كَأَنْ صَالَحَتْهُ مِنْهَا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا طَلْقَةً (أَوْ) جَرَى عَلَى (بَعْضِهَا) أَيْ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ (فَهِبَةٌ لِلْبَاقِي) مِنْهَا لِذِي الْيَدِ فَيَصِحُّ بِلَفْظِ الصُّلْحِ كَصَالَحْتُك مِنْ الدَّارِ عَلَى بَعْضِهَا كَمَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْهِبَةِ لَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ لِعَدَمِ الثَّمَنِ (فَتَثْبُتُ أَحْكَامُهَا) أَيْ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا ذُكِرَ لِأَنْوَاعِ الصُّلْحِ (أَوْ) جَرَى (مِنْ دَيْنٍ) غَيْرِ ثَمَنٍ (عَلَى غَيْرِهِ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ عَلَى عَيْنٍ (فَقَدْ مَرَّ) حُكْمُهُ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَهُوَ أَنَّهُمَا إنْ اتَّفَقَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا اُشْتُرِطَ قَبْضُ الْعِوَضِ فِي الْمَجْلِسِ، وَإِلَّا فَلَا لَكِنْ إنْ كَانَ الْعِوَضُ دَيْنًا اُشْتُرِطَ تَعْيِينُهُ فِي الْمَجْلِسِ (أَوْ) مِنْ دَيْنٍ (عَلَى بَعْضِهِ فَأَبْرَأَهُ عَنْ بَاقِيهِ) كَصَالَحْتُك عَنْ الْأَلْفِ الَّذِي لِي عَلَيْك عَلَى خَمْسِمِائَةٍ لَصَدَقَ حَدُّ الْإِبْرَاءِ عَلَيْهِ وَيُسَمَّى هُوَ وَالصُّلْحُ عَلَى بَعْضِ الْعَيْنِ صُلْحُ حَطِيطَةٍ، وَمَا عَدَاهُمَا غَيْرُ صُلْحِ الْإِعَارَةِ صُلْحُ مُعَاوَضَةٍ.

(وَصَحَّ بِلَفْظٍ نَحْوِ إبْرَاءٍ) كَحَطٍّ وَإِسْقَاطٍ وَوَضْعٍ كَأَبْرَأْتُكَ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ مِنْ الْأَلْفِ الَّذِي لِي عَلَيْك، أَوْ حَطَطْتهَا، أَوْ أَسْقَطْتهَا، أَوْ وَضَعْتهَا عَنْك

ـــــــــــــــــــــــــــــQفَهُوَ سَلَمٌ حُكْمًا قَدْ يُفْهَمُ أَنَّهُ تَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ السَّلَمِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ لَهُ فِي السَّلَمِ مِنْ أَنَّ الْعَقْدَ إذَا وَقَعَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ ثَبَتَتْ لَهُ أَحْكَامُ الْبَيْعِ دُونَ السَّلَمِ وَقَالَ حَجّ: إنَّ الْبِيَعَ إذَا أُطْلِقَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِمُقَابِلِ السَّلَمِ لِاخْتِلَافِ أَحْكَامِهِمَا فَهُوَ أَعْنِي الْبَيْعَ لَا يَخْرُجُ عَنْ مَوْضُوعِهِ لِغَيْرِهِ فَإِذَا نَافَى لَفْظُهُ مَعْنَاهُ غَلَبَ لَفْظُهُ؛ لِأَنَّهُ الْأَقْوَى، وَأَمَّا لَفْظُ الصُّلْحِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ شَرْعًا لِعُقُودٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِحَسَبِ الْمَعْنَى لَا غَيْرُ فَلَيْسَ لَهُ مَوْضُوعٌ خَاصٌّ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ لَفْظُهُ حَتَّى يَغْلِبَ فِيهِ فَتَعَيَّنَ فِيهِ تَحْكِيمُ الْمَعْنَى لَا غَيْرُ. اهـ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الشَّارِحَ تَبِعَ حَجّ اهـ بِحُرُوفِهِ.

(قَوْلُهُ كَأَنْ صَالَحْتَهُ مِنْهَا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا طَلْقَةً) كَأَنْ قَالَتْ صَالَحْتُك مِنْ كَذَا عَلَى أَنْ تُطَلِّقَنِي طَلْقَةً اهـ. شَرْحُ م ر أَيْ فَيُقْبَلُ بِقَوْلِهِ صَالَحْتُك؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ طَلَّقْتُك، وَلَا حَاجَةَ إلَى إنْشَاءِ عَقْدٍ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْعَصْرِ اِ هـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ جَرَى عَلَى بَعْضِهَا) أَيْ بِأَنْ يَأْخُذَ الْمُدَّعِي بَعْضَهَا وَيَتْرُكَ بَعْضَهَا لِآخَرَ فَقَوْلُهُ فِي صَدْرِ الْعِبَارَةِ مِنْ عَيْنٍ مُدَّعَاةٍ مُرَادُهُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْعَيْنَ كُلًّا أَوْ بَعْضًا، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى فَهْمِ أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ أَوْ عَلَى بَعْضِهَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى غَيْرِهَا وَيَكُونُ الْمُقْسِمِ سم جَرَيَانُهُ مِنْ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ وَتَقْدِيرُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ عَيْنٍ حَيْثُ قَدَّرَ لَهُ الْعَامِلَ، وَهُوَ قَوْلُهُ جَرَى فَكَأَنَّهُ قَالَ أَوْ جَرَى مِنْ عَيْنٍ إلَخْ أَوْ جَرَى عَلَى بَعْضِهَا وَيَكُونُ عَلَى هَذَا سَاكِتًا عَنْ بَيَانِ الْمَتْرُوكِ لَكِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ الْمَأْخُوذِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَفْهَمَتْ الْعِبَارَةُ أَنَّ الْمَأْخُوذَ الْبَعْضُ يُفْهَمُ أَنَّ الْمَتْرُوكَ هُوَ الْبَعْضُ الْآخَرُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ فَتَصِحُّ بِلَفْظِ الصُّلْحِ كَصَالَحْتُك إلَخْ) ، وَذَلِكَ أَنَّ الْخَاصِّيَّةَ الَّتِي يَفْتَقِرُ إلَيْهَا لَفْظُ الصُّلْحِ هِيَ سَبْقُ الْخُصُومَةِ وَقَدْ حَصَلَتْ. اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ كَمَا تَصِحُّ بِلَفْظِ الْهِبَةِ) بِأَنْ يَقُولَ وَهَبْتُك نِصْفَهَا وَصَالَحْتُك عَلَى نِصْفِهَا، وَقَوْلُهُ لَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ كَأَنْ يَقُولَ بِعْتُك نِصْفَهَا وَصَالَحْتُك عَلَى نِصْفِهَا اهـ.

وَفِي الْحَلَبِيِّ قَوْلُهُ كَمَا تَصِحُّ بِلَفْظِ الْهِبَةِ الظَّاهِرُ أَنَّ صُورَةَ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ وَهَبْتُك بَعْضَهُ مَثَلًا وَصَالَحْتُك عَلَى الْبَاقِي كَمَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الصُّلْحِ وَيُقَالُ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ لَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَالتَّنْظِيرِ حِينَئِذٍ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ جَمَعَ مَعَ الصُّلْحِ غَيْرَهُ اهـ. (قَوْلُهُ لَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَهَا بِنِصْفِهَا فَقَدْ بَاعَ مِلْكَهُ بِمِلْكِهِ أَوْ بَاعَ الشَّيْءَ بِبَعْضِهِ، وَهُوَ مُحَالٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ فَتَثْبُتُ أَحْكَامُهَا) فَمِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ الشُّفْعَةُ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ وَالْمَجْلِسِ وَمَنْعُ تَصَرُّفِهِ فِي الْمَصَالِحِ عَلَيْهِ وَعَنْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَاشْتِرَاطِ التَّقَابُضِ إنْ اتَّفَقَا أَيْ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ فِي عِلَّةِ الرِّبَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِهِ كَاشْتِرَاطِ التَّسَاوِي إذَا كَانَ جِنْسًا رِبَوِيًّا وَاشْتِرَاطُ الْقَطْعِ فِي بَيْعِ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ وَجَرَيَانِ التَّحَالُفِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ وَفَسَادِهِ بِالْغَرَرِ وَالشَّرْطُ الْفَاسِدُ وَالْجَهْلُ؛ لِأَنَّ حَدَّ الْبَيْعِ صَادِقٌ عَلَى ذَلِكَ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لِأَنْوَاعِ الصُّلْحِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَثْبُتُ أَيْ فَتَثْبُتُ أَحْكَامُ الْمَذْكُورَاتِ لِأَنْوَاعِ الصُّلْحِ أَوْ بِذِكْرٍ أَيْ مِمَّا ذُكِرَ لِأَنْوَاعِ الصُّلْحِ.

(قَوْلُهُ أَوْ مِنْ دَيْنٍ غَيْرِ ثَمَنٍ) خَرَجَ الْمُثَمَّنُ كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ لَكِنْ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا جَوَازَ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ غَيْرَ الْمُسْلَمِ فِيهِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ دَيْنٍ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ وَكَانَ الْغَيْرُ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا مُنْشَأً أَيْ يَلْتَزِمُهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقْتَ عَقْدِ الصُّلْحِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْغَيْرُ دَيْنًا ثَابِتًا مِنْ قَبْلُ بِأَنْ كَانَ ثَابِتًا عَلَى الْمُدَّعِي فَتَرَكَ الدَّيْنَ الَّذِي كَانَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ هُوَ فَلَا يَصِحُّ كَمَا تَقَدَّمَ بَسْطُ ذَلِكَ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ اشْتَرَطَ تَعْيِينَهُ فِي الْمَجْلِسِ) أَيْ لَا قَبْضَهُ قَالَ حَجّ وَإِلْحَاقُ الْمُعَيَّنِ فِي الْمَجْلِسِ بِالْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ قَالَ السُّبْكِيُّ وَكَأَنَّهُمْ أَرَادُوا اللَّازِمَ فِي الذِّمَّةِ أَيْ وَالدَّيْنُ الْمُصَالَحُ بِهِ هُنَا غَيْرُ لَازِمٍ فَكَفَى تَعْيِينَهُ فِي الْمَجْلِسِ عَنْ تَعْيِينِهِ فِي الْعَقْدِ، وَالْكَلَامُ فِي دَيْنٍ مُخَالِفٍ لِلدَّيْنِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ جِنْسًا أَوْ نَوْعًا؛ لِأَنَّ هَذَا فِيهِ اعْتِيَاضٌ فَجَرَتْ فِيهِ أَحْكَامُ الرِّبَا أَمَّا دَيْنٌ مِنْ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ فَهُوَ اسْتِيفَاءٌ لَا اعْتِيَاضٌ فَلَا يَجْرِي فِيهِ ذَلِكَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا يَأْتِي اهـ. ع ش

(قَوْلُهُ أَوْ عَلَى بَعْضِهِ فَإِبْرَاءٌ عَنْ بَاقِيهِ) وَهَلْ يَعُودُ الدَّيْنُ إذَا امْتَنَعَ الْمُبَرَّأُ مِنْ أَدَاءِ الْبَاقِي أَمْ لَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ الْعَوْدِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ) أَيْ فِي الذِّمَّةِ، وَكَذَا مُعَيَّنَةٍ وَيُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَبُولُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا أَوْ عَلَى هَذِهِ الْخَمْسِمِائَةِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ مِنْ الْأَلْفِ عَلَى بَعْضِهِ إبْرَاءٌ لِلْبَعْضِ وَاسْتِيفَاءٌ لِلْبَاقِي فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ امْتَنَعَ الْمُبَرَّأُ مِنْ أَدَاءِ الْبَاقِي لَمْ يُعَدَّ الدَّيْنُ. اهـ ح ل

(قَوْلُهُ وَصَحَّ بِلَفْظٍ نَحْوِ إبْرَاءٍ) أَيْ صَحَّ الصُّلْحُ بِلَفْظِ صُلْحٍ مَعَ لَفْظٍ نَحْوِ أَبْرَأَ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ فَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمَتْنِ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015