(لَمْ تَكُنْ حِلًّا) لِلزَّوْجِ كَبِنْتِهِ وَأُخْتِهِ مِنْ نَسَبٍ وَمُرْضِعَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَزَوْجَةِ أَبِيهِ الَّتِي نَكَحَهَا قَبْلَ وِلَادَتِهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْأُنْثَى مِنْ ذَكَرٍ وَخُنْثَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّ التَّمَتُّعِ وَبِخِلَافِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُنَّ لَيْسَ لِلْمَحْرَمِيَّةِ بَلْ لِشَرَفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِخِلَافِ مَنْ كَانَتْ حَلَالَهُ كَزَوْجَةِ ابْنِهِ وَمُلَاعَنَتِهِ لِطُرُوِّ تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ (وَ) شُرِطَ (فِي الصِّيغَةِ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِهِ) أَيْ بِالظِّهَارِ وَفِي مَعْنَاهُ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ وَذَلِكَ إمَّا (صَرِيحٌ كَأَنْتِ أَوْ رَأْسُك أَوْ يَدُك) وَلَوْ بِدُونِ عَلَيَّ (كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَجِسْمِهَا أَوْ يَدِهَا) لِاشْتِهَارِهَا فِي مَعْنَى مَا ذُكِرَ (أَوْ كِنَايَةٌ كَأَنْتِ كَأُمِّي أَوْ كَعَيْنِهَا أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا يُذْكَرُ لِلْكَرَامَةِ) كَرَأْسِهَا وَرُوحِهَا لِاحْتِمَالِهَا الظِّهَارَ وَغَيْرَهُ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَصَحَّ تَوْقِيتُهُ) كَأَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي يَوْمًا أَوْ شَهْرًا تَغْلِيبًا لِلْيَمِينِ فَأَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي خَمْسَةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQظِهَارًا فِي الثَّلَاثِ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَكُنْ حِلًّا) أَيْ لَمْ يَسْبِقْ لَهَا قَبْلَ صَيْرُورَتِهَا مَحْرَمًا حَالَةَ حِلٍّ أَيْ حَالَةً تَحِلُّ لَهُ فِيهَا بَعْدَ وِلَادَتِهِ فَلِذَلِكَ قَالَ فِي الْمُحْتَرَزِ وَبِخِلَافِ مَنْ كَانَتْ حِلًّا لَهُ أَيْ قَبْلَ أَنْ صَارَتْ مَحْرَمًا لَهُ. (قَوْلُهُ: وَمُرْضِعَةِ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ) أَيْ لَا مُرْضِعَتِهِ هُوَ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ حِلًّا لَهُ قَبْلَ الْإِرْضَاعِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ وِلَادَتِهِ) أَيْ أَوْ مَعَهَا. اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الَّتِي نَكَحَهَا بَعْدَ وِلَادَتِهِ) ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ حِلًّا لَهُ فَطَرَأَ تَحْرِيمُهَا. (قَوْلُهُ: كَأَنْتِ أَوْ رَأْسَكِ إلَخْ) فَصُوَرُ التَّشْبِيهِ أَرْبَعَةٌ تَشْبِيهُ كُلٍّ بِكُلٍّ وَجُزْءٍ بِجُزْءٍ وَجُزْءٍ بِكُلٍّ وَعَكْسِهِ. اهـ شَيْخُنَا.
(فَرْعٌ) . قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا يُقْبَلُ مِمَّنْ أَتَى بِصَرِيحِ الظِّهَارِ إرَادَةُ غَيْرِهِ كَمَا فِي صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّنْظِيرِ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ أَنَّ الْمُرَادَ عَدَمُ الْقَبُولِ ظَاهِرًا لَا مُطْلَقًا، وَأَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ قَرِينَةٌ يُقْبَلُ، وَأَنَّهُ يَدْخُلُهُ الثَّدْيَيْنِ. اهـ سم. (قَوْلُهُ: أَوْ رَأْسُك أَوْ يَدُكِ) أَيْ أَوْ شَعْرِك أَوْ ظُفُرُك أَوْ جُزْؤُكِ مِنْ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ بِخِلَافِ الْبَاطِنَةِ كَالْكَبِدِ وَالْقَلْبِ فَلَا يَكُونُ ذِكْرُهَا ظِهَارًا. اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ ذِكْرُهَا ظِهَارًا أَيْ لَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ م ر أَنَّهُ يَكُونُ كِنَايَةً وَتَوَقَّفْنَا فِيهِ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الظِّهَارَ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّمَتُّعِ بِهِ فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً؛ لِأَنَّهَا مَا تَحْتَمِلُ الْمُرَادَ وَغَيْرَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ التَّعْبِيرَ بِالْجُزْءِ عَنْ الْكُلِّ، وَإِلَّا كَانَ ظِهَارًا. اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَدُكِ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا يَدٌ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ. اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: أَنْتِ كَيَدِهَا شَمِلَ الْمُتَّصِلَةَ وَالْمُنْفَصِلَةَ. اهـ سم عَلَى حَجّ أَيْ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ لَا مِنْ بَابِ السِّرَايَةِ.
وَعِبَارَةُ ع قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضُوا هُنَا لِكَوْنِ ذَلِكَ بِطَرِيقِ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ أَوْ السِّرَايَةِ، وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ مَجِيئُهُ انْتَهَى وَوَدِدْت لَوْ كَانَ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ الْآتِي وَقَوْلُهُ: رَأْسَك أَوْ ظَهْرَك أَوْ يَدَك. اهـ أَقُولُ وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُ مَا اقْتَضَاهُ التَّشْبِيهُ عَلَى مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَأَنَّ الرَّاجِحَ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ السِّرَايَةِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ لِمَقْطُوعَةِ يَمِينٍ يَمِينُك عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا. اهـ. (قَوْلُهُ: كَظَهْرِ أُمِّي) أَصْلُ هَذَا التَّرْكِيبِ إتْيَانُكِ كَرُكُوبِ ظَهْرِ أُمِّي، فَحُذِفَ الْمُبْتَدَأُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَانْفَصَلَ وَارْتَفَعَ وَحُذِفَ مَجْرُورُ الْكَافِ فَدَخَلَتْ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ فَقَدْ حُذِفَ مُضَافٌ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ اهـ شَيْخُنَا.
وَفِي سم مَا نَصُّهُ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ قَوْلُ الْعَرَبِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَصْلُهُ إتْيَانُكِ عَلَيَّ كَرُكُوبِ ظَهْرِ أُمِّي فَحُذِفَتْ لَفْظَةُ الْإِتْيَانِ فَانْفَصَلَ الضَّمِيرُ وَارْتَفَعَ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَجِسْمِهَا) اُنْظُرْ مَا نُكْتَةُ إعَادَةِ الْكَافِ وَلَا يُقَالُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ التَّشْبِيهَ بِمَجْمُوعِ الْأُمِّ وَجِسْمِهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا مَرْفُوعٌ بِكَوْنِ الْعَطْفِ بِأَوْ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ لَوْ كَانَ بِالْوَاوِ وَيَجِيءُ السُّؤَالُ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ أَوْ كَعَيْنِهَا اهـ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: أَوْ كَجِسْمِهَا اُنْظُرْ إعَادَةَ الْكَافِ فِي كَجِسْمِهَا وَفِي كَعَيْنِهَا وَلَعَلَّ فَائِدَةَ إعَادَتِهَا إفَادَةُ أَنَّ كُلًّا صِيغَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَا أَنَّ الصِّيغَةَ مَجْمُوعُ الْمَعْطُوفَاتِ انْتَهَتْ وَفِيهِ أَنَّ أَوْ تُفِيدُ هَذِهِ الْفَائِدَةَ، وَأَيْضًا لَوْ كَانَتْ فَائِدَةُ الْكَافِ مَا ذَكَرَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا فِي يَدِهَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ كِنَايَةٌ كَأَنْتِ كَأُمِّي) هَلْ وَلَوْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ كَأُمِّي الظَّاهِرُ نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِتَحْرِيمِ عَيْنِهَا ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا ذَكَرَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَمَا حَرُمَتْ أُمِّي فَالْوَجْهُ أَنَّهُ كِنَايَةُ طَلَاقٍ أَوْ ظِهَارٍ. اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحُ م ر وَلَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَمَا حَرُمَتْ أُمِّي فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كِنَايَةُ ظِهَارٍ أَوْ طَلَاقٍ فَإِنْ نَوَى أَنَّهَا كَظَهْرِ أَوْ نَحْوِ بَطْنِ أُمِّهِ فِي التَّحْرِيمِ فَمُظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَلَا. انْتَهَتْ. وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ أَنَّ مِنْهَا أَيْضًا أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ حَرَّمْتُكِ وَنَوَى طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا وَقَعَ أَوْ نَوَاهُمَا تَخَيَّرَ، وَإِلَّا فَلَا تَحْرُمُ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَمَا لَوْ قَالَهُ لِأَمَتِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: تَغْلِيبًا لِلْيَمِينِ) أَيْ عَلَى الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ كُلًّا مِنْ الْيَمِينِ وَالطَّلَاقِ كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ وَمِثْلُ الزَّمَانِ الْمَكَانُ كَمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا فِي شَرْحِهِ عَنْ الشَّارِحِ كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فِي الْبَيْتِ فَيَحْرُمُ التَّمَتُّعُ بِهَا فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ وَيَصِيرُ بِهِ عَائِدًا دُونَ غَيْرِهِ. اهـ ح ل، وَإِنَّمَا غَلَّبُوا شَائِبَةَ الْقَسَمِ هُنَا دُونَ الطَّلَاقِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَعَكَسُوا ذَلِكَ فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى أَشْرَكْتُكِ مَعَهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ الظِّهَارِ أَقْرَبُ إلَى صِيغَةِ الطَّلَاقِ مِنْ حَيْثُ إفَادَةُ التَّحْرِيمِ فَأُلْحِقَتْ بِهَا فِي قَبُولِهَا التَّشْرِيكَ فِيهَا، وَأَمَّا حُكْمُ الظِّهَارِ مِنْ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فَهُوَ مُشَابِهٌ لِلْيَمِينِ