وَهُوَ حَسَنٌ غَرِيبٌ (كَنَبْتِ عَانَةِ كَافِرٍ) بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي (خَشِنَةٍ) فَإِنَّهُ أَمَارَةٌ عَلَى بُلُوغِهِ لِخَبَرِ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ قَالَ كُنْت مِنْ سَبْيِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَكَانُوا يَنْظُرُونَ مَنْ أَنْبَتَ الشَّعْرَ قُتِلَ وَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ لَمْ يُقْتَلْ فَكَشَفُوا عَانَتِي فَوَجَدُوهَا لَمْ تَنْبُتْ فَجَعَلُونِي فِي السَّبْيِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَفَادَ كَوْنُهُ أَمَارَةً أَنَّهُ لَيْسَ بُلُوغًا حَقِيقَةً وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يَحْتَلِمْ وَشَهِدَ عَدْلَانِ بِأَنَّ عُمْرَهُ دُونَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ بِالْإِنْبَاتِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ أَمَارَةٌ لِلْبُلُوغِ بِالسِّنِّ وَحَكَى ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا هَذَا، وَثَانِيهِمَا أَنَّهُ أَمَارَةُ الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ أَمَارَةٌ عَلَى الْبُلُوغِ بِأَحَدِهِمَا، وَإِنَّمَا يَكُونُ أَمَارَةً فِي حَقِّ الْخُنْثَى إذَا كَانَ عَلَى فَرْجَيْهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَخَرَجَ بِالْكَافِرِ الْمُسْلِمُ لِسُهُولَةِ مُرَاجَعَةِ آبَائِهِ وَأَقَارِبِهِ الْمُسْلِمِينَ؛ وَلِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِالْإِنْبَاتِ فَرُبَّمَا تَعَجَّلَهُ دَوَاءً دَفْعًا لِلْحَجْرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ زَائِدًا وَخُرُوجُ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ مَعَ انْفِتَاحِ الْأَصْلِيِّ لَا أَثَرَ لَهُ وَقَدْ يَرُدُّ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَبَقَ أَنَّ إمْدَادَ الْبُلُوغِ عَلَى الْإِنْزَالِ إلَّا أَنْ يُقَالَ عَلَى الْإِنْزَالِ وَالْوُصُولِ إلَى مَحَلِّ بَحْثٍ لَوْ خَرَجَ لَخَرَجَ مِنْ الْأَصْلِيِّ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَلْيُحَرَّرْ فَإِنَّ فِيهِ نَظَرًا وَقِيَاسُ الْحُكْمِ بِالْبُلُوغِ ثُمَّ الْحُكْمُ بِالْبُلُوغِ هُنَا. اهـ سم
(قَوْلُهُ: وَهُوَ حَسَنٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى غَرِيبٌ مِنْ حَيْثُ النَّقْلِ اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ كَنَبْتِ عَانَةِ كَافِرٍ خَشِنَةٍ) شَمِلَ كَلَامُهُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلْجُورِيِّ وَيُصَدَّقُ وَلَدٌ كَافِرٌ سُبِيَ فَادَّعَى الِاسْتِعْجَالَ بِدَوَاءٍ بِيَمِينِهِ لِدَفْعِ الْقَتْلِ لَا لِإِسْقَاطِ جِزْيَةٍ، وَلَوْ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَطُولِبَ بِهَا، وَالْفَرْقُ الِاحْتِيَاطُ لِحَقِّ الْمُسْلِمِينَ فِي الْحَالَيْنِ وَيَجِبُ تَحْلِيفُهُ فِي الْأُولَى إذَا رَآهُ، وَلَا يَشْكُلُ تَحْلِيفُهُ بِأَنَّهُ يَثْبُتُ صِبَاهُ وَالصَّبِيُّ لَا يَحْلِفُ لِمَنْعِ كَوْنِهِ يُثْبِتُهُ بَلْ هُوَ ثَابِتٌ بِالْأَصْلِ، وَإِنَّمَا الْعَلَامَةُ، وَهِيَ الْإِنْبَاتُ عَارَضَهَا دَعْوَاهُ الِاسْتِعْجَالَ فَضَعُفَتْ دَلَالَتُهَا عَلَى الْبُلُوغِ فَاحْتِيجَ لِمُعَيِّنٍ لَمَّا عَارَضَهَا، وَهُوَ الْيَمِينُ، وَأَيْضًا فَالِاحْتِيَاطُ لِحَقْنِ الدَّمِ قَدْ يُوجِبُ مُخَالَفَةَ الْقِيَاسِ وَلِذَا قُبِلَتْ جِزْيَةُ الْمَجُوسِ مَعَ حُرْمَةِ مُنَاكَحَتِهِمْ عَلَيْنَا، وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ عَانَةِ كَافِرٍ) ، وَهِيَ الشَّعْرُ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ الْأَشْهَرُ أَنَّ النَّابِتَ عَانَةٌ وَالْمَنْبَتُ شِعْرَةٌ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ اهـ. ح ل.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالْعَانَةُ فِي تَقْدِيرِ فَعَلَةٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَفِيهَا اخْتِلَافٌ فَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَجَمَاعَةٌ مَنْبَتُ الشَّعْرِ فَوْقَ قُبُلِ الرَّجُلِ وَالشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَيْهَا يُقَالُ لَهُ الْإِسْبُ وَالشِّعْرَةُ وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ فِي مَوْضِعٍ الْعَانَةُ: الْإِسْبُ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ هِيَ شَعْرُ الرَّكَبِ وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَابْنُ السِّكِّيتِ اسْتَعَانَ وَاسْتَمَدَّ حَلَقَ عَانَتَهُ، وَعَلَى هَذَا فَالْعَانَةُ: الشَّعْرُ النَّابِتُ. اهـ.
وَفِيهِ أَيْضًا الْإِسْبُ وِزَانُ حِمْلٍ شَعْرُ الِاسْت. اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا وَالشِّعْرَةُ وِزَانُ سِدْرَةٌ الرَّكَبُ لِلنِّسَاءِ خَاصَّةً قَالَ فِي الْعُبَابِ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ الشِّعْرَةُ وِزَانُ ثِمْرَةٍ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى عَانَةِ الرَّجُلِ وَرَكَبِ الْمَرْأَةِ وَعَلَى مَا وَرَاءَهُمَا اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا وَالرَّكَبُ بِفَتْحَتَيْنِ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ الْعَانَةُ، وَعَنْ الْخَلِيل هُوَ لِلرَّجُلِ خَاصَّةً وَقَالَ الْفَرَّاءُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَأَنْشَدَ
لَا يُقْنِعُ الْجَارِيَةَ الْخِضَابُ ... وَلَا الْوِشَاحَانِ وَلَا الْجِلْبَابُ
مِنْ دُونِ أَنْ تَلْتَقِيَ الْأَرْكَابُ ... وَيَقْعُدَ الْأَيْرُ لَهُ لُعَابُ
(قَوْلُهُ فَجَعَلُونِي فِي السَّبْيِ) أَيْ مَعَ السَّبْيِ أَيْ النِّسَاءِ وَالْأَطْفَالِ (قَوْلُهُ وَأَفَادَ كَوْنُهُ عَلَامَةً) أَيْ لَيْسَ بُلُوغًا حَقِيقَةً لِجَوَازِ تَخَلُّفِهِ عَنْهَا، وَفِيهِ أَنَّهُ حَيْثُ وُجِدَتْ الْعَلَامَةُ وُجِدَ الْعَلَمُ اهـ. ح ل إلَّا أَنَّ الَّذِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَمَارَةٌ لَا عَلَامَةٌ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا) أَيْ كَوْنُ نَبَاتِهَا لَيْسَ بُلُوغًا، وَقَوْلُهُ بِأَنَّ عُمْرَهُ دُونَ خَمْسَةَ عَشْرَ سَنَةً أَيْ وَفَوْقَ تِسْعِ سِنِينَ، وَقَوْلُهُ لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ بِالْإِنْبَاتِ إذْ لَوْ كَانَ بُلُوغًا حَقِيقِيًّا لَمْ تُسْمَعْ تِلْكَ الْبَيِّنَةُ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ تَخَلَّفَ الشَّيْءُ عَنْ عَلَامَتِهِ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِمْ: الْعَلَامَةُ تَطَّرِدُ. اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ بِالْإِنْبَاتِ) مِنْ أَنْبَتَ اللَّازِمِ كَنَبَتَ يُقَالُ: أَنْبَتَ الْأَرْضَ وَنَبَتَ وَأَنْبَتَ الْبَقْلُ وَنَبَتَ وَيَصِحُّ مِنْ الْمُتَعَدِّي وَيَشْهَدُ لَهُ: مَنْ أَنْبَتَ الشَّعْرَ فِي الْحَدِيثِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَلِهَذَا إلَخْ، وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ قِيلَ: عَلَامَةٌ عَلَى الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ بِخُصُوصِهِ وَقِيلَ عَلَامَةٌ عَلَى الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ بِخُصُوصِهِ وَقِيلَ عَلَامَةٌ عَلَى الْبُلُوغِ بِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَفِي ح ل قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَيْ قَوْلُهُمْ وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يَحْتَلِمْ إلَخْ أَنَّهُ أَمَارَةٌ لِلْبُلُوغِ بِالسِّنِّ إذْ لَوْ كَانَ أَمَارَةً عَلَى الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ لَحُكِمَ بِبُلُوغِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ احْتَلَمَ فَلَا يُقَالُ: الْفَرْضُ فِي كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَمْ يَحْتَلِمْ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحْتَلِمَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَم بِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ) فِي دَعْوَى أَنَّ ذَلِكَ قَضِيَّتُهُ نَظَرٌ دَقِيقٌ فَتَأَمَّلْهُ اهـ. سم، وَقَوْلُهُ نَظَرٌ دَقِيقٌ أَقُولُ: لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَمَارَةً عَلَى الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ لَكَانَ وُجُودُهُ جَارِحًا فِي شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ إذْ قَضِيَّةُ قَبُولِهَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَامَةً عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا لَمْ يَسْبِقْ عَلَيْهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْعَلَامَةَ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا لِجَوَازِ سَبْقِهَا عَلَى سَنَةٍ فِيمَنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ لِزِيَادَةِ حَرَارَةٍ وَنَحْوِهَا فِيهِ لِوُجُودِ الْمُعَارَضَةِ، وَهُوَ قِيَامُ الْبَيِّنَةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ إلَّا أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِسَابِقِ الْكَلَامِ وَلَاحِقِهِ أَنْ يُقَالَ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَامَةً عَلَى الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ فَلَعَلَّ هَذَا وَجْهُ كَلَامِ الْمُحَشِّي (قَوْلُهُ أَنَّهُ أَمَارَةٌ عَلَى الْبُلُوغِ بِأَحَدِهِمَا) مُعْتَمَدٌ اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ