لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ سَابِقٌ كَأَنْ جَاءَ اثْنَانِ إلَيْهِ مَعًا (أَقْرَعَ) بَيْنَهُمَا إذْ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ نَعَمْ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ.
(وَمَنْ سَبَقَ إلَى مَحَلٍّ مِنْهُ لِحِرْفَةٍ وَفَارَقَهُ لِيَعُودَ) إلَيْهِ (وَلَمْ تَطُلْ مُفَارِقَتُهُ بِحَيْثُ انْقَطَعَ) عَنْهُ (إلَافُهُ) لِمُعَامَلَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (فَحَقُّهُ بَاقٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» وَلِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ تَعَيُّنِ الْمَوْضِعِ أَنْ يُعْرَفَ بِهِ فَيُعَامَلُ فَإِنْ فَارَقَهُ لَا لِيَعُودَ بَلْ لِتَرْكِهِ الْحِرْفَةَ أَوْ الْمَحَلَّ أَوْ فَارَقَهُ لِيَعُودَ وَطَالَتْ مُفَارِقَتُهُ بِحَيْثُ انْقَطَعَتْ إلَافُهُ بَطَلَ حَقُّهُ لِإِعْرَاضِهِ عَنْهُ وَإِنْ تَرَكَ فِيهِ مَتَاعَهُ أَوْ كَانَ جُلُوسُهُ فِيهِ بِإِقْطَاعِ الْإِمَامِ أَوْ فَارَقَهُ بِعُذْرٍ كَسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُفَارِقَتَهُ لَا بِقَصْدِ عَوْدٍ وَلَا عَدَمِهِ كَمُفَارِقَتِهِ بِقَصْدِ عَوْدٍ وَلَوْ جَلَسَ لِاسْتِرَاحَةٍ أَوْ نَحْوِهَا بَطَلَ حَقُّهُ بِمُفَارِقَتِهِ وَمَتَى لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ فَلِغَيْرِهِ الْقُعُودُ فِيهِ مُدَّةَ غَيْبَتِهِ وَلَوْ لِمُعَامَلَةٍ (أَوْ) سَبَقَ إلَى مَحَلٍّ (مِنْ مَسْجِدٍ لِنَحْوِ إفْتَاءٍ) كَإِقْرَاءِ قُرْآنٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ عِلْمٍ مُتَعَلِّقٍ بِالشَّرْعِ أَوْ سَمَاعِ دَرْسٍ بَيْنَ يَدَيْ مُدَرِّسٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَارِيَّةُ لِوُجُودِ عَلَامَةِ التَّأْنِيثِ وَأَمَّا مَعَ حَذْفِ الْعَلَامَةِ فَمُذَكَّرٌ فَيُقَالُ هُوَ الْبَارِي وَقَالَ الْمُطَرِّزِيِّ الْبَارِي الْحَصِيرُ وَيُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ الْبُورِيَاءُ اهـ (قَوْلُهُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ) عِبَارَتُهُ فِيمَا مَرَّ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «مَنْ سَبَقَ إلَى مَا لَمْ يَسْبِقْ إلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ لَهُ أَيْ» اخْتِصَاصًا لَا مِلْكًا اهـ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا إلَخْ) مَأْخُوذٌ مِنْ الْعِلَّةِ لِأَنَّ لَهُ مَزِيَّةً عَلَى الْكَافِرِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ) أَيْ لِأَنَّ انْتِفَاعَ الذِّمِّيِّ بِدَارِنَا إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ التَّبَعِ لَنَا اهـ شَرْحُ م ر اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ فَهُوَ أَحَقُّ) أَيْ مُسْتَحِقٌّ دُونَ الذِّمِّيِّ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَمَنْ سَبَقَ إلَى مَحَلٍّ مِنْهُ إلَخْ) وَيَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي السُّوقِ الَّذِي يُقَامُ فِي كُلِّ شَهْرٍ أَوْ كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً مَثَلًا اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَفَارَقَهُ لِيَعُودَ إلَيْهِ) أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى خِلَافِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ بِحَيْثُ انْقَطَعَ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِطُولِ الْمَنْفَى (قَوْلُهُ بِحَيْثُ انْقَطَعَ عَنْهُ إلَافُهُ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةٌ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَنْقَطِعَ إلَافُهُ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعُوا مِنْ ابْتِدَاءِ الْغَيْبَةِ اهـ. سم عَلَى مَنْهَجٍ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَالْأُلَّافُ جَمْعُ آلِفٍ كَعُذَّالٍ جَمْعُ عَاذِلٍ وَكُفَّارٍ جَمْعُ كَافِرٍ (قَوْلُهُ فَحَقُّهُ بَاقٍ) أَيْ فَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ الْعَالِمِ بِهِ الْجُلُوسُ فِيهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَظَنِّ رِضَاهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُفَارِقَتَهُ إلَخْ) هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَفْهُومِ فَفِي مَفْهُومِ الْمَتْنِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ فِرَاقُهُ بِقَصْدِ شَيْءٍ آخَرَ غَيْرَ الْعَوْدِ سَقَطَ حَقُّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْصِدُ الْعَوْدَ وَلَا عَدَمَهُ فَهُوَ كَقَصْدِ الْعَوْدِ وَهَذَا أَحْسَنُ مِمَّا فَهِمَهُ الْمُحَشِّي (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُفَارِقَتَهُ إلَخْ) هَذَا وَاضِحٌ إنْ أَلِفَ ذَلِكَ الْمَكَانَ وَتَعَوُّدَهُ أَوْ قَصَدَ بِأَوَّلِ مَجِيئِهِ فِيهِ أَنْ لَا يُفَارِقَهُ وَقْتَ الْمُعَامَلَةِ وَأَمَّا إذَا جَاءَ مَرَّةً وَلَمْ يَقْصِدْ مَا ذَكَرَ وَفَارَقَهُ لَا بِقَصْدِ عَوْدٍ وَلَا عَدَمِهِ فَبَقَاءُ حَقِّهِ بَعِيدٌ فَالْوَجْهُ انْقِطَاعُ حَقِّهِ اهـ. س ل.
(قَوْلُهُ وَلَوْ جَلَسَ لِاسْتِرَاحَةٍ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِحِرْفَةٍ (قَوْلُهُ لِاسْتِرَاحَةٍ أَوْ نَحْوِهَا) كَانْتِظَارِ رَفِيقٍ وَسُؤَالٍ وَكَذَا لَوْ كَانَ جَوَّالًا يَقْعُدُ كُلَّ يَوْمٍ فِي مَوْضِعٍ مِنْ السُّوقِ وَيَكْرَهُ الْجُلُوسُ فِي الشَّارِعِ لِحَدِيثٍ أَوْ نَحْوِهِ إنْ لَمْ يُعْطِهِ حَقَّهُ مِنْ غَضِّ بَصَرٍ وَكَفِّ أَذًى وَرَدِّ سَلَامٍ وَأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكِرٍ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ مَسْجِدٍ لِنَحْوِ إفْتَاءٍ) وَيُسَنُّ مَنْعُ مَنْ جَلَسَ فِيهِ لِمُبَايَعَةٍ أَوْ حِرْفَةٍ وَيَمْنَعُ مَنْ هُوَ بِحَرِيمِهِ إنْ أَضَرَّ بِأَهْلِهِ وَيُنْدَبُ مَنْعُ النَّاسِ مِنْ اسْتِطْرَاقِ حِلَقِ الْقُرَّاءِ وَالْفُقَهَاءِ فِي الْجَوَامِعِ تَوْقِيرًا لَهُمْ. اهـ. شَرْحُ م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(فَرْعٌ) يُنْدَبُ مَنْعُ مَنْ جَلَسَ فِيهِ أَيْ الْمَسْجِدِ لِحِرْفَةٍ أَوْ مُعَامَلَةٍ بَلْ يَجِبُ إنْ كَانَ فِيهَا ازْدِرَاءٌ بِهِ وَيَحْرُمُ حِينَئِذٍ فِعْلُهَا فِيهِ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِيهَا تَضْيِيقٌ عَلَى أَهْلِهِ وَلَوْ بِاجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَيْهِ كَالْكَاتِبِ بِالْأُجْرَةِ وَيُنْدَبُ مَنْعُ مَنْ يَتَطَرَّقُ حِلَقَ الْفُقَهَاءِ وَالْقُرَّاءِ تَوْقِيرًا لَهُمْ.
(تَنْبِيهٌ) يُزْعِجُ مُدَرِّسٌ تَرَكَ التَّدْرِيسَ فِي الْمَسَاجِدِ مَثَلًا وَمُتَعَلِّمٌ تَرَكَ التَّعَلُّمَ وَصُوفِيٌّ تَرَكَ فِيهَا التَّعَبُّدَ وَأَمَّا مَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ بَطَالَةِ الْمُدَرِّسِينَ فِي الْمَدَارِسِ فَيَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَ مَعْلُومِهَا لِشَيْخٍ لَمْ يُدَرِّسْ وَمُتَعَلِّمٍ لَمْ يَحْضُرْ إذَا حَضَرَ الْمُدَرِّسُ لِأَنَّ زَمَنَ بَطَالَتِهِمْ غَيْرُ مُعْتَادٍ فِيمَا سَبَقَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ أَخْذُ الْمَعْلُومِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ حَيْثُ لَمْ يُرَاعُوا مَا كَانَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِمْ فِي الْمُتَعَلِّمِ إذَا حَضَرَ الْمُدَرِّسُ مَا إذَا لَمْ يَحْضُرْ الْمُدَرِّسُ فَلَا يَسْقُطْ مَعْلُومُ الْمُتَعَلِّمِ. (فُرُوعٌ) لِبُيُوتِ الرِّبَاطَاتِ وَالْمَدَارِسِ وَنَحْوِهَا حُكْمُ مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ فِيمَا مَرَّ وَلَا يُبَاحُ سُكْنَاهَا إلَّا لِفَقِيهٍ مُطْلَقًا أَوْ لِمَنْ فِيهِ شَرْطُ وَاقِفِهَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ دُخُولُ الْمَسَاجِدِ وَنَحْوِهَا لِنَحْوِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنَوْمٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِمَّا لَمْ يَضِقْ وَلَمْ يَقْذَرْ وَلَمْ يُطْلَبْ تَرْكُهُ فِيهَا كَمَا مَرَّ اهـ. (قَوْلُهُ كَإِقْرَاءِ قُرْآنٍ) مِنْهُ تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ لِحِفْظِهِ فِي الْأَلْوَاحِ وَخَرَجَ مَا لَوْ جَلَسَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَلَا يَصِيرُ أَحَقَّ بِهِ وَمِنْ ذَلِكَ قِرَاءَةُ الْأَسْبَاعِ الَّتِي تُفْعَلُ بِالْمَسَاجِدِ مَا لَمْ يَكُنْ الشَّارِطُ لِمَحَلٍّ بِعَيْنِهِ الْوَاقِفَ لِلْمَسْجِدِ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ وَيُقْرِئُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ يُعَلِّمُ النَّاسَ الْقُرْآنَ وَلَوْ بِنَحْوِ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ أَوْ بِحِفْظِ الْأَلْوَاحِ وَمِثْلُهُ مَنْ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَنْ يَقْرَأُ مَا يَحْفَظُهُ أَوْ لِحِفْظِ مَا فِي لَوْحِهِ مَثَلًا أَوْ لِقِرَاءَةٍ فِي مُصْحَفٍ وَقْفٍ أَوْ كِتَابَةٍ مِنْهُ أَوْ قِرَاءَةِ نَحْوِ سَبْعٍ فَيَنْقَطِعُ حَقُّهُ بِمُفَارِقَتِهِ إلَّا لِنَحْوِ وُضُوءٍ أَوْ إجَابَةِ دَاعٍ وَمِثْلُهُ مَنْ جَلَسَ لِذِكْرٍ نَحْوِ وِرْدٍ أَوْ صَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ فِي نَحْوِ مُحْيَاةُ وَلَوْ فِي نَحْوِ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ مَعَ جَمَاعَةٍ اهـ. (قَوْلُهُ بَيْنَ يَدَيْ مُدَرِّسٍ) أَيْ إنْ أَفَادَ أَوْ اسْتَفَادَ لَا وَاعِظٍ وَكَتَبَ أَيْضًا لَا سَمَاعِ حَدِيثٍ