بِكُفْرٍ عَزْمًا) ، وَلَوْ فِي قَابِلٍ (أَوْ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا اسْتِهْزَاءً) كَانَ ذَلِكَ (أَوْ عِنَادًا أَوْ اعْتِقَادًا) بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَرَنَ بِهِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ الرِّدَّةِ كَاجْتِهَادٍ أَوْ سَبْقِ لِسَانٍ أَوْ حِكَايَةٍ أَوْ خَوْفٍ، وَكَذَا قَوْلُ الْوَلِيِّ حَالَ غَيْبَتِهِ أَنَا اللَّهُ لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ يُعَزَّرُ فَلَا يَتَقَيَّدُ الِاسْتِهْزَاءُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بِالْقَوْلِ وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ، وَذَلِكَ (كَنَفْيِ الصَّانِعِ) الْمَأْخُوذِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {صُنْعَ اللَّهِ} [النمل: 88] (أَوْ) نَفْيِ (نَبِيٍّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِكُفْرٍ عَزْمًا) أَيْ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْإِسْلَامِ شَرْطٌ، فَإِذَا عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ كَفَرَ حَالًا بِخِلَافِ مَا لَوْ عَزَمَ عَلَى فِعْلِ الْمُكَفِّرِ فَلَا يَكْفُرُ إلَّا بِفِعْلِهِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ أَوْ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا) أَيْ أَوْ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، وَقَدْ يَدْخُلُ مُجَرَّدُ الِاعْتِقَادِ فِي الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ الْقَلْبِ كَأَنْ اعْتَقَدَ حِلَّ مُحَرَّمٍ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ يُعَدُّ فِعْلًا وَإِنْ كَانَ كَيْفِيَّةً فِي الْحَقِيقَةِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ اسْتِهْزَاءً) كَأَنْ قِيلَ لَهُ قُصَّ أَظْفَارَك فَإِنَّهُ سُنَّةٌ فَقَالَ لَا أَفْعَلُهُ وَإِنْ كَانَ سُنَّةً أَوْ لَوْ جَاءَنِي بِهِ النَّبِيُّ مَا قَبِلْته مَا لَمْ يُرِدْ الْمُبَالَغَةَ فِي تَبْعِيدِ نَفْسِهِ أَوْ يُطْلِقْ فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ التَّبْعِيدُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ فِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ التَّنْقِيصِ قَوْلُ مَنْ سُئِلَ فِي شَيْءٍ لَوْ جَاءَنِي جِبْرِيلُ أَوْ النَّبِيُّ مَا فَعَلْته وَنَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ إضْمَارَ التَّوْرِيَةِ أَيْ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُهَا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ لَا يُفِيدُ فَيَكْفُرُ بَاطِنًا أَيْضًا لِحُصُولِ التَّهَاوُنِ مِنْهُ وَبِهِ فَارَقَ قَبُولُهُ فِي نَحْوِ الطَّلَاقِ بَاطِنًا اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ كَانَ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الْعَزْمِ وَالْقَوْلُ وَالْفِعْلُ فَهَذَا التَّعْمِيمُ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ كَمَا فِي شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ كَاجْتِهَادٍ) أَيْ فِيمَا لَمْ يَقُمْ الدَّلِيلُ الْقَاطِعُ عَلَى خِلَافِهِ بِدَلِيلِ كُفْرٍ نَحْوُ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالِمِ مَعَ أَنَّهُ بِالِاجْتِهَادِ اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ أَيْضًا كَاجْتِهَادٍ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ مُجَرَّدَ الِاعْتِقَادِ مُكَفِّرٌ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ ذَلِكَ مُقَيَّدًا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الِاعْتِقَادُ نَاشِئًا عَنْ اجْتِهَادٍ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ أَوْ حِكَايَةٍ) قَالَ الْغَزَالِيُّ لَا يَجُوزُ حِكَايَةُ ذَلِكَ مِنْ الشَّاهِدِ إلَّا عِنْدَ الْقَاضِي، وَلَوْ صَرَّحَ بِكَلِمَةِ الرِّدَّةِ وَزَعَمَ تَوْرِيَةً حَكَى الْإِمَامُ عَنْ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّهُ يَكْفُرُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِلِاسْتِخْفَافِ اهـ عَمِيرَةُ، وَهَذَا الْكَلَامُ مُوَضَّحٌ فِي الزَّرْكَشِيّ فَرَاجِعْهُ وَانْظُرْ هَلْ كَزَعْمِ التَّوْرِيَةِ مَا لَوْ زَعَمَ حِكَايَةً وَلَمْ يَأْتِ بِأَدَاةِ الْحِكَايَةِ كَأَنْ قَالَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَزَعَمَ أَنَّهُ قَصَدَ حِكَايَةَ قَوْلِ الْكُفَّارِ مَالَ الطَّبَلَاوِيُّ إلَى أَنَّهُ كَزَعْمِ التَّوْرِيَةِ لِلِاسْتِخْفَافِ.
وَعِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ ذَكَرَ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حِكَايَةٌ إلَّا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ
وَمَالَ الطَّبَلَاوِيُّ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ وَأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ قَالَ وَصُورَةُ حِكَايَتِهِ أَنْ يَقُولَ قَالَ فُلَانٌ كَذَا وَكَالشَّاهِدِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْمُسْتَفْتِي وَالْمُفْتِي وَنَحْوِهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم. (قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ يُعَزَّرُ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ قَالَهُ وَهُوَ مُكَلَّفٌ فَهُوَ كَافِرٌ لَا مَحَالَةَ وَهُوَ خِلَافُ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ وَإِنْ قَالَهُ حَالَ الْغَيْبَةِ الْمَانِعَةِ لِلتَّكْلِيفِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ فَأَيُّ وَجْهٍ لِلتَّعْزِيرِ اهـ ز ي إلَّا أَنْ يُقَالَ مَحَلُّهُ إنْ شَكَّكْنَا فِي حَالِهِ كَمَا قَالَهُ ح ل
وَأَجَابَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ بِأَنَّهُ لَا بُعْدَ فِي تَعْزِيرِهِ وَإِنْ قَالَهُ حَالَ الْغَيْبَةِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِصُورَةِ مَعْصِيَةٍ أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا أَتَى بِصُورَةِ مَعْصِيَةٍ يُعَزَّرُ اهـ. (قَوْلُهُ كَنَفْيِ الصَّانِعِ) أَيْ وُجُودِهِ وَالنَّافِي لِذَلِكَ طَائِفَةٌ يُقَالُ لَهَا الدَّهْرِيَّةُ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْعَالِمَ لَمْ يَزَلْ مَوْجُودًا اهـ ح ل وَأَلْحَقَ بِهِمْ مَنْ نَفَى مَا هُوَ ثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ كَكَوْنِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَادِرًا عَالِمًا أَوْ أَثْبَتَ مَا هُوَ مُنْتَفٍ بِالْإِجْمَاعِ كَحُدُوثِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَكَقِدَمِ الْعَالِمِ قَالَ الْمُتَوَلِّي، وَكَذَا مَنْ أَثْبَتَ الِاتِّصَالَ وَالِانْفِصَالَ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي التَّحَيُّزَ وَالْجِسْمِيَّةَ اهـ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ، وَقَدْ رَجَعَ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ تَكْفِيرِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِالصِّفَةِ لَيْسَ جَهْلًا بِالْمَوْصُوفِ اهـ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ تَكْفِيرَ الْقَائِلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَنَافِي الرُّؤْيَةِ وَصَوَّبَ النَّوَوِيُّ خِلَافَهُ وَأَوَّلَ النَّصَّ، وَقَدْ اسْتَشْكَلَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ عَدَمَ تَكْفِيرِ الْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمْ يَخْلُقُ الْأَفْعَالَ مَعَ تَكْفِيرِ مَنْ أَسْنَدَ لِلْكَوَاكِبِ فِعْلًا وَأَجَابَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الْفَرْقَ اعْتِقَادُ كَوْنِ الْكَوَاكِبِ مُؤَثِّرَةً فِي جَمِيعِ الْكَائِنَاتِ بِخِلَافِ هَذَا أَقُولُ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَنَدَ لِلْكَوَاكِبِ بَعْضَ الْأَفْعَالِ لَا يَكُونُ كَافِرًا وَهُوَ بَاطِلٌ فَالْوَجْهُ أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّهُمْ أَعْنِي الْمُعْتَزِلَةَ يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَوْجَدَ فِي الْعَبْدِ قُدْرَةً وَلَكِنْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْعَبْدَ بِتِلْكَ الْقُدْرَةِ يَخْلُقُ أَفْعَالَ نَفْسِهِ اهـ سم.
(قَوْلُهُ أَيْضًا كَنَفْيِ الصَّانِعِ) أَيْ وَكَتَمَنِّي كُفْرِ مُسْلِمٍ بِقَصْدِ الرِّضَا بِهِ لَا التَّشْدِيدِ عَلَيْهِ وَكَإِنْكَارِ صُحْبَةِ أَبِي بَكْرٍ وَكَرْمِي بِنْتِهِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِمَا بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ وَلَا يَكْفُرُ بِسَبِّ الشَّيْخَيْنِ أَوْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ إلَّا فِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ حَكَاهُ الْقَاضِي اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ لَا التَّشْدِيدِ عَلَيْهِ أَيْ لِكَوْنِهِ ظَلَمَهُ مَثَلًا وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا صِحَّةُ مَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي شَرْحِ الْغَايَةِ قُبَيْلَ كِتَابِ الطَّهَارَةِ مِنْ جَوَازِ الدُّعَاءِ عَلَى الظَّالِمِ بِسُوءِ الْخَاتِمَةِ وَقَوْلُهُ وَكَإِنْكَارِ صُحْبَةِ أَبِي بَكْرٍ ظَاهِرُهُ أَنَّ إنْكَارَ صُحْبَةِ غَيْرِ أَبِي بَكْرٍ كَبَقِيَّةِ الْخُلَفَاءِ لَا يَكْفُرُ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ صُحْبَتَهُمْ لَمْ تَثْبُتْ بِالنَّصِّ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ الْمَأْخُوذُ مِنْ قَوْله تَعَالَى {صُنْعَ اللَّهِ} [النمل: 88] أَيْ عَلَى مَذْهَبِ الْبَاقِلَّانِيِّ