(بِأَنْ لَا يَفْعَلَ) فِي الْأَوَّلِ (مُحَرَّمًا يُبْطِلُ عَدَالَةً) مِنْ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٍ عَلَى صَغِيرَةٍ وَلَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتَهُ (وَلَا يُبَذِّرُ) فِي الثَّانِي (بِأَنْ يُضَيِّعَ مَالًا بِاحْتِمَالِ غَبْنٍ فَاحِشٍ فِي مُعَامَلَةٍ) ، وَهُوَ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ كَبَيْعِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِتِسْعَةٍ (أَوْ رَمْيِهِ) ، وَإِنْ قَلَّ (فِي بَحْرٍ) أَوْ نَحْوِهِ (أَوْ صَرْفِهِ) ، وَإِنْ قَلَّ (فِي مُحَرَّمٍ لَا) صَرْفِهِ فِي (خَيْرٍ) كَصَدَقَةٍ (وَ) لَا فِي (نَحْوِ مَلَابِس وَمَطَاعِم) كَهَدَايَا وَشِرَاءِ إمَاءٍ كَثِيرَةٍ لِلتَّمَتُّعِ، وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ يُتَّخَذُ لِيُنْتَفَعَ وَيُلْتَذَّ بِهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ نَعَمْ إنْ صَرَفَهُ فِي ذَلِكَ بِطَرِيقِ الِاقْتِرَاضِ لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَفِي بِهِ فَحَرَامٌ وَنَحْوٌ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَيُخْتَبَرُ رُشْدُهُ) أَيْ الصَّبِيِّ فِي الدِّينِ وَالْمَالِ لِيُعْرَفَ رُشْدُهُ وَعَدَمُ رُشْدِهِ (قَبْلَ بُلُوغِهِ) لِآيَةِ {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] وَالْيَتِيمُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى غَيْرِ الْبَالِغِ (فَوْقَ مَرَّةٍ) بِحَيْثُ يُظَنُّ رُشْدُهُ لَا مَرَّةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُصِيبُ فِيهَا اتِّفَاقًا أَمَّا فِي الدِّينِ فَبِمُشَاهَدَةِ حَالِهِ فِي الْعِبَادَاتِ بِقِيَامِهِ بِالْوَاجِبَاتِ وَاجْتِنَابِهِ الْمَحْظُورَاتِ وَالشُّبُهَاتِ، وَأَمَّا فِي الْمَالِ فَيَخْتَلِفُ بِمَرَاتِبِ النَّاسِ.
(فَ) يُخْتَبَرُ (وَلَدُ تَاجِرٍ بِمُمَاكَسَةٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْمَالِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ اهـ. م ر اهـ. ع ش، وَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى م ر الْمُعْتَمَدُ إلْحَاقُهُ بِالْمَالِ فَيَحْرُمُ إضَاعَةُ مَا يُعَدُّ مُنْتَفَعًا بِهِ مِنْهُ عُرْفًا وَيُحْجَرُ بِسَبَبِهِ اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يَفْعَلَ مُحَرَّمًا) أَيْ عِنْدَ الْبُلُوغِ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ أَنَّهُ لَوْ فَسَقَ أَيْ بِفِعْلِ الْكَبِيرَةِ أَوْ الْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغِيرَةِ بَعْدَ الْبُلُوغِ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ. الصَّادِقُ ذَلِكَ بِقِلَّةِ الزَّمَنِ بَيْنَ الْبُلُوغِ وَبَيْنَ الْفِسْقِ وَبِكَثْرَتِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَتَحَقَّقُ السَّفَهُ إلَّا مِمَّنْ أَتَى بِالْفِسْقِ مُقَارِنًا لِلْبُلُوغِ وَحِينَئِذٍ فَالْبُلُوغُ فِي حَالَةِ السَّفَهِ فِي غَايَةِ النُّدُورِ كَمَا لَا يَخْفَى فَلْيُنْظَرْ هَلْ هَذَا الِاقْتِضَاءُ مُرَادٌ أَمْ لَا اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر، وَفِي ع ش عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِالرُّشْدِ بِاعْتِبَارِ مَا يُرَى مِنْ أَحْوَالِهِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ يَظْهَرُ فِيهَا ذَلِكَ عُرْفًا يَتَقَيَّدُ بِخُصُوصِ الْوَقْتِ الَّذِي بَلَغَ فِيهِ كَوَقْتِ الزَّوَالِ مَثَلًا (قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يَفْعَلَ فِي الْأَوَّلِ مُحَرَّمًا) خَرَجَ بِالْمُحَرَّمِ غَيْرُهُ مِمَّا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ لِإِخْلَالِهِ بِالْمُرُوءَةِ كَالْأَكْلِ فِي السُّوقِ فَلَا يَمْنَعُ الرُّشْدَ؛ لِأَنَّ الْإِخْلَالَ بِالْمُرُوءَةِ لَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَوْ ادَّعَى بُلُوغَهُ سَفِيهًا قَبْلَ قَوْلِهِ بِلَا يَمِينٍ وَامْتَنَعَ الْحُكْمُ بِسَفَهِهِ مِنْ حَيْثُ تَرْكُ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى صَلَاتِهِ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ بِاحْتِمَالِ غَبْنٍ فَاحِشٍ) إنْ قِيلَ يَشْكُلُ عَلَى ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ «عَنْ حِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ أَنَّهُ كَانَ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ، وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: مَنْ بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ» إلَخْ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ كَانَ يُغْبَنُ، وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ بَلْ أَقَرَّهُ وَأَرْشَدَهُ إلَى اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ، أُجِيبُ بِأَنَّهُ مِنْ أَيْنَ أَنَّهُ كَانَ يُغْبَنُ غَبْنًا فَاحِشًا بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَبْنُهُ كَانَ يَسِيرًا، وَعَلَى تَسْلِيمِ ذَلِكَ مِنْ أَيْنَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا، وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فَيَكُونُ سَفِيهًا مُهْمِلًا فَتَصَرُّفُهُ صَحِيحٌ وَقَدْ يُرَدُّ بِأَنَّ تَرْكَ الِاسْتِفْصَالِ فِي وَقَائِعِ الْأَحْوَالِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ وَقَدْ أَقَرَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُبَايَعَةِ وَأَرْشَدَهُ إلَى اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ، وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ عَنْ حَالِهِ هَلْ طَرَأَ لَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا أَوْ لَا وَهَلْ كَانَ الْغَبْنُ فَاحِشًا أَوْ يَسِيرًا اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ بِاحْتِمَالِ غَبْنٍ فَاحِشٍ) لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ إقْحَامِ لَفْظَةِ الِاحْتِمَالِ فَلَعَلَّهَا زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ، وَهُوَ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا) أَيْ وَقَدْ جَهِلَ حَالَ الْمُعَامَلَةِ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ عَالِمًا وَأَعْطَى أَكْثَرَ مِنْهَا ثَمَنًا كَانَ الزَّائِدُ صَدَقَةً خَفِيَّةً مَحْمُودَةً فَلَا يَكُونُ تَبْذِيرًا بَلْ هُوَ بَيْعُ مُحَابَاةٍ اهـ. ح ل، وَلَوْ غُبِنَ فِي تَصَرُّفٍ دُونَ آخَرَ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ لِتَعَذُّرِ اجْتِمَاعِ الْحَجْرِ وَعَدَمِهِ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ عَشَرَةٌ بِتِسْعَةٍ) أَيْ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَخَرَجَ بِهَا الْقُرُوشُ وَالدَّنَانِيرُ فَلَا يُحْتَمَلُ مَا ذُكِرَ فِيهَا اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ أَوْ صَرَفَهُ فِي مُحَرَّمٍ) أَيْ، وَلَوْ صَغِيرَةً كَإِعْطَائِهِ أُجْرَةً لِصَوْغِ إنَاءٍ نَقْدًا أَوْ لِمُنَجِّمٍ أَوْ لِرِشْوَةٍ عَلَى بَاطِلٍ أَوْ لِمُحَذِّرٍ إيعَابٍ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ فَحَرَامٌ) أَيْ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُقْرِضُ بِحَالِهِ اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ وَيُخْتَبَرُ رُشْدُهُ) أَيْ وُجُوبًا وَالْمُخْتَبِرُ لَهُ الْوَلِيُّ اهـ. ع ش وح ل (قَوْلُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ) الْمُرَادُ بِالْقَبْلِيَّةِ الزَّمَنُ الْمُقَارِبُ لِلْبُلُوغِ بِحَيْثُ يَظْهَرُ رُشْدُهُ لِيُسَلِّمَ إلَيْهِ الْمَالَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَالشُّبُهَاتِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ ارْتَكَبَ الشُّبُهَاتِ لَا يَكُونُ رَشِيدًا، وَلَيْسَ مُرَادًا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ صَلَاحَ الدِّينِ أَنْ لَا يَفْعَلَ مُحَرَّمًا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ بِذَلِكَ الْمُبَالَغَةُ فِي اسْتِكْشَافِ حَالِ الصَّبِيِّ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ بِمُمَاكَسَةٍ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هِيَ النُّقْصَانُ عَنْ الَّذِي طَلَبَهُ الْبَائِعُ يُقَالُ مَكَسَ يَمْكِسُ بِالْكَسْرِ مَكْسًا أَوْ مَاكَسَ مُمَاكَسَةً اهـ. سم.
وَفِي الْمِصْبَاحِ مَكَسَ فِي الْبَيْعِ مَكْسًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ نَقَصَ الثَّمَنُ وَمَاكَسَ مُمَاكَسَةً وَمِكَاسًا مِثْلُهُ وَالْمَكْسُ الْجِبَايَةُ، وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَيْضًا وَفَاعِلُهُ مَكَّاسٌ ثُمَّ سُمِّيَ الْمَأْخُوذُ مَكْسًا تَسْمِيَةً بِالْمَصْدَرِ، وَجُمِعَ عَلَى مُكُوسٍ مِثْلُ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ وَقَدْ غَلَبَ اسْتِعْمَالُ الْمَكْسِ فِيمَا يَأْخُذُهُ أَعْوَانُ السُّلْطَانِ ظُلْمًا عِنْدَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ ا. هـ
(تَنْبِيهٌ) اخْتِبَارُ وَلَدِ الْأَمِيرِ بِأَنْ يَدْفَعَ لَهُ مَبْلَغًا يُنْفِقُهُ فِي أُسْبُوعٍ مَثَلًا فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ اهـ.
وَفِي الْعُبَابِ وَلَدُ الْأَمِيرِ مَثَلًا بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الْجُنْدِ وَالْعِيَالِ فَيُعْطِي نَفَقَةَ يَوْمٍ ثُمَّ أُسْبُوعٍ ثُمَّ شَهْرٍ اهـ. فَهَلْ الْمُرَادُ بِإِعْطَاءِ النَّفَقَةِ أَنَّهُ يُعْطَاهَا لِيَدْفَعَهَا لِلْجُنْدِ وَالْعِيَالِ وَصَحَّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ دَفْعُ مُعَيَّنٍ مَأْذُونٍ لَهُ فِيهِ، وَلَوْ اُحْتِيجَ لِنَحْوِ شِرَاءِ شَيْءٍ لِلْعِيَالِ لَمْ يَصِحَّ تَعَاطِيهِ لِيَعْقِدَ بِنَفْسِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي وَلَدِ التَّاجِرِ، أَوْ الْمُرَادُ أَعَمُّ فَيَجُوزُ لَهُ شِرَاءُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي نَفَقَةِ الْعِيَالِ وَيَغْتَفِرُ هَذَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِي وَلَدِ التَّاجِرِ فَلْيُحَرَّرْ، وَالْوَجْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ بِنَفْسِهِ، وَكَذَا فِي وَلَدِ الزُّرَّاعِ، وَانْظُرْ هَلْ يَجُوزُ لِوَلَدِ الزُّرَّاعِ أَنْ