فِي الْوَاقِعِ وَعِنْدَ الْعَاقِدَيْنِ (كَذَلِكَ) أَيْ قَدْرًا وَصِفَةً وَجِنْسًا؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ لَيْسَتْ عَلَى حَقِيقَةِ الْمُعَاوَضَاتِ، وَإِنَّمَا هِيَ مُعَاوَضَةُ إرْفَاقٍ جُوِّزَتْ لِلْحَاجَةِ فَاعْتُبِرَ فِيهَا الِاتِّفَاقُ وَالْعِلْمُ بِمَا ذُكِرَ كَمَا فِي الْقَرْضِ فَلَا تَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ بِمَا يُحَالُ بِهِ أَوْ عَلَيْهِ كَإِبِلِ الدِّيَةِ، وَلَا مَعَ اخْتِلَافِهِمَا قَدْرًا، أَوْ صِفَةً، أَوْ جِنْسًا، وَلَا مَعَ الْجَهْلِ بِتَسَاوِيهِمَا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِبَكْرٍ عَلَى زَيْدٍ خَمْسَةٌ وَلِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو عَشْرَةٌ فَأَحَالَ زَيْدٌ بَكْرًا بِخَمْسَةٍ مِنْهَا صَحَّ، وَلَوْ كَانَ بِأَحَدِ الدَّيْنَيْنِ تَوَثَّقَ بِرَهْنٍ أَوْ ضَامِنٍ لَمْ يُؤَثِّرْ وَلَمْ يَنْتَقِلْ الدَّيْنُ بِصِفَةِ التَّوَثُّقِ بَلْ يَسْقُطُ التَّوَثُّقُ وَيُفَارِقُ عَدَمَ سُقُوطِهِ بِانْتِقَالِهِ لِلْوَارِثِ بِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ الْمُورِثِ فِيمَا يَثْبُتُ لَهُ مِنْ الْحُقُوقِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.
(وَيَبْرَأُ بِهَا) أَيْ بِالْحَوَالَةِ (مُحِيلٌ) عَنْ دَيْنِ الْمُحْتَالِ (وَيَسْقُطُ دَيْنُهُ) عَنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (وَيَلْزَمُ دَيْنُ مُحْتَالٍ مُحَالًا عَلَيْهِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَدِينَهُ بِدَيْنِهِ مُدَّةً وَقُلْنَا بِصِحَّةِ النَّذْرِ بِأَنْ كَانَ مَرْغُوبًا فِيهِ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مِنْ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ بِالْحَالِ عَلَيْهِ وَعَكْسُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ أَجَلًا، وَإِنَّمَا هُوَ دَيْنٌ حَالٌّ اُمْتُنِعَتْ الْمُطَالَبَةُ بِهِ لِعَارِضٍ فَلَوْ زَادَ فِي نَذْرِهِ، وَأَنَّهُ لَا يُحِيلُ بِهِ فَنَقَلَ سم عَنْ م ر أَنَّهُ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ مَعَ الْإِثْمِ فَرَاجِعْهُ. اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ فِي الْوَاقِعِ وَعِنْدَ الْعَاقِدَيْنِ) وَكَأَنَّ اعْتِبَارَ ذَلِكَ هُنَا دُونَ نَحْوِ الْبَيْعِ الِاحْتِيَاطُ لِلْحَوَالَةِ لِخُرُوجِهَا عَنْ الْقِيَاسِ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ وَعِنْدَ الْعَاقِدَيْنِ) فِيهِ أَنَّ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَعَلِمَ بِالدَّيْنَيْنِ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ وَالْعِنْدِيَّةَ الْمَذْكُورَةَ الْمُرَادُ بِهَا أَيْضًا مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَخُصَّ الْعِلْمَ بِالْيَقِينِ وَالْعِنْدِيَّةَ بِالظَّنِّ فَيَنْدَفِعُ التَّكْرَارُ (قَوْلُهُ لَيْسَتْ عَلَى حَقِيقَةِ الْمُعَاوَضَاتِ) أَيْ عَلَى قَوَاعِدِ الْمُعَاوَضَاتِ بَلْ هِيَ خَارِجَةٌ عَنْهَا وَصِحَّتُهَا مُسْتَثْنَاةٌ، وَهَذَا تَعْلِيلٌ لِاشْتِرَاطِ كُلٍّ مِنْ الْعِلْمِ وَالتَّسَاوِي أَيْ وَلِذَلِكَ قَالَ فَاعْتُبِرَ فِيهَا إلَخْ لَكِنَّ التَّعْلِيلَ إنَّمَا يُنْتِجُ الثَّانِي فَقَطْ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ فِي كُلِّ الْمُعَاوَضَاتِ فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْقَوَاعِدِ بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّ التَّسَاوِيَ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ إلَّا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْعِوَضَانِ رِبَوِيَّيْنِ وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ كَمَا فِي الْقَرْضِ) أَيْ كَمَا جَوَّزَ الْقَرْضَ مَعَ كَوْنِهِ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ مِنْ غَيْرِ تَقَابُضٍ اهـ. شَرْحُ م ر اهـ. شَوْبَرِيٌّ فَالتَّشْبِيهُ إنَّمَا هُوَ فِي خُرُوجِ كُلٍّ عَنْ الْقَوَاعِدِ مَعَ جَوَازِهِ لِلْحَاجَةِ (قَوْلُهُ فَلَا تَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَعَلِمَ بِالدَّيْنَيْنِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا مَعَ اخْتِلَافِهِمَا قَدْرًا تَفْرِيعٌ عَلَى تَسَاوِيهِمَا فِي الْوَاقِعِ، وَقَوْلُهُ، وَلَا مَعَ الْجَهْلِ بِتَسَاوِيهِمَا تَفْرِيعٌ عَلَى تَسَاوِيهِمَا عِنْدَ الْعَاقِدَيْنِ اهـ. (قَوْلُهُ كَإِبِلِ الدِّيَةِ) مِثَالُ لِلْمَجْهُولِ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ صِفَتَهَا عُلِمَتْ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ بِهَا وَعَلَيْهَا اهـ. عَبْدُ الْحَقِّ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ لِلْجَهْلِ بِهَا عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ لِلْجَهْلِ بِصِفَتِهَا وَكَتَبَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ مَا نَصُّهُ: قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ عُلِمَتْ الصِّفَةُ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ بِهَا، وَعَلَيْهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ. وَفِيهِ وَقْفُهُ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالصِّفَةِ لَا يُصَيِّرُهَا إلَى حَالَةٍ تَتَمَيَّزُ بِحَيْثُ يَرْجِعُ فِيهَا إلَى قَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ يَعْلَمَ بِالصِّفَةِ أَنَّهَا مِنْ نَوْعِ كَذَا، وَهَذَا بِمُجَرَّدِهِ لَا يَكْفِي لِصِحَّةِ السَّلَمِ فِيهَا، وَذَلِكَ لَيْسَ إلَّا لِعَدَمِ انْضِبَاطِهَا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِبَكْرٍ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَتَسَاوِيهِمَا كَذَلِكَ مَعَ كَوْنِ الضَّمِيرِ رَاجِعًا لِلدَّيْنَيْنِ اللَّذَيْنِ فَسَّرَهُمَا بِقَوْلِهِ الدَّيْنُ الْمُحَالُ بِهِ، وَعَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ دَيْنُ الْمُحِيلِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ الْمُحَالِ بِهِ وَلَكِنَّهُ إنَّمَا أَحَالَ عَلَى بَعْضِ دَيْنِهِ لَا عَلَى كُلِّهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ بِأَحَدِ الدَّيْنَيْنِ إلَخْ) هَذِهِ مُسْتَأْنَفَةٌ جَاءَ بِهَا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ شُمُولِ الصِّفَةِ لِهَذَا فَقَوْلُهُ لَمْ يُؤَثِّرْ أَيْ فِي الْبُطْلَانِ أَيْ كَوْنُ أَحَدِهِمَا بِهَذَا الْوَصْفِ دُونَ الْآخَرِ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْبُطْلَانِ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّسَاوِي فِي هَذَا الْوَصْفِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْتَقِلْ الدَّيْنُ بِصِفَةِ التَّوَثُّقِ) وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ عَنْ جَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ مَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَحَلَّ الِانْتِقَالِ لَا بِصِفَةِ التَّوَثُّقِ إذَا لَمْ يَنُصَّ الْمُحِيلُ عَلَى الضَّامِنِ، وَإِلَّا لَمْ يَبْرَأْ بِالْحَوَالَةِ فَإِذَا أَحَالَ الدَّائِنُ ثَالِثًا عَلَى الْمَدِينِ وَضَامِنِهِ فَلَهُ مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ الْمُحِيلُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَفِي الْمَطْلَبِ إنْ أَطْلَقَ الْحَوَالَةَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالرَّهْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَجْهًا وَاحِدًا وَيَنْفَكُّ الرَّهْنُ كَمَا إذَا كَانَ لَهُ بِهِ ضَامِنٌ فَأَحَالَهُ عَلَيْهِ بِهِ مَنْ لَهُ دَيْنٌ لَا ضَامِنَ بِهِ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ وَبَرِئَ الضَّامِنُ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ أَوْ اسْتِيفَاءٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَقْتَضِي بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ فَكَذَلِكَ يَقْتَضِي فَكَّ الرَّهْنِ فَإِنْ شَرَطَ بَقَاءَ الرَّهْنِ فَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ تَبْطُلُ بِهِ الْحَوَالَةُ إنْ قَارَنَهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ شَرَطَ عَاقِدُ الْحَوَالَةِ رَهْنًا أَوْ ضَمَانًا لَمْ يَصِحَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ بِالْجَوَازِ وَحَمَلَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِجَوَازِ شَرْطِهِ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَالْأَوَّلُ عَلَى الْمُحِيلِ إذْ الدَّيْنُ الْمَرْهُونُ بِهِ أَوْ الْمَضْمُونُ لَيْسَ عَلَيْهِ، وَهُوَ كَلَامٌ صَحِيحٌ إذْ الْكَلَامُ فِي كَوْنِهِ جَائِزًا فَلَا يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ أَوْ غَيْرُهُ فَيُفْسِدُهُ لَا بِالنَّظَرِ لِكَوْنِهِ لَازِمًا أَوَّلًا فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ شَرْطٌ عَلَى أَجْنَبِيٍّ عَنْ الْعَقْدِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَيَبْرَأُ بِهَا مُحِيلٌ إلَخْ) وَإِذَا أَحَالَ عَلَى الْأَصِيلِ بَرِئَ الضَّامِنُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَيُنَازِعُهُ كَوْنُ الْحَوَالَةِ كَالْقَبْضِ أَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنْ يَبْرَأَ الْأَصِيلُ بِالْحَوَالَةِ عَلَى الضَّامِنِ. اهـ ح ل
(قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ دَيْنُ مُحْتَالٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ لَوْ قَبِلَ الْمُحْتَالُ الْحَوَالَةَ مِنْ غَيْرِ اعْتِرَافٍ بِالدَّيْنِ كَانَ قَبُولُهُ مُتَضَمِّنًا لِاسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ فَيُؤَاخَذُ بِذَلِكَ لَوْ أَنْكَرَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ، وَهُوَ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُحِيلِ أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ بِهِ وَجْهَانِ أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ التَّحْلِيفَ كَمَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ مَسْأَلَةُ الِاتِّفَاقِ عَلَى حُرِّيَّةِ الْعَبْدِ وَأَيْضًا لَوْ اعْتَرَفَ الْمُحِيلُ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَيُؤَاخَذُ