(فَصْلٌ) فِي الْعَاقِلَةِ وَكَيْفِيَّةِ تَأْجِيلِ مَا تَحْمِلُهُ وَسُمُّوا عَاقِلَةً لِعَقْلِهِمْ الْإِبِلَ بِفِنَاءِ دَارِ الْمُسْتَحِقِّ وَيُقَالُ لِتَحَمُّلِهِمْ عَنْ الْجَانِي الْعَقْلَ أَيْ الدِّيَةَ، وَيُقَالُ لِمَنْعِهِمْ عَنْهُ وَالْعَقْلُ الْمَنْعُ وَمِنْهُ سُمِّيَ الْعَقْلُ عَقْلًا لِمَنْعِهِ مِنْ الْفَوَاحِشِ (عَاقِلَةُ جَانٍ عَصَبَتُهُ) الْمُجْمَعُ عَلَى إرْثِهِمْ مِنْ النَّسَبِ لِمَا فِي رِوَايَةٍ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ أَوَائِلَ كِتَابِ الدِّيَاتِ.
وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا (وَقُدِّمَ) مِنْهُمْ (أَقْرَبُ) فَأَقْرَبُ فَيُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِهِ الْوَاجِبُ مِنْ الدِّيَةِ آخِرَ السَّنَةِ كَمَا سَيَأْتِي (فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ) مِنْهُ (فَمَنْ يَلِيهِ) أَيْ الْأَقْرَبُ يُوَزَّعُ الْبَاقِي عَلَيْهِ وَهَكَذَا وَالْأَقْرَبُ الْإِخْوَةُ ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ نَزَلُوا ثُمَّ الْأَعْمَامُ، ثُمَّ بَنُوهُمْ كَالْإِرْثِ (وَ) قُدِّمَ (مُدْلٍ بِأَبَوَيْنِ) عَلَى مُدْلٍ بِأَبٍ كَالْإِرْثِ فَإِنْ عُدِمَ عَصَبَةُ النَّسَبِ أَوْ لَمْ يَفِ مَا عَلَيْهِمْ بِالْوَاجِبِ فِي الْجِنَايَةِ (فَمُعْتِقٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَسَقَطَ اعْتِرَاضُ الْبُلْقِينِيِّ مِنْ أَنَّ اعْتِبَارَ الْغَلَبَةِ فِي الْإِصَابَةِ مُخَالِفٌ لِأَصْلِ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ فِي الْآلَةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
[فَصْلٌ فِي الْعَاقِلَةِ وَكَيْفِيَّةِ تَأْجِيلِ مَا تَحْمِلُهُ]
(فَصْلٌ فِي الْعَاقِلَةِ)
(قَوْلُهُ وَكَيْفِيَّةُ تَأْجِيلِ مَا تَحْمِلُهُ) أَيْ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا مِنْ قَوْلِهِ وَأَجَلُ نَفْسٍ مِنْ زَهُوقٍ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ. (قَوْلُهُ وَسُمُّوا عَاقِلَةً لِعَقْلِهِمْ إلَخْ) فِي الْمِصْبَاحِ عَقَلْت الْقَتِيلَ عَقْلًا أَدَّيْت دِيَتَهُ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ سُمِّيَتْ الدِّيَةُ عَقْلًا تَسْمِيَةً بِالْمَصْدَرِ؛ لِأَنَّ الْإِبِلَ كَانَتْ تُعْقَلُ بِفِنَاءِ وَلِيِّ الْقَتِيلِ، ثُمَّ كَثُرَ الِاسْتِعْمَالُ حَتَّى أُطْلِقَ الْعَقْلُ عَلَى الدِّيَةِ إبِلًا كَانَتْ أَوْ نَقْدًا وَعَقَلْت عَنْهُ غَرِمْت عَنْهُ مَا لَزِمَهُ مِنْ دِيَةٍ وَجِنَايَةٍ وَعَقَلْت لَهُ دَمَ فُلَانٍ إذَا تَرَكَتْ الْقَوَدَ لِلدِّيَةِ فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ عَقَلَهُ، وَعَقَلَ عَنْهُ وَعَقَلَ لَهُ وَبَابُ الْكُلِّ ضَرَبَ وَدَافِعُ الدِّيَةِ عَاقِلٌ وَالْجَمْعُ عَاقِلَةٌ وَجَمْعُ الْعَاقِلَةِ عَوَاقِلُ اهـ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ الْمُخْتَارِ. (قَوْلُهُ عَاقِلَةُ جَانٍ عَصَبَتُهُ) أَيْ وَقْتَ الْجِنَايَةِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ سَرَى الْجُرْحُ إلَى النَّفْسِ وَمَاتَ وَكَانَتْ عَاقِلَتُهُ يَوْمَ الْجُرْحِ غَيْرَهَا يَوْمَ السِّرَايَةِ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَتُضْرَبُ عَلَى الْغَائِبِ حِصَّتُهُ حَيْثُ كَانَ أَهْلًا فَإِنْ حَضَرَ أُخِذَتْ مِنْهُ وَشَرْطُ تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ أَنْ تَكُونَ صَالِحَةً لِوِلَايَةِ النِّكَاحِ أَيْ، وَلَوْ بِالْقُوَّةِ فَدَخَلَ الْفَاسِقُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إزَالَةِ مَانِعِهِ حَالًا مِنْ حِينِ الْفِعْلِ إلَى الْفَوَاتِ فَلَوْ تَخَلَّلَتْ رِدَّةٌ أَوْ إسْلَامٌ بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ) وَهُوَ «أَنَّ امْرَأَةً حَذَفَتْ أُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا» وَاسْمُ الْمَرْأَةِ الضَّارِبَةِ أُمُّ عَطِيَّةَ، وَقِيلَ أُمُّ عُطَيْفٍ وَاسْمُ الْمَضْرُوبَةِ مُلَيْكَةُ وَقَوْلُهُ خَذَفَتْ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ رَمَتْهَا بِحَجَرٍ صَغِيرٍ اهـ شَرْحُ م ر وَالرَّشِيدِيِّ وَعِ ش عَلَيْهِ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَتَحَمُّلُ الْعَاقِلَةِ الدِّيَةَ ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] لَكِنَّهُ خَصَّ مِنْ عُمُومِهَا ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ؛ لِأَنَّ الْقَاتِلَ لَوْ أُوخِذَ بِالدِّيَةِ لَأَوْشَكَ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى جَمِيعِ مَا لَهُ؛ لِأَنَّ تَتَابُعَ الْخَطَأِ مِنْهُ لَا يُؤْمَنُ، وَلَوْ تُرِكَ مِنْ غَيْرِ تَغْرِيمٍ لَأُهْدِرَ دَمُ الْمَقْتُولِ قُلْت يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ السِّرُّ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ أُفْرِدَ بِالتَّغْرِيمِ حَتَّى يُغْتَفَرَ لَآلَ الْأَمْرُ إلَى الْإِهْدَارِ بَعْدَ افْتِقَارِهِ فَجُعِلَ عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ فَقْرِ الْوَاحِدِ أَكْثَرُ مِنْ احْتِمَالِ فَقْرِ الْجَمَاعَةِ وَلِأَنَّهُ إذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ كَانَ تَحْذِيرُهُ مِنْ الْعَوْدِ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ مِنْ جَمَاعَتِهِ أَدْعَى إلَى الْقَبُولِ مِنْ تَحْذِيرِهِ نَفْسَهُ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا) الَّذِي تَقَدَّمَ وَقَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا أَيْ فَهُوَ حِكَايَةٌ لَهُ بِالْمَعْنَى لَا بِاللَّفْظِ اهـ ح ل وَفِيهِ أَنَّ الشَّارِحَ قَالَ لِمَا فِي رِوَايَةٍ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ فَلَعَلَّهُ اطَّلَعَ عَلَى رِوَايَةٍ بِهَذَا اللَّفْظِ الْمَذْكُورِ هُنَا اهـ. (قَوْلُهُ وَقُدِّمَ مِنْهُمْ أَقْرَبُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْعُصُوبَةِ فَقُدِّمَ الْأَقْرَبُ فِيهِ كَالْمِيرَاثِ وَوِلَايَةِ النِّكَاحِ اهـ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُفَارِقُ الْأَخْذُ مِنْ الْبَعِيدِ إذَا لَمْ يَفِ الْأَقْرَبُ بِالْوَاجِبِ الْإِرْثُ حَيْثُ يَجُوزُهُ الْأَقْرَبُ بِأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ لِمِيرَاثِ الْعَصَبَةِ بِخِلَافِ الْوَاجِبِ هُنَا فَإِنَّهُ مُقَدَّرٌ بِنِصْفِ دِينَارٍ أَوْ رُبْعِهِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ، وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ كَوْنَ الْبَعِيدِ مَحْجُوبًا بِالْأَقْرَبِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْأَخْذِ مِنْهُ إذَا لَمْ يَفِ الْأَقْرَبُ بِالْوَاجِبِ فَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ النَّاشِرِيِّ فِي إيضَاحِهِ.
(تَنْبِيهٌ)
كَمَا يُحْمَلُ الْجَانِي عِنْدَ الْعَقْلِ يُحْمَلُ عِنْدَ وُجُودِ الْعَصَبَةِ الْحَاجِبَةِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْمَضْرُوبُ عَلَيْهِ يَفِي بِثُلُثِ الدِّيَةِ كَمَا قَدْ عُرِفَ مِنْ نَظَائِرِهِ اهـ فَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ رَأَيْت م ر قَالَ إنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ الْأَبْعَدِ وَإِنْ كَانَ مَحْجُوبًا بِخِلَافِ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِي حَيَاةِ الْمُعْتِقِ، وَالْفَرْقُ ضَعْفُ السَّبَبِ عَنْ النَّسَبِ اهـ، ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِي حَيَاتِهِ قَالَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَفِي التَّصْحِيحِ نُسْخَتَانِ: إحْدَاهُمَا تُوَافِقُ هَذَا وَهِيَ الْمُعْتَمَدَةُ اهـ سم. (قَوْلُهُ فَأَقْرَبُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ إلَخْ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ الْوَاجِبُ مِنْ الدِّيَةِ) وَهُوَ نِصْفُ دِينَارٍ عَلَى الْغَنِيِّ وَرُبْعُهُ عَلَى الْمُتَوَسِّطِ ثُمَّ يَشْتَرِي بِالْمُجْتَمَعِ ثُلُثَ الدِّيَةِ إنْ وَفَّى، فَإِنْ لَمْ يُوفِ وَزَّعَ الْبَاقِيَ عَلَى مَنْ يَلِيهِ وَهَكَذَا إلَى أَنْ يَحْصُلَ مَا يَشْتَرِي بِهِ الثُّلُثَ اهـ. (قَوْلُهُ وَمُدْلٍ بِأَبَوَيْنِ) أَيْ عَلَى الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ التَّسْوِيَةُ؛ لِأَنَّ الْأُنُوثَةَ لَا دَخْلَ لَهَا فِي التَّحَمُّلِ وَرَدَ بِمَنْعِ ذَلِكَ بِدَلِيلِ أَنَّهَا مُرَجَّحَةٌ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ مَعَ أَنَّهَا لَا دَخْلَ لَهَا