إنَّمَا يَضْمَنُ مِنْ مَالِ الصَّدَقَاتِ لَا مِنْ مَالِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِوُجُوبِ تَعْمِيمِ الْآحَادِ مِنْ زِيَادَتِي (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَنْحَصِرُوا أَوْ انْحَصَرُوا وَلَمْ يَفِ بِهِمْ الْمَالُ (وَجَبَ إعْطَاءُ ثَلَاثَةٍ) فَأَكْثَرَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ لِذِكْرِهِ فِي الْآيَةِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ الَّذِي هُوَ لِلْجِنْسِ وَلَا عَامِلَ فِي قَسْمِ الْمَالِكِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ وَيَجُوزُ حَيْثُ كَانَ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا إنْ حَصَلَتْ بِهِ الْكِفَايَةُ كَمَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ فِيمَا مَرَّ
(وَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأَصْنَافِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالثَّالِثُ مَوْجُودٌ غَرِمَ لَهُ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْطَاهُ لَهُ ابْتِدَاءً خَرَجَ عَنْ الْعُهْدَةِ فَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي فَرَّطَ فِيهِ سَوَاءٌ أَكَانَ الثَّلَاثَةُ مُتَعَيِّنِينَ أَمْ لَا لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ فِي الْآحَادِ اهـ.
وَفِيهِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ مَا أَفَادَهُ مِنْ أَنَّ إعْطَاءَ أَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ لَوْ أَعْطَاهُ ابْتِدَاءً يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يُعْطِي الْفَقِيرَ وَالْمِسْكِينَ كِفَايَةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّوْفِيقِ بَيْنَهُمَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُوَفَّقَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ مَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا إذَا احْتَمَلَتْ الزَّكَاةُ أَنْ يُعْطِيَ كُلًّا مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ كِفَايَةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ، فَإِنْ لَمْ تَحْتَمِلْ ذَلِكَ جَازَ إعْطَاءُ الْأَوَّلِ وَعَلَى هَذَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ فِي الْإِمَامِ وَالْمَالِكِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ فِي الْإِمَامِ فَقَطْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بَيَانُ الْأَكْثَرِ فَلَا يُنَافِي جَوَازَ إعْطَاءِ الْأَقَلِّ، وَالْقَلْبُ إلَى الْأَوَّلِ أَمْيَلُ فَلْيُحَرَّرْ وَفِي النَّاشِرِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ يُعْطَى كِفَايَةَ سَنَةٍ أَوْ كِفَايَةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ مَا نَصُّهُ وَأَشَارَ فِي التَّتِمَّةِ إلَى تَنْزِيلِ هَذَا الْخِلَافِ عَلَى حَالَيْنِ إنْ أَمْكَنَ إعْطَاءُ مَا يَحْصُلُ مِنْهُ كِفَايَتُهُ يَعْنِي الْعُمْرَ الْغَالِبَ أَعْطَاهُ وَإِلَّا فَكِفَايَةُ سَنَةٍ وَرَدَّهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ كِفَايَةَ سَنَةٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يُعْطِيَهُ لِمَا دُونَهَا فَلَا مَعْنَى لِلضَّبْطِ بِهَا وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ التَّنْزِيلَ بِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ زَكَاةَ السَّنَةِ لَا تَنْقُصُ عَنْ كِفَايَتِهَا، فَإِنْ نَقَصَتْ أَعْطَيْنَا الْمَقْدُورَ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ قَالَ وَالْقَوْلُ بِالسَّنَةِ وَادِّخَارِ الْفَاضِلِ إلَى الْقَابِلَةِ بَعِيدٌ لَا وَجْهَ لَهُ وَلَا أَعْتَقِدُ أَحَدًا يَقُولُ بِهِ وَالْقَوْلُ بِكِفَايَةِ الْعُمْرِ لَا يُمْكِنُ رَبَّ الْمَالِ وَلَا الْإِمَامَ عُمُومًا غَالِبًا، فَإِنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ عُمُومًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَرَدَّدَ فِي وُجُوبِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالُهُمْ انْتَهَى وَمِثْلُهُ فِي الْخَادِمِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ الْمَذْكُورِ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا أَمْكَنَ كِفَايَةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ وَالسَّنَةِ. وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلزَّرْكَشِيِّ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ الْخِلَافَ فِي الْعُمْرِ الْغَالِبِ وَالسَّنَةِ. الثَّالِثُ أَيْ مِنْ التَّنْبِيهَاتِ سَكَتُوا عَنْ أَقَلِّ مَا يُدْفَعُ مِنْ الزَّكَاةِ وَفِي الْوَدَائِعِ لِابْنِ سُرَيْجٍ أَقَلُّهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَأَكْثَرُهُ مَا يُخْرِجُ مِنْ حَالِ الْفَقْرِ إلَى حَالِ الْغِنَى اهـ وَهُوَ قَدْ يَدُلُّ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي نَعَمْ قَوْلُ الرَّوْضِ السَّابِقُ غَرِمَ لَهُ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ يَرِدُ أَنَّ الْأَقَلَّ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَالْأَمْرُ الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ قَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَغْرَمُ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ فَقَطْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ التَّسْوِيَةُ عَلَيْهِ لَكِنْ قَالَ م ر يَغْرَمُ الْأَقَلَّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ وَجَبَتْ التَّسْوِيَةُ إلَّا أَنَّهُ إذَا خَالَفَ أَجْزَأَ اهـ. أَيْ وَالْكَلَامُ حَيْثُ لَا تَكْفِي الزَّكَاةُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ اهـ. سم (قَوْلُهُ إنَّمَا يَضْمَنُ مِنْ مَالِ الصَّدَقَاتِ) قَالَ الشَّافِعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ مَالَهُ إذَا نَفِدَتْ الصَّدَقَاتُ مِنْ يَدِهِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) لَوْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ ثُمَّ تَلِفَ الْمَالُ بِحَيْثُ يَضْمَنُ الْمَالِكُ فَهَلْ يَجُوزُ الْإِبْرَاءُ مِنْ الزَّكَاةِ فَتَسْقُطُ عَنْ ذِمَّةِ الْمَالِكِ وَتَسْقُطُ النِّيَّةُ هُنَا لِلضَّرُورَةِ ظَهَرَ عَنْ الْفُورَانِيِّ الْجَوَازُ وَوَافَقَهُ م ر فَلْتُرَاجَعْ الْمَسْأَلَةُ اهـ. سم (قَوْلُهُ: أَوْ انْحَصَرُوا وَلَمْ يَفِ بِهِمْ الْمَالُ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِوَفَاءِ الْمَالِ بِهِمْ وَلَعَلَّهُ الْوَفَاءُ بِحَاجَاتِهِمْ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فَسَّرَهَا بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. سم
(قَوْلُهُ: وَجَبَ إعْطَاءُ ثَلَاثَةِ) لَمْ يُجْرُوا هُنَا وَجْهًا بِالِاكْتِفَاءِ بِاثْنَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا أَقَلُّ الْجَمْعِ كَمَا فَعَلُوا مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْإِقْرَارِ بِدَرَاهِم قَالَ الزَّرْكَشِيُّ نَظَرًا لِلِاحْتِيَاطِ (تَنْبِيهٌ) الظَّاهِرُ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْمَذْكُورَةَ لَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهَا وَلَوْ اسْتَوَتْ حَاجَاتُهُمْ ثُمَّ رَأَيْت مِثْلَ ذَلِكَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ اهـ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: فَإِنْ أَعْطَى أَقَلَّ أَيْ مِنْ ثَلَاثَةِ غَرِمَ لِكُلٍّ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَخَلَّ الْمَالِكُ بِوَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ يَجِبُ دَفْعُهُ إلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ غَرِمَ لَهُ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ دَفَعَهُ لَهُ ابْتِدَاءً جَازَ وَأَجْزَأَ وَلَوْ أَخَلَّ الْإِمَامُ بِوَاحِدٍ يَجِبُ الدَّفْعُ إلَيْهِ غَرِمَ لَهُ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ، وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ إلَّا أَنَّهُ لَوْ أَخَلَّ بِهَا أَجْزَأَ، وَإِنْ حَرُمَ فَأَقَلُّ الْمُتَمَوَّلِ يُجْزِئُ مِنْهُ، وَإِنْ حَرُمَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ اهـ سم (قَوْلُهُ: بِفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ) قَالَ م ر عَلَى أَنَّ إضَافَتَهُ لِلْمَعْرِفَةِ أَوْجَبَتْ عُمُومَهُ فَكَانَ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا عَامِلَ فِي قَسْمِ الْمَالِكِ إلَخْ) بَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ مُرَادَ الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنْ الْأَصْنَافِ السَّبْعَةِ أَيْ مَا عَدَا الْعَامِلَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي قَسْمِ الْمَالِكِ وَلَا عَامِلَ فِيهِ (وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ حَيْثُ كَانَ إلَخْ) أَيْ فِيمَا إذَا قَسَمَ الْإِمَامُ وَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ وَعَلَى الْإِمَامِ تَعْمِيمُ الْآحَادِ أَيْ مَا عَدَا الْعَامِلَ إذْ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لَهُ آحَادٌ لِجَوَازِ كَوْنِهِ وَاحِدًا
(قَوْلُهُ: وَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأَصْنَافِ) أَيْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَمَعَ