فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَضَمَانِ مَا يَنْقُصُ بِهِ الْمَغْصُوبُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا (يَحْلِفُ غَاصِبٌ) فَيُصَدَّقُ (فِي تَلَفِهِ) أَيْ الْمَغْصُوبِ إنْ ادَّعَاهُ وَأَنْكَرَهُ الْمَالِكُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ صَادِقًا وَيَعْجَزُ عَنْ الْبَيِّنَةِ فَلَوْ لَمْ نُصَدِّقْهُ لَتُخُلِّدَ الْحَبْسُ عَلَيْهِ فَيَغْرَمُ بَعْدَ حَلْفِهِ بَدَلَهُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ لِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ بِيَمِينِ الْغَاصِبِ (وَ) فِي (قِيمَتِهِ) بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى تَلَفِهِ أَوْ بَعْدَ حَلْفِ الْغَاصِبِ عَلَيْهِ (وَ) فِي (ثِيَابِ رَقِيقٍ) مَغْصُوبٍ كَأَنْ قَالَ هِيَ لِي وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ هِيَ لِي (وَ) فِي (عَيْبٍ خِلْقِيٍّ) بِهِ كَأَنْ قَالَ كَانَ أَعْمَى أَوْ أَعْرَجَ خِلْقَةً وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ حَدَثَ عِنْدَك، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ وَعَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ الْمَالِكُ فِي الثَّالِثَةِ وَلِثُبُوتِ يَدِهِ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَمَا عَلَيْهِ وَخَرَجَ بِالْخِلْقِيِّ الْحَادِثُ كَأَنْ قَالَ بَعْدَ تَلَفِ الْمَغْصُوبِ كَانَ أَقْطَعَ أَوْ سَارِقًا، وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ فَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ رَدِّهِ فَالْمُصَدَّقُ الْغَاصِبُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِنْ الزِّيَادَةِ (وَلَوْ رَدَّهُ نَاقِصَ قِيمَةٍ) لِرُخْصٍ (فَلَا شَيْءَ) عَلَيْهِ لِبَقَائِهِ بِحَالِهِ
(وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ فَصَارَتْ بِرُخْصٍ دِرْهَمًا ثُمَّ بِلُبْسٍ) مَثَلًا (نِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ دِرْهَمٍ (رَدَّهُ) وَأُجْرَتَهُ (مَعَ خَمْسَةٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَوْ جَنَى مَغْصُوبٌ إلَى قَوْلِهِ كَمَا لَوْ رُدَّ فَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ، وَقَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرُ سَمْنٌ إلَى قَوْلِهِ لَا تُعْلَمُ أُخْرَى. (قَوْلُهُ يَحْلِفُ غَاصِبٌ) أَيْ إذَا لَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا أَوْ ذَكَرَ سَبَبًا خَفِيًّا فَإِنْ ذَكَرَ سَبَبًا ظَاهِرًا وَلَمْ يُعْرَفْ حُبِسَ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً بِهِ كَالْمُودِعِ فَإِنْ عُرِفَ وَعُمُومُهُ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ عُرِفَ دُونَ عُمُومِهِ صُدِّقَ بِيَمِينٍ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ وَفِي قِيمَتِهِ) أَيْ وَفِي أَقْصَى قِيَمِهِ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَفِي عَيْبٍ خِلْقِيٍّ) صُورَةُ هَذِهِ أَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى وُجُودِ الْعَيْبِ بِالْمَغْصُوبِ لَكِنَّ الْغَاصِبَ يَدَّعِي كَوْنَهُ خِلْقِيًّا، وَالْمَالِكُ يَدَّعِي حُدُوثَهُ عِنْدَ الْغَاصِبِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ تَمْثِيلِهِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر كَأَنْ قَالَ الْغَاصِبُ وُلِدَ فَاقِدَ الرِّجْلِ أَوْ أَعْمَى، وَقَالَ الْمَالِكُ كَانَ سَلِيمًا وَإِنَّمَا حَدَثَ عِنْدَك انْتَهَتْ. وَانْظُرْ مَا غَرَضُ الْغَاصِبِ بِدَعْوَاهُ خُصُوصَ كَوْنِهِ خِلْقِيًّا مَعَ أَنَّ غَرَضَهُ وَهُوَ تَنْقِيصُ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ يَكْفِي فِيهِ ادِّعَاءُ أَنَّهُ كَانَ مَعِيبًا قَبْلَ الْغَصْبِ سَوَاءٌ كَانَ خِلْقِيًّا أَوْ حَادِثًا عِنْدَ الْمَالِكِ، وَقَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْخِلْقِيِّ الْحَادِثُ إلَخْ صُورَةُ الِاخْتِلَافِ فِي الْحَادِثِ أَنَّ الْغَاصِبَ يَدَّعِي وُجُودَهُ بِالْمَغْصُوبِ وَالْمَالِكَ يُنْكِرُ أَصْلَ وُجُودِهِ وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وُجُودِ الْعَيْبِ بِالْمَغْصُوبِ كَصُورَةِ الْخِلْقِيِّ، وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الِاخْتِلَافِ بَعْدَ التَّلَفِ لَا بَعْدَ الرَّدِّ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَفِي عَيْبٍ خِلْقِيٍّ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ التَّلَفِ أَوْ قَبْلَهُ رَدَّهُ أَوَّلًا خِلَافًا لِتَقْيِيدِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ حَيْثُ قَيَّدَ بِبُعْدِ التَّلَفِ وَقَدْ كَانَ الشَّيْخُ قَيَّدَ بِهِ ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهِ فِي نُسْخَتِهِ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَّأَتْهُ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي الْأُولَى) وَلَوْ أَقَامَ الْمَالِكُ بَيِّنَةً بِقَدْرٍ سُمِعَتْ أَوْ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا قَدَّرَهُ الْغَاصِبُ سُمِعَتْ أَيْضًا، وَيَبْطُلُ مَا قَدَّرَهُ الْغَاصِبُ وَلِلْغَاصِبِ أَنْ يَزِيدَ إلَى قَدْرٍ تَقُولُ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ، وَلَا تَصِحُّ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِالصِّفَاتِ فَلَوْ اعْتَرَفَ بِهَا الْغَاصِبُ فَلِلْمَالِكِ الزِّيَادَةُ فِي الْقِيمَةِ إلَى حَدٍّ يَقُولُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِأَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ فِي الثَّالِثَةِ) إنَّمَا قَدَّمَ الثَّالِثَةَ عَلَى الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ مَدَارَ الْعِلَّةِ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ كُلٌّ مِنْهُمَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلِثُبُوتِ يَدِهِ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) وَمِنْ ثَمَّ لَوْ سَرَقَ حُرًّا أَوْ غَصَبَهُ لَمْ تَثْبُتْ يَدُهُ عَلَى ثِيَابِهِ فَيُصَدَّقُ الْوَلِيُّ أَنَّهَا لِمُوَلِّيهِ وَيُوقَفُ الْأَمْرُ إلَى بُلُوغِهِ وَحَلْفِهِ اهـ. ز ي. (قَوْلُهُ كَانَ قَالَ بَعْدَ تَلَفِ الْمَغْصُوبِ) أَيْ أَوْ قَبْلَهُ وَقَبْلَ الرَّدِّ فَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ رَدِّهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ فَمَتَى بَقِيَ يُصَدَّقُ الْغَاصِبُ سَوَاءٌ رَدَّهُ الْغَاصِبُ أَوْ لَا لَكِنْ فِي كَلَامِ م ر مَا يُوَافِقُ الشَّارِحَ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَيْسَ بِقَيْدٍ وَجَعَلَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَيْدًا وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّلَفِ، وَكَانَ شَيْخُنَا ز ي يَقُولُ لَيْسَ بِقَيْدٍ اهـ. ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَإِنْ رَدَّهُ الْغَاصِبُ مَعِيبًا، وَقَالَ غَصَبْته هَكَذَا وَادَّعَى الْمَالِكُ حُدُوثَهُ عِنْدَهُ صُدِّقَ الْغَاصِبُ إذْ الْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِمَّا يَزِيدُ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ، وَمَا قِيلَ مِنْ عَدَمِ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِرَدِّ الْمَغْصُوبِ إذْ لَوْ تَلِفَ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ رُدَّ بِأَنَّ الْغَاصِبَ فِي التَّلَفِ قَدْ لَزِمَهُ الْغُرْمُ فَضَعُفَ جَانِبُهُ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الرَّدِّ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي حَجّ.
وَفِي سم مَا نَصُّهُ فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ رَدِّهِ إلَخْ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ فِي التَّلَفِ لَزِمَهُ الْغُرْمُ فَضَعُفَ جَانِبُهُ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الرَّدِّ اهـ سم. (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) .
(فَرْعٌ) نَقَلَ ابْنُ شُهْبَةَ عَنْ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ جَارِيَةً فَوُطِئَتْ عِنْدَهُ بِشُبْهَةٍ وَحَمَلَتْ بِحُرٍّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّهَا مَعَ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ مَنَعَهُ مِنْ بَيْعِهَا بِحَمْلِهَا بِالْحُرِّ، وَانْظُرْ هَلْ يَسْتَرِدُّ الْقِيمَةَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ أَوْ لَا حَرَّرَهُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْتَرِدُّهَا لِزَوَالِ الْمَانِعِ مِنْ بَيْعِهَا (قَوْلُهُ لِبَقَائِهِ بِحَالِهِ) أَيْ وَالْفَائِتُ إنَّمَا هِيَ رَغَبَاتُ النَّاسِ وَهِيَ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ ثُمَّ يَلْبَسُ نِصْفَهُ) لَوْ صَارَتْ قِيمَتُهُ بِالرُّخْصِ خَمْسَةً ثُمَّ لَبِسَهُ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ دِرْهَمَيْنِ لَزِمَهُ سِتَّةُ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ التَّالِفِ مِنْ أَقْصَى قِيَمِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ رَدَّهُ مَعَ خَمْسَةٍ) وَلَوْ صَارَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ بَعْدَ ذَلِكَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا لَمْ يَلْزَمْهُ مَا زَادَ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ بَعْدَ التَّلَفِ كَالْعَدَمِ، وَيُصَدَّقُ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ فِي أَنَّ الْغُلُوَّ بَعْدَ التَّلَفِ، وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا فَتَنَجَّسَ لَزِمَهُ مَا نَقَصَ بِسَبَبِ النَّجَاسَةِ وَلَا يَجُوزُ تَطْهِيرُهُ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ فَإِنْ طَهَّرَهُ بِلَا إذْنٍ غَرِمَ نَقْصَهُ بِالطَّهَارَةِ أَيْضًا أَوْ بِإِذْنِهِ فَلَا فَإِنْ رَدَّهُ بِلَا تَطْهِيرٍ لَزِمَهُ مُؤْنَةُ تَطْهِيرِهِ، وَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَحُمَّ فَمَاتَ بِالْحُمَّى لَزِمَهُ جَمِيعُ قِيمَتِهِ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ يَغْرَمُ أَرْشَ نَقْصِهِ فَقَطْ، وَهُوَ الْوَجْهُ عَلَى نَظِيرِ مَا لَوْ اسْتَعَارَهُ فَحُمَّ فَرَدَّهُ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَرْشُ نَقْصِهِ فَقَطْ، وَلَوْ جَاءَ الْغَاصِبُ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ، وَقَالَ لِلْمَالِكِ هَذَا الَّذِي غَصَبْته مِنْك فَقَالَ الْمَالِكُ غَصَبْت مِنِّي ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشْرَةٌ غَيْرُ هَذَا صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ وَجُعِلَ