[فصل في أركان القود في النفس]

(فَصْلٌ) فِي أَرْكَانِ الْقَوَدِ فِي النَّفْسِ (أَرْكَانُ الْقَوَدِ فِي النَّفْسِ) ثَلَاثَةٌ (قَتِيلٌ وَقَاتِلٌ وَقَتْلٌ وَشَرْطٌ فِيهِ مَا مَرَّ) مِنْ كَوْنِهِ عَمْدًا ظُلْمًا فَلَا قَوَدَ فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ وَغَيْرِ الظُّلْمِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ (وَفِي الْقَتِيلِ عِصْمَةٌ) بِإِيمَانٍ أَوْ أَمَانٍ كَعَقْدِ ذِمَّةٍ أَوْ عَهْدٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [التوبة: 29] الْآيَةَ وَقَوْلَهُ {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] الْآيَةَ وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ مِنْ الْفِعْلِ إلَى التَّلَفِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي (فَيُهْدَرُ حَرْبِيٌّ) وَلَوْ صَبِيًّا وَامْرَأَةً وَعَبْدًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] (وَمُرْتَدٌّ) فِي حَقِّ مَعْصُومٍ لِخَبَرِ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» (كَزَانٍ مُحْصَنٍ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ) مَعْصُومٌ لِاسْتِيفَائِهِ حَدَّ اللَّهِ تَعَالَى سَوَاءٌ أَثَبَتَ زِنَاهُ بِإِقْرَارِهِ أَمْ بِبَيِّنَةٍ (وَمَنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ لِقَاتِلِهِ) لِاسْتِيفَائِهِ حَقَّهُ (وَ) شَرْطٌ (فِي الْقَاتِلِ) أَمْرَانِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الْقَوَدِ فِي النَّفْسِ]

(فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الْقَوَدِ) أَيْ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ تَدَاعَيَا مَجْهُولًا إلَى آخِرِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ) أَيْ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الظُّلْمُ مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ بِإِيمَانٍ أَوْ أَمَانٍ) كَتَبَ شَيْخُنَا فِي هَامِشِ الْمَحَلِّيِّ أَنَّ الْعِصْمَةَ مَحْصُورَةٌ فِي هَذَيْنِ وَلَا يَرِدُ ضَرْبُ الرِّقِّ عَلَى الْأَسِيرِ الْوَثَنِيِّ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الثَّانِي ثُمَّ كَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ إنَّ الْمُرْتَدَّ يُقْتَلُ بِالْمُرْتَدِّ مَا نَصُّهُ فَتَكُونُ عِصْمَتُهُ بِالنَّظَرِ إلَى إسْلَامِهِ السَّابِقِ فَلَا يَقْدَحُ فِي قَصْرِ الْعِصْمَةِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْأَمَانِ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ جَعْلَ إسْلَامِهِ السَّابِقِ عَاصِمًا لَهُ لَيْسَ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ لَمْ يَعْصِمْهُ عَلَى نَحْوِ الذِّمِّيِّ تَأَمَّلْ اهـ سم (قَوْلُهُ أَوْ أَمَانٍ) وَمِنْهُ ضَرْبُ الرِّقِّ عَلَى الْأَسِيرِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَالًا لِلْمُسْلِمِينَ وَهُوَ فِي أَمَانِنَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [التوبة: 29] إلَخْ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى قَوْلِهِ كَعَقْدِ ذِمَّةٍ أَوْ عَهْدٍ أَيْ عَلَى أَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ أَيْ الْجِزْيَةِ يَنْفِي الْإِهْدَارَ وَيُحَصِّلُ الْعِصْمَةَ وَعَلَى أَنَّ الْعَهْدَ أَيْ الْأَمَانَ كَذَلِكَ فَاسْتَدَلَّ عَلَى الْأَوَّلِ بِالْآيَةِ الْأُولَى وَعَلَى الثَّانِي بِالثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ) أَيْ بَيَانُ اعْتِبَارِهَا مِنْ الْفِعْلِ إلَى التَّلَفِ أَيْ الزَّهُوقِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي أَيْ فِي قَوْلِهِ فَصْلٌ جَرَحَ عَبْدَهُ إلَخْ إذْ يُعْلَمُ مِنْ تَفَارِيعِ هَذَا الْفَصْلِ الْآتِي أَنَّ عِصْمَةَ الْقَتْلِ يُعْتَبَرُ امْتِدَادُهَا مِنْ حِينِ الشُّرُوعِ فِي الْفِعْلِ إلَى الزَّهُوقِ

وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الشَّارِحِ الْإِشَارَةَ إلَى قَوْلِهِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي، وَيُعْتَبَرُ فِي الْقَوَدِ وَالْكَفَاءَةِ مِنْ الْفِعْلِ إلَى الِانْتِهَاءِ كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُهُمْ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالِانْتِهَاءِ هُنَاكَ انْتِهَاءُ الْفِعْلِ لَا انْتِهَاءُ الزَّهُوقِ كَمَا بَيَّنَهُ الْحَوَاشِي هُنَاكَ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ هُنَا أَوْ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ وَلَوْ قَبْلَ مَوْتِ الْجَرِيحِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْعِصْمَةِ فِي الْقَتِيلِ امْتِدَادُهَا مِنْ أَوَّلِ الْفِعْلِ إلَى الزَّهُوقِ وَفِي الْمُكَافَأَةِ امْتِدَادُهَا مِنْ أَوَّلِ الْفِعْلِ إلَى انْتِهَائِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] أَيْ وَكُلٌّ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ مِنْهُمْ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَمُرْتَدٌّ فِي حَقِّ مَعْصُومٍ) خَرَجَ بِالْمُرْتَدِّ الزَّانِي الْمُحْصَنُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ إذَا قَتَلَهُمْ غَيْرُ مَعْصُومٍ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِمْ، وَقَوْلُهُ فِي حَقِّ مَعْصُومٍ أَمَّا فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَعْصُومِ فَلَا يُهْدَرُ فَيُقْتَلُ بِمُرْتَدٍّ مِثْلُهُ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ وَتَارِكَ الصَّلَاةِ وَقَاطِعَ الطَّرِيقِ الْمُتَحَتِّمَ قَتْلُهُ إذَا قَتَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْمُرْتَدَّ يُقْتَلُ بِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الْمُسْلِمَ وَلَوْ مُهْدَرًا لَا يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ فِي حَقِّ مَعْصُومٍ) وَفَارَقَ الْحَرْبِيَّ حَيْثُ هُدِرَ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ مَعْصُومٍ بِأَنَّهُ أَيْ الْمُرْتَدَّ مُلْتَزِمٌ لِلْأَحْكَامِ فَعُصِمَ عَلَى مِثْلِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْحَرْبِيُّ فَإِنَّهُ يُهْدَرُ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ الْمَعْصُومِ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ فِي حَقِّ مَعْصُومٍ) أَيْ بِإِيمَانٍ أَوْ أَمَانٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْصُومًا مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَلَوْ ذِمِّيًّا اهـ ح ل (قَوْلُهُ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ مَعْصُومٌ) أَيْ لَيْسَ زَانِيًا مُحْصَنًا، وَإِلَّا فَلَا يُهْدِرُ؛ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ لِاسْتِيفَائِهِ حَدَّ اللَّهِ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ قَتْلِهِ بِهِ إذَا قَصَدَ بِقَتْلِهِ اسْتِيفَاءَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ عَدَمَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صَرَفَ فِعْلَهُ عَنْ الْوَاجِبِ، وَيُحْتَمَلُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ دَمَهُ لَمَّا كَانَ مُهْدَرًا لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الصَّارِفُ اهـ ز ي وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى حَقَّ اللَّهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَيْ حَصَلَ بِفِعْلِهِ اسْتِيفَاءُ حَقِّ اللَّهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ هُوَ الِاسْتِيفَاءَ بَلْ وَلَوْ قَصَدَ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَثَبَتَ زِنَاهُ بِإِقْرَارِهِ أَمْ بِبَيِّنَةٍ) وَلَوْ رَآهُ يَزْنِي وَعَلِمَ إحْصَانَهُ فَقَتَلَهُ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ قَطْعًا اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَعَلِمَ إحْصَانَهُ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَلِمَ إحْصَانَهُ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَقَتَلَهُ، وَقَالَ إنَّمَا قَتَلْته لِأَنِّي رَأَيْته يَزْنِي وَهُوَ مُحْصَنٌ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ بَلْ يُقْتَصُّ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَثَبَتَ زِنَاهُ بِإِقْرَارِهِ إلَخْ) وَلَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِرُجُوعِهِ عَنْ الْإِقْرَارِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ لِلشُّبْهَةِ بِسَبَبِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي رُجُوعِهِ وَسُقُوطِ الْحَدِّ بِرُجُوعِهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَمَنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ لِقَاتِلِهِ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَمَنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ كَغَيْرِهِ فِي الْعِصْمَةِ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ فَيُقْتَلُ قَاتِلُهُ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ الْمُتَحَتِّمُ قَتْلُهُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَنَحْوُهُمَا مُهْدَرُونَ إلَّا عَلَى مِثْلِهِمْ ثُمَّ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ كُلِّ مُهْدَرٍ كَتَارِكِ صَلَاةٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ بِشَرْطِهِ بِالزَّانِي الْمُحْصَنِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُهْدَرَ مَعْصُومٌ عَلَى مِثْلِهِ فِي الْإِهْدَارِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي سَبَبِهِ، وَيَدُ السَّارِقِ مُهْدَرَةٌ إلَّا عَلَى مِثْلِهِ سَوَاءٌ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ وَغَيْرُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَمَنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ لِقَاتِلِهِ) نَعَمْ مَنْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُقْتَلُ قِصَاصًا، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُ الْمُسْتَحِقِّ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ إلَّا إنْ كَانَ مِثْلَهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الصَّحِيحِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015