لِأَنَّهُ وَلِيٌّ عَاقِدٌ فَلَا يَكُونُ شَاهِدًا كَالزَّوْجِ وَوَكِيلُهُ نَائِبُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ إحْضَارُ الشَّاهِدَيْنِ بَلْ يَكْفِي حُضُورُهُمَا كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُ الْمَتْنِ وَدَلِيلُ اعْتِبَارِهِمَا مَعَ الْوَلِيِّ خَبَرُ ابْنِ حِبَّانَ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» وَمَا كَانَ مِنْ نِكَاحٍ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ وَالْمَعْنَى فِي اشْتِرَاطِهِمَا الِاحْتِيَاطُ لِلْإِبْضَاعِ وَصِيَانَةُ الْأَنْكِحَةِ عَنْ الْجُحُودِ
(وَصَحَّ) النِّكَاحُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (بِابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ) أَيْ ابْنَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ ابْنِ أَحَدِهِمَا وَابْنِ الْآخَرِ (وَعَدُوَّيْهِمَا) أَيْ كَذَلِكَ ثُبُوتُ النِّكَاحِ بِهِمَا فِي الْجُمْلَةِ
(وَ) صَحَّ (ظَاهِرًا) التَّقْيِيدُ بِهِ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ زِيَادَتِي (بِمَسْتُورَيْ عَدَالَةٍ) وَهُمَا الْمَعْرُوفَانِ بِهَا ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا؛ لِأَنَّهُ يَجْرِي بَيْنَ أَوْسَاطِ النَّاسِ وَالْعَوَامِّ وَلَوْ اُعْتُبِرَ فِيهِ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ لَاحْتَاجُوا إلَى مَعْرِفَتِهَا لِيُحْضِرُوا مَنْ هُوَ مُتَّصِفٌ بِهَا فَيَطُولُ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ وَيَشُقُّ (لَا) بِمَسْتُورَيْ (إسْلَامٍ وَحُرِّيَّةٍ) وَهُمَا مَنْ لَا يُعْرَفُ إسْلَامُهُمَا وَحُرِّيَّتُهُمَا وَلَوْ مَعَ ظُهُورِهِمَا بِالدَّارِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ بَقِيَّةِ الْأَوْلِيَاءِ تَقْيِيدُ عَدَمِ الصِّحَّةِ بِمَا إذَا حَضَرَ اثْنَانِ مِنْ الثَّلَاثَةِ عَقْدَ ثَالِثِهِمَا بِوَكَالَةٍ وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَصَدَ الْعَقْدَ عَنْ نَفْسِهِ لَا بِوَاسِطَةِ الْوَكَالَةِ فَلَا تَبْعُدُ الصِّحَّةُ لِصَرْفِهِ الْعَقْدَ عَنْ الْوَكَالَةِ اهـ أَقُولُ: الصِّحَّةُ وَاضِحَةٌ إنْ كَانَتْ أَذِنَتْ لَهُ فِي تَزْوِيجِهَا أَمَّا إنْ خَصَّتْ الْإِذْنَ بِالْأَخَوَيْنِ الْآخَرَيْنِ وَأَذِنَتْ لَهُمَا فِي تَوْكِيلِ مَنْ شَاءَ فَوَكَّلَا الثَّالِثَ فَفِي الصِّحَّةِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ بِصَرْفِهِ الْعَقْدَ عَنْ كَوْنِهِ وَكِيلًا يَصِيرُ مُزَوِّجًا بِلَا إذْنٍ وَهُوَ بَاطِلٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَلِيٌّ عَاقِدٌ) إنْ قُلْت الْعَاقِدُ وَكِيلُهُ لَا هُوَ قُلْت لَمَّا كَانَ الْوَكِيلُ سَفِيرًا مَحْضًا كَانَ الْمُوَكِّلُ كَأَنَّهُ الْعَاقِدُ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: كَالزَّوْجِ) أَيْ كَمَا لَوْ شَهِدَ الزَّوْجُ وَالْحَالُ أَنَّ وَكِيلَهُ نَائِبُهُ فِي الْعَقْدِ أَيْ كَمَا لَوْ وَكَّلَ فِي الْعَقْدِ وَحَضَرَ هُوَ لِيَشْهَدَ لَا يَصِحُّ وَقَوْلُهُ: وَوَكِيلُهُ نَائِبُهُ وَهُوَ سَفِيرٌ مَحْضٌ فِي النِّكَاحِ فَكَأَنَّ الْمُوَكِّلَ هُوَ الْعَاقِدُ اهـ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر إذْ الْوَكِيلُ فِي النِّكَاحِ سَفِيرٌ مَحْضٌ فَكَانَا أَيْ الْمُوَكِّلُ وَوَكِيلُهُ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ
(قَوْلُهُ: بِابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ) " الـ " فِي الزَّوْجَيْنِ جِنْسِيَّةٌ فَتَصْدُقُ بِالْوَاحِدِ وَفَرْدُ الْمُثَنَّى اثْنَانِ لَا وَاحِدٌ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ وَحِينَئِذٍ لَا تَصْدُقُ عِبَارَةُ الْمَتْنِ بِابْنَيْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ لَكِنْ حُكْمُهُ كَذَلِكَ. اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَأَمَّا فِي هَذِهِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِمَا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَلَوْ وَقَعَ نِزَاعٌ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَصِحَّ بِهِمَا؛ لِأَنَّ فَائِدَةَ الشُّهُودِ إثْبَاتُ النِّكَاحِ عِنْدَ التَّنَازُعِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَصِحَّ النِّكَاحُ إلَّا بِمَنْ يَثْبُتُ بِهِ ذَلِكَ النِّكَاحُ فَاكْتَفَوْا بِكَوْنِ الشَّاهِدِ يَثْبُتُ بِهِ النِّكَاحُ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ أَيْ فِي غَيْرِ نِكَاحِهِمَا، وَأَمَّا فِي خُصُوصِ نِكَاحِهِمَا فَلَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ بِمَنْ ذُكِرَ فَلَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ زَوْجِيَّةً وَأَنْكَرَ وَأَقَامَتْ ابْنَيْهِمَا أَوْ عَدُوَّيْهِمَا فَشَهِدَا عَلَيْهِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا لِوُجُودِ الْمَانِعِ وَهُوَ الْعَدَاوَةُ وَشَهَادَةُ الِابْنَيْنِ لِأُمِّهِمَا وَشَهَادَةُ أَحَدِهِمَا لَهَا وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهَا زَوْجِيَّةً وَأَنْكَرَتْ وَأَقَامَ مَنْ ذَكَرَ لِيَشْهَدَا عَلَيْهَا بِذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ أَيْضًا لِوُجُودِ الْمَانِعِ وَهُوَ الْعَدَاوَةُ وَشَهَادَةُ الِابْنَيْنِ لِأَبِيهِمَا أَوْ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا لَهُ وَفِي كَلَامِ حَجّ قَدْ يُتَصَوَّرُ قَبُولُ شَهَادَةِ الِابْنِ أَوْ الْعَدُوِّ فِي هَذَا النِّكَاحِ بِعَيْنِهِ فِي صُورَةِ دَعْوَى حِسْبَةٍ مَثَلًا انْتَهَى
(قَوْلُهُ: بِمَسْتُورَيْ عَدَالَةٍ) وَيَبْطُلُ السَّتْرُ بِتَفْسِيقِ عَدْلٍ فِي الرِّوَايَةِ فَلَوْ أَخْبَرَ بِفِسْقِ الْمَسْتُورِ عَدْلٌ لَمْ يَصِحَّ بِهِ النِّكَاحُ وَقَوْلُ صَاحِبِ الذَّخَائِرِ الْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ، فَإِنَّ الْجَرْحَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَلَمْ يُوجَدَا يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْغَرَضُ إثْبَاتَ الْجَرْحِ بَلْ زَوَالَ ظَنِّ الْعَدَالَةِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِخَبَرِ الْعَدْلِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَهُمَا الْمَعْرُوفَانِ بِهَا ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا) بِأَنْ عُرِفَتْ بِالْمُخَالَطَةِ دُونَ التَّزْكِيَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَوُجِدَ بِهَامِشِهِ مَا نَصُّهُ هَذَا مَا قَالَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ الْحَقُّ وَقِيلَ مَنْ عُرِفَ إسْلَامُهُ وَحُرِّيَّتُهُ وَلَمْ يُعْلَمْ فِسْقُهُ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ كَمَا حَكَاهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ تَرْجِيحُهُ وَصَاحِبُ الْمَيْدَانِ أَنَّهُ الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَقِيلَ هُوَ مَنْ عُرِفَتْ عَدَالَتُهُ بَاطِنًا فِيمَا مَضَى وَشُكَّ فِيهَا وَقْتَ الْعَقْدِ فَيُسْتَصْحَبْ اهـ. س ل وَفِي سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ وَهُمَا الْمَعْرُوفَانِ بِهَا ظَاهِرًا كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ شُوهِدَ مِنْهُمَا أَسْبَابُ الْعَدَالَةِ مِنْ مُلَازَمَةِ الْوَاجِبَاتِ وَالطَّاعَاتِ وَاجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَقِيلَ مَنْ عُرِفَ إسْلَامُهُ إلَخْ، فَإِنَّهُ صَادِقٌ بِمَجْهُولَيْنِ لَمْ يُعْرَفْ إسْلَامُهُمَا وَلَا شُوهِدَ بَيْنَهُمَا أَسْبَابُ الْعَدَالَةِ اهـ.
وَاَلَّذِي فِي حَجّ وشَرْحِ م ر التَّصْدِيرُ بِالثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ وَقِيلَ مَنْ عُرِفَ إسْلَامُهُ وَحُرِّيَّتُهُ إلَخْ وَكَتَبَ ع ش عَلَى م ر أَنَّهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ مَا يَقَعُ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ وَالْوَلِيَّ يَأْتُونَ لِنَحْوِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ وَيَقْعُدُونَ عِنْدَ جَمَاعَةٍ وَيَعْقِدُونَ بِحَضْرَتِهِمْ مَعَ عَدَمِ مَعْرِفَتِهِمْ بِحَالِهِمْ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ النِّكَاحَ يَجْرِي بَيْنَ أَوْسَاطِ النَّاسِ إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَعْقِدَهُ الْحَاكِمُ اُعْتُبِرَتْ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ لِسُهُولَةِ مَعْرِفَتِهَا عَلَيْهِ بِمُرَاجَعَةِ الْمُزَكِّيَيْنِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي لَا فَرْقَ؛ لِأَنَّ طَرِيقَةَ الْمُعَامَلَةِ يَسْتَوِي فِيهَا الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: بَيْنَ أَوْسَاطِ النَّاسِ) وَهُمْ مَنْ عَدَا الْوُلَاةِ وَالْعَوَامِّ وَأَعْلَى النَّاسِ الْوُلَاةُ وَأَدْنَاهُمْ الْعَوَامُّ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لَا إسْلَامٍ وَحُرِّيَّةٍ) أَيْ لَا يَصِحُّ ظَاهِرًا بِمَسْتُورِي إسْلَامٍ وَحُرِّيَّةٍ فَالْمَنْفِيُّ إنَّمَا هُوَ الصِّحَّةُ الظَّاهِرِيَّةُ إذْ الْبَاطِنِيَّةُ ثَابِتَةٌ بِدَلِيلِ عِبَارَتِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَنَصُّهَا فَلَوْ عُقِدَ بِمَجْهُولِ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ