كَأَنْ يَكْتَرِيَهُ) أَيْ الْمَالِكُ الْعَامِلَ (بِنِصْفَيْ الْبَذْرِ وَمَنْفَعَةِ الْأَرْضِ) شَائِعَيْنِ (أَوْ بِنِصْفِهِ) أَيْ الْبَذْرِ (وَيُعِيرُهُ نِصْفَ الْأَرْضِ) شَائِعَيْنِ (لِيَزْرَعَ) لَهُ (بَاقِيَهُ) أَيْ الْبَذْرِ (فِي بَاقِيهَا) أَيْ الْأَرْضِ فَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ الْمُغَلِّ شَائِعًا لِأَنَّ الْعَامِلَ اسْتَحَقَّ مِنْ مَنْفَعَتِهَا بِقَدْرِ نَصِيبِهِ مِنْ الزَّرْعِ وَالْمَالِكَ مِنْ مَنْفَعَتِهِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ مِنْ ذَلِكَ وَأَفَادَتْ زِيَادَتِي كَافَ كَأَنَّ أَنَّ طُرُقَ ذَلِكَ لَا تَنْحَصِرُ فِيمَا ذَكَرَ إذْ مِنْهَا أَنْ يُقْرِضَ الْمَالِكُ الْعَامِلَ نِصْفَ الْبَذْرِ وَيُؤَجِّرَهُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِنِصْفِ عَمَلِهِ وَنِصْفِ مَنَافِعِ آلَاتِهِ وَمِنْهَا أَنْ يُعِيرَهُ نِصْفَ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ مِنْهُمَا لَكِنَّ الْبَذْرَ فِي هَذَا لَيْسَ كُلُّهُ مِنْ الْمَالِكِ وَإِنْ أُفْرِدَتْ الْمُخَابَرَةُ فَالْمُغَلُّ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ لِمَالِك الْأَرْضِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا وَطَرِيقُ جَعْلِ الْغَلَّةِ لَهُمَا وَلَا أُجْرَةَ كَأَنْ يَكْتَرِيَ الْعَامِلُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِنِصْفِ الْبَذْرِ وَنِصْفِ عَمَلِهِ وَمَنَافِعِ آلَاتِهِ أَوْ بِنِصْفِ الْبَذْرِ وَيَتَبَرَّعُ بِالْعَمَلِ وَالْمَنَافِعِ.
بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا وَفَتْحِهَا مِنْ آجَرَهُ بِالْمَدِّ يُؤْجِرُهُ إيجَارًا وَيُقَالُ: أَجَرَهُ بِالْقَصْرِ يَأْجُرُهُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا أَجْرًا وَهِيَ لُغَةً اسْمٌ لِلْأَجْرِ وَشَرْعًا تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ بِعِوَضٍ بِشُرُوطٍ تَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَةُ {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ} [الطلاق: 6] وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الْإِرْضَاعَ بِلَا عَقْدٍ تَبَرُّعٌ لَا يُوجِبُ أُجْرَةً وَإِنَّمَا يُوجِبُهَا ظَاهِرُ الْعَقْدِ فَتَعَيَّنَ وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQإتْلَافَهَا فَلَا وَجْهَ لِلُّزُومِ. اهـ. سم عَلَى حَجّ اهـ.
وَقَوْلُهُ مَعَ صِحَّةِ الْمُعَامَلَةِ أَيْ بِخِلَافِهِ مَعَ فَسَادِهَا إذْ لَا يَلْزَمُهُ عَمَلٌ وَقَدْ بَذَرَ الْبَذْرَ بِالْإِذْنِ اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ كَأَنْ يَكْتَرِيَهُ إلَخْ) وَيُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْإِجَارَاتِ وُجُودُ جَمِيعِ شُرُوطِهَا الْآتِيَةِ.
(فَرْعٌ) لَوْ أَذِنَ لِغَيْرِهِ فِي زَرْعِ أَرْضِهِ فَحَرَثَهَا وَهَيَّأَهَا لِلزِّرَاعَةِ فَزَادَتْ قِيمَتُهَا بِذَلِكَ فَأَرَادَ رَهْنَهَا أَوْ بَيْعَهَا مَثَلًا مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْعَامِلِ لَمْ يَصِحَّ لِتَعَذُّرِ الِانْتِفَاعِ بِهَا بِدُونِ ذَلِكَ الْعَمَلِ الْمُحْتَرَمِ فِيهَا وَلِأَنَّهَا صَارَتْ مَرْهُونَةً بِذَلِكَ الْعَمَلِ الَّذِي زَادَتْ بِهِ قِيمَتُهَا اهـ.
شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ وَلَوْ أَذِنَ لِغَيْرِهِ أَيْ بِأَنْ اسْتَأْجَرَهُ الْمَالِكُ لِيَزْرَعَ لَهُ وَلَوْ إجَارَةً فَاسِدَةً أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَلِأَنَّهَا صَارَتْ مَرْهُونَةً وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هُنَاكَ مُعَامَلَةً اهـ. سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ أَوْ بِنِصْفِهِ وَيُعِيرُهُ نِصْفَ الْأَرْضِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَالْأُولَى أَنَّ الْأُجْرَةَ فِي هَذِهِ عَيْنٌ وَفِي الْأُولَى عَيْنٌ وَمَنْفَعَةٌ وَأَنَّهُ فِي هَذِهِ يَتَمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ وَيَأْخُذُ الْأُجْرَةَ وَفِي الْأُولَى لَا يَتَمَكَّنُ وَأَنَّهُ لَوْ فَسَدَ مَنْبَتُ الْأَرْضِ فِي الْمُدَّةِ لَزِمَهُ قِيمَةُ نِصْفِهَا فِي هَذِهِ لَا فِي الْأُولَى لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ مَضْمُونَةٌ اهـ.
شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ لِمَالِكِ الْأَرْضِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِقَلْعِ الزَّرْعِ قَبْلَ أَوَانِ الْحَصَادِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إنَّمَا زَرَعَ بِالْإِذْنِ فَخُصُوصُ الْمُخَابَرَةِ وَإِنْ بَطَلَ بَقِيَ عُمُومُ الْإِذْنِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ عَنْ الْبَغَوِيّ فِيمَا لَوْ غَرَسَ فِي الْأَرْضِ الْمَقْبُوضَةِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ أَوْ بَنَى مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْلَعُ مَجَّانًا بَلْ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ تَمَلُّكِهِ بِالْقِيمَةِ وَبَيْنَ قَلْعِهِ وَغَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ وَبَيْنَ التَّبْقِيَةِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِكَوْنِهِ إنَّمَا فَعَلَ بِالْإِذْنِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ لَكِنْ تَقَدَّمَ لِلشَّرْحِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ وَلَعَلَّهُ أَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ لَهُ هُنَا فِي الزَّرْعِ عَلَى أَنَّ الْغَلَّةَ بَيْنَهُمَا كَانَ إذْنًا بِالِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ مَعَ بَقَائِهَا عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا وَهُوَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْإِذْنُ مَقْصُودًا بِالذَّاتِ فَإِذَا بَطَلَ الْعَقْدُ مِنْ حَيْثُ خُصُوصُ الْمُخَابَرَةِ بَقِيَ مُطْلَقُ الْإِذْنِ فَأَشْبَهَ جَوَازَ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ بِعُمُومِ الْإِذْنِ وَإِنْ بَطَلَ خُصُوصُ الْوِكَالَةِ وَالْمَقْصُودُ بِالْبَيْعِ نَقْلُ الْمِلْكِ فِي الْأَرْضِ لِلْمُشْتَرِي فَإِذَا بَطَلَ بَطَلَتْ تَوَابِعُهُ لِأَنَّ انْتِفَاعَ الْمُشْتَرِي بِهِ لَيْسَ مَبْنِيًّا إلَّا عَلَى انْتِقَالِ مِلْكِ الْأَرْضِ مَعَ انْتِقَالِ مَنْفَعَتِهَا فَإِذَا بَطَلَ لَمْ يَبْقَ لِانْتِفَاعِهِ بِالْأَرْضِ جِهَةٌ مُجَوِّزَةٌ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ كَأَنْ يَكْتَرِيَ الْعَامِلُ نِصْفَ الْأَرْضِ إلَخْ) وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ لَهُمَا فَالْغَلَّةُ لَهُمَا وَلِكُلٍّ عَلَى الْآخَرِ أُجْرَةُ مَا صَرَفَهُ مِنْ مَنَافِعِهِ عَلَى حِصَّةِ صَاحِبِهِ اهـ. شَرْحُ م ر.
[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]
(كِتَابُ الْإِجَارَةِ) (قَوْلُهُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا) فَالْأَوَّلُ مِنْ بَابِ قَتَلَ وَالثَّانِي مِنْ بَابِ ضَرَبَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ اسْمٌ لِلْأُجْرَةِ) ثُمَّ اُشْتُهِرَتْ لُغَةً فِي الْعَقْدِ عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَشَرْعًا إلَخْ اهـ. شَرْحُ م ر وع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَشَرْعًا تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ إلَخْ) وَعَرَّفَهَا بَعْضُهُمْ بِأَنَّهَا عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ مَعْلُومَةٍ مَقْصُودَةٍ قَابِلَةٍ لِلْبَذْلِ وَالْإِبَاحَةِ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ وَضْعًا فَخَرَجَ بِالْمَنْفَعَةِ الْأَعْيَانُ كَالْبَيْعِ وَبِمَعْلُومَةٍ نَحْوُ الْجِعَالَةِ وَبِمَقْصُودَةٍ نَحْوُ تُفَّاحَةٍ لِشَمِّهَا وَبِقَابِلَةٍ لِلْبَذْلِ نَحْوُ الْبِضْعِ وَبِالْإِبَاحَةِ نَحْوُ جَارِيَةٍ لِلْوَطْءِ وَبِعِوَضِ الْعَارِيَّةِ وَبِمَعْلُومٍ نَحْوُ الْمُسَاقَاةِ وَبِوَضْعًا مَا لَوْ وَقَعَتْ الْجِعَالَةُ مَثَلًا عَلَى عِوَضٍ مَعْلُومٍ فَتَأَمَّلْ وَاسْتَغْنَى الشَّارِحُ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ بِشُرُوطٍ تَأْتِي وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ التَّمْلِيكِ بِالْعَقْدِ لَكَانَ أَوْلَى اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ إلَخْ) خَرَجَ عَقْدُ النِّكَاحِ لِأَنَّهُ لَا تُمْلَكُ بِهِ الْمَنْفَعَةُ وَإِنَّمَا يَمْلِكُ بِهِ الِانْتِفَاعَ وَكَذَا تَخْرُجُ الْعَارِيَّةُ وَهِيَ خَارِجَةٌ أَيْضًا بِقَوْلِهِ بِعِوَضٍ وَقَوْلُهُ بِشُرُوطٍ تَأْتِي خَرَجَ الْمُسَاقَاةُ عَلَى ثَمَرَةٍ مَوْجُودٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَأَوْرَدَ عَلَى التَّعْرِيفِ الْجِعَالَةَ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّقْدِيرَ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ مَعْلُومَةٍ فَخَرَجَتْ الْجِعَالَةُ (قَوْلُهُ وَجْهُ الدَّلَالَةِ إلَخْ) بَيَّنَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ وَجْهَ الدَّلَالَةِ فِي قَوْلِهِ لَكُمْ لِأَنَّ الْإِرْضَاعَ لَا يَكُونُ لِلْأَزْوَاجِ إلَّا إذَا عَقَدُوا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَمَنْفَعَتُهُ لِلصَّغِيرِ وَهُوَ بِمَكَانٍ مِنْ الدِّقَّةِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُوجِبُهَا ظَاهِرًا الْعَقْدُ) فِيهِ أَنَّ كَوْنَ الْعَقْدِ يُوجِبُهَا ظَاهِرًا فَرْعَ مَشْرُوعِيَّةِ الْإِجَارَةِ مَعَ أَنَّهَا لَمْ تَثْبُتْ بَعْدُ فَكَيْفَ يُجْعَلُ ذَلِكَ وَجْهَ الدَّلَالَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم (قَوْلُهُ ظَاهِرًا) أَيْ وَأَمَّا بَاطِنًا فَلَا يُوجِبُهَا إلَّا مُضِيُّ الْمُدَّةِ لِأَنَّهَا قَبْلَهُ قَابِلَةٌ لِلِانْفِسَاخِ بِأَحَدِ أُمُورٍ تَأْتِي فَلَا يَجِبُ الْأُجْرَةُ اهـ.
شَيْخُنَا (قَوْلُهُ ظَاهِرًا) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ وُجُوبِهَا كَمَا إذَا خَرَجَتْ الدَّارُ الْمُكْتَرَاةُ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ اهـ. تَقْرِيرٌ