيٌّ لَا يُسَاعِدُهُ قَاعِدَةٌ وَلَا نَقْلٌ وَيَلْزَمُهُ أَنْ لَوْ كَانَ يَكْتُبُ بِقَصْدِ الْإِبْقَاءِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ يَكْتُبُ بِقَصْدِ الْإِبْقَاءِ فِيمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ عَدَمِ الْحَاجَةِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَذْكُرَ ذَلِكَ فِي تَفْصِيلِهِ بَلْ وَكَأَنْ يُقَالُ عَلَى طِبْقِ مَا أَجَابَ بِهِ إنْ كَانَ يَكْتُبُ لِلدِّرَاسَةِ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا لِوُجُودِ التَّعْلِيلِ فِي ذَلِكَ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَوْ سُجُودٍ لِمَخْلُوقٍ) أَيْ، وَلَوْ نَبِيًّا وَإِنْ أَنْكَرَ الِاسْتِخْفَافَ أَوْ لَمْ يُطَابِقْ قَلْبُهُ جَوَارِحَهُ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِهِ يُخَالِفُهُ اهـ ز ي وَخَرَجَ بِالسُّجُودِ الرُّكُوعُ فَيُفَصَّلُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ التَّعْظِيمَ فَيَكْفُرُ وَإِلَّا فَلَا اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَيْضًا أَوْ سُجُودٍ لِمَخْلُوقٍ إلَخْ) نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى عَدَمِ دَلَالَةِ الْفِعْلِ عَلَى الِاسْتِخْفَافِ كَسُجُودِ أَسِيرٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِحَضْرَةِ كَافِرٍ خَشْيَةً مِنْهُ فَلَا كُفْرَ وَخَرَجَ بِالسُّجُودِ الرُّكُوعُ لِوُقُوعِ صُورَتِهِ لِمَخْلُوقٍ عَادَةً وَلَا كَذَلِكَ السُّجُودُ نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ قَصَدَ تَعْظِيمَ مَخْلُوقٍ بِالرُّكُوعِ كَمَا يُعَظِّمُ اللَّهَ بِهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْكُفْرِ حِينَئِذٍ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ، فَإِنْ قَصَدَ تَعْظِيمَ مَخْلُوقٍ إلَخْ أَيْ فَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ كُفْرًا بَلْ لَا يَكُونُ حَرَامًا أَيْضًا كَمَا يَشْعُرُ بِهِ قَوْلُهُ لِوُقُوعِ صُورَتِهِ لِلْمَخْلُوقِ عَادَةً لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ عَلَى الشَّمَائِلِ فِي بَابِ تَوَاضُعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَانُوا إذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا لَهُ لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهَتِهِ لِذَلِكَ نَصَّهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ أَيْ الْقِيَامِ أَيْ لِلْإِكْرَاهِ لَا لِلرِّيَاءِ وَالْإِعْظَامِ حَيْثُ كَانَ مَكْرُوهًا وَبَيْنَ حُرْمَةِ نَحْوِ الرُّكُوعِ لِلْغَيْرِ إعْظَامًا بِأَنَّ صُورَةَ نَحْوِ الرُّكُوعِ لَمْ تُعْهَدْ إلَّا لِنَحْوِ عِبَادَةِ اللَّهِ بِخِلَافِ صُورَةِ الْقِيَامِ اهـ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْإِتْيَانَ بِصُورَةِ الرُّكُوعِ لِلْمَخْلُوقِ حَرَامٌ وَبِأَنَّهَا لَمْ تُعْهَدْ لِمَخْلُوقٍ وَهِيَ مُنَافِيَةٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ لِوُقُوعِ صُورَتِهِ لِلْمَخْلُوقِ عَادَةً، أَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ خَفْضِ الرَّأْسِ وَالِانْحِنَاءِ إلَى حَدٍّ لَا يَصِلُ بِهِ إلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ فَلَا كُفْرَ بِهِ وَلَا حُرْمَةَ أَيْضًا لَكِنْ يَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(تَنْبِيهٌ)
وَقَعَ فِي مَتْنِ الْمَوَاقِفِ وَتَبِعَهُ السَّيِّدُ فِي شَرْحِهِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ نَحْوَ السُّجُودِ لِنَحْوِ الشَّمْسِ مِنْ مُصَدِّقٍ بِمَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفْرٌ إجْمَاعًا، ثُمَّ وَجْهُ كَوْنِهِ كُفْرًا بِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّصْدِيقِ ظَاهِرًا وَنَحْنُ نَحْكُمُ بِالظَّاهِرِ فَلِذَلِكَ حَكَمْنَا بِعَدَمِ إيمَانِهِ لَا؛ لِأَنَّ عَدَمَ السُّجُودِ لِغَيْرِ اللَّهِ دَاخِلٌ فِي حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ حَتَّى لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ لَهَا عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ وَاعْتِقَادِ الْأُلُوهِيَّةِ بَلْ سَجَدَ لَهَا وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ لَمْ يَحْكُمْ بِالْكُفْرِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَإِنْ أَجْرَى عَلَيْهِ حُكْمَ الْكُفَّارِ فِي الظَّاهِرِ، ثُمَّ قَالَا مَا حَاصِلُهُ أَيْضًا لَا يَلْزَمُ عَلَى تَفْسِيرِ الْكُفْرِ بِأَنَّهُ عَدَمُ تَصْدِيقِ الرَّسُولِ فِي بَعْضِ مَا جَاءَ بِهِ ضَرُورَةَ تَكْفِيرٍ مِنْ لُبْسِ الْغِيَارِ مُخْتَارًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَدِّقْ فِي الْكُلِّ، وَذَلِكَ لِأَنَّا جَعَلْنَا اللُّبْسَ الصَّادِرَ مِنْهُ بِاخْتِيَارِهِ عَلَامَةَ الْكُفْرِ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ اللُّبْسَ رِدَّةٌ فَحَكَمْنَا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَافِرٌ غَيْرُ مُصَدِّقٍ حَتَّى لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا لِاعْتِقَادِ حَقِيقَةِ الْكُفْرِ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ كَمَا مَرَّ فِي سُجُودِ الشَّمْسِ اهـ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ أَوَّلًا أَنَّ الْإِيمَانَ التَّصْدِيقُ فَقَطْ، ثُمَّ حُكِيَا عَنْ طَائِفَةٍ أَنَّهُ التَّصْدِيقُ مَعَ الْكَلِمَتَيْنِ فَعَلَى الْأَوَّلِ اتَّضَحَ مَا ذَكَرَاهُ أَنَّهُ لَا كُفْرَ بِنَحْوِ السُّجُودِ لِلشَّمْسِ لِمَا مَرَّ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّ نَحْوَ عَدَمِ السُّجُودِ لِغَيْرِ اللَّهِ لَيْسَ دَاخِلًا فِي حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِيمَانَ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ الَّتِي هِيَ طَرِيقُ الْمُتَكَلِّمِينَ لَهُ حَيْثِيَّتَانِ النَّجَاةُ فِي الْآخِرَةِ وَشَرْطُهَا التَّصْدِيقُ فَقَطْ وَإِجْرَاءُ أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَمَنَاطُهَا النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ مَعَ عَدَمِ السُّجُودِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَرَمْيِ الْمُصْحَفِ بِقَاذُورَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصُّوَرِ الَّتِي حَكَمَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهَا كُفْرٌ فَالنُّطْقُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ، وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِإِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَمَنْ جَعَلَهُ شَطْرًا لَمْ يُرِدْ أَنَّهُ رُكْنٌ حَقِيقِيٌّ وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ عِنْدَ الْعَجْزِ وَالْإِكْرَاهِ بَلْ إنَّهُ دَالٌّ عَلَى الْحَقِيقَةِ الَّتِي هِيَ التَّصْدِيقُ إذْ لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا اهـ حَجّ.
(قَوْلُهُ فَتَصِحُّ رِدَّةُ سَكْرَانَ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ مَنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ إذْ مِنْ أَفْرَادِهِ السَّكْرَانُ وَالْمُرَادُ بِالصِّحَّةِ هُنَا الْوُجُودُ وَالتَّحَقُّقُ وَالثُّبُوتُ لَا مَعْنَاهَا الْأُصُولِيُّ