قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ (وَ) حَرُمَ (فِي غَيْرِهَا تَمَتُّعٌ) بِوَطْءٍ كَمَا فِي الْمَسْبِيَّةِ وَبِغَيْرِهِ قِيَاسًا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا حَلَّ فِي الْمَسْبِيَّةِ؛ لِأَنَّ غَايَتَهَا أَنْ تَكُونَ مُسْتَوْلَدَةَ حَرْبِيٍّ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ أَيْ فَلَا يَحْرُمُ التَّمَتُّعُ، وَإِنَّمَا حَرُمَ الْوَطْءُ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَصِيَانَةً لِمَائِهِ عَنْ اخْتِلَاطِهِ بِمَاءِ الْحَرْبِيِّ لَا لِحُرْمَةِ مَاءِ الْحَرْبِيِّ وَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ حُرْمَةِ التَّمَتُّعِ بِهَا بِغَيْرِ الْوَطْءِ جَوَابُهُ قَوْلُهُ: إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي، وَقَدْ صَحَّ فِي حِلِّ الْحَدِيثِ حَيْثُ دَلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَيْهِ بَلْ وَدَلَّ أَيْضًا عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ السُّكُوتِيُّ الْمَأْخُوذُ مِنْ قِصَّةِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ (وَتُصَدَّقُ) الْمَمْلُوكَةُ بِلَا يَمِينٍ (فِي قَوْلِهَا حِضْت) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا غَالِبًا فَلِلسَّيِّدِ وَطْؤُهَا بَعْدَ طُهْرِهَا وَإِنَّمَا لَمْ تُحَلَّفْ؛ لِأَنَّهَا لَوْ نَكَلَتْ لَمْ يَقْدِرْ السَّيِّدُ عَلَى الْحَلِفِ (وَلَوْ مَنَعَتْهُ الْوَطْءَ فَقَالَ) لَهَا (أَخْبَرْتنِي بِالِاسْتِبْرَاءِ حَلَفَ) فَلَهُ بَعْدَ حَلِفِهِ وَطْؤُهَا بَعْدَ طُهْرِهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ مُفَوَّضٌ إلَى أَمَانَتِهِ وَلِهَذَا لَا يُحَالُ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَنْ وُطِئَتْ زَوْجَتُهُ بِشُبْهَةٍ يُحَالُ بَيْنَهُمَا فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ نَعَمْ عَلَيْهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ تَمْكِينِهِ إذَا تَحَقَّقَتْ بَقَاءَ شَيْءٍ مِنْ زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنْ أَبَحْنَاهَا لَهُ فِي الظَّاهِرِ وَذِكْرُ التَّحَالُفِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَلَا تَصِيرُ) الْأَمَةُ (فِرَاشًا) لِسَيِّدِهَا (إلَّا بِوَطْءٍ) وَيُعْلَمُ بِإِقْرَارِهِ بِهِ أَوْ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ إدْخَالُ الْمَنِيِّ (فَإِذَا وَلَدَتْ لِلْإِمْكَانِ مِنْهُ لَحِقَهُ، وَإِنْ) لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ أَوْ (قَالَ عَزَلْت) ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُهُ إلَى الرَّحِمِ، وَهُوَ لَا يُحِسُّ بِهِ، وَهَذَا فَائِدَةُ كَوْنِهَا فِرَاشًا بِمَا ذُكِرَ فَلَا تَصِيرُ فِرَاشًا بِغَيْرِهِ كَالْمِلْكِ وَالْخَلْوَةِ، وَلَا يَلْحَقُهُ وَلَدُهَا، وَإِنْ خَلَا بِهَا بِخِلَافِ الزَّوْجِ فَإِنَّهَا تَكُونُ فِرَاشًا بِمُجَرَّدِ الْخَلْوَةِ بِهَا حَتَّى إذَا وَلَدَتْ لِلْإِمْكَانِ مِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا لَحِقَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِالْوَطْءِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ مَقْصُودَ النِّكَاحِ التَّمَتُّعُ وَالْوَلَدُ فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِالْإِمْكَانِ مِنْ الْخَلْوَةِ، وَمِلْكُ الْيَمِينِ قَدْ يُقْصَدُ بِهِ التِّجَارَةُ وَالِاسْتِخْدَامُ فَلَا يُكْتَفَى فِيهِ إلَّا بِإِمْكَانٍ مِنْ الْوَطْءِ (لَا إنْ نَفَاهُ وَادَّعَى اسْتِبْرَاءً) بَعْدَ الْوَطْءِ بِحَيْضَةٍ مَثَلًا بِقَيْدَيْنِ زِدْتهمَا بِقَوْلِي (وَحَلَفَ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) فَأَكْثَرَ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ فَلَا يَلْحَقُهُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ الَّذِي هُوَ الْمَنَاطُ عَارَضَهُ دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ فَبَقِيَ مَحْضُ الْإِمْكَانِ وَلَا تَعْوِيلَ عَلَيْهِ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِي غَيْرِهَا تَمَتُّعٌ) أَيْ وَلَوْ بِنَحْوِ نَظَرٍ بِشَهْوَةٍ وَمَسٍّ نَعَمْ الْخَلْوَةُ بِهَا جَائِزَةٌ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهَا تَمَتُّعٌ) دَخَلَ فِي غَيْرِ الْمَسْبِيَّةِ الْحَامِلُ مِنْ الزِّنَا فَيَحْرُمُ التَّمَتُّعُ بِهَا خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَمِثْلُهَا الصَّبِيَّةُ وَالْمُشْتَرَاةُ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ يَسْتَحِيلُ ظُهُورُهَا مُسْتَوْلَدَةً لِأَحَدٍ اعْتِبَارًا بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ اهـ حَجّ سم (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ) أَيْ مِلْكَ الْيَمِينِ بِخِلَافِ الْمُسْتَوْلَدَةِ مِنْ غَيْرِ الْحَرْبِيِّ فَإِنَّهَا لَا تُمْلَكُ (قَوْلُهُ: وَصِيَانَةً لِمَائِهِ إلَخْ) هَذَا يُوَضِّحُ إلْحَاقَ صَاحِبِ الِاسْتِقْصَاءِ الْمُشْتَرَاةَ مِنْ الْحَرْبِيِّ بِالْمَسْبِيَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ اعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَوَاضِحٌ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا انْتَقَلَتْ إلَيْهِ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَنَحْوِهِ، وَالْعَهْدُ قَرِيبٌ، وَإِلَّا حَرُمَ التَّمَتُّعُ أَيْضًا وَأَنَّ ذَلِكَ يَجْرِي فِي الْمَسْبِيَّةِ اهـ حَجّ اهـ سم (قَوْلُهُ: الْإِجْمَاعُ السُّكُوتِيُّ) فِيهِ أَنَّ وَاقِعَةَ ابْنِ عُمَرَ كَانَتْ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمِنْ شُرُوطِ الْإِجْمَاعِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ فَكَيْفَ اسْتَدَلَّ بِهِ الشَّارِحُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَأَمَّلْ.
وَقَالَ ح ل هَذَا لَا يَأْتِي إلَّا عَلَى جَوَازِ اجْتِهَادِ الصَّحَابِيِّ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ بِحُرُوفِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ: الْإِجْمَاعُ السُّكُوتِيُّ فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَعِبَارَةُ ابْنِ السُّبْكِيّ الْكِتَابُ الثَّالِثُ فِي الْإِجْمَاعِ، وَهُوَ اتِّفَاقُ مُجْتَهِدِي الْأُمَّةِ بَعْدَ وَفَاةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَصْرٍ عَلَى أَيِّ أَمْرٍ كَانَ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَنَعَتْهُ الْوَطْءَ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ لَهَا: حِضْت فَأَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَرِثَ أَمَةً فَادَّعَتْ حُرْمَتَهَا عَلَيْهِ بِوَطْءِ مُورَثِهِ فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَا يُحَالُ بَيْنَهُمَا) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا تَزَالُ يَدُ السَّيِّدِ عَنْ أَمَتِهِ الْمُسْتَبْرَأَةِ مُدَّةَ الِاسْتِبْرَاءِ وَإِنْ كَانَتْ حَسْنَاءَ اهـ زَادَ فِي الْعُبَابِ وَلَهُ الْخَلْوَةُ بِهَا وَيَتَّجِهُ تَقْيِيدُهُ بِأَمْنِ وَطْئِهَا اهـ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ حِلُّ الْخَلْوَةِ بِالْمُسْتَبْرَأَةِ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يُحَالَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ، وَإِنْ كَانَتْ حَسْنَاءَ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ اهـ سم هَذَا وَفِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ كَذَا أَطْلَقُوهُ أَيْ عَدَمَ الْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ فِيمَا لَوْ كَانَ السَّيِّدُ مَشْهُورًا بِالزِّنَا وَعَدَمِ الْمَسْكَةِ وَهِيَ جَمِيلَةٌ اهـ قَالَ ع ش عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ مُعْتَدٍ أَيْ فَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا اهـ شَيْخُنَا الْحِفْنِيُّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ عَلَيْهَا الِامْتِنَاعُ) أَيْ وَلَوْ بِقَتْلِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالصَّائِلِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: إلَّا بِوَطْءٍ) أَيْ فِي قُبُلِهَا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ لَا يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ فِي الْأَمَةِ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ أَيْ الزَّوْجَةِ وَلَوْ أَمَةً وَلَعَلَّ مَا فِي كَلَامِ شَيْخِنَا فِي بَابِ الْعِدَدِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْحُرَّةِ حَرِّرْ، وَهَذَا مَا جَمَعَ بِهِ بَيْنَ تَنَاقُضٍ وَقَعَ لِلشَّيْخَيْنِ فَقَدْ صَحَّحَا هُنَا عَدَمَ اللُّحُوقِ، وَفِي النِّكَاحِ اللُّحُوقَ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ اللُّحُوقِ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ لِلْأَمَةِ الْمَمْلُوكَةِ، وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ الْوَاقِعِ فِي الدُّبُرِ اهـ ح ل وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ لَا يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ مُطْلَقًا أَيْ فِي الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر هُنَا وَفِي اللِّعَانِ اهـ شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ الْخَلْوَةِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ تَصِيرُ فِرَاشًا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِ بِهَا لَكِنَّهُ أَمْكَنَ اخْتِلَاؤُهُ بِهَا، وَقَوْلُهُ: لِلْإِمْكَانِ مِنْ الْخَلْوَةِ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: لِلْإِمْكَانِ مِنْ إمْكَانِ الْخَلْوَةِ بِهَا (قَوْلُهُ: لَا إنْ نَفَاهُ وَادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ إلَخْ) وَجَمَعَ الْمَتْنُ بَيْنَ نَفْيِ الْوَلَدِ وَدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ تَصْوِيرًا وَقَيَّدَ لِلْخِلَافِ فَفِي الرَّوْضَةِ: لَهُ نَفْيُهُ بِالْيَمِينِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الِاسْتِبْرَاءَ فَإِنْ نَكَلَ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا تَوَقُّفُ اللُّحُوقِ