كَنَذْرٍ فَلَا يَكْفِي الْإِعْتَاقُ أَوْ الصَّوْمُ أَوْ الْكِسْوَةُ أَوْ الْإِطْعَامُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَيْرُهَا. وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ اقْتِرَانُهَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَلْ يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ بَلْ صَوَّبَهُ وَقَالَ: إنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ لَكِنَّهُ صَحَّحَ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ هُنَا أَنَّهُ يَجِبُ اقْتِرَانُهَا بِهِ فِي غَيْرِ الصَّوْمِ، وَإِذَا قَدَّمَهَا وَجَبَ قَرْنُهَا بِعَزْلِ الْمَالِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ، وَعُلِمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَعْيِينُهَا بِأَنْ يُقَيَّدَ بِظِهَارٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَتَا قَتْلٍ وَظِهَارٍ، وَأَعْتَقَ أَوْ صَامَ بِنِيَّةِ كَفَّارَةٍ وَقَعَ عَنْ إحْدَاهُمَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ تَعْيِينُهَا فِي النِّيَّةِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا فِي مُعْظَمِ خِصَالِهَا نَازِعَةٌ إلَى الْغَرَامَاتِ فَاكْتُفِيَ فِيهَا بِأَصْلِ النِّيَّةِ فَإِنْ عَيَّنَ فِيهَا، وَأَخْطَأَ كَأَنْ نَوَى كَفَّارَةَ قَتْلٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةُ ظِهَارٍ لَمْ تُجْزِهِ، وَالْكَافِرُ كَالْمُسْلِمِ فِي الْإِعْتَاقِ وَالْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ إلَّا أَنَّ نِيَّتَهُ لِلتَّمْيِيزِ لَا لِلتَّقَرُّبِ وَيُمْكِنُ مِلْكُهُ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً كَأَنْ يُسْلِمَ عَبْدُهُ أَوْ عَبْدُ مَوْرُوثِهِ فَيَمْلِكَهُ أَوْ يَقُولَ لِمُسْلِمٍ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنْ كَفَّارَتِي فَيُجِيبُهُ، وَأَمَّا الصَّوْمُ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ لِتَمَحُّضِهِ قُرْبَةً وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَى الْإِطْعَامِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ، وَإِذَا لَمْ يَمْلِكْ وَهُوَ مُظَاهِرٌ مُوسِرٌ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْءٌ لِذَلِكَ فَيَتْرُكُهُ أَوْ يُقَالُ لَهُ أَسْلِمْ ثُمَّ أَعْتِقْ وَعُلِمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ نِيَّةُ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فَرْضًا.
(وَهِيَ) أَيْ الْكَفَّارَةُ (مُخَيَّرَةٌ فِي يَمِينٍ وَسَيَأْتِي) فِي الْأَيْمَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَبِذَلِكَ عُلِمَ إلَخْ) أَيْ بِالِاقْتِصَارِ فِي تَصْوِيرِ النِّيَّةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَقَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِنْ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الْعِتْقُ وَغَيْرُهُ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَعْيِينُهَا وَلَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ فَحَاصِلُ مَا اسْتَنْتَجَهُ مِنْ تَصْوِيرِ النِّيَّةِ ثَلَاثُ أُمُورٍ لَا تَجِبُ. اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَبِذَلِكَ عُلِمَ إلَخْ) أَيْ بِهَذَا التَّصْوِيرِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ بِأَنْ يَنْوِيَ الْإِعْتَاقَ مَثَلًا عِنْدَ الْإِخْرَاجِ. اهـ ح ل وَقَوْلُهُ: بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِنْ الْإِعْتَاقِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بَلْ لَهُ أَنْ يَقْصِدَ عِتْقَ هَذَا الْعَبْدِ عَنْ الْكَفَّارَةِ ثُمَّ يُعْتِقُهُ بَعْدَ سَنَةٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهَا، وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ عِنْدَ الْإِعْتَاقِ أَنَّهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ) أَيْ النَّوَوِيَّ صَحَّحَ أَيْ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَوْلُهُ: هُنَا، أَيْ فِي كِتَابِ الْكَفَّارَةِ، وَأَمَّا فِي الْمِنْهَاجِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الصَّوْمِ) أَمَّا فِي الصَّوْمِ فَيَنْوِي بِاللَّيْلِ. اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَجَبَ قَرْنُهَا بِعَزْلِ الْمَالِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَزْلِ الْمَالِ التَّعْيِينُ كَأَنْ يَقْصِدَ أَنْ يُعْتِقَ هَذَا الْعَبْدَ عَنْ الْكَفَّارَةِ أَوْ يُطْعِمَ هَذَا الطَّعَامَ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَحِينَئِذٍ لَا يَجِبُ أَنْ يَسْتَحْضِرَ عِنْدَ الْإِعْتَاقِ أَوْ الْإِطْعَامِ كَوْنَ الْعِتْقِ أَوْ الْإِطْعَامِ مَثَلًا عَنْ الْكَفَّارَةِ. اهـ ح ل وَحِينَئِذٍ كَأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالنِّيَّةِ هُنَا مُطْلَقَ الْقَصْدِ، وَإِلَّا فَعِنْدَ تَعْيِينِ الْعَبْدِ أَوْ غَيْرِهِ لِلْكَفَّارَةِ لَا فِعْلَ حَتَّى تَقْتَرِنَ بِهِ النِّيَّةُ مَعَ أَنَّ حَقِيقَتَهَا قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَتَا قَتْلٍ وَظِهَارٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَلَوْ أَعْتَقَ مَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَتَا قَتْلٍ وَظِهَارٍ رَقَبَتَيْنِ بِنِيَّةِ كَفَّارَةٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ أَجْزَأَ عَنْهُمَا، أَوْ رَقَبَةً كَذَلِكَ أَجْزَأْته عَنْ إحْدَاهُمَا مُبْهَمَةً، وَلَهُ صَرْفُهُ إلَى إحْدَاهُمَا وَيَتَعَيَّنُ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ صَرْفِهِ إلَى الْأُخْرَى كَمَا لَوْ أَدَّى مَنْ عَلَيْهِ دُيُونٌ بَعْضَهَا مُبْهِمًا فَإِنَّ لَهُ تَعْيِينَ بَعْضِهَا لِلْأَدَاءِ، نَعَمْ لَوْ نَوَى غَيْرَ مَا هِيَ عَلَيْهِ غَلَطًا لَمْ يُجْزِهِ، وَإِنَّمَا صَحَّ فِي نَظِيرِهِ فِي الْحَدَثِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى رَفْعَ الْمَانِعِ الشَّامِلِ لِمَا عَلَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَقَعَ عَنْ إحْدَاهُمَا) وَيَنْبَغِي لَهُ عَدَمُ جَوَازِ الْوَطْءِ حَتَّى يُعَيِّنَ كَوْنَهُ عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ. اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: لَمْ تُجْزِهِ) ظَاهِرُهُ حُصُولُ الْعِتْقِ مَجَّانًا وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى مَنْهَجٍ صَرَّحَ بِهِ وَعِبَارَتُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ سَبَقَ فِي الْخَطَإِ فِي تَعْيِينِ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ تَلْغُوَ نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ وَيَبْقَى أَصْلُ الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا، وَقِيَاسُهُ هُنَا أَنْ تَلْغُوَ الْإِضَافَةُ وَيَقَعَ غَيْرُ وَاجِبٍ وَقُرِئَ بِالدَّرْسِ بِهَامِشِ نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: لَمْ تُجْزِهِ أَيْ وَلَا يُعْتِقُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. اهـ ع ش عَلَى م ر وَمَا نُسِبَ بِالْهَامِشِ الْمَذْكُورِ لِشَرْحِ الرَّوْضِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَدَمَ الْعِتْقِ بَلْ إنَّمَا تَعَرَّضَ لِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ فَقَطْ وَنَصُّ عِبَارَتِهِ مَعَ الْمَتْنِ فَإِنْ عَيَّنَ، وَأَخْطَأَ فِي تَعْيِينِهِ لَمْ يُجْزِهِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ فَلَا يَنْصَرِفُ إلَى مَا عَلَيْهِ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ.
(قَوْلُهُ: وَالْكَافِرُ كَالْمُسْلِمِ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذَا حَتَّى يَتِمَّ الْكَلَامُ عَلَى الْأُمُورِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ التَّصْوِيرِ إذْ لَا عَلَاقَةَ لِهَذَا بِوَاحِدٍ مِنْهَا بِخُصُوصِهِ.
(قَوْلُهُ: لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قُدْرَةٌ عَلَيْهِ لَوْ أَسْلَمَ لِكَوْنِهِ مَرِيضًا كَفَّرَ بِالْإِطْعَامِ وَنَوَى لِلتَّمْيِيزِ. اهـ حَجّ. وَقَوْلُهُ: وَإِذَا لَمْ يَمْلِكْ إلَخْ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ وَيُمْكِنُ مِلْكُهُ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً إلَخْ، وَقَوْلُهُ: لِذَلِكَ، ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ التَّعْلِيلُ السَّابِقُ وَهُوَ قَوْلُهُ: لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ وَفِيهِ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ مُوسِرٌ وَقَادِرٌ عَلَى الْإِعْتَاقِ فَكَيْفَ يُعَلِّلُ عَدَمَ الْحِلِّ بِقُدْرَتِهِ عَلَى الصَّوْمِ بِالْإِسْلَامِ، ثُمَّ رَأَيْتُ عِبَارَةَ شَرْحِ م ر وحج وَنَصُّهَا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مُظَاهِرٌ مُوسِرٌ مُنِعَ مِنْ الْوَطْءِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى مِلْكِهِ بِأَنْ يُسْلِمَ فَيَشْتَرِيَهُ. انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: فَيَتْرُكَهُ أَيْ الْوَطْءَ أَيْ يُؤْمَرُ بِتَرْكِهِ.
وَعِبَارَةُ م ر مُنِعَ مِنْ الْوَطْءِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُظَاهِرٌ مُوسِرٌ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَعْسَرَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الصَّوْمِ بِالْإِسْلَامِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ. اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فَرْضًا) فِيهِ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ مَنْدُوبَةً وَذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَوْطُوءَةِ فِي رَمَضَانَ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِهَا عَلَيْهَا. اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُخَيَّرَةٌ فِي يَمِينٍ) أَيْ ابْتِدَاءً فَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ، وَإِنْ شَاءَ أَطْعَمَ، وَإِنْ شَاءَ كَسَا فَإِنْ عَجَزَ عَنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ صَامَ، وَإِلَّا فَهِيَ مُرَتَّبَةٌ انْتِهَاءً بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ لِلصَّوْمِ إلَّا بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ. اهـ ح ل.
وَأَقْسَامُ الْكَفَّارَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ بِاعْتِبَارِ التَّخْيِيرِ وَالتَّرْتِيبِ ثَلَاثَةٌ قِسْمٌ مُرَتَّبٌ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً وَهِيَ كَفَّارَةُ جِمَاعٍ وَظِهَارٍ وَقَتْلٍ وَتَمَتُّعٍ، وَقِسْمٌ مُخَيَّرٌ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً وَهِيَ كَفَّارَةُ صَيْدٍ وَأَذًى، وَقِسْمٌ مُخَيَّرٌ ابْتِدَاءً مُرَتَّبٌ انْتِهَاءً وَهِيَ كَفَّارَةُ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ، وَأَنْوَاعُهَا سَبْعَةٌ وَقَدْ جُمِعَتْ فِي قَوْلِهِ
ظِهَارًا وَقَتْلًا رُتِّبُوا وَتَمَتُّعًا ... جِمَاعًا كَمَا التَّخْيِيرُ فِي الصَّيْدِ وَالْأَذَى
وَمَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ خُيِّرَ وَرُتِّبَنْ ... فَذَلِكَ سَبْعٌ إنْ حَفِظْتَ فَحَبَّذَا