لِعَجْزِهِ عَنْ ذَلِكَ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْقَاضِي أَمَّا الْقَاضِي إذَا مَاتَ وَلَمْ يُوجَدْ مَالُ الْيَتِيمِ فِي تَرِكَتِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينُ الشَّرْعِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأُمَنَاءِ وَلِعُمُومِ وِلَايَتِهِ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ قَالَ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إذَا فَرَّطَ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهَذَا تَصْرِيحٌ مِنْهُ بِأَنَّ عَدَمَ إيصَائِهِ لَيْسَ تَفْرِيطًا، وَإِنْ مَاتَ عَنْ مَرَضٍ وَهُوَ الْوَجْهُ وَقَدْ أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
(وَكَأَنْ يَدْفِنَهَا بِمَوْضِعٍ وَيُسَافِرَ وَلَمْ يُعْلِمْ بِهَا أَمِينًا يُرَاقِبُهَا) ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهَا لِلضَّيَاعِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْلَمَ بِهَا أَمِينًا يُرَاقِبُهَا، وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ الْمَوْضِعَ؛ لِأَنَّ إعْلَامَهُ بِمَنْزِلَةِ إيدَاعِهِ فَشَرْطُ فَقْدِ الْقَاضِي وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ السُّكْنَى وَلَيْسَ مُرَادًا.
(وَكَأَنْ لَا يَدْفَعَ مُتْلِفَاتِهَا كَتَرْكِ تَهْوِيَةِ ثِيَابِ صُوفٍ، أَوْ) تَرْكِ (لُبْسِهَا عِنْدَ حَاجَتِهَا) لِذَلِكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَضَاعَتْ ضَمِنَ وَكَذَا لَوْ دَفَنَهَا خَوْفًا مِنْهُمْ عِنْدَ إقْبَالِهِمْ، ثُمَّ أَضَلَّ مَوْضِعَهَا؛ إذْ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى تُؤْخَذَ مِنْهُ فَتَصِيرَ مَضْمُونَةً عَلَى آخِذِهَا اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: لِعَجْزِهِ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ وَكَانَ الطَّرِيقُ آمِنًا فَيَضْمَنُ فِي الْمَخُوفِ مَا لَمْ يَكُنْ احْتِمَالُ الْهَلَاكِ فِي الْحَضَرِ أَقْرَبَ مِنْهُ فِي السَّفَرِ كَمَا بَحَثَهُ شَيْخُنَا اهـ سَبْط طب. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْقَاضِي أَمَّا الْقَاضِي إذَا مَاتَ إلَخْ) اُنْظُرْ إذَا تَمَكَّنَ الْقَاضِي مِنْ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ وَلَمْ يَفْعَلْ هَلْ يَصِيرُ كَمَا فِي تَرْكِ الْإِيصَاءِ حَرِّرْهُ وَأَخَذَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّهُ أَمِينُ الشَّرْعِ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِمَالِ الْيَتِيمِ وَأَنَّهُ يَضْمَنُ بِتَرْكِ الْإِيصَاءِ الْوَدِيعَةِ كَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَمِينُ الْمَالِكِ لَا الشَّرْعِ وَأَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَالِ الْيَتِيمِ الْوَدِيعَةِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ عِنْدَ إيدَاعِ الْمَالِكِ إيَّاهُ لَا يَكُونُ أَمِينَ الشَّرْعِ بَلْ فِيهِ جِهَتَانِ كَوْنُهُ أَمِينَ الشَّرْعِ وَكَوْنُهُ أَمِينَ الْمَالِكِ، وَالْمُغَلَّبُ فِي حَقِّهِ أَمَانَةُ الشَّرْعِ، ثُمَّ رَأَيْت م ر وَافَقَ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّ الْوَدِيعَةَ كَمَالِ الْيَتِيمِ فِيمَا ذَكَرَ وَأَنَّهُ أَمِينُ الشَّرْعِ مُطْلَقًا وَأَنْكَرَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ اهـ سم. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ سَائِرِ الْأُمَنَاءِ) فَإِنَّ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ يَضْمَنُ بِالسَّفَرِ أَوْ الْمَوْتِ إذَا لَمْ يُوصِ بِهَا وَفِي كَلَامِ حَجّ أَنَّ أَحَدَ الْأُمَنَاءِ إذَا تَرَكَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ يَصِيرُ ضَامِنًا بِمُجَرَّدِ نَحْوِ الْمَرَضِ حَتَّى لَوْ تَلِفَتْ بِآفَةٍ فِي مَرَضِهِ، أَوْ بَعْدَ صِحَّتِهِ ضَمِنَهَا اهـ ح ل وَهَذَا بِخِلَافِ مَا فِي شَرْحِ م ر وَنَصُّ عِبَارَتِهِ: وَمَحَلُّ الضَّمَانِ بِغَيْرِ إيصَاءٍ، وَإِيدَاعٍ إذَا تَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا قَبْلَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَمَالَ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ كَالسَّفَرِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الضَّمَانُ إلَّا بِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ ذَهَبَ الْإِسْنَوِيُّ إلَى كَوْنِهِ ضَامِنًا بِمُجَرَّدِ الْمَرَضِ حَتَّى لَوْ تَلِفَتْ بِآفَةٍ فِي مَرَضِهِ، أَوْ بَعْدَ صِحَّتِهِ ضَمِنَهَا كَسَائِرِ أَسْبَابِ التَّقْصِيرِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) لَمْ يَزِدْ فِيهِ عَلَى عِبَارَتِهِ هُنَا إلَّا قَوْلَهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقَاضِي الْأَمِينِ وَنَقَلَ التَّصْرِيحَ بِهِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ اهـ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ إنْ شِئْت.
(قَوْلُهُ: وَكَأَنْ يَدْفِنَهَا إلَخْ) يُقَالُ دَفَنْت الشَّيْءَ دَفْنًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَخْفَيْته تَحْتَ أَطْبَاقِ التُّرَابِ فَهُوَ دَفِينٌ وَمَدْفُونٌ فَانْدَفَنَ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْلَمَ بِهَا أَمِينًا) أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَظَنُّ الْأَمَانَةِ لَا يَكْفِي لَوْ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فَشَرْطُهُ فَقْدُ الْقَاضِي) أَيْ وَفَقْدُ مَنْ قَبْلَهُ مِنْ الْمَالِكِ، أَوْ وَكِيلِهِ اهـ سَبْط طب.
(قَوْلُهُ: وَكَأَنْ لَا يَدْفَعَ مُتْلِفَاتِهَا) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ الْقَادِرُ عَلَى دَفْعِهَا بِلَا ضَرَرٍ عَلَيْهِ وَلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً فَلَوْ وَقَعَ حَرِيقٌ فِي مَحَلِّهَا وَفِيهِ مَتَاعٌ لَهُ مَعَهَا فَقَدَّمَ مَتَاعَهُ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا إنْ سَهُلَ نَقْلُهَا مَعَهُ وَلَوْ كَانَ فِيهِ وَدَائِعُ فَنَقَلَ بَعْضَهَا وَتَلِفَ بَعْضُهَا لَمْ يَضْمَنْ إلَّا مَا قَصَّرَ فِي نَقْلِهِ مِنْهَا وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى عَدَمِ التَّمَكُّنِ فِي هَذِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
وَعِبَارَةُ س ل: قَوْلُهُ: وَكَأَنْ لَا يَدْفَعَ مُتْلِفَاتِهَا إلَخْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ وَقَعَ فِي خِزَانَةِ الْوَدِيعِ حَرِيقٌ فَبَادَرَ لِنَقْلِ أَمْتِعَتِهِ فَاحْتَرَقَتْ الْوَدِيعَةُ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا إنْ أَمْكَنَهُ إخْرَاجُ الْكُلِّ دَفْعَةً أَيْ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً لِمِثْلِهِ أَوْ كَانَتْ فَوْقُ فَنَحَّاهَا وَأَخْرَجَ مَالَهُ الَّذِي تَحْتَهَا وَتَلِفَتْ بِسَبَبِ التَّنْحِيَةِ كَمَا اسْتَوْجَهَهُ حَجّ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا وَدَائِعُ فَبَادَرَ لِنَقْلِ بَعْضِهَا فَاحْتَرَقَ مَا تَأَخَّرَ نَقْلُهُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: ثِيَابِ صُوفٍ) أَيْ وَنَحْوِهِ مِنْ شَعْرٍ وَوَبَرٍ وَغَيْرِهِمَا اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ تَرْكِ لُبْسِهَا عِنْدَ حَاجَتِهَا) عِبَارَةُ م ر وَكَذَا عَلَيْهِ لُبْسُهَا بِنَفْسِهِ إنْ لَاقَ بِهِ عِنْدَ حَاجَتِهَا بِأَنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِ الدُّودِ بِسَبَبِ عَبَقِ رِيحِ الْآدَمِيِّ بِهَا، نَعَمْ إنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ لُبْسُهَا أَلْبَسَهَا مَنْ يَلِيقُ بِهِ بِهَذَا الْقَصْدِ قَدْرَ الْحَاجَةِ مَعَ مُلَاحَظَتِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ ضَمِنَ مَا لَمْ يَنْهَهُ نَعَمْ لَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهَا كَثَوْبِ حَرِيرٍ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَلْبَسُهُ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ، أَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يَرْضَ إلَّا بِالْأُجْرَةِ فَالْوَجْهُ الْجَوَازُ بَلْ الْوُجُوبُ وَلَوْ كَانَتْ الثِّيَابُ كَثِيرَةً بِحَيْثُ يَحْتَاجُ لُبْسُهَا إلَى مُضِيِّ زَمَنٍ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فَالْأَقْرَبُ أَنَّ لَهُ رَفْعَ الْأَمْرِ لِلْحَاكِمِ لِيَفْرِضَ لَهُ أُجْرَةً فِي مُقَابَلَةِ لُبْسِهَا؛ إذْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَبْذُلَ مَنْفَعَتَهُ مَجَّانًا كَالْحِرْزِ، وَقَوْلُهُ: بِأَنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا إلَخْ قَالَ حَجّ: وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ نَحْوِ اللُّبْسِ لِأَجْلِ ذَلِكَ، وَإِلَّا ضَمِنَ بِهِ وَيُوَجَّهُ فِي حَالِ الْإِطْلَاقِ بِأَنَّ الْأَصْلَ الضَّمَانُ حَتَّى يُوجَدَ صَارِفٌ اهـ ع ش.
(فَرْعٌ) قَالَ م ر: إذَا أَوْدَعَهُ خَاتَمًا فَلَبِسَهُ فَإِنْ لَبِسَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فِي لُبْسِهِ، أَوْ قَصَدَ بِلُبْسِهِ اسْتِعْمَالَهُ وَالِانْتِفَاعَ بِهِ ضَمِنَ، وَإِلَّا بِأَنْ لَبِسَهُ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فِي لُبْسِهِ لِمِثْلِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ بِلُبْسِهِ مَا ذُكِرَ لَمْ يَضْمَنْ وَيَخْتَلِفُ اللُّبْسُ الْمُعْتَادُ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ هَذَا حَاصِلُ أَمْرِهِ وَالِاحْتِيَاطُ فِي الْخُنْثَى جَعْلُهُ كَالرَّجُلِ فَلَا ضَمَانَ بِلُبْسِهِ فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ أَمَانَتِهِ وَعَدَمُ