(وَ) عَلَيْهِ (دَمٌ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ كَدَمِ التَّمَتُّعِ (وَإِعَادَةٌ) فَوْرًا لِلْحَجِّ الَّذِي فَاتَهُ بِفَوَاتِ الْوُقُوفِ تَطَوُّعًا كَانَ أَوْ فَرْضًا كَمَا فِي الْإِفْسَادِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ هَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ جَاءَ يَوْمَ النَّحْرِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَنْحَرُ هَدْيَهُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْطَأْنَا الْعَدَّ وَكُنَّا نَظُنُّ أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ اذْهَبْ إلَى مَكَّةَ فَطُفْ بِالْبَيْتِ أَنْتَ وَمَنْ مَعَك وَاسْعَوْا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَانْحَرُوا هَدْيًا إنْ كَانَ مَعَكُمْ ثُمَّ احْلِقُوا أَوْ قَصِّرُوا ثُمَّ ارْجِعُوا فَإِذَا كَانَ عَامٌ قَابِلٌ فَحُجُّوا وَأَهْدُوا فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُمْ وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ فِي الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرُوهُ وَإِنَّمَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ فِي فَوَاتٍ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ حَصْرٍ فَإِنْ نَشَأَ عَنْهُ بِأَنْ حُصِرَ فَسَلَكَ طَرِيقًا آخَرَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعَلَيْهِ دَمٌ) أَيْ إنْ كَانَ حُرًّا فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا فَوَاجِبُهُ الصَّوْمُ اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ أَيْ صَوْمُ الْعَشَرَة.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَعَلَيْهِ دَمٌ) وَيَدْخُلُ وَقْتُ وُجُوبِهِ بِالدُّخُولِ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ وَجَوَازُهُ بِدُخُولِ وَقْتِ الْإِحْرَامِ بِهَا مِنْ قَابِلٍ وَإِنْ لَمْ يُحْرِمْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ مَشَى الْمَاتِنُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ ذَبْحُهُ إلَّا بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ فَلَا يَدْخُلُ وَقْتُهُ إلَّا بِالْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ اتِّفَاقًا، وَكَلَامُ النَّوَوِيِّ فِي الْإِيضَاحِ ظَاهِرٌ فِيهِ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: وَإِعَادَةٌ فَوْرًا) لَمْ يَقُلْ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ هُنَا مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْإِفْسَادِ مِنْ قَوْلِهِمْ وَتَقَعُ الْإِعَادَةُ عَنْ الْفَاسِدِ وَيَتَأَدَّى بِهَا مَا كَانَ يَتَأَدَّى بِالْأَدَاءِ لَوْلَا الْفَسَادُ مِنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ أَوْ غَيْرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنْ يَأْتِيَ مِثْلَهُ هُنَا وَيَتَأَدَّى بِالْإِعَادَةِ مَا كَانَ يَتَأَدَّى بِالْفَائِتِ مِنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ أَوْ غَيْرِهِ حَرِّرْهُ تَأَمَّلْ.
(تَنْبِيهٌ)
هَلْ يَلْزَمُ الْإِحْرَامُ بِالْقَضَاءِ مِنْ مَكَانِ الْإِحْرَامِ بِالْأَدَاءِ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِي قَضَاءِ الْفَاسِدِ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ التَّقْصِيرَ فِي الْإِفْسَادِ أَظْهَرُ مِنْهُ فِي الْفَوَاتِ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ التَّفْوِيتِ، فَيَكُونُ كَالْإِفْسَادِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي تَمَامِ التَّعَدِّي وَبَيْنَ الْفَوَاتِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مِنْ مِيقَاتِ طَرِيقِهِ وَلَا يُرَاعَى الْفَائِتُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ الْأَوَّلُ بِإِطْلَاقِهِ ثُمَّ رَأَيْت الْمَجْمُوعَ قَالَ عَنْ الْأَصْحَابِ وَعَلَى الْقَارِنِ الْقَضَاءُ قَارِنًا وَيَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ دِمَاءٍ دَمُ الْفَوَاتِ وَدَمُ الْقِرَانِ الْفَائِتِ وَدَمٌ ثَالِثٍ لِلْقِرَانِ الْمَأْتِيِّ بِهِ فِي الْقَضَاءِ وَلَا يَسْقُطُ هَذَا عَنْهُ بِالْإِفْرَادِ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْقِرَانُ وَدَمُهُ فَلَا يَسْقُطُ بِتَبَرُّعِهِ بِالْإِفْرَادِ اهـ. فَأَفْهَمَ ذَلِكَ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ مُرَاعَاةُ مَا كَانَ عَلَيْهِ إحْرَامُهُ فِي الْأَدَاءِ فَلَوْ أَحْرَمَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ فَفَاتَ ثُمَّ أَتَى فِي الْقَضَاءِ عَلَى قَرْنٍ لَزِمَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مِثْلِ مَسَافَةِ الْحُلَيْفَةِ وَيُؤَيِّدُهُ تَوْجِيهُهُمْ رِعَايَةَ ذَلِكَ فِي الْإِفْسَادِ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقَضَاءِ أَنْ يَحْكِيَ الْأَدَاءَ وَهَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِي صُورَةِ الْفَوَاتِ وَلَا نَظَرَ لِلْفَرْقِ السَّابِقِ بِمَزِيدِ التَّعَدِّي بِالْإِفْسَادِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْفَوَاتَ لَا يَخْلُو مِنْ تَقْصِيرٍ. اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: تَطَوُّعًا كَانَ أَوْ فَرْضًا) تَعْمِيمٌ فِي الْفَوْرِيَّةِ وَفِي شَرْحِ حَجّ تَخْصِيصُ الْفَوْرِيَّةِ بِمَا إذَا كَانَ الَّذِي فَاتَ تَطَوُّعًا وَفِي شَرْحِ ابْنِ الْجَمَّالِ مَا نَصُّهُ وَهَلْ تَخْتَصُّ الْفَوْرِيَّةُ بِالنَّفْلِ أَوْ تَعُمُّ الْفَرْضَ صَرِيحُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَظَاهِرُ الْغَرَرِ الثَّانِي وَكَلَامُ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ فِي الْإِيضَاحِ ظَاهِرٌ فِيهِ وَخَصَّصَهَا فِي التُّحْفَةِ وَالْإِمْدَادِ وَمُخْتَصَرِهِ وَمُخْتَصَرِ الْإِيضَاحِ بِالنَّفْلِيِّ، ثُمَّ قَالَ أَمَّا الْفَرْضُ فَهُوَ بَاقٍ كَمَا كَانَ مِنْ تَوْسِيعٍ وَتَضْيِيقٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ اهـ. وَفَرَّقَ تِلْمِيذُهُ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّءُوفِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الشَّارِحِ وَفِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ بِمَا هُوَ مُلَخَّصٌ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَهُوَ أَنَّهُ فِي التَّطَوُّعِ أَلْزَمَ نَفْسَهُ بِهِ تَبَرُّعًا مِنْ غَيْرِ إلْزَامٍ فَشَدَّدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَعْنِي الْفَوَاتَ لَا يَخْلُو عَنْ تَقْصِيرٍ بِخِلَافِ الْفَرْضِ فَإِنَّهُ مُلْزَمٌ بِهِ ابْتِدَاءً فَبَقِيَ كَمَا كَانَ اهـ. وَلْيُنْظَرْ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ وَقْفَةٍ إذْ إلْزَامُهُ نَفْسَهُ بِهِ غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ يُصَيِّرُهُ كَالْفَرْضِ ابْتِدَاءً فَإِذَا صَارَ كَذَلِكَ وَقُلْتُمْ بِعَدَمِ الْفَوْرِيَّةِ فِي قَضَائِهِ أَعْنِي الْفَرْضَ وَأَنَّهُ يَبْقَى كَمَا كَانَ فَلْيَكُنْ النَّفَلُ كَذَلِكَ وَيُنَافِي فَتْوَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ مِنْ قَابِلٍ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ بَلْ فَتْوَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَعَ عَدَمِ إنْكَارِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - الْمَعْدُودَ إجْمَاعًا سُكُوتِيًّا بِذَلِكَ يُؤَيِّدُ مَا فِي شَرْحِ النَّهْجِ مِنْ عَدَمِ التَّفْصِيلِ إذْ يَبْعُدُ أَنَّ هَبَّارًا وَمَنْ مَعَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَانُوا كُلُّهُمْ مُتَنَفِّلِينَ فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ اهـ بِحُرُوفِهِ.
(قَوْلُهُ: إنَّ هَبَّارًا) هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَبَّارٌ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَآخِرُهُ رَاءٌ ابْنُ الْأَسْوَدِ الْقُرَشِيِّ الصَّحَابِيِّ أَسْلَمَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَصَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَخْطَأْنَا الْعَدَّ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ أَيْ الْعِدَّةَ فِي أَيَّامِ الشَّهْرِ وَضَمِيرُ الْمُتَكَلِّمِ أَمَّا الْهَبَّارُ بِتَعْظِيمِهِ نَفْسَهُ أَوْ لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ وَهُوَ أَظْهَرُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَاسْعَوْا) لَعَلَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا سَعَوْا بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ أَوْ أَنَّهُمْ مِمَّنْ لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُمْ طَوَافُ الْقُدُومِ لِكَوْنِهِمْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مَثَلًا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَحُجُّوا) فِيهِ إفَادَةُ الْفَوْرِيَّةِ فِي الْقَضَاءِ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْفَاءِ فِي فَحُجُّوا وَيَتَقَيَّدُ الْعَامُّ بِالْقَابِلِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَأَهْدُوا) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ يُقَالُ أَهْدَى لَهُ وَإِلَيْهِ اهـ. مُخْتَارٌ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ) أَيْ حَجِّ الْقَضَاءِ أَيْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ اهـ. حَجّ فَلَا يَصِحُّ تَقْدِيمُ صَوْمِهَا عَلَيْهِ اهـ. سَمِّ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُنْكِرُوهُ) أَيْ فَكَانَ إجْمَاعًا اهـ. حَجّ أَيْ سُكُوتِيًّا.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ حُصِرَ فَسَلَكَ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ الِاسْتِدْرَاكِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ نَعَمْ إنْ سَلَكَ طَرِيقًا آخَرَ مُسَاوِيًا إلَخْ وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَقِّبَهُ بِهِ فَعُلِمَ مِنْ