لِمَنْ يَتَكَلَّمُ فِي خَلَاصِهِ بِجَاهِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ (وَ) عَدَمُ (تَأْقِيتِهِ) ؛ لِأَنَّ تَأْقِيتَهُ قَدْ يُفَوِّتُ الْغَرَضَ فَيَفْسُدُ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْعَمَلُ الَّذِي يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا عَسُرَ عِلْمُهُ لِلْحَاجَةِ كَمَا فِي عَمَلِ الْقِرَاضِ بَلْ أَوْلَى، فَإِنْ لَمْ يَعْسُرْ عِلْمُهُ اُعْتُبِرَ ضَبْطُهُ إذْ لَا حَاجَةَ إلَى احْتِمَالِ الْجَهْلِ فَفِي بِنَاءِ حَائِطٍ يَذْكُرُ مَوْضِعَهُ وَطُولَهُ وَعَرْضَهُ وَارْتِفَاعَهُ وَمَا يُبْنَى بِهِ وَفِي الْخِيَاطَةِ يُعْتَبَرُ وَصْفُهَا وَوَصْفُ الثَّوْبِ وَأَكْثَرُ مَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) شَرْطٌ (فِي الْجُعْلِ مَا) مَرَّ (فِي الثَّمَنِ) هُوَ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ فَمَا لَا يَصِحُّ ثَمَنًا لِجَهْلٍ أَوْ نَجَاسَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ كَالْبَيْعِ وَلِأَنَّهُ مَعَ الْجَهْلِ لَا حَاجَةَ إلَى احْتِمَالِهِ هُنَا كَالْإِجَارَةِ بِخِلَافِهِ فِي الْعَمَلِ وَالْعَامِلِ وَلِأَنَّهُ لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَرْغَبُ فِي الْعَمَلِ مَعَ جَهْلِهِ بِالْجُعْلِ فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْعَقْدِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْعِلْجِ، وَسَتَأْتِي فِي الْجِهَادِ وَمَا لَوْ وَصَفَ الْجُعْلَ بِمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ كَوْنُهُ ثَمَنًا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ فَاحْتِيطَ لَهُ بِخِلَافِ الْجَعَالَةِ (وَلِلْعَامِلِ فِي) جُعْلٍ (فَاسِدٍ يَقْصِدُ أُجْرَةً) كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ بِخِلَافِ مَا لَا يُقْصَدُ كَالدَّمِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.
(وَ) شَرْطٌ (فِي الصِّيغَةِ لَفْظٌ) أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا مَرَّ فِي الضَّمَانِ (مِنْ طَرَفِ الْمُلْتَزِمِ يَدُلُّ عَلَى إذْنِهِ فِي الْعَمَلِ بِجُعْلٍ) لِأَنَّهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ لِمَنْ يَتَكَلَّمُ فِي خَلَاصِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا تَكَلَّمَ فِي خَلَاصِهِ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ، وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ إطْلَاقُ الْمَحْبُوسِ بِكَلَامِهِ لَكِنْ فِي سم عَلَى حَجّ فِيمَا لَوْ جَاعَلَهُ عَلَى الرُّقْيَا أَوْ الْمُدَاوَاةِ أَنَّهُ إنْ جَعَلَ الشِّفَاءَ غَايَةً لِلرُّقْيَا وَالْمُدَاوَاةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا إذَا حَصَلَ الشِّفَاءُ وَإِلَّا اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ مُطْلَقًا اهـ فَقِيَاسُهُ هُنَا أَنَّهُ إنْ جَعَلَ خُرُوجَهُ مِنْ الْحَبْسِ غَايَةً لِتَكَلُّمِ الْوَاسِطَةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا إذَا خَرَجَ مِنْهُ وَفِي كَلَامِ سم أَيْضًا بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ جَوَازُ الْجَعَالَةِ عَلَى رَدِّ الزَّوْجَةِ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهَا نَقْلًا عَنْ الرَّافِعِيِّ ثُمَّ تَوَقَّفَ فِيهِ وَأَقُولُ الْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَنْ حُبِسَ ظُلْمًا اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ كُلْفَةٌ تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ اهـ. زي كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ وَشَرَطَ فِي الْعَمَلِ كُلْفَةً اهـ. ع ش (قَوْلُهُ كَمَا فِي عَمَلِ الْقِرَاضِ بَلْ أَوْلَى) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا اُغْتُفِرَ الْجَهْلُ فِي الْقِرَاضِ مُطْلَقًا فَلَأَنْ يُغْتَفَرَ جَهْلُ الَّذِي عَسُرَ عِلْمُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى اهـ. ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ اُحْتُمِلَتْ فِي الْقِرَاضِ لِحُصُولِ زِيَادَةٍ فَاحْتِمَالُهَا فِي رَدِّ الْحَاصِلِ أَوْلَى انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَأَكْثَرُ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِي كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مُرَاجَعَةِ عِبَارَةِ الْأَصْلِ.
(قَوْلُهُ وَشَرَطَ فِي الْجُعْلِ إلَخْ) لَوْ جَعَلَ لَهُ جُزْءًا مِنْ الرَّقِيقِ الَّذِي يَرُدُّهُ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ الْبُطْلَانُ حَيْثُ حَاوَلَ فِيهِ إجْرَاءَ خِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْمُرْضِعَةِ الَّتِي تُسْتَأْجَرُ بِجُزْءٍ مِنْ الرَّقِيقِ بَعْدَ الْفِطَامِ وَنَازَعَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ لَا تُسْتَحَقُّ هُنَا إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْمَفْهُومِ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِيمَا لَا يَصِحُّ ثَمَنًا إلَخْ، وَقَوْلُهُ مَسْأَلَةُ الْعِلْجِ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ الْكَافِرُ الْغَلِيظُ بِأَنْ قَالَ لَهُ الْإِمَامُ إنْ دَلَلْتنِي عَلَى قَلْعَةِ كَذَا فَلَكَ أَمَةٌ مِنْهَا، وَقَوْلُهُ وَسَتَأْتِي فِي الْجِهَادِ وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَلِإِمَامٍ مُعَاقَدَةُ كَافِرٍ يَدُلُّ عَلَى قَلْعَةِ كَذَا بِأَمَةٍ مِنْهَا، فَإِنْ فَتَحَهَا بِدَلَالَتِهِ وَفِيهَا الْأَمَةُ حَيَّةً وَلَمْ تُسْلِمْ قَبْلَهُ أُعْطِيَهَا أَوْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ وَبَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ مَاتَتْ بَعْدَ الظَّفَرِ فَقِيمَتَهَا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ انْتَهَتْ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ قَالَ حُجَّ عَنِّي وَأُعْطِيك نَفَقَتَك فَيَجُوزُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا لَا يُسْتَثْنَى؛ لِأَنَّ هَذَا عَقْدُ إرْفَاقٍ لَا جَعَالَةٍ، وَإِنَّمَا يَكُونُ جَعَالَةً إذَا جَعَلَهُ عِوَضًا فَقَالَ حُجَّ عَنِّي بِنَفَقَتِك اهـ. شَرْحُ م ر.
وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا عَقْدُ إرْفَاقٍ قَالَ حَجّ وَإِذَا قُلْنَا بِأَنَّهُ إرْفَاقٌ لَزِمَهُ كِفَايَتُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ هَلْ الْمُرَادُ كِفَايَةُ أَمْثَالِهِ عُرْفًا أَوْ كِفَايَةُ ذَاتِهِ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي كِفَايَةِ الْقَرِيبِ وَالْقِنُّ كُلُّ مُحْتَمَلٍ اهـ. أَقُولُ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي إنْ عَلِمَ بِحَالِهِ قَبْلَ سُؤَالِهِ فِي الْحَجِّ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ ثُمَّ هَلْ الْمُرَادُ بِاللُّزُومِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ وَقْتِ خُرُوجِهِ حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ أُجْبِرَ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ وَقْتِ الْإِحْرَامِ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا فَرَغَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَقَبْلَ الْفَرَاغِ لِلْمُجَاعِلِ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَالْجَعَالَةِ وَهِيَ جَائِزَةٌ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَخِيرُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَنْفَقَ بَعْضَ الطَّرِيقِ ثُمَّ رَجَعَ وَقُلْنَا بِجَوَازِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ لِوُقُوعِ الْحَجِّ لِمُبَاشِرِهِ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْمَعْضُوبُ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ ثُمَّ شُفِيَ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَمَا لَوْ وَصَفَ الْجُعْلَ) أَيْ الْمُعَيَّنَ بِمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ اعْتِبَارُ الْوَصْفِ فِي الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُمْ مَنَعُوهُ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَغَيْرِهِمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِدُخُولِ التَّخْفِيفِ هُنَا فَلَمْ يُشَدِّدْ فِيهَا بِخِلَافِ نَحْوِ الْبَيْعِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ كَوْنُهُ ثَمَنًا) أَيْ؛ لِأَنَّ وَصْفَ الْمُعَيَّنِ عُسْرٌ لَا يُغْنِي عَنْ رُؤْيَتِهِ، وَلَوْ وَصَفَهُ بِصِفَاتِ السَّلَمِ هَاهُنَا صَحَّ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْجَعَالَةِ أَيْ فَإِنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ دَخَلَهُ التَّخْفِيفُ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ وَفِي الصِّيغَةِ لَفْظٌ مِنْ طَرَفِ الْمُلْتَزِمِ إلَخْ) فَلَوْ قَالَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ فِي رَقِيقٍ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ فَرَدَّهُ شَرِيكُهُ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ اهـ. شَرْحُ م ر أَيْ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ عَلَى الْقَائِلِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ رَدَّهُ غَيْرُ الشَّرِيكِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ شَرِكَةٌ فِي بَهَائِمَ فَسُرِقَتْ الْبَهَائِمُ أَوْ غُصِبَتْ فَسَعَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي تَخْلِيصِهَا وَرَدَّهَا وَغَرِمَ عَلَى ذَلِكَ دَرَاهِمَ وَلَمْ يَلْتَزِمْ شَرِيكُهُ مِنْهَا شَيْئًا، وَهُوَ أَنَّ الْغَارِمَ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى شَرِيكِهِ بِشَيْءٍ مِمَّا غَرِمَهُ وَمِنْ الِالْتِزَامِ مَا لَوْ قَالَ كُلُّ شَيْءٍ غَرِمْته أَوْ صَرَفْته كَانَ عَلَيْنَا وَيُغْتَفَرُ الْجَهْلُ بِمِثْلِهِ لِلْحَاجَةِ. اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ يَدُلُّ عَلَى إذْنِهِ فِي الْعَمَلِ بِجُعْلٍ) فَلَوْ عَمِلَ أَحَدٌ بِلَا إذْنٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَمِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي قُرَى مِصْرِنَا مِنْ أَنَّ جَمَاعَةً اعْتَادُوا حِرَاسَةَ الْجَرِينِ نَهَارًا وَجَمَاعَةً اعْتَادُوا حِرَاسَتَهُ لَيْلًا، فَإِنْ اتَّفَقَتْ مُعَاقَدَتُهُمْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَهْلِ الْجَرِينِ أَوْ مِنْ بَعْضِهِمْ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ لَهُمْ فِي الْعَقْدِ اسْتَحَقَّ الْحَارِسُونَ مَا جُعِلَ لَهُمْ إنْ كَانَتْ الْجَعَالَةُ صَحِيحَةً وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَأَمَّا إنْ بَاشَرُوا