وَالْقِيَاسُ جَوَازُهُ؛ لِأَنَّا إذَا قَبِلْنَا الشَّهَادَةَ بِالْإِقْرَارِ فَلَأَنْ يُقْبَلُ الْإِقْرَارُ أَوْلَى.
(أَرْكَانُهُ) أَرْبَعَةٌ (مُقِرٌّ وَمُقَرٌّ لَهُ، وَ) مُقَرٌّ (بِهِ) .
(وَصِيغَةٌ وَشَرْطٌ فِيهَا) أَيْ فِي الصِّيغَةِ (لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالْتِزَامٍ) بِحَقٍّ، وَفِي مَعْنَاهُ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ (كَ) قَوْلِهِ (لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي كَذَا) وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي مَا لَوْ حَذَفَهُ فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ مُعَيَّنًا كَهَذَا الثَّوْبِ فَيَكُونُ إقْرَارًا (وَعَلَيَّ أَوْ فِي ذِمَّتِي لِلدَّيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ يَقْبَلُ التَّفْسِيرَ فِي عَلَيَّ الْوَدِيعَةِ، وَمِثْلُ عَلَيَّ قِبَلِي كَمَا فِي التَّهْذِيبِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ.
(وَمَعِي أَوْ عِنْدِي لِلْعَيْنِ) فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا وَدِيعَةٌ وَأَنَّهَا تَلِفَتْ أَوْ أَنَّهُ رَدَّهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَتَعْبِيرِي بِأَوْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْوَاوِ فِيهِمَا.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَجَمْعُهَا غُدًى مِثْلُ مُدْيَةٍ وَمُدًى هَذَا أَصْلُهُ ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى اُسْتُعْمِلَ فِي الذَّهَابِ وَالِانْطِلَاقِ أَيَّ وَقْتٍ كَانَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اُغْدُ يَا أُنَيْسُ أَيْ انْطَلِقْ (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ جَوَازُهُ) أَيْ صِحَّتُهُ وَالْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ أَيْ الْقِيَاسِ عَلَى الشَّهَادَةِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ، وَقَوْلُهُ: أَوْلَى أَيْ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ أَبْعَدُ عَنْ التُّهْمَةِ مِنْ الشَّهَادَةِ.
(قَوْلُهُ: أَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ) زَادَ بَعْضُهُمْ الْمُقَرَّ عِنْدَهُ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ شَاهِدٍ، وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّهُ لَوْ تَوَقَّفَ تَحَقُّقُ الْإِقْرَارِ عَلَى ذَلِكَ لَزِمَ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ خَالِيًا بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَقَرَّ خَالِيًا فِي يَوْمِ كَذَا لَمْ يُعْتَدُّ بِهَذَا الْإِقْرَارِ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِمُقْتَضَاهُ، وَلَا الدَّعْوَى بِسَبَبِهِ لِفَسَادِهِ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ شَرْعًا لِعَدَمِ وُجُودِ رُكْنِهِ الْمَذْكُورِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ قَطْعًا فَتَأَمَّلْ اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَشُرِطَ فِيهَا إلَخْ) مَحَلُّ الشَّرْطِيَّةِ قَوْلُهُ: يُشْعِرُ فَلَا حَاجَةَ إلَى مَا قَالَهُ الْمُحَشِّي، وَهُوَ ع ش وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: لَفْظُ أَيْ كَوْنُهَا لَفْظًا، وَإِلَّا فَاللَّفْظُ ذَاتُ الصِّيغَةِ اهـ. أَيْ فَيَلْزَمُ كَوْنُ الشَّيْءِ شَرْطًا فِي نَفْسِهِ هَذَا هُوَ مُرَادُهُ بِالْمُنَاقَشَةِ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ قَوْلَهُ لَفْظُ تَوْطِئَةٍ وَالْمَقْصُودُ هُوَ قَوْلُهُ: يُشْعِرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَشُرِطَ فِيهَا لَفْظٌ) أَيْ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَإِنَّمَا قَدَّمَ شُرُوطَ الصِّيغَةِ اهْتِمَامًا بِهَا، وَلِأَنَّهَا الْأَصْلُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُقِرِّ وَالْمُقَرِّ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُقِرًّا وَالْمُقَرُّ بِهِ لَا يُوجَدَانِ إلَّا بَعْدَ الصِّيغَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (فَرْعٌ) . لَوْ قَالَ إنْ شَهِدَا عَلَيَّ بِكَذَا صَدَّقْتهمَا أَوْ قَالَا ذَلِكَ فَهُوَ عِنْدِي أَوْ صَدَّقْتهمَا لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا لِانْتِفَاءِ الْجَزْمِ؛ وَلِأَنَّ الْوَاقِعَ لَا يُعَلَّقُ بِخِلَافٍ فَهُمَا صَادِقَانِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَكُونَانِ صَادِقَيْنِ إلَّا إنْ كَانَ عَلَيْهِ الْمُدَّعَى بِهِ الْآنَ فَيَلْزَمُهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدَا فَلَوْ قَالَ فَهُمَا عَدْلَانِ فِيمَا شَهِدَا بِهِ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَقَوْلِهِ فَهُمَا صَادِقَانِ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ اهـ. شَرْحُ م ر، وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ: فِيمَا شَهِدَا بِهِ فَإِنْ أَسْقَطَ فِيمَا شَهِدَا بِهِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا اهـ. حَجّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِصِيغَةِ الشَّهَادَةِ مَرَّةً بَلْ قَالَ إذَا قَالَ زَيْدٌ إنَّ لِعَمْرٍو عَلَيَّ كَذَا فَهُوَ صَادِقٌ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ اهـ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا اُتُّهِمَ بِمَتَاعِ إنْسَانٍ فَشَهِدَ عَلَيْهِ شَخْصٌ بِأَنَّهُ رَأَى بَعْضَ هَذَا الْمَتَاعَ عِنْدَهُ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ حَلَفَ هَذَا الشَّاهِدُ أَنَّهُ رَأَى عِنْدِي هَذَا الْمَشْهُودَ بِهِ فَهُوَ صَادِقٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُقِرًّا بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الشَّاهِدُ لِأَنَّهُ إذَا حَكَمَ بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِمُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ عَلَى الْإِخْبَارِ الْخَالِي عَنْ الْيَمِينِ فَمَعَ الْإِخْبَارِ الْخَالِي عَنْ التَّعْلِيقِ بِالْيَمِينِ يَكُونُ كَذَلِكَ اهـ.
(فَرْعٌ) . لَوْ قَالَ اُكْتُبُوا عَلَيَّ لِزَيْدٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالْكِتَابَةِ، وَلَوْ قَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ أَنِّي وَقَفْتُ جَمِيعَ أَمْلَاكِي وَذَكَرَ مَصَارِفَهَا، وَلَمْ يُحَدِّدْهَا صَارَتْ جَمِيعُ أَمْلَاكِهِ الَّتِي يَصِحُّ وَقْفُهَا وَقْفًا، وَلَا يَضُرُّ جَهْلُ الشُّهُودِ بِحُدُودِهَا، وَلَا سُكُوتُهُ عَنْهَا اهـ. م ر وَس ل. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ حَذَفَهُ فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا) أَيْ، وَلَوْ قَالَ فِيمَا أَحْسَبُ أَوْ أَظُنُّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ فِيمَا أَعْلَمُ أَوْ أَشْهَدُ فَإِنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ مُعَيَّنًا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ سَوَاءٌ كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ غَائِبًا، وَقَوْلُهُ: كَهَذَا الثَّوْبِ أَيْ أَوْ الثَّوْبِ الْفُلَانِيِّ اهـ. سَمِّ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيَّ أَوْ فِي ذِمَّتِي إلَخْ) فَإِنْ أَتَى بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِمَا كَقَوْلِهِ عَلَيَّ وَمَعِي عَشَرَةٌ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ بَعْضِ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ وَبَعْضِهِ بِالدَّيْنِ اهـ. شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ بَعْضِ ذَلِكَ إلَخْ كَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ تَكُونُ إقْرَارًا بِالْعَيْنِ وَالدَّيْنِ مَعًا لَكِنَّهُ مُبْهَمٌ فَيُرْجَعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ مِقْدَارِ الْعَيْنِ، وَمِقْدَارِ الدَّيْنِ، وَإِلَّا فَوَضْعُ الْأَوَّلِ الدَّيْنَ وَالثَّانِي الْعَيْنَ فَلَا يَحْتَاجُ فِي انْصِرَافِهِ إلَيْهِمَا إلَى رُجُوعٍ إلَيْهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ فُسِّرَ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ فَقَطْ أَنَّهُ يُقْبَلُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُ عَلَيَّ بِالْعَيْنِ بَلْ نَقَلَ الشِّهَابُ سَمِّ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَ مَعِي وَعِنْدِي بِمَا فِي الذِّمَّةِ قَبْلُ؛ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ. انْتَهَى. (قَوْلُهُ: الْوَدِيعَةِ) أَيْ وَبِالنَّجِسِ الَّذِي لَا يُقْتَنَى فِيمَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ اهـ. سَمِّ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ عَلَيَّ قِبَلِي) أَيْ، وَمِثْلُ مَعِي وَعِنْدِي لَدَيَّ اهـ. شَرْحُ م ر وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ قِبَلِي يَعُمُّ الْعَيْنَ وَالدَّيْنَ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا وَدِيعَةٌ إلَخْ) فَإِنْ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ كَأَنْ ادَّعَى أَنَّهَا مَغْصُوبَةٌ أَوْ فَسَّرَهُ بِالدَّيْنِ قُبِلَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ اهـ. ح ل، وَقَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ أَيْ فِي الرَّدِّ وَالتَّلَفِ لَا فِي أَنَّهَا وَدِيعَةٌ فَيُقْبَلُ بِلَا يَمِينٍ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا وَدِيعَةٌ) إلَى قَوْلِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ مَعِي أَوْ عِنْدِي، وَفِي حَالَةِ التَّلَفِ أَوْ الرَّدِّ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ، وَلَا عِنْدَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُصَدَّقُ