وَهُوَ سُنَّةٌ لِذَلِكَ وَالْمَوَاتُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَرْضٌ لَمْ تُعْمَرْ فِي الْإِسْلَامِ وَلَمْ تَكُنْ حَرِيمَ عَامِرٍ (مَا لَمْ يُعْمَرْ إنْ كَانَ بِبِلَادِنَا مَلَكَهُ مُسْلِمٌ) وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ (بِإِحْيَاءٍ وَلَوْ بِحَرَمٍ) أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْكَافِرِ وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ كَالِاسْتِعْلَاءِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ عَلَيْهِ بِدَارِنَا كَمَا سَيَأْتِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعَ الْجِيمِ أَجَرَهُ اللَّهُ أَجْرًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَقَتَلَ وَآجَرَهُ بِالْمَدِّ لُغَةً إذَا أَثَابَهُ اهـ. فَلَمْ يُقَيِّدْ مَا يُسَمَّى ثَوَابًا بِجَزَاءِ الْمُسْلِمِ فَاقْتَضَى أَنَّ كُلَّ مَا يَقَعُ جَزَاءً يُسَمَّى ثَوَابًا وَأَجْرًا سَوَاءٌ كَانَ الْفَاعِلُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَهُوَ سُنَّةٌ لِذَلِكَ) أَيْ لِلْحَدِيثِ الثَّانِي اهـ. ع ش (قَوْلُهُ لَمْ تُعْمَرْ فِي الْإِسْلَامِ) أَيْ يَقِينًا (قَوْلُهُ مَا لَمْ تُعْمَرْ) أَيْ مَا لَمْ تُتَيَقَّنْ عِمَارَتُهُ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَلَيْسَ مِنْ حُقُوقِ عَامِرٍ وَلَا مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ إنْ كَانَ بِبِلَادِنَا) أَيْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُرَادُ بِدَارِ الْإِسْلَامِ مَا بَنَاهُ الْمُسْلِمُونَ كَبَغْدَادَ وَالْبَصْرَةِ أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ كَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَنِ أَوْ فُتِحَ عَنْوَةً كَخَيْبَرِ وَمِصْرَ وَسَوَادِ الْعِرَاقِ أَوْ صُلْحًا وَالْأَرْضُ لَنَا وَهُمْ يَدْفَعُونَ الْجِزْيَةَ وَفِي هَذِهِ عِمَارَتُهَا فَيْءٌ وَمَوَاتُهَا مُتَحَجِّرٌ لِأَهْلِ الْفَيْءِ وَحِفْظُهُ عَلَى الْإِمَامِ وَإِنْ صَالَحْنَاهُمْ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ فَمَوَاتُهَا مُتَحَجِّرٌ لَهُمْ وَمَعْمُورُهَا مِلْكٌ لَهُمْ.
(فَرْعٌ) لَوْ رَكِبَ الْأَرْضَ مَاءٌ أَوْ رَمْلٌ أَوْ طِينٌ فَهِيَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ مِلْكٍ أَوْ وَقْفٍ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّمْلُ مَثَلًا مَمْلُوكًا فَلِمَالِكِهِ أَخْذُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْحَسِرْ عَنْهَا وَلَوْ انْحَسَرَ مَاءُ النَّهْرِ عَنْ جَانِبٍ مِنْهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ الْعَامَّةِ وَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ إقْطَاعُهُ لِأَحَدٍ كَالنَّهْرِ وَحَرِيمِهِ وَلَوْ زَرَعَهُ أَحَدٌ لَزِمَهُ أُجْرَتُهُ لِمَصَالِح الْمُسْلِمِينَ وَيَسْقُطُ عَنْهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ إنْ كَانَ لَهُ حِصَّتُهُ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ نَعَمْ لِلْإِمَامِ دَفْعُهُ لِمَنْ يَرْتَفِقُ بِهِ بِمَا لَا يَضُرُّ الْمُسْلِمِينَ وَمِثْلُهُ مَا يَنْحَسِرُ عَنْهُ الْمَاءُ مِنْ الْجَزَائِرِ فِي الْبَحْرِ وَيَجُوزُ زَرْعُهُ وَنَحْوُهُ لِمَنْ لَمْ يَقْصِدْ إحْيَاءً وَلَا يَجُوزُ فِيهِ الْبِنَاءُ وَلَا الْغِرَاسُ وَلَا مَا يَضُرُّ الْمُسْلِمِينَ هَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لمر وَبَالَغَ فِي الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ ذَكَرَ شَيْئًا مِمَّا يُخَالِفُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ مَلَكَهُ مُسْلِمٌ بِإِحْيَاءٍ) أَيْ وَلَا يَحْتَاجُ فِي الْمِلْكِ هُنَا إلَى لَفْظٍ لِأَنَّهُ إعْطَاءٌ عَامٌّ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَقْطَعَهُ أَرْضَ الدُّنْيَا كَأَرْضِ الْجَنَّةِ لِيَقْطَعَ مِنْهُمَا مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى السُّبْكِيُّ بِكُفْرِ مُعَارِضِ أَوْلَادِ تَمِيمٍ فِيمَا أَقْطَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ بِأَرْضِ الشَّامِ وَأَجْمَعُوا عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ اهـ. شَرْحُ م ر وَمَا فِي الْمَوَاتِ مِنْ نَحْوِ غَرْسٍ وَحَشِيشٍ يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْبُقْعَةِ تَبَعًا لَهَا لَا بِإِحْيَاءِ ذَلِكَ الشَّجَرِ مَثَلًا.
(فَرْعٌ) عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْطَاعُ عَامِرٍ وَلَوْ إرْفَاقًا قَالَ شَيْخُنَا م ر: وَسَكَتُوا عَنْ الْإِقْطَاعَاتِ الْوَاقِعَةِ لِلْجُنْدِ فِي الْأَرَاضِيِ الْعَامِرَةِ لِاسْتِغْلَالِهَا وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَمْلِكُ مَنْفَعَتَهَا وَلَهُ إيجَارُهَا مَا لَمْ يَزْرَعْهَا الْإِمَامُ وَمَا يَأْخُذُهُ الْجُنْدِيُّ مِنْهَا حَلَالٌ بِطَرِيقَةٍ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ) أَيْ بِشَرْطِ تَمْيِيزِهِ اهـ. زي لَكِنْ يُعَارِضُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ كَمَجْنُونٍ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَجْنُونٍ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَكَتَبَ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَشَمَلَ مَا ذَكَرَ الرَّقِيقَ وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ اهـ.
وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُبَعَّضِ أَمَّا الْمُبَعَّضُ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ فَهُوَ لِمَنْ وَقَعَ الْإِحْيَاءُ فِي نَوْبَتِهِ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةٌ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَلَا يَتَوَقَّفُ مِلْكُ سَيِّدِهِ أَوْ هُوَ عَلَى قَصْدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخُصُوصِهِ بَلْ مَتَى أَحْيَا مَا لَا يَتَوَقَّفُ مِلْكُهُ عَلَى قَصْدٍ أَوْ قَصَدَ التَّمْلِيكَ فِيمَا يَتَوَقَّفُ مِلْكُهُ عَلَى قَصْدٍ كَالْآبَارِ كَانَ حُكْمُهُ مَا ذَكَرَ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مُمَيِّزًا فِي نَحْوِ حَفْرِ بِئْرٍ وَفِي نَحْوِ إحْيَاءِ أَرْضٍ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّمْيِيزُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَكُونُ لِلتَّمَلُّكِ وَغَيْرِهِ وَالثَّانِي لَا يَكُونُ إلَّا لِلتَّمَلُّكِ اهـ. ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحٍ م ر وَمَا لَا يُفْعَلُ عَادَةً إلَّا لِلتَّمَلُّكِ كَبِنَاءِ دَارٍ لَا يُعْتَبَرُ قَصْدُهُ بِخِلَافِ مَا يُفْعَلُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ كَحَفْرِ بِئْرٍ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَصْدِهِ اهـ.
وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَصْدِهِ وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بِقَصْدِهِ إذَا فَعَلَهُ بِلَا قَصْدٍ كَكَوْنِهِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ فَلِغَيْرِهِ إحْيَاؤُهُ بِخِلَافِ مَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ فِي إحْيَائِهِ بِقَصْدٍ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ بِمُجَرَّدِ عِمَارَتِهِ حَتَّى لَوْ عَمَرَهُ غَيْرُهُ بَعْدَ إحْيَائِهِ لَا يَمْلِكُهُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِحَرَمٍ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ حَجّ وَيَجُوزُ قَطْعًا إحْيَاءُ مَوَاتِ الْحَرَمِ بِمَا يُفِيدُ مِلْكَهُ كَمَا يَمْلِكُ عَامِرُهُ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ بَلْ يُسَنُّ وَإِنْ قُلْنَا بِكَرَاهَةِ بَيْعِ عَامِرِهَا دُونَ عَرَفَاتٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْهُ إجْمَاعًا فَلَا يَجُوزُ إحْيَاؤُهَا وَلَا تُمْلَكُ بِهِ فِي الْأَصَحِّ لِتَعَلُّقِ حَقِّ النُّسُكِ بِهَا وَإِنْ اتَّسَعَتْ وَلَمْ تَضِقْ بِهِ وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْمُحَصَّبِ بِالْأُولَى أَنَّ نَمِرَةَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ بِهَا قَبْلَ زَوَالِ يَوْمِ عَرَفَةَ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ الْأَكِيدَةِ قُلْت وَمُزْدَلِفَةُ وَإِنْ قُلْنَا الْمَبِيتُ بِهَا سُنَّةٌ وَمِنًى كَعَرَفَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مَعَ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ «قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَبْنِي لَك بَيْتًا بِمِنًى يُظِلُّك فَقَالَ لَا مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ» وَبَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِمَا الْقَطْعَ بِالْمَنْعِ لِتَضْيِيقِهِمَا وَأَلْحَقَ بِهِمَا الْمُحَصَّبَ لِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْحُجَّاجِ إذَا نَفَرُوا وَأَنْ يَبِيتُوا فِيهِ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَيَرُدُّ بِأَنَّهُ