وَلَا يُحْبَسُ الْأَصِيلُ، وَإِنْ حُبِسَ، وَلَا يَرْسُمُ عَلَيْهِ (وَ) لَهُ إنْ غَرِمَ مِنْ غَيْرِ سَهْمِ الْغَارِمِينَ (رُجُوعٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْأَصِيلِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي الْأَدَاءِ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي سَبَبِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْأَدَاءِ دُونَ الضَّمَانِ لَا رُجُوعَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ سَبَبُهُ الضَّمَانُ، وَلَمْ يَأْذَنْ، فِيهِ نَعَمْ إنْ أَذِنَ فِي الْأَدَاءِ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ رَجَعَ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَى زَيْدٍ وَغَائِبٍ أَلْفًا، وَهُمَا مُتَضَامِنَانِ بِالْإِذْنِ وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَتَهُ، وَأَخَذَ الْأَلْفَ مِنْ زَيْدٍ فَإِنْ لَمْ يُكَذِّبْ الْبَيِّنَةَ رَجَعَ عَلَى الْغَائِبِ بِنِصْفِهَا، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ، وَيَقُومُ مَقَامَ الْإِذْنِ وَالضَّمَانِ أَدَاءُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِشِرَاءٍ فَاسِدٍ فَلَوْ قَالَ لَهُ اقْضِ بِهِ مَا ضَمِنْتَهُ عَنِّي كَانَ وَكِيلًا، وَالْمَالُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَلَا يُحْبَسُ الْأَصِيلُ) أَيْ، وَلَيْسَ لِلضَّامِنِ حَبْسُ الْأَصِيلِ، وَلَهُ طَلَبُ حَبْسِهِ مَعَهُ بِأَنْ يَقُولَ لِلْحَاكِمِ احْبِسْهُ مَعِي، وَإِنْ كَانَ لَا يُجَابُ لِذَلِكَ لَعَلَّهُ يُوفِي عِنْدَ سَمَاعِ ذَلِكَ، وَكَتَبَ أَيْضًا، وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْأَصِيلِ، وَفَائِدَةُ مُطَالَبَتِهِ حِينَئِذٍ إحْضَارُهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَتَفْسِيقُهُ إذَا امْتَنَعَ حَيْثُ كَانَ مُوسِرًا كَمَا قِيلَ بِذَلِكَ فِي مُطَالَبَةِ الْفَرْعِ لِأَصْلِهِ بِدَيْنِهِ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْسُمُ عَلَيْهِ) أَيْ لَا يُلَازِمُهُ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر نَعَمْ لَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ إنْ حُبِسَ، وَلَا مُلَازَمَتُهُ فَفَائِدَتُهَا إحْضَارُهُ مَجْلِسَ الْحَاكِمِ وَتَفْسِيقُهُ بِالِامْتِنَاعِ إذَا ثَبَتَ لَهُ مَالٌ اهـ.
وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: وَلَا يَرْسُمُ عَلَيْهِ قَبْلُ فَلَا فَائِدَةَ لِلْمُطَالَبَةِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَالِي بِهَا وَأُجِيبُ بِأَنَّ فَائِدَتَهَا إحْضَارُهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَتَفْسِيقُهُ إذَا امْتَنَعَ أَيْ مَعَ الْيَسَارِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ سَهْمِ الْغَارِمِينَ) بِخِلَافِ مَا إذَا غَرِمَ مِنْهُ وَصُورَةُ غُرْمِهِ مِنْهُ مَعَ كَوْنِ الضَّمَانِ بِالْإِذْنِ أَنْ يَكُونَ الضَّامِنُ وَالْأَصِيلُ مُعْسِرَيْنِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الْمَتْنِ فِي قِسْمِ الزَّكَاةِ، وَلِغَارِمٍ تَدَايَنَ لِنَفْسِهِ فِي مُبَاحٍ إلَى أَنْ قَالَ أَوْ لِضَمَانٍ إنْ أَعْسَرَ مَعَ الْأَصِيلِ أَوْ وَحْدَهُ، وَكَانَ مُتَبَرِّعًا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَرُجُوعٌ عَلَيْهِ) وَحَيْثُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ فَحُكْمُهُ كَالْقَرْضِ حَتَّى يَرُدَّ فِي الْمُتَقَوِّمِ مِثْلَهُ صُورَةً، وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّ الْأَدَاءَ فِي ضِمْنِهِ إقْرَاضٌ اهـ.
(فَرْعٌ) لَوْ نَهَاهُ عَنْ الْأَدَاءِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الضَّمَانِ لَمْ يُؤَثِّرْ أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَ الْإِذْنِ كَانَ رُجُوعًا عَنْهُ أَوْ مَعَ الْإِذْنِ كَانَ مُفْسِدًا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَمَشَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ م ر. (فَرْعٌ) فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا، وَلَوْ ضَمِنَ عَبْدٌ عَنْ سَيِّدِهِ بِإِذْنِهِ، وَأَدَّى بَعْدَ الْعِتْقِ لَمْ يَرْجِعْ كَمَا لَوْ آجَرَهُ ثُمَّ عَتَقَ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ لَا يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ بَقِيَّتِهَا، وَكَذَا لَوْ ضَمِنَ عَنْ قِنِّهِ بِإِذْنِهِ، وَأَدَّى قَبْلَ عِتْقِهِ أَوْ عَنْ مُكَاتَبِهِ، وَأَدَّى بَعْدَ تَعْجِيزِهِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ اهـ. وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِ ضَمَانِهِ عَنْ قِنِّهِ بِكَوْنِ الْأَدَاءِ قَبْلَ الْعِتْقِ وَبَعْدَ التَّعْجِيزِ أَنَّهُ لَوْ أَدَّى بَعْدَ الْعِتْقِ وَقَبْلَ التَّعْجِيزِ رَجَعَ، وَيُوَافِقُهُ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ، وَهُوَ قَوْلُهُ قَرِيبٌ: فَلْيُرَاجَعْ وَعِنْدِي شَكٌّ أَنَّ م ر قَرَّرَ خِلَافَهُ فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ.
(فَرْعٌ) ضَمِنَ بِالْإِذْنِ ثُمَّ نَذَرَ أَنْ لَا يَرْجِعَ إذَا أَدَّى ثُمَّ أَدَّى لَمْ يَرْجِعْ، وَلَوْ ضَمِنَ بِالْإِذْنِ ثُمَّ نَذَرَ الْأَدَاءَ ثُمَّ أَدَّى لَمْ يَرْجِعْ قَالَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ صَارَ وَاجِبًا فَيَقَعُ الْأَدَاءُ عَنْ الْوَاجِبِ وَنَازَعَهُ م ر فِي نَفْسِ انْعِقَادِ النَّذْرِ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ وَاجِبٌ وَالْوَاجِبُ لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ. اهـ. وَقَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ الْأَدَاءُ بِالطَّلَبِ فَقَبْلَهُ لَا وُجُوبَ فَيَنْعَقِدُ، وَقَدْ يُدْفَعُ بِمَنْعِ ذَلِكَ كَمَا أَنَّ صَلَاةَ الظُّهْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَاجِبَةُ الْأَدَاءِ مَعَ تَوَقُّفِ وُجُوبِ أَدَائِهَا عَلَى ضِيقِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهَا فَلْيُحَرَّرْ اهـ. سم. (قَوْلُهُ: وَرُجُوعٌ عَلَيْهِ) ، وَمَتَى وَرِثَ الضَّامِنُ الدَّيْنَ رَجَعَ بِهِ مُطْلَقًا اهـ. شَرْحُ م ر أَيْ سَوَاءٌ ضَمِنَ بِالْإِذْنِ أَمْ بِدُونِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ لَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالرُّجُوعِ، وَإِنْ كَانَتْ الصُّورَةُ أَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُمْ نَزَّلُوا انْتِقَالَ الدَّيْنِ لَهُ بِالْإِرْثِ مَنْزِلَةَ الْأَدَاءِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي الْأَدَاءِ) أَيْ، وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ فَإِنْ نَهَاهُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الضَّمَانِ فَلَا يُؤَثِّرُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ أَوْ قَبْلَهُ فَإِنْ انْفَصَلَ عَنْ الْإِذْنِ فِي الضَّمَانِ فَهُوَ رُجُوعٌ عَنْهُ، وَإِلَّا بِأَنْ قَارَنَ النَّهْيُ الْإِذْنَ فِي الضَّمَانِ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ الْإِذْنَ فِي الضَّمَانِ فَإِذَا ضَمِنَ كَانَ كَأَنَّهُ ضَمِنَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ فَلَا يَرْجِعُ اهـ. س ل بِزِيَادَةٍ، وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: دُونَ الضَّمَانِ) وَبِالْأَوْلَى مَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِمَا فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ ضَمِنَ بِالْإِذْنِ رَجَعَ مُطْلَقًا، وَإِنْ ضَمِنَ بِغَيْرِ الْإِذْنِ لَمْ يَرْجِعْ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ أَدَّى بِالْإِذْنِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْأَدَاءِ) أَيْ، وَهُوَ ضَامِنٌ بِغَيْرِ إذْنٍ، وَقَوْلُهُ: رَجَعَ أَيْ إنْ أَدَّى عَنْ الْإِذْنِ، وَإِلَّا بِأَنْ أَدَّى عَنْ جِهَةِ الضَّمَانِ بِغَيْرِ إذْنٍ فَلَا يَرْجِعُ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ صُورَةُ الْإِطْلَاقِ كَصُورَةِ الْإِذْنِ، وَكَتَبَ أَيْضًا عِنْدَ قَوْلِهِ رَجَعَ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ عَنْ جِهَةِ الضَّمَانِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: عَلَى زَيْدٍ وَغَائِبٍ) الْغَائِبُ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَكَذَا الِاثْنَانِ فَلَوْ ادَّعَى عَلَى وَاحِدٍ أَنَّهُ ضَمِنَ بِالْإِذْنِ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ فَكَذَّبَهُ لَمْ يَرْجِعْ؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَهُمَا مُتَضَامِنَانِ) مَعْطُوفٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى (أَلْفًا) فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ: وَهُمَا مُتَضَامِنَانِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنٌ الْآخَرَ بِخَمْسِمِائَةٍ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُطَالَبًا بِالْأَلْفِ أَصَالَةً فِي النِّصْفِ وَضَمَانًا فِي النِّصْفِ لَكِنْ قَوْلُهُ: مُتَضَامِنَانِ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ زَيْدٌ عَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ وَضَامِنًا لِلْغَائِبِ بِخَمْسِمِائَةٍ فَمَدَارُ التَّصْوِيرِ عَلَى كَوْنِ الْحَاضِرِ مُطَالَبًا بِالْأَلْفِ أَصَالَةً