أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَعَلَّقَ الطَّلَاقَ بِدَفْعِهِ فَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ؛ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَغَيَّرُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ فَإِذَا تَلِفَ كَانَ عَلَى الْمُلْتَزِمِ وَبَقِيَ حَقُّ الزَّوْجِ فِي ذِمَّتِهِ.
(وَلَوْ وَكَّلَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (وَاحِدًا) (تَوَلَّى طَرَفًا) مَعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ وَكِيلِهِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الطَّرَفِ الْآخَرِ فَلَا يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ.
(وَ) شُرِطَ (فِي الصِّيغَةِ مَا) مَرَّ فِيهَا (فِي الْبَيْعِ) عَلَى مَا يَأْتِي (وَ) لَكِنْ (لَا يَضُرُّ) هُنَا (تَخَلُّلُ كَلَامٌ يَسِيرٍ) وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ مِمَّنْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْجَوَابُ لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ.
(وَصَرِيحُ خُلْعٍ وَكِنَايَتُهُ صَرِيحُ طَلَاقٍ وَكِنَايَتُهُ) وَسَيَأْتِيَانِ فِي بَابِهِ، وَهَذَا أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ كِنَايَتِهِ (فَسْخٌ وَبَيْعٌ) كَأَنْ يَقُولَ فَسَخْت نِكَاحَك بِأَلْفٍ أَوْ بِعْتُك نَفْسَك بِأَلْفٍ فَتَقْبَلُ فَيَحْتَاجُ فِي وُقُوعِهِ إلَى النِّيَّةِ (وَمِنْ صَرِيحِهِ مُشْتَقُّ مُفَادَاةٍ) لِوُرُودِ الْقُرْآنِ بِهِ قَالَ تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] (وَ) مُشْتَقُّ (خُلْعٍ) لِشُيُوعِهِ عُرْفًا وَاسْتِعْمَالًا لِلطَّلَاقِ مَعَ وُرُودِ مَعْنَاهُ فِي الْقُرْآنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQحَجّ أَنَّ إذْنَ الزَّوْجِ لِلسَّفِيهِ كَافٍ كَإِذْنِ وَلِيِّهِ لَهُ وَوَلِيُّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِ دَيْنٍ لَهُ فَقَبَضَهُ اُعْتُدَّ بِهِ، وَهُوَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا نَقْلًا عَنْ الْحَنَّاطِيِّ وَشَيْخِنَا كَالشَّارِحِ يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ عِوَضِ الْخُلْعِ إذَا كَانَ دَيْنًا وَبَقِيَّةُ الدُّيُونِ وَبَيْنَ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَعَلَّقَ الطَّلَاقَ بِدَفْعِهِ) أَيْ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ مَعَ عَدَمِ صِحَّةِ الْقَبْضِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ وَعَلَّقَ الطَّلَاقَ بِدَفْعِهِ) وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْمُوَكِّلُ وَكَّلْتُك فِي طَلَاقِهَا وَعَلِّقْ الطَّلَاقَ بِدَفْعِ الْمَالِ إلَيْك فَيُعَلِّقُ هُوَ عِنْدَ التَّطْلِيقِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ مَا مَرَّ فِيهَا فِي الْبَيْعِ) الَّذِي مَرَّ فِيهَا فِي الْمَتْنِ شُرُوطٌ خَمْسَةٌ: عَدَمُ التَّعْلِيقِ، وَعَدَمُ التَّأْقِيتِ، وَأَنْ لَا يَتَخَلَّلَ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ وَلَا سُكُوتٌ طَوِيلٌ، وَأَنْ يَتَوَافَقَا مَعْنًى، لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْخُلْعَ قَدْ يَكُونُ بِدُونِهِ قَبُولٌ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ بَدَأَ بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ إلَخْ، وَإِنَّهُ قَدْ يَصِحُّ بِالتَّعْلِيقِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ وَأَنَّهُ قَدْ يَصِحُّ مَعَ عَدَمِ تَوَافُقِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مَعْنًى كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ إيجَابٌ وَقَبُولٌ إلَخْ بِالنِّسْبَةِ لِلصُّورَةِ الرَّابِعَةِ فِيمَا يَأْتِي وَأَنَّهُ يَصِحُّ مَعَ تَخَلُّلِ السُّكُوتِ الْيَسِيرِ كَمَا ذَكَرَهُ قَرِيبًا بِقَوْلِهِ وَلَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ كَلَامٍ يَسِيرٍ فَدَفَعَ هَذَا كُلَّهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ عَلَى مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ عَلَى مَا يَأْتِي) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَضُرُّ هُنَا تَخَلُّلُ كَلَامٍ يَسِيرٍ وَمِنْ قَوْلِهِ أَوْ بَدَأَ بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ، وَكَذَا يَصِحُّ مَعَ التَّأْفِيفِ كَخَالَعْتُكِ شَهْرًا، وَكَذَا يَجُوزُ أَنْ يُضِيفَ الْخُلْعَ إلَى جُزْئِهَا كَيَدِهَا وَأَنْ يُضِيفَهُ إلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ الْمُخَالَعَةُ مَعَ وَكِيلِهَا كَقَوْلِهِ خَالَعْتُ مُوَكِّلَتَك، وَهَذَا لَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَحِينَئِذٍ مُقْتَضَى عِبَارَتِهِ عَدَمُ صِحَّةِ الْخُلْعِ فِي ذَلِكَ كَالْبَيْعِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) عِبَارَتُهُ، ثُمَّ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ فِي الْخُلْعِ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْخُلْعِ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ شَائِبَةَ تَعْلِيقٍ وَمِنْ جَانِبِ الزَّوْجَةِ شَائِبَةَ جِعَالَةٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَحْتَمِلُ الْجَهَالَةَ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ مِمَّنْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْجَوَابُ) تَقَدَّمَ تَضْعِيفُ نَظِيرِ هَذَا فِي الْبَيْعِ وَهُنَا كَذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْجَوَابُ وَغَيْرُهُ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر. وَأَمَّا الْكَثِيرُ مِمَّنْ لَا يُطْلَبُ جَوَابُهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَضُرُّ أَيْضًا، وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَظِيرَ الْمُرَجَّحِ فِي الْبَيْعِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَصَرِيحُ خُلْعٍ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى عَكْسَ ذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ وَصَرِيحُ طَلَاقٍ إلَخْ فَسَائِرُ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ كِنَايَةٌ فِي الْخُلْعِ مَعَ ذِكْرِ الْمَالِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الطَّلَاقَ اهـ ح ل وَيُجَابُ بِأَنَّ الْعِبَارَةَ مَقْلُوبَةٌ؛ لِأَنَّ صِيَغَ الطَّلَاقِ مَعْلُومَةٌ وَالْمَعْلُومُ يُجْعَلُ مُبْتَدَأً وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ مَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُحْدَثَ عَنْهُ هُوَ الْخُلْعُ (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ كِنَايَتِهِ) يَحْتَمِلُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلطَّلَاقِ أَيْ وَمِنْ كِنَايَةِ الطَّلَاقِ زِيَادَةً عَلَى مَا سَيَذْكُرُهُ فِي الْمَتْنِ لَفْظُ الْفَسْخِ وَلَفْظُ الْبَيْعِ وَيَحْتَمِلُ رُجُوعُهُ لِلْخُلْعِ أَيْ وَمِنْ كِنَايَةِ الْخُلْعِ إلَخْ وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ أَصْلِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَيْعِ وَيَقْتَضِيهِ شَرْحُ م ر بِالنِّسْبَةِ لِلْفَسْخِ وَكَوْنُ الْبَيْعِ كِنَايَةً فِي الْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ لَا إشْكَالَ فِيهِ. وَأَمَّا كَوْنُ الْفَسْخِ كِنَايَةً فِيهِمَا فَغَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ نَفَادًا فِي مَوْضُوعِهِ الْأَصْلِيِّ، وَهُوَ حِلُّ الْعِصْمَةِ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً فِي بَابِ غَيْرِهِ عَلَى الْقَاعِدَةِ اهـ شَيْخُنَا وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِدُ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ حَيْثُ كَانَ هُنَاكَ سَبَبٌ يُسَوِّغُهُ كَالْعَيْبِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ سَبَبٌ لَمْ يَجِدْ الْفَسْخُ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ فَصَحَّ كَوْنُهُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ بِعْتُك نَفْسَك بِأَلْفٍ) مِثْلُهُ قَوْلُهُ بِعْتُك طَلَاقَك. وَقَوْلُهَا بِعْتُك ثَوْبِي بِطَلَاقِي فَيَشْتَرِطُ النِّيَّةَ مِنْهُمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضِ قَالَ الشَّارِحُ إلَّا أَنْ يُجِيبَ الْقَابِلُ قَبِلْت فَلَا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ اهـ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ نِيَّةُ الْقَابِلِ أَمَّا الْمُبْتَدِئُ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهِ وَقَضِيَّةُ عَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْقَابِلِ قُبِلَتْ فِي بِعْتُك نَفْسَك فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فَيَحْتَاجُ فِي وُقُوعِهِ إلَى النِّيَّةِ) أَيْ وَفَوْرِيَّةِ الْقَبُولِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَمِنْ صَرِيحِهِ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى صَرِيحِ الطَّلَاقِ الْآتِي ذِكْرُهُ مُشْتَقُّ مُفَادَاةٍ وَخُلْعٍ أَيْ مُفَادَاةٌ وَخُلْعٌ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ نَفْسَ الْمُفَادَاةِ وَالْخُلْعِ لَيْسَ مِنْ الصَّرِيحِ بَلْ مِنْ الْكِنَايَاتِ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَمُشْتَقُّ افْتِدَاءٍ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ اهـ ح ل وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ لِوُرُودِ الْقُرْآنِ بِهِ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ خِلَافًا لِمَا يُتَوَهَّمْ مِنْ بَعْضِ الْعِبَارَاتِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِهِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ مَعَ وُرُودِ مَعْنَاهُ فِي الْقُرْآنِ) الَّذِي هُوَ الِافْتِدَاءُ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ كُلًّا مِنْ لَفْظِ الْمُفَادَاةِ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ وَلَفْظِ الْخُلْعِ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ صَرِيحٌ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ ذُكِرَ عِوَضٌ أَوْ لَمْ يُذْكَرْ نَوَى الْتِمَاسَ قَبُولِهَا أَمْ لَا