أَوْ وَطِئَ) فِي فَرْجٍ (وَلَوْ فِي دُبُرٍ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ دُخُولُ مَنِيٍّ وَلَا وَطْءٌ وَلَوْ بَعْدَ خَلْوَةٍ قَالَ تَعَالَى {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ} [الأحزاب: 49] ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ بِدُخُولِ مَنِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَطْءِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعُلُوقِ مِنْ مُجَرَّدِ الْوَطْءِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي الْمُحْتَرَمَ غَيْرُهُ بِأَنْ يُنْزِلَ الزَّوْجُ مَنِيَّهُ بِزِنًا فَتُدْخِلَهُ الزَّوْجَةُ فَرْجَهَا (أَوْ تَيَقُّنِ بَرَاءَةِ رَحِمٍ) كَمَا فِي صَغِيرٍ أَوْ صَغِيرَةٍ فَإِنَّ الْعِدَّةَ تَجِبُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ؛ وَلِأَنَّ الْإِنْزَالَ الَّذِي بِهِ الْعُلُوقُ خَفِيٌّ يَعْسُرُ تَتَبُّعُهُ فَأَعْرَضَ الشَّرْعُ عَنْهُ وَاكْتَفَى بِسَبَبِهِ وَهُوَ الْوَطْءُ أَوْ إدْخَالُ الْمَنِيِّ كَمَا اكْتَفَى فِي التَّرَخُّصِ بِالسَّفَرِ، وَأَعْرَضَ عَنْ الْمَشَقَّةِ (فَعِدَّةُ حُرَّةٍ تَحِيضُ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ) وَلَوْ جَلَبَتْ الْحَيْضَ فِيهَا بِدَوَاءٍ قَالَ تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] (وَلَوْ مُسْتَحَاضَةً) غَيْرَ مُتَحَيِّرَةٍ فَتَعْتَدُّ بِأَقْرَائِهَا الْمَرْدُودَةِ هِيَ إلَيْهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ بِعَدَمِ الْإِنْزَالِ وَقَوْلُ الْأَطِبَّاءِ الْهَوَاءُ يُفْسِدُهُ فَلَا يَتَأَتَّى مِنْهُ وَلَدٌ ظَنٌّ لَا يُنَافِي الْإِمْكَانَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ مَتَى حَمَلَتْ مِنْهُ تَبَيَّنَّا عَدَمَ تَأْثِيرِ الْهَوَاءِ فِيهِ لَمْ يَبْعُدْ، وَمِنْ ثَمَّ لَحِقَ بِهِ النَّسَبُ أَيْضًا. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: مَنِيُّهُ الْمُحْتَرَمُ) الْعِبْرَةُ فِي الِاحْتِرَامِ بِحَالِ خُرُوجِهِ فَقَطْ حَتَّى إذَا خَرَجَ مِنْهُ مَنِيٌّ بِوَجْهٍ مُحْتَرَمٍ كَمَا إذَا عَلَا عَلَى زَوْجَتِهِ فَأَخَذَتْهُ أَجْنَبِيَّةٌ عَالِمَةٌ بِأَنَّهُ مَنِيُّ أَجْنَبِيٍّ وَاسْتَدْخَلَتْهُ فَهُوَ مَنِيٌّ مُحْتَرَمٌ تَجِبُ بِهِ الْعِدَّةُ وَالْوَلَدُ مِنْهُ حُرٌّ نَسِيبٌ وَلَوْ سَاحَقَتْ امْرَأَتُهُ الَّتِي نَزَلَ فِيهَا مَاؤُهُ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً فَخَرَجَ مَاؤُهُ مِنْهَا وَنَزَلَ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ فَهُوَ مُحْتَرَمٌ، وَالْوَلَدُ لْمُنْعَقِدُ مِنْهُ وَلَدُهُ، وَلَوْ اسْتَنْجَى بِحَجَرٍ فَخَرَجَ مِنْهُ مَنِيٌّ عَلَى الْحَجَرِ فَأَخَذَتْهُ امْرَأَةٌ عَمْدًا وَاسْتَنْجَتْ بِهِ فَدَخَلَ مَا عَلَيْهِ فَرْجَهَا فَهُوَ مُحْتَرَمٌ. اهـ م ر.
(فَرْعٌ) مُجَرَّدُ إمْكَانِ دُخُولِ الْمَاءِ لَا عِبْرَةَ بِهِ فَلَا تَجِبُ بِهِ الْعِدَّةُ وَلَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ إنْ كَانَ كَمَا لَوْ مَضَى مِنْ الْعَقْدِ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا إرْسَالُ الْمَاءِ إلَى الزَّوْجَةِ وَاسْتِدْخَالُهَا لَهُ لَكِنْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ بِهَا لِكَوْنِهِ عِنْدَنَا جَمِيعَ تِلْكَ الْمُدَّةِ. اهـ م ر. اهـ سم. (قَوْلُهُ: أَوْ وَطِئَ وَلَوْ فِي دُبُرٍ) وَلَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ ظَانًّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بِلَا إشْكَالٍ بَلْ لَوْ اسْتَدْخَلَتْ هَذَا الْمَاءَ زَوْجَةٌ أُخْرَى وَجَبَتْ الْعِدَّةُ أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ سم وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ يَطَأَهَا يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً، وَأَنَّ وَطْأَهُ إيَّاهَا زِنًا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَلَمْ يَتَّفِقْ لَهُ وَطْؤُهَا سِوَى ذَلِكَ فَتَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ بِطَلَاقِهِ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْوَطْءِ بِقَصْدِ الزِّنَا حَتَّى يُقَالَ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا لِكَوْنِهَا مُطَلَّقَةً قَبْلَ الدُّخُولِ وَوَطْءُ الزِّنَا لَا يُوجِبُ عِدَّةً اعْتِبَارًا بِكَوْنِ الْمَوْطُوءَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ زَوْجَةً، وَمَا تَخَيَّلَهُ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَنْ وَطِئَ بِذَلِكَ الظَّنِّ وَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ مَعَ بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ وَحَرُمَ عَلَى زَوْجِهَا وَطْؤُهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَهُوَ مِمَّا لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ نُظِرَ إلَى كَوْنِ الْوَطْءِ بِاسْمِ الزِّنَا فَالزِّنَا لَا حُرْمَةَ لَهُ، وَإِنْ نُظِرَ إلَى كَوْنِهَا زَوْجَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَمْ يَكُنْ وَطْؤُهُ مُوجِبًا لِلْعِدَّةِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ. اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي دُبُرٍ) غَايَةٌ فِي الْوَطْءِ، وَإِدْخَالِ الْمَنِيِّ، الْمُرَادُ بِالْمُحْتَرَمِ مَا خَرَجَ عَلَى وَجْهِ الْحِلِّ، وَإِنْ اسْتَدْخَلَتْهُ عَلَى وَجْهِ الزِّنَا. اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ خَلْوَةٍ) وَعَلَيْهِ لَوْ اخْتَلَى بِهَا ثُمَّ طَلَبَهَا فَادَّعَتْ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْ لِتَتَزَوَّجَ حَالًا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُنْكِرَ الْجِمَاعِ هُوَ الْمُصَدَّقُ وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ الْوَطْءَ، وَلَوْ ادَّعَى هُوَ عَدَمَ الْوَطْءِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِ إلَّا نِصْفُ الْمَهْرِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَيَنْبَغِي فِي هَذِهِ وُجُوبُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا لِاعْتِرَافِهَا بِالْوَطْءِ وَتَقَدَّمَ قُبَيْلَ الْإِيلَاءِ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ، وَإِذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ دُونَ ثَلَاثٍ وَقَالَ وَطِئْتُ فَلِي الرَّجْعَةُ، وَأَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا. اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: قَالَ تَعَالَى ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ إلَخْ) اسْتَدَلَّ بِمَنْطُوقِ الْآيَةِ عَلَى الْمَفْهُومِ وَبِمَفْهُومِهَا عَلَى الْمَنْطُوقِ مَعَ قِيَاسِ الِاسْتِدْخَالِ عَلَى الْوَطْءِ فِيهِمَا وَلَمْ يَسْتَدِلَّ عَلَى وَطْءِ الشُّبْهَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَجَبَتْ بِدُخُولِ مَنِيِّهِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ مُقْتَضَى الْآيَةِ أَنَّهُ لَا عِدَّةَ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْوَطْءِ، وَإِنْ وُجِدَ الِاسْتِدْخَالُ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي الْمُحْتَرَمَ غَيْرُهُ إلَخْ) أَيْ فَلَا عِدَّةَ وَلَا نَسَبَ يَلْحَقُ بِهِ وَلَوْ اسْتَمْنَى بِيَدِ مَنْ يَرَى حُرْمَتَهُ فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ احْتِرَامِهِ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ تَيَقَّنَ بَرَاءَةَ رَحِمٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْغَايَةِ فَهُوَ غَايَةٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْضًا. اهـ شَيْخُنَا وَانْظُرْ هَلْ يَصْلُحُ رُجُوعُهُ لِوَطْءِ الشُّبْهَةِ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا الْمَذْكُورَ أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَيْهِ أَيْضًا اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي صَغِيرٍ) أَيْ وَطِئَ أَوْ صَغِيرَةٍ أَيْ وُطِئَتْ أَوْ اسْتَدْخَلَتْ الْمَاءَ أَيْ وَقَدْ تَهَيَّأَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْوَطْءِ فَابْنُ سَنَةٍ لَا يُعْتَدُّ بِوَطْئِهِ، وَكَذَا صَغِيرَةٌ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ. اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَاكْتَفَى بِسَبَبِهِ) أَيْ الْإِنْزَالِ، وَكَوْنُ الْوَطْءِ سَبَبًا لِلْإِنْزَالِ الْمَذْكُورِ صَحِيحٌ، وَأَمَّا كَوْنُ إدْخَالِ الْمَنِيِّ سَبَبًا لِلْإِنْزَالِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْإِدْخَالَ سَبَبٌ لِلْعُلُوقِ لَا لِلْإِنْزَالِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ إدْخَالِ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى بِسَبَبِهِ. اهـ شَيْخُنَا. وَهَذَا كُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي عَنْهُ رَاجِعٌ لِلْإِنْزَالِ وَيُمْكِنُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْعُلُوقِ وَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي سَبَبِهِ كَذَلِكَ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَطْءِ، وَإِدْخَالِ الْمَنِيِّ سَبَبٌ لِلْعُلُوقِ فَحِينَئِذٍ يَصِحُّ رَفْعُ الْمَعْطُوفِ بَلْ هُوَ الْأَظْهَرُ فِي الْعِبَارَةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: كَمَا اكْتَفَى إلَخْ) كَانَ قِيَاسُ الِاكْتِفَاءِ بِاسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ الِاكْتِفَاءَ بِحُصُولِ الْمَشَقَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ السَّفَرُ. اهـ ح ل تَجِبُ عِدَّةٌ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ بِفُرْقَةِ زَوْجٍ حَيٍّ. (قَوْلُهُ: فَعِدَّةُ حُرَّةٍ) أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَتَّى لَوْ وَطِئَهَا يَظُنُّهَا أَمَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ فَإِنَّ ظَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ بَلْ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِغَيْرِهِ وَوَطِئَهَا شَخْصٌ بِشُبْهَةٍ ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ تَبَعًا لِظَنِّهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَنَّهُ الْحُرِّيَّةَ يُؤَثِّرُ وَظَنَّهُ الرِّقَّ لَا يُؤَثِّرُ هَذَا مَا فِي شَرْحِ م ر.
ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ