وَالْعَلْفِ فَلَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ قَالَ: أَتْلِفْ الثِّيَابَ وَالدَّابَّةَ فَفَعَلَ لَكِنَّهُ يَعْصِي فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِي لَا إنْ نَهَاهُ مِنْ زِيَادَتِي فِي الْأَوَّلَيْنِ (فَإِنْ أَعْطَاهُ) الْمَالِكُ (عَلَفًا) بِفَتْحِ اللَّامِ (عَلَفَهَا مِنْهُ، وَإِلَّا رَاجَعَهُ، أَوْ وَكِيلَهُ) لِيَعْلِفَهَا، أَوْ يَسْتَرِدَّهَا (فَ) إنْ فَقَدَهُمَا رَاجَعَ (الْقَاضِيَ) لِيَقْتَرِضَ عَلَى الْمَالِكِ، أَوْ يُؤَجِّرَهَا وَيَصْرِفَ الْأُجْرَةَ فِي مُؤْنَتِهَا، أَوْ يَبِيعَ جُزْءًا مِنْهَا كَمَا فِي عَلْفِ اللُّقَطَةِ.
(وَكَأَنْ تَلِفَتْ بِمُخَالَفَةِ) حِفْظٍ (مَأْمُورٍ بِهِ كَقَوْلِهِ: لَا تَرْقُدْ عَلَى الصُّنْدُوقِ) الَّذِي فِيهِ الْوَدِيعَةُ (فَرَقَدَ وَانْكَسَرَ بِهِ) أَيْ بِثِقْلِهِ (وَتَلِفَ مَا فِيهِ بِهِ) أَيْ بِانْكِسَارِهِ لِمُخَالَفَتِهِ الْمُؤَدِّيَةِ لِلتَّلَفِ (لَا) إنْ تَلِفَ (بِغَيْرِهِ) كَسَرِقَةٍ فَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّ رُقَادَهُ عَلَيْهِ زِيَادَةٌ فِي الْحِفْظِ وَالِاحْتِيَاطِ نَعَمْ إنْ كَانَ الصُّنْدُوقُ فِي صَحْرَاءَ فَسُرِقَتْ مِنْ جَانِبِهِ ضَمِنَ إنْ سُرِقَتْ مِنْ جَانِبٍ لَوْ لَمْ يَرْقُدْ عَلَى الصُّنْدُوقِ لَرَقَدَ فِيهِ (وَلَا إنْ نَهَاهُ عَنْ قُفْلَيْنِ) كَأَنْ قَالَ لَهُ: لَا تَقْفِلْ عَلَيْهِ إلَّا قُفْلًا وَاحِدًا (فَأَقْفَلَهُمَا) أَوْ نَهَاهُ عَنْ قُفْلٍ فَأَقْفَلَ فَلَا يَضْمَنُ لِذَلِكَ.
(وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ بِسُوقٍ وَقَالَ: احْفَظْهَا فِي الْبَيْتِ فَأَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ، أَوْ) قَالَ (ارْبِطْهَا) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا (فِي كُمِّك، أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ كَيْفِيَّةَ حِفْظٍ فَأَمْسَكَهَا) بِيَدِهِ (بِلَا رَبْطٍ فِيهِ) أَيْ فِي كُمِّهِ (فَضَاعَتْ بِنَحْوِ غَفْلَةٍ) كَنَوْمٍ (ضَمِنَ) لِتَفْرِيطِهِ (لَا بِأَخْذِ غَاصِبٍ) ؛ لِأَنَّ الْيَدَ أَحْرَزُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ (وَلَا بِجَعْلِهَا بِجَيْبِهِ) بَدَلًا عَنْ الرَّبْطِ فِي كُمِّهِ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزُ مِنْ الْكُمِّ إلَّا إنْ كَانَ الْجَيْبُ وَاسِعًا غَيْرَ مَزْرُورٍ فَيَضْمَنُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِفِعْلِهِ وَهُوَ الْعَلْفُ بَعْدَ نَهْيِ الْمَالِكِ، وَالتَّلَفُ بِالْفِعْلِ مُضَمِّنٌ سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَ الْعِلْمِ، أَوْ مَعَ الْجَهْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِهِ جُوعٌ سَابِقٌ وَجَوَّعَهُ قَدْرًا لَوْ انْضَمَّ إلَى الْأَوَّلِ أَتْلَفَهُ فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ لِعَدَمِ الْفِعْلِ اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَالْعَلْفِ) بِسُكُونِ اللَّامِ أَيْ وَلَا إنْ نَهَاهُ عَنْ الْعَلْفِ الَّذِي هُوَ تَقْدِيمُ الْعَلَفِ بِفَتْحِ اللَّامِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ دَفَعَ لَهُ مَا يَعْلِفُهَا بِهِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ) أَيْ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ التَّهْوِيَةِ وَاللُّبْسِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَيَاعُ مَالٍ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِسَبَبِ فِعْلٍ بَلْ بِسَبَبِ تَرْكٍ تَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: رَاجَعَ الْقَاضِيَ) فَإِنْ فَقَدَ الْحَاكِمَ أَنْفَقَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ إنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ أَشْهَدَ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا نَوَى الرُّجُوعَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي نِيَّةُ الرُّجُوعِ، وَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِشْهَادُ؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِيَقْتَرِضَ عَلَى الْمَالِكِ) وَاَلَّذِي يُنْفِقُهُ عَلَى الْمَالِكِ هُوَ الَّذِي يَحْفَظُهَا مِنْ التَّعَيُّبِ لَا الَّذِي يُسْمِنُهَا وَلَوْ كَانَتْ سَمِينَةً عِنْدَ الْإِيدَاعِ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ عَلْفُهَا بِمَا يَحْفَظُ نَقْصَهَا عَنْ عَيْبٍ يَنْقُصُ قِيمَتَهَا وَلَوْ فَقَدَ الْحَاكِمَ أَنْفَقَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ إنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا رُجُوعَ فِي الْأَوْجَهِ نَعَمْ لَوْ كَانَتْ رَاعِيَةً فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ تَسْرِيحِهَا مَعَ ثِقَةٍ فَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا لَمْ يَرْجِعْ أَيْ إنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ مَنْ يُسَرِّحُهَا مَعَهُ وَإِلَّا فَيَرْجِعُ وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ نَحْوُ الْبَيْعِ، أَوْ الْإِيجَارِ، أَوْ الِاقْتِرَاضِ كَالْحَاكِمِ وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مُطْلَقًا إلَّا بِذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: عَلَى الصُّنْدُوقِ) بِضَمِّ الصَّادِ عَلَى الْأَفْصَحِ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ عَنْ الْبِرْمَاوِيِّ مَا نَصُّهُ: وَالصُّنْدُوقُ بِفَتْحِ الصَّادِ وَضَمِّهَا وَيُقَالُ بِالسِّينِ وَالزَّايِ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: يُقَالُ لِمَا تُجْعَلُ فِيهِ الثِّيَابُ صُوَانٌ فَإِنْ كَانَ مُجَلَّدًا وَفِيهِ مَسَامِيرُ فَهُوَ الصُّنْدُوقُ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا يُجْعَلُ فِيهِ الطِّيبُ فَهُوَ الرَّبْعَةُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَتَلِفَ مَا فِيهِ بِهِ) مَفْهُومُهُ عَدَمُ ضَمَانِهِ إذَا لَمْ يَتْلَفْ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم. (قَوْلُهُ: فِي صَحْرَاءَ) الْمُرَادُ بِهَا غَيْرُ الْحِرْزِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَسُرِقَتْ مِنْ جَانِبِهِ ضَمِنَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ سُرِقَتْ مِنْ غَيْرِ مَرْقَدِهِ، أَوْ فِي بَيْتٍ مُحْرَزٍ، أَوْ لَا مَعَ نَهْيٍ، وَإِنْ سُرِقَتْ مِنْ مَحَلِّ مَرْقَدِهِ؛ لِأَنَّهُ زَادَ احْتِيَاطًا وَلَمْ يَحْصُلْ التَّلَفُ بِفِعْلِهِ حَجّ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: عَنْ قُفْلَيْنِ) بِضَمِّ الْقَافِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَأَقْفَلَهُمَا) فَلَوْ لَمْ يُقْفِلْ عَلَيْهِ أَصْلًا هَلْ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى اللَّفْظِ أَنْ يَكُونَ الْقُفْلُ مَأْمُورًا بِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الضَّمَانِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَضْمَنُ لِذَلِكَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْحِفْظِ قَالَ م ر: وَلَا نَظَرَ لِتَوَهُّمِ كَوْنِهِ إغْرَاءً لِلسَّارِقِ الَّذِي عَلَّلَ بِهِ الْقَائِلُ بِالضَّمَانِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ بِسُوقٍ) خَرَجَ بِالسُّوقِ مَا لَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ فِي الْبَيْتِ وَقَالَ احْفَظْهَا فِيهِ فَيَلْزَمُهُ الْحِفْظُ فِيهِ فَوْرًا فَإِنْ أَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْهَا فِيهِ وَرَبَطَهَا فِي كُمِّهِ، أَوْ شَدَّهَا فِي عَضُدِهِ لَا مِمَّا يَلِي أَضْلَاعَهُ وَخَرَجَ بِهَا، أَوْ لَمْ يَخْرُجْ وَأَمْكَنَ إحْرَازُهَا فِي الْبَيْتِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ أَحْرَزُ مِنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا شَدَّهَا فِي عَضُدِهِ مِمَّا يَلِي أَضْلَاعَهُ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزُ مِنْ الْبَيْتِ وَقَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِمَا إذَا حَصَلَ التَّلَفُ فِي زَمَنِ الْخُرُوجِ لَا مِنْ جِهَةِ الْمُخَالَفَةِ، وَإِلَّا فَيَضْمَنُ اهـ شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ: وَقَالَ احْفَظْهَا فِيهِ أَيْ فِي الْبَيْتِ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ احْفَظْهَا لَمْ يَضْمَنْ بِالْخُرُوجِ بِهَا مِنْ الْبَيْتِ، وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ الْآنَ حِفْظُهَا بِأَيِّ وَجْهٍ اتَّفَقَ مِنْ وُجُوهِ الْحِفْظِ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَأَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ) الْمُرَادُ بِالْعُذْرِ هُنَا مَا كَانَ ضَرُورِيًّا، أَوْ مُقَارِبًا لَهُ إذْ لَيْسَ مِنْهُ مَا لَوْ جَرَتْ عَادَتُهُ أَنَّهُ لَا يَذْهَبُ مِنْ حَانُوتِهِ مَثَلًا إلَّا آخِرَ النَّهَارِ، وَإِنْ كَانَ حَانُوتُهُ حِرْزًا لَهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ م ر لَوْ قَالَ لَهُ وَهُوَ فِي حَانُوتِهِ: احْمِلْهَا إلَى بَيْتِك لَزِمَهُ أَنْ يَقُومَ فِي الْحَالِ وَيَحْمِلَهَا إلَيْهِ فَلَوْ تَرَكَهَا فِي حَانُوتِهِ وَلَمْ يَحْمِلْهَا إلَى الْبَيْتِ مَعَ الْإِمْكَانِ ضَمِنَ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَلَا اعْتِبَارَ بِعَادَتِهِ؛ لِأَنَّهُ وَرَّطَ نَفْسَهُ بِقَبُولِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ حِسْبَةً، أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْبَاءِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا) فِي الْمِصْبَاحِ رَبَطَ رَبْطًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَمِنْ بَابِ قَتَلَ لُغَةٌ وَالرِّبَاطُ مَا يُرْبَطُ بِهِ الْقِرْبَةُ وَغَيْرُهَا وَالْجَمْعُ رُبُطٌ مِثْلُ كِتَابٍ وَكُتُبٍ وَيُقَالُ لِلْمُصَابِ رَبَطَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ بِالصَّبْرِ كَمَا يُقَالُ أَفْرَغَ عَلَيْهِ الصَّبْرَ أَيْ أَلْهَمَهُ وَالرِّبَاطُ اسْمٌ مِنْ رَابَطَ مُرَابَطَةً مِنْ بَابِ قَاتَلَ إذَا لَازَمَ ثَغْرَ الْعَدُوِّ وَالرِّبَاطُ الَّذِي يُبْنَى لِلْفُقَرَاءِ مُوَلَّدٌ وَيُجْمَعُ فِي الْقِيَاسِ عَلَى رُبُطٍ بِضَمَّتَيْنِ وَرِبَاطَاتٍ. (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ غَفْلَةٍ) كَنَوْمٍ وَلَوْ نَامَ وَمَعَهُ الْوَدِيعَةُ فَضَاعَتْ فَإِنْ كَانَتْ بِحَضْرَةِ مَنْ يَحْفَظُهَا، أَوْ فِي مَحَلِّ حِرْزٍ لَهَا لَمْ يَضْمَنْ، وَإِلَّا ضَمِنَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا بِجَعْلِهَا بِجَيْبِهِ) لَا فَرْقَ فِي الْجَيْبِ بَيْنَ الَّذِي فِي فَتْحَةِ الْقَمِيصِ وَاَلَّذِي بِجَانِبِهِ أَيْ إنْ غُطِّيَ