مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى مَنْ ذُكِرَ (فَهَذَا) الْمُؤَلَّفُ الْحَاضِرُ ذِهْنًا (مُخْتَصَرٌ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْغَرَضَ التَّعْلِيقُ عَلَى وُجُودِ شَيْءٍ مَا بِخِلَافِ غَيْرِ مَهْمَا مِنْ الْأَدَوَاتِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِبَعْضِ الْأَشْيَاءِ وَقَوْلُهُ مَهْمَا يَكُنْ مَهْمَا مُبْتَدَأٌ خَبَرُهَا يَكُنْ وَالْعَائِدُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ هُوَ الضَّمِيرُ فِي يَكُنْ وَمِنْ شَيْءٍ بَيَانٌ لِمَهْمَا فَهُوَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ) أَيْضًا فَوَقَعَتْ كَلِمَةُ أَمَّا مَوْقِعَ اسْمٍ هُوَ الْمُبْتَدَأُ وَفِعْلٍ هُوَ الشَّرْطُ وَتَضَمَّنَتْ مَعْنَاهُمَا فَلِتَضَمُّنِهَا مَعْنَى الشَّرْطِ لَزِمَتْهَا الْفَاءُ اللَّازِمَةُ لِلشَّرْطِ غَالِبًا وَلِتَضَمُّنِهَا مَعْنَى الِابْتِدَاءِ لَزِمَهَا لُصُوقُ الِاسْمِ اللَّازِمِ لِلْمُبْتَدَأِ إقَامَةً لِلَّازِمِ مَقَامَ الْمَلْزُومِ وَإِبْقَاءً لِأَثَرِهِ فِي الْجُمْلَةِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ فَهَذَا الْمُؤَلَّفُ الْحَاضِرُ ذِهْنًا) الْإِشَارَةُ لِلْأَلْفَاظِ الذِّهْنِيَّةِ مِنْ حَيْثُ دَلَالَتُهَا عَلَى الْمُعَانَى عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَالْأَرْجَحُ مِنْ احْتِمَالَاتٍ سَبْعَةٍ فِي مُسَمَّى الْكُتُبِ وَالتَّرَاجِمِ بَيَانُ السَّبْعَةِ أَنْ يُقَالَ: إنَّ مُسَمَّى الْكُتُبِ الْأَلْفَاظُ أَوْ النُّقُوشُ أَوْ الْمَعَانِي أَوْ الْأَلْفَاظُ وَالنُّقُوشُ أَوْ الْأَلْفَاظُ وَالْمَعَانِي أَوْ النُّقُوشُ وَالْمَعَانِي أَوْ الثَّلَاثَةُ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا مُخْتَارًا دُونَ غَيْرِهِ مِنْ السَّبْعَةِ لِأَنَّ النُّقُوشَ لِعَدَمِ تَيَسُّرِهَا لِكُلِّ أَحَدٍ وَفِي كُلِّ وَقْتٍ لَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ مَدْلُولًا وَلَا جُزْءَ مَدْلُولٍ فَبَطَلَ أَرْبَعُ احْتِمَالَاتٍ وَلِأَنَّ الْمَعَانِيَ لِكَوْنِهَا مُتَوَقِّفَةً فِي الْغَالِبِ عَلَى الْأَلْفَاظِ لَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ مَدْلُولًا وَلَا جُزْءَ مَدْلُولٍ أَيْضًا فَبَطَلَ احْتِمَالَانِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْأَلْفَاظَ الذِّهْنِيَّةَ مِنْ حَيْثُ دَلَالَتُهَا عَلَى الْمَعَانِي وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا فَلَيْسَتْ مَقْصُودَةً اهـ شَيْخُنَا وَوُجِدَ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ نَقْلًا عَنْ الدِّيرِيّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ فَهَذَا الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ لِلْمُؤَلَّفِ الْحَاضِرِ فِي ذِهْنِ الْمُؤَلِّفِ وَالتَّقْدِيرُ فَهَذَا الْمُؤَلَّفُ الَّذِي هُوَ أَلْفَاظٌ مَخْصُوصَةٌ دَالَّةٌ عَلَى مَعَانٍ مَخْصُوصَةٍ مِنْ حَيْثُ دَلَالَتُهَا عَلَى تِلْكَ الْمَعَانِي عَلَى مَا اخْتَارَهُ السَّيِّدُ مِنْ احْتِمَالَاتٍ سَبْعَةٍ أَبْدَاهَا فِي مُسَمَّى الْكُتُبِ وَالتَّرَاجِمِ وَعَلَيْهِ فَالْإِشَارَةُ لِمَا هُوَ فِي الذِّهْنِ مِنْ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ وَإِنْ تَأَخَّرَ وَضْعُ الْإِشَارَةِ عَنْ فَرَاغِ الْمُؤَلِّفِ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ لِمَا يُوجَدُ مِنْ الْأَلْفَاظِ فِي الْخَارِجِ لِانْعِدَامِهَا لِكَوْنِهَا إعْرَاضًا فَمَا اُشْتُهِرَ مِنْ أَنَّ الْإِشَارَةَ الْوَاقِعَةَ فِي أَوَائِلِ الْكُتُبِ إنْ كَانَتْ بَعْدَ التَّأْلِيفِ فَهِيَ لِمَا فِي الْخَارِجِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ الْمُخْتَارِ لِأَنَّ الْأَلْفَاظَ تَنْعَدِمُ بَعْدَ وُجُودِهَا فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ صَحَّتْ الْإِشَارَةُ لِمَا فِي الذِّهْنِ مَعَ أَنَّ ذَا لَا يُشَارُ بِهَا إلَّا إلَى مَوْجُودٍ مَحْسُوسٍ قُلْنَا: الْمُرَادُ الْمَحْسُوسُ وَلَوْ تَنْزِيلًا وَهَذَا مِنْهُ كَأَنَّهُ لِشِدَّةِ اسْتِحْضَارِهِ لَهُ كَأَنَّهُ صَارَ مَحْسُوسًا فَإِنْ قِيلَ: هَلَّا جَازَ أَنْ تُنَزَّلَ الْأَلْفَاظُ الَّتِي وُجِدَتْ فِي الْخَارِجِ وَانْعَدَمَتْ كَأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ مَحْسُوسَةٌ فَتَكُونُ الْإِشَارَةُ الْمُتَأَخِّرَةُ لِمَا فِي الْخَارِجِ فَيَصِحُّ مَا اُشْتُهِرَ.
قُلْنَا: ذَاكَ فِيهِ تَنْزِيلُ الْمَوْجُودِ غَيْرِ الْمَحْسُوسِ مَنْزِلَةَ الْمَحْسُوسِ وَهَذَا فِيهِ تَنْزِيلُ الْمَعْدُومِ مَنْزِلَةَ الْمَوْجُودِ فَارْتَكَبُوا ذَاكَ دُونَ هَذَا فَإِنْ قِيلَ: مَا فِي الذِّهْنِ مِنْ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ لَا يَكُونُ غَالِبًا إلَّا أُمُورًا مُجْمَلَةً وَلَيْسَتْ هِيَ مُسَمَّى الْكِتَابِ وَإِنَّمَا مُسَمَّاهُ الْأَلْفَاظُ الْمُفَصَّلَةُ أُجِيبَ بِأَنَّ فِي الْكَلَامِ مُضَافًا مَحْذُوفًا تَقْدِيرُهُ مُفَصِّلُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ كِتَابُ إلَخْ فَالْإِشَارَةُ لِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ الْمُجْمَلَةِ وَالْإِخْبَارُ عَنْ ذَلِكَ الْمُضَافِ الْمَحْذُوفِ فَإِنْ قِيلَ: الْأَلْفَاظُ الَّتِي وَقَعَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهَا وَأُخْبِرَ عَنْهَا بِكِتَابٍ لَيْسَتْ إلَّا الْمَوْجُودَةَ فِي ذِهْنِ الْمُؤَلِّفِ حِينَ ذَلِكَ فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يُقَالَ كِتَابٌ لِغَيْرِ ذَلِكَ قُلْنَا: لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ إلَّا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُسَمَّى الْكُتُبِ مِنْ حَيِّزِ عِلْمِ الشَّخْصِ وَحِينَئِذٍ يُقَدَّرُ مُضَافٌ آخَرُ أَيْ نَوْعٌ دَالٌّ مُفَصَّلٌ هَذَا وَالْمُخْتَارُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ مِنْ حَيِّزِ عِلْمِ الْجِنْسِ فَلَا حَاجَةَ لِتَقْدِيرِ هَذَا الْمُضَافِ إذْ لَا يَنْحَصِرُ فِيمَا فِي ذِهْنِ الْمُؤَلِّفِ هَكَذَا قَالَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ وَقَوْلُهُ: مِنْ حَيِّزِ عِلْمِ الْجِنْسِ أَيْ بِخِلَافِ مُسَمَّى الْعُلُومِ فَإِنَّهُ مِنْ حَيِّزِ عِلْمِ الشَّخْصِ كَذَا فِي التُّحْفَةِ وَعِبَارَته تَنْبِيهُ التَّحْقِيقِ أَنَّ أَسْمَاءَ الْكُتُبِ مِنْ حَيِّزِ عِلْمِ الْجِنْسِ لَا اسْمِهِ وَإِنْ صَحَّ اعْتِبَارُهُ وَلَا عِلْمِ الشَّخْصِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ وَإِنْ أَلَّفَ فِيهِ بِمَا يَحْتَاجُ رَدُّهُ إلَى بَسْطٍ لَيْسَ هَذَا مَحِلَّهُ وَأَنَّ أَسْمَاءَ الْعُلُومِ مِنْ حَيِّزِ عِلْمِ الشَّخْصِ اهـ بِحُرُوفِهِ.
وَنَازَعَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ نَقْلًا عَنْ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ فَجَعَلَ الْجَمِيعَ مِنْ حَيِّزِ عِلْمِ الشَّخْصِ اهـ رَحْمَانِيٌّ.
1 -
(قَوْلُهُ مُخْتَصَرٌ فِي الْفِقْهِ) أَيْ أَلْفَاظٌ مَخْصُوصَةٌ قَلِيلَةٌ دَالَّةٌ عَلَى جِنْسِ الْفِقْهِ بِمَعْنَى الْمَسَائِلِ الْمَخْصُوصَةِ بِدَلَالَتِهَا عَلَى بَعْضِ تِلْكَ الْمَسَائِلِ وَقَوْلُهُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ أَيْ كَائِنًا ذَلِكَ الْفِقْهُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ كَيْنُونَةَ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَفِي مُسْتَعَارَةٌ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَشْبِيهِ عُلْقَةِ الدَّالِّ وَالْمَدْلُولِ بِعُلْقَةِ الظَّرْفِ وَالْمَظْرُوفِ وَقَدْ تُجْعَلُ عَلَى مُتَعَلِّقَةً بِالدَّلَالَةِ أَوْ بِمَعْنَى فِي مُسْتَعَارَةً لَهَا لِيَكُونَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ بَدَلًا مِنْ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ قَبْلَهُ فَإِنْ قُلْت: كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ مُخْتَصَرٌ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَلِمَ زَادَ قَوْلَهُ فِي الْفِقْهِ؟ قُلْت: إشَارَةٌ لِمَدْحِ مُخْتَصَرِهِ مِنْ جِهَتَيْنِ عُمُومِ كَوْنِهِ فِي الْفِقْهِ