يُطْلَقُ الْبَيْعُ عَلَى قَسِيمِ الشِّرَاءِ وَهُوَ تَمْلِيكٌ بِثَمَنٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَالشِّرَاءُ تَمَلُّكٌ بِذَلِكَ وَعَلَى الْعَقْدِ الْمُرَكَّبِ مِنْهُمَا وَهِيَ الْمُرَادُ بِالتَّرْجَمَةِ وَهُوَ لُغَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَالَ الرَّافِعِيُّ الْأَكْثَرُونَ عَلَى الثَّانِي وَأَجْرَوْا الْخِلَافَ فِي السَّبَبِ الْعَقْلِيِّ وَقَدْ حَكَى الرَّافِعِيُّ وَجْهَيْنِ فِي التَّحْرِيمِ بِالرَّضَاعِ هَلْ هُوَ مَعَ الرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ أَوْ عَقِبَهَا هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي مَوْضِعٍ وَذَكَرَ فِي آخَرَ أَنَّهُ إذَا تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِعَدَدٍ أَوْ تَرَتَّبَ عَلَى مُتَعَدِّدٍ هَلْ يَتَعَلَّقُ بِالْجَمِيعِ أَوْ بِالْأَخِيرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَذَا لَوْ وَقَعَ عَقِبَ جُمْلَةٍ مُرَكَّبَةٍ مِنْ أَجْزَاءَ أَوْ تَرَتَّبَ عَلَى لَفْظٍ ثُمَّ ذَكَرَ احْتِمَالًا أَنَّ الْخِلَافَ هُنَا لَفْظِيٌّ لِأَنَّ الْجُزْءَ الْأَخِيرَ مُتَوَقِّفُ الْوُجُودِ عَلَى مَا قَبْلَهُ فَلَمَّا قَبِلَهُ دَخَلَ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ ثُمَّ رَدَّهُ بِأَنَّهُ مَعْنَوِيٌّ وَبِأَنَّ الْمَعْزُوَّ لِمَذْهَبِنَا أَنَّ الْمُؤَثِّرَ هُوَ الْمَجْمُوعُ أَيْ غَالِبًا لِذِكْرِهِ فُرُوعًا تُخَالِفُهُ وَالْوَجْهُ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ بَعْضُ كَلَامِهِ حَمْلُ مَا فِي هَذِهِ عَلَى حُكْمٍ مُتَرَتِّبٍ عَلَى سَبَبٍ مُرَكَّبٍ مِنْ أَسْبَابٍ مُتَعَاقِبَةٍ إذْ فِي مِثْلِهَا الْخِلَافُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ فِي السُّكْرِ بِالْقَدَحِ الْعَاشِرِ فَنَحْنُ نَسْنُدُهُ لِلْكُلِّ وَهُمْ لِلْآخِرِ فَقَطْ فَلَا يَجِبُ الْحَدُّ بِمَا قَبْلَهُ وَحِينَئِذٍ لَا يُنَافِي هَذَا مَا تَقَرَّرَ أَوَّلًا لِأَنَّهُ فِي سَبَبٍ وَاحِدٍ لَا تَرَكُّبَ فِيهِ وَالْفَرْقُ حِينَئِذٍ مُتَّجَهٌ لِأَنَّ هَذَا لِاتِّحَادِهِ جَرَتْ فِيهِ أَوْجُهٌ ثَلَاثَةٌ وَالْأَوَّلُ لِتَرَكُّبِهِ لَمْ يَجُزْ فِيهِ إلَّا وَجْهَانِ وَكَانَ الْأَصَحُّ أَنَّ الْمُؤَثِّرَ الْمَجْمُوعُ لِأَنَّ هَذَا هُوَ شَأْنُ الْأَسْبَابِ الْمُجْتَمَعَةِ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّ كَلَامَهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَمِثْلِهِمَا ظَاهِرٌ فِي التَّنَاقُضِ لَوْلَا تَأْوِيلُهُ بِمَا ذَكَرْته الْمَعْلُومُ مِنْهُ أَنَّ تَرَتُّبَهُ عَلَى الْأَخِيرِ فَقَطْ فِي مُثُلٍ كَثِيرَةٍ هُنَا إنَّمَا هُوَ لِمُدْرَكٍ يَخُصُّهُ كَمَا يَعْلَمُهُ مَنْ أَمْعَنَ تَأَمُّلَهُ فِيهِ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ يُطْلَقُ الْبَيْعُ) أَيْ شَرْعًا وَأَتَى بِهِ ظَاهِرًا لِئَلَّا يَرْجِعَ الضَّمِيرُ إلَى لَفْظِ الْبَيْعِ فِي التَّرْجَمَةِ فَيُنَافِيَ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالتَّرْجَمَةِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ أَيْضًا يُطْلَقُ الْبَيْعُ إلَخْ) اُسْتُفِيدَ مِنْ صَنِيعِهِ أَنَّ لَهُ إطْلَاقَاتٍ ثَلَاثَةً يُطْلَقُ عَلَى التَّمْلِيكِ وَعَلَى الْعَقْدِ وَعَلَى مُطْلَقِ مُقَابَلَةِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ وَالْإِطْلَاقُ الْأَوَّلُ لُغَوِيٌّ وَشَرْعِيٌّ وَالثَّانِي شَرْعِيٌّ فَقَطْ وَالثَّالِثُ لُغَوِيٌّ فَقَطْ وَبَقِيَ إطْلَاقٌ رَابِعٌ شَرْعِيٌّ وَلُغَوِيٌّ وَهُوَ الشِّرَاءُ الَّذِي هُوَ التَّمَلُّكُ فَفِي الْمُخْتَارِ أَنَّ الْبَيْعَ يُطْلَقُ عَلَى التَّمَلُّكِ الْمَذْكُورِ وَنَصُّهُ وَبَاعَ الشَّيْءَ اشْتَرَاهُ فَهُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ وَفِي الْحَدِيثِ «لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ وَلَا يَبِعْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ» أَيْ لَا يَشْتَرِ عَلَى شِرَاءِ أَخِيهِ اهـ. وَبَقِيَ إطْلَاقَانِ شَرْعِيَّانِ فَقَطْ وَهُمَا الِانْعِقَادُ النَّاشِئُ عَنْ الْعَقْدِ وَالْمِلْكُ النَّاشِئُ عَنْهُ وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ وَقَدْ يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الِانْعِقَادِ أَوْ الْمِلْكِ النَّاشِئِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْعَقْدِ كَمَا فِي قَوْلِك فَسَخْت الْبَيْعَ إذْ الْعَقْدُ الْوَاقِعُ لَا يُمْكِنُ فَسْخُهُ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ فَسْخُ مَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ اهـ. فَتَلَخَّصَ أَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ لَهُ إطْلَاقَاتٌ سِتَّةٌ
(قَوْلُهُ عَلَى قَسِيمِ الشِّرَاءِ) قَسِيمُ الشَّيْءِ مَا كَانَ مُبَايِنًا لَهُ وَمُنْدَرِجًا مَعَهُ تَحْتَ أَصْلٍ كُلِّيٍّ وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالْأَصْلِ هُنَا تَصَرُّفٌ لَهُ دَخْلٌ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ) يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ لَا مَفْهُومَ لَهُ إذْ التَّمْلِيكُ بِالثَّمَنِ لَا يَكُونُ إلَّا بَيْعًا وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا لِلِاحْتِرَازِ أَوْ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الثَّمَنَ فِي مُطْلَقِ الْعِوَضِ فَيَكُونُ احْتِرَازًا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ مُطْلَقِ الْإِجَارَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ وَالشِّرَاءُ تَمَلُّكٌ بِذَلِكَ) أَيْ الثَّمَنِ بِوَصْفِهِ أَوْ إنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ تَمَلُّكٌ مَعَ ذَلِكَ الْمَذْكُورِ وَعَلَى كُلٍّ سَقَطَ مَا قِيلَ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ بَعْدَ ذَلِكَ لَفْظَةَ كَذَلِكَ أَيْ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ كَسَابِقِهِ تَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَالشِّرَاءُ تَمَلُّكٌ بِذَلِكَ) ، الشِّرَاءُ يُمَدُّ وَيُقْصَرُ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ وَيُطْلَقُ الشِّرَاءُ أَيْضًا عَلَى مُقَابِلِ التَّمْلِيكِ وَهُوَ التَّمَلُّكُ الْمَذْكُورُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ} [يوسف: 20] كَمَا فِي الْمُخْتَارِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَفْظَ الشِّرَاءِ يُطْلَقُ إطْلَاقًا لُغَوِيًّا وَاصْطِلَاحِيًّا عَلَى كُلٍّ مِنْ التَّمْلِيكِ وَالتَّمَلُّكِ. اهـ شَيْخُنَا ثُمَّ رَأَيْت فِي م ر مَا نَصُّهُ عَلَى أَنَّ لَفْظَ كُلٍّ يُطْلَقُ عَلَى الْآخَرِ اهـ. وَفِي الْمِصْبَاحِ شَرَيْت الْمَتَاعَ أَشْرِيهِ إذَا أَخَذْته بِثَمَنٍ أَوْ أَعْطَيْته بِثَمَنٍ فَهُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ وَإِنَّمَا سَاغَ أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ مِنْ الْأَضْدَادِ لِأَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ تَبَايَعَا الثَّمَنَ وَالْمُثَمَّنَ فَكُلٌّ مِنْ الْعِوَضَيْنِ مَبِيعٌ مِنْ جَانِبٍ وَمُشْتَرًى مِنْ جَانِبٍ انْتَهَى.
وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ الشِّرَاءُ يُمَدُّ وَيُقْصَرُ وَقَدْ شَرَى الشَّيْءَ يَشْرِيهِ شِرًى وَشِرَاءً إذَا بَاعَهُ وَإِذَا اشْتَرَاهُ أَيْضًا فَهُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [البقرة: 207] أَيْ يَبِيعُهَا وَقَالَ تَعَالَى {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} [يوسف: 20] أَيْ بَاعُوهُ وَيُجْمَعُ الشِّرَاءُ عَلَى أَشْرِيَةٍ وَهُوَ شَاذٌّ لِأَنَّ فِعَالًا لَا يُجْمَعُ عَلَى أَفْعِلَةٍ وَشَرِيَ جِلْدُهُ مِنْ بَابِ صَدِيَ مِنْ الشَّرَى وَهُوَ خُرَّاجٌ صَغِيرٌ لَهُ لَذْعٌ شَدِيدٌ فَهُوَ شَرٍ عَلَى فَعَلٌ وَالشِّرْيَانُ بِفَتْحِ الشِّينِ وَكَسْرِهَا وَاحِدُ الشَّرَايِينِ وَهِيَ الْعُرُوقُ النَّابِضَةُ وَمَنْبَتُهَا مِنْ الْقَلْبِ وَالْمُشْتَرَى نَجْمٌ انْتَهَى
(قَوْلُهُ الْمُرَكَّبِ مِنْهُمَا) أَيْ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى التَّمْلِيكِ وَالتَّمَلُّكِ وَهَذَانِ الْإِطْلَاقَانِ شَرْعِيَّانِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَالْأَوَّلُ مِنْهُمَا لُغَوِيٌّ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ
(قَوْلُهُ وَهُوَ لُغَةً إلَخْ)