(وَهُوَ وَلِيُّهُ) وَتَقْيِيدُ الْحَجْرِ بِالْقَاضِي مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ جُنَّ) بَعْدَ ذَلِكَ (فَوَلِيُّهُ وَلِيُّهُ فِي صِغَرٍ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّبْذِيرَ لِكَوْنِهِ سَفَهًا مَحَلُّ نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ فَلَا يَعُودُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ قَاضٍ بِخِلَافِ الْجُنُونِ (كَمَنْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ) لِجُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ بِاخْتِلَالِ صَلَاحِ الدَّيْنِ أَوْ الْمَالِ فَإِنَّ وَلِيَّهُ وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ فَيَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ مَنْ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ لِمَفْهُومِ آيَةِ {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] وَالْإِينَاسُ هُوَ الْعِلْمُ وَيُسَمَّى مَنْ بَلَغَ سَفِيهًا، وَلَمْ يَحْجُرُ عَلَيْهِ وَلِيُّهُ بِالسَّفِيهِ الْمُهْمَلِ، وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ شَرْعًا لَا حِسًّا وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَّ وَلِيَّهُ وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَلَا يَصِحُّ مِنْ مَحْجُورِ سَفَهٍ) شَرْعًا أَوْ حِسًّا (إقْرَارٌ بِنِكَاحٍ) كَمَا لَا يَصِحُّ مِنْهُ إنْشَاؤُهُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ بِدَيْنٍ أَوْ إتْلَافِ مَالٍ) قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ نَعَمْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي الْبَاطِنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَخْ اهـ. وَيُسْتَحَبُّ الْإِشْهَادُ عَلَى حَجْرِ السَّفِيهِ، وَلَوْ رَأَى الْقَاضِي النِّدَاءَ عَلَيْهِ لِيَجْتَنِبَ فِي الْمُعَامَلَةِ فَعَلَ، وَعَلَى هَذَا لَوْ عَادَ رَشِيدًا لَمْ يَنْفَكَّ إلَّا بِرَفْعِ الْحَاكِمِ كَمَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِهِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَهُوَ وَلِيُّهُ) فَإِذَا جُنَّ بَعْدَ ذَلِكَ انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ مِنْ الْقَاضِي لِلْأَبِ أَوْ الْجَدِّ كَمَا اعْتَمَدَهُ الزِّيَادِيُّ وَيُقَالُ ارْتَفَعَ حَجْرُ السَّفَهِ وَخَلَفَهُ حَجْرُ الْجُنُونِ كَمَا فِي خَطِّ شَيْخِنَا م ر. اهـ. شَوْبَرِيٌّ، وَلَوْ أَفَاقَ هَذَا الْمَجْنُونُ مُبَذِّرًا فَهَلْ الْوِلَايَةُ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ اسْتِصْحَابًا لَهَا كَمَا لَوْ كَانَ مُبَذِّرًا أَوْ لِلْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ كَانَ وَلِيَّهُ قَبْلَ الْجُنُونِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. سم
(قَوْلُهُ وَالْإِينَاسُ هُوَ الْعِلْمُ) فِي الْمِصْبَاحِ آنَسْت الشَّيْءَ بِالْمَدِّ عَلِمْتُهُ وَأَنَسْتُهُ أَبْصَرْتُهُ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ وَلِيُّهُ) الظَّاهِرُ أَنَّ إسْقَاطَ هَذَا الْقَيْدِ أَوْلَى فَإِنَّ حَجْرَ الصِّبَا دَائِمٌ عَلَيْهِ قَطْعًا وَأَيْضًا فَالْوَلِيُّ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْحَجْرُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ وَظَائِفِ الْحَاكِمِ، وَقَوْلُهُ بِالسَّفِيهِ الْمُهْمَلِ الْمَشْهُورُ إطْلَاقُ هَذَا الِاسْمِ عَلَى مَنْ بَذَّرَ بَعْدَ رُشْدِهِ، وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ اهـ. م ر اهـ. شَوْبَرِيٌّ أَيْ فَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا مَعَ الْمَشْهُورِ أَنَّ لَهُ إطْلَاقَيْنِ أَيْ فَتَارَةً يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا الْمَشْهُورِ وَتَارَةً لَا يَصِحُّ عَلَى هَذَا اهـ. (قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَّ وَلِيَّهُ إلَخْ) أَيْ التَّصْرِيحُ الَّذِي أَفَادَهُ التَّشْبِيهَ اهـ.
(قَوْلُهُ شَرْعًا) أَيْ بِأَنْ بَلَغَ سَفِيهًا، وَقَوْلُهُ أَوْ حِسًّا أَيْ بِأَنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ لِتَبْذِيرِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا اهـ. سم اهـ. ع ش (قَوْلُهُ إقْرَارٌ بِنِكَاحٍ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ إيجَابًا مُطْلَقًا أَوْ قَبُولًا لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ قَبُولِهِ لِغَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ فَصَحِيحٌ، وَأَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا بِالسَّفَهِ فَيَصِحُّ إقْرَارُهَا بِالنِّكَاحِ اهـ. ح ل، وَقَوْلُهُ إيجَابًا مُطْلَقًا إلَخْ هَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي حَدِّ ذَاتِهِ لَكِنَّ كِتَابَتَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ اشْتِبَاهٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ مَسُوقٌ فِي الْإِقْرَارِ بِالنِّكَاحِ، وَمَا قَالَهُ الْمُحَشِّي فِي نَفْسِ مُبَاشَرَةِ النِّكَاحِ.
وَعِبَارَةِ شَرْحِ م ر مَعَ الْأَصْلِ، وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ بَيْعٌ، وَلَا شِرَاءٌ، وَلَا إعْتَاقٌ وَلَا هِبَةٌ، وَلَا نِكَاحٌ يَقْبَلُهُ لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِلْمَالِ أَوْ مَظِنَّةُ إتْلَافِهِ أَمَّا قَبُولُهُ النِّكَاحَ لِغَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ فَصَحِيحٌ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْوَكَالَةِ، وَأَمَّا الْإِيجَابُ فَلَا مُطْلَقًا لَا أَصَالَةً، وَلَا وَكَالَةً وَلَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ. انْتَهَتْ، ثُمَّ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِنِكَاحٍ كَمَا لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ اهـ.
وَعِبَارَةُ حَجّ، وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمَا يُوجِبُ الْمَالَ كَنِكَاحٍ. انْتَهَتْ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَصِحُّ مِنْهُ إنْشَاؤُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِلْمَالِ حَيْثُ يُزَوِّجُ بِلَا مَصْلَحَةٍ أَوْ مَظِنَّةِ إتْلَافٍ إنْ فُرِضَ عَدَمُ الْعِلْمِ بِانْتِفَاءِ الْمَصْلَحَةِ اهـ. شَرْحُ م ر وع ش وع ش عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ بِدَيْنٍ أَيْ أَوْ بِعَيْنٍ هِيَ فِي يَدِهِ حَالَ الْحَجْرِ، وَقَوْلُهُ أَوْ إتْلَافِ مَالٍ أَيْ أَوْ جِنَايَةٍ تُوجِبُ مَالًا اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ نَعَمْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي الْبَاطِنِ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ أَسْنَدَ الدَّيْنَ وَالْإِتْلَافَ لِمَا بَعْدَ الْحَجْرِ، وَهُوَ يَشْكُلُ بِمَا فِي الإسنوي نَقْلًا عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ: أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ شَيْءٌ فِي يَدِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ وَكَانَ ذَلِكَ بِمُعَامَلَةٍ بَعْدَ الْحَجْرِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَوْ جَهِلَ الْمُعَامِلُ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا اهـ. وَالْوَجْهُ أَنَّهُ إذَا أَسْنَدَ ذَلِكَ لِمَا بَعْدَ الْحَجْرِ كَانَ حُكْمُهُ كَمَا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَ الْحَجْرِ فَمَنْ قَالَ هُنَاكَ لَا ضَمَانَ مُطْلَقًا يَقُولُ هُنَا كَذَلِكَ بِلَا فَرْقٍ تَأَمَّلْ. وَقَدْ قَالَ م ر الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَا أَقَرَّ بِهِ بِحَيْثُ لَوْ صَدَرَ مِنْهُ بَعْدَ الْحَجْرِ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَلْزَمْهُ أَدَاؤُهُ كَالْبَيْعِ فَلَا ضَمَانَ بِالْإِقْرَارِ بِهِ مُطْلَقًا حَتَّى بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمُعَامَلَةِ فَمُعَامَلَةُ مُقَصِّرٍ، وَإِنْ جَهِلَ سَفَهَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَيْضًا سَفِيهًا فَيَلْزَمُهُ مُطْلَقًا أَوْ بِحَيْثُ يَلْزَمُهُ لَوْ صَدَرَ مِنْهُ حَالَ الْحَجْرِ كَإِتْلَافٍ لَزِمَهُ أَدَاؤُهُ بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، أَقُولُ فَإِنْ أَسْنَدَ فِي إقْرَارِهِ لِمَا بَعْدَ الْحَجْرِ فَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ أَوْ لِمَا قَبْلَهُ لَزِمَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مُعَامَلَةً أَوْ إتْلَافًا، وَإِنْ لَمْ يُسْنِدْهُ إلَى شَيْءٍ فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ الْحَجْرِ فَعَلَى التَّفْصِيلِ أَوْ قَبْلَهُ لَزِمَهُ بَاطِنًا مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَالَ وَالْوَجْهُ فِي إقْرَارِ السَّفِيهِ بِالْمَالِ أَوْ بِمَا يُوجِبُهُ أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ بَاطِنًا بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ إنْ لَمْ يَجِبْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَالَ الْحَجْرِ بِأَنْ لَزِمَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ، وَكَذَا إنْ وَجَبَ حَالَ الْحَجْرِ بِنَحْوِ إتْلَافٍ لَا مُعَامَلَةٍ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْغُرْمِ بِالْإِتْلَافِ بَاطِنًا عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم
(قَوْلُهُ نَعَمْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي الْبَاطِنِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِنَفْيِ الصِّحَّةِ عَدَمَ الْمُطَالَبَةِ بِهِ حَالَ الْحَجْرِ وَبَعْدَ فَكِّهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَهُوَ كَذَلِكَ وَيُحْمَلُ الْقَوْلُ بِلُزُومِ ذَلِكَ لَهُ بَاطِنًا إذَا كَانَ صَادِقًا عَلَى مَا إذَا كَانَ سَبَبُهُ أَيْ الْمَالُ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْحَجْرِ أَوْ مُضَمَّنًا لَهُ فِيهِ. انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ أَوْ مُضَمَّنًا لَهُ فِيهِ كَإِتْلَافِهِ فِيهِ أَيْ الْحَجْرِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ فَتَلَخَّصَ أَنَّ دَيْنَ الْمُعَامَلَةِ لَا يُقْبَلُ الْإِقْرَارُ بِهِ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا، وَأَنَّ دَيْنَ