فَمَاتَ مِنْهُ سِرَايَةً (أَوْ جَزَّهُ الْجَانِي قَبْلَ انْدِمَالٍ) مِنْ فِعْلِهِ وَاتَّحَدَ الْحَزُّ وَالْمُوجِبُ عَمْدًا أَوْ غَيْرُهُ مِنْ خَطَإٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ (فَدِيَةٌ) لِلنَّفْسِ وَيَدْخُلُ فِيهَا مَا عَدَاهَا مِنْ الْمُوجِبَاتِ لِأَنَّهُ صَارَ نَفْسًا وَدِيَةُ النَّفْسِ فِي صُورَةِ الْحَزِّ وَجَبَتْ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ بَدَلِ مَا عَدَا النَّفْسَ فَيَدْخُلُ فِيهَا بَدَلُهُ كَالسِّرَايَةِ وَقَوْلِي مِنْهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ سِرَايَةً لِإِفَادَتِهِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ مِنْ بَعْضِهِ بَعْدَ انْدِمَالِ الْبَعْضِ الْآخَرِ لَا يَدْخُلُ مُوجِبُهُ فِي الدِّيَةِ وَخَرَجَ بِمَا بَعْدَهُ مَا لَوْ حَزَّهُ غَيْرُ الْجَانِي أَوْ حَزَّهُ الْجَانِي لَكِنْ بَعْدَ الِانْدِمَالِ أَوْ قَبْلَهُ وَاخْتَلَفَ الْحَزُّ وَالْمُوجِبُ بِأَنْ حَزَّهُ عَمْدًا وَكَانَ الْمُوجِبُ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ عَكْسَهُ أَوْ حَزَّهُ خَطَأً وَكَانَ الْمُوجِبُ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ عَكْسَهُ فَلَا يَدْخُلُ مَا عَدَا النَّفْسَ فِيهَا لِاخْتِلَافِ الْفَاعِلِ فِي الْأُولَى وَالْحُكْمُ فِي الثَّالِثَةِ اسْتِقْرَارُ بَدَلِ مَا عَدَا النَّفْسَ قَبْلَ وُجُوبِ دِيَتِهَا فِي الثَّانِيَةِ.
(فَصْلٌ) فِي الْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَقْدِيرَ لِأَرْشِهَا وَالْجِنَايَةِ عَلَى الرَّقِيقِ (تَجِبُ حُكُومَةٌ فِيمَا) يُوجِبُ مَالًا مِمَّا (لَا مُقَدَّرَ فِيهِ) مِنْ الدِّيَةِ وَلَا تُعْرَفُ نِسْبَتُهُ مِنْ مُقَدَّرٍ فَإِنْ عُرِفَتْ نِسْبَتُهُ مِنْ مُقَدَّرٍ بِأَنْ كَانَ بِقُرْبِهِ مُوضِحَةٌ أَوْ جَائِفَةٌ وَجَبَ الْأَكْثَرُ مِنْ قِسْطِهِ وَحُكُومَةٍ كَمَا مَرَّ (وَهِيَ جُزْءُ نِسْبَتُهُ لِدِيَةِ نَفْسُ نِسْبَةِ مَا نَقَصَ) بِالْجِنَايَةِ (مِنْ قِيمَتِهِ) إلَيْهَا (بَعْدَ الْبُرْءِ بِفَرْضِهِ رَقِيقًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَمَاتَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ جَمِيعِهِ أَيْ جَمِيعِ مَا يُوجِبُ دِيَاتٍ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَعِبَارَتُهُ أَزَالَ طَرَفًا كَأُذُنَيْنِ وَيَدَيْنِ وَرِجْلَيْنِ وَلَطَائِفَ كَعَقْلٍ وَسَمْعٍ وَشَمٍّ فَمَاتَ سِرَايَةً مِنْ جَمِيعِهَا كَمَا بِأَصْلِهِ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ بِالْفَاءِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ فَدِيَةٌ وَخَرَجَ بِجَمِيعِهَا انْدِمَالُ بَعْضِهَا فَلَا يَدْخُلُ وَاجِبُهُ فِي دِيَةِ النَّفْسِ اهـ قَالَ الرَّشِيدِيُّ: قَوْلُهُ مِنْ جَمِيعِهَا يَعْنِي مَاتَ قَبْلَ انْدِمَالِ شَيْءٍ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ الْمَوْتُ إنَّمَا يُنْسَبُ لِبَعْضِهَا بِدَلِيلِ الْمَفْهُومِ الْآتِي وَصَرَّحَ بِهَذَا وَالِدُهُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ (قَوْلُهُ قَبْلَ انْدِمَالٍ مِنْ فِعْلِهِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى الِانْدِمَالُ فِي اللَّطَائِفِ وَكَذَا السِّرَايَةُ مِنْهَا اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ لِإِفَادَتِهِ) أَيْ تَعْبِيرِ الْمَتْنِ فَحِينَئِذٍ قَوْلُهُ فَمَاتَ مِنْهُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ انْدِمَالِ شَيْءٍ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِمَا بَعْدَهُ إلَخْ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ: مُقْتَضَى عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ بِسُقُوطٍ مِنْ سَطْحٍ مَثَلًا تَجِبُ الدِّيَاتُ كُلُّهَا لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمُعَوَّلَ فِي التَّدَاخُلِ عَلَى الْمَوْتِ بِالسِّرَايَةِ أَوْ الْحَزِّ قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اعْتِبَارِ التَّبَرُّعِ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ إذَا مَاتَ مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ مَاتَ مِنْ سَطْحٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ التَّبَرُّعَ صَدَرَ عَنْ الْخَوْفِ فَيَسْتَمِرُّ حُكْمُهُ قَالَ: وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ اهـ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا حَاجَةَ إلَى الْفَرْقِ لِأَنَّهُ كَمَا أَنَّهُ اسْتَمَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ حُكْمُ مَا وَقَعَ كَذَلِكَ فِي الْجِنَايَةِ لِأَنَّ تِلْكَ الْجِنَايَاتِ أَوْجَبَتْ دِيَاتٌ فَإِذَا لَمْ تَسْقُطْ فَقَدْ اسْتَمَرَّ حُكْمُهَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم (قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَهُ وَاخْتَلَفَ الْحَزُّ وَالْمُوجِبُ إلَخْ) ذَكَرَ فِي هَذَا الْمُحْتَرَزِ سِتَّ صُوَرٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَاخْتَلَفَ الْحَزُّ وَالْمُوجِبُ) بَقِيَ مَا إذَا اخْتَلَفَ الْحَزُّ وَمُوجِبُ الْبَعْضِ فِيمَا ذُكِرَ وَاتَّفَقَ مَعَ مُوجِبِ الْبَعْضِ الْآخَرِ فِيمَا ذَكَرَ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي دِيَةِ النَّفْسِ مَا اتَّفَقَ مُوجِبُهُ مَعَ الْحَزِّ فِيمَا ذُكِرَ دُونَ مَا اخْتَلَفَا اهـ سم.
[فَصْلٌ فِي الْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَقْدِيرَ لِأَرْشِهَا وَالْجِنَايَةِ عَلَى الرَّقِيقِ]
(فَصْلٌ فِي الْجِنَايَةِ إلَخْ) أَيْ فِي وَاجِبِ الْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَقْدِيرَ فِيهَا إلَخْ وَتَأْخِيرُ هَذَا الْفَصْلِ إلَى هُنَا أَوْلَى مِنْ تَقْدِيمِ الْغَزَالِيِّ لَهُ أَوَّلَ الْبَابِ اهـ شَرْحُ م ر وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ الْحُكُومَةَ يُعْتَبَرُ فِيهَا نِسْبَتُهَا إلَى دِيَةِ النَّفْسِ أَوْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَى عُضْوٍ فِيمَا لَهُ مُقَدَّرٌ وَذَلِكَ فَرْعُ مَعْرِفَةِ مَا لَهُ مُقَدَّرٌ وَمَا لَا مُقَدَّرَ لَهُ وَمَعْرِفَةِ مَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ تَجِبُ حُكُومَةٌ إلَخْ) سُمِّيَتْ حُكُومَةً لِتَوَقُّفِ اسْتِقْرَارِ أَمْرِهَا عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ أَوْ مُحَكَّمٍ بِشَرْطِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اجْتَهَدَ فِيهَا غَيْرُهُ لَمْ يَسْتَقِرَّ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا تَفْتَقِرُ إلَى فَرْضِ الْحُرِّ رَقِيقًا بِصِفَاتِهِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ ثُمَّ يُنْظَرُ لِمِقْدَارِ النَّقْصِ وَيُؤْخَذُ بِنِسْبَتِهِ إلَى الدِّيَةِ وَهَذَا إنَّمَا يَسْتَقِرُّ بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْمُقَوِّمِينَ وَقَوْلُهُ أَوْ مُحَكَّمٍ بِشَرْطِهِ وَهُوَ كَوْنُهُ مُجْتَهِدًا أَوْ فُقِدَ الْقَاضِي وَلَوْ قَاضِي ضَرُورَةً اهـ ع ش عَلَيْهِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ تَجِبُ الْحُكُومَةُ إلَخْ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى حَاكِمٍ أَوْ مُحَكَّمٍ حَتَّى لَوْ وَقَعَتْ بِاجْتِهَادِ غَيْرِهِمَا لَمْ تُعْتَبَرْ كَذَا قَالُوهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ بِعَدَمِ وُقُوعِهَا الْمَوْقِعَ لَوْ دَفَعَهَا الْجَانِي أَوْ أَخَذَهَا الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْهُ بِلَا حَاكِمٍ عَلَى أَنَّ فِي دُخُولِ الْحَاكِمِ فِيهَا نَظَرًا لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا النِّسْبَةُ الَّتِي مَرْجِعُهَا إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ لَا إلَى الْحَاكِمِ نَعَمْ تَوَقُّفُ مَا لَا نِسْبَةَ فِيهِ عَلَى الْحَاكِمِ ظَاهِرٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي نَحْوِ أُنْمُلَةٍ لَهَا طَرَفَانِ أَوْ إذَا لَمْ يُوجَدْ نَقْصٌ فَرَاجِعْهُ اهـ
(قَوْلُهُ فِيمَا لَا مُقَدَّرَ فِيهِ) مَا وَاقِعَةٌ عَلَى جُرْحٍ أَوْ نَحْوِهِ وَقَوْلُهُ مِمَّا لَا مُقَدَّرَ فِيهِ بَيَانٌ لِمَا ذَكَرَ أَفَادَهُ الرَّشِيدِيُّ وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فِيهِ تَعْلِيلِيَّةٌ كَمَا يُفِيدُهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فِيمَا يُوجِبُ مَالًا) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا يُوجِبُ تَعْزِيرًا كَإِزَالَةِ شَعْرٍ لَا جَمَالَ فِيهِ كَإِبْطٍ أَوْ عَانَةٍ أَوْ بِهِ جَمَالٌ وَلَمْ يَفْسُدْ مَنْبَتُهُ كَلِحْيَةٍ فَإِنْ أَفْسَدَهُ فَالْأَرْشُ لَا يُقَالُ: إزَالَةُ لِحْيَةِ الْمَرْأَةِ جَمَالٌ لَهَا فَيَقْتَضِي أَنْ لَا حُكُومَةَ لَهَا لِأَنَّا نَقُولُ لِحْيَةُ الْمَرْأَةِ تَكُونُ جَمَالًا فِي عَبْدٍ يَتَزَيَّنُ بِهَا فَجِنْسُ اللِّحْيَةِ فِي جَمَالٍ فَاعْتُبِرَ فِي لِحْيَةِ الْمَرْأَةِ بِخِلَافِ شَعْرِ الْإِبْطِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَكُونُ جَمَالًا أَصْلًا بَلْ الْجَمَالُ إزَالَتُهُ لِكُلِّ أَحَدٍ اهـ س ل مُلَخَّصًا وَلَا يَجِبُ فِي الشُّعُورِ قَوَدٌ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهَا اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ كَمَا مَرَّ أَيْ فِي قَوْلِهِ الْمَتْنِ وَفِي الشِّجَاجِ قَبْلَ مُوضِحَةٍ إنْ عُرِفَتْ نِسْبَتُهَا مِنْهَا الْأَكْثَرُ مِنْ حُكُومَةٍ وَقِسْطٌ مِنْ الْمُوضِحَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَهِيَ جُزْءٌ) أَيْ مِنْ عَيْنِ الدِّيَةِ وَإِنْ كَانَ التَّقْوِيمُ يَصِحُّ بِكُلٍّ مِنْ النَّقْدِ وَالْإِبِلِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ نِسْبَةَ مَا نَقَصَ) بِفَتْحِ التَّاءِ كَمَا ضَبَطَهُ بِالْقَلَمِ اهـ شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ بَعْدَ الْبُرْءِ) ظَرْفٌ لِقِيمَتِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى قِيمَتِهِ سَلِيمًا مِنْ الْجُرْحِ نَعَمْ التَّقْوِيمُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر إنَّمَا يَقُومُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِمَعْرِفَةِ الْحُكُومَةِ بَعْدَ الِانْدِمَالِ إذْ