يُقَالُ حَصَرَهُ وَأَحْصَرَهُ لَكِنَّ الْأَشْهَرَ الْأَوَّلُ فِي حَصْرِ الْعَدُوِّ وَالثَّانِي فِي حَصْرِ الْمَرَضِ وَنَحْوِهِ (وَالْفَوَاتُ) لِلْحَجِّ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا وَفَوَاتُ الْحَجِّ بِفَوَاتِ وُقُوفِ عَرَفَةَ (لِمُحْصَرٍ) عَنْ إتْمَامِ أَرْكَانِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ بِأَنْ مَنَعَهُ عَنْهُ عَدُوٌّ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ (تَحَلُّلٌ) بِمَا يَأْتِي قَالَ تَعَالَى {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: 196] أَيْ وَأَرَدْتُمْ التَّحَلُّلَ {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحَلَّلَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَصَحِّ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مَنَعَهُ مِنْ نُسُكِ التَّطَوُّعِ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِاعْتِبَارِ الْإِذْنِ مِنْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ الْمُعْتَبَرِ فِيهِ ذَلِكَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لِرَجُلٍ اسْتَأْذَنَهُ فِي الْجِهَادِ لَك أَبَوَانِ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَسْتَأْذَنَتْهُمَا قَالَ لَا قَالَ فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ وَلَهُمَا تَحْلِيلُهُ مِنْ نُسُكِ التَّطَوُّعِ إذَا أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَتَحْلِيلُهُمَا لَهُ كَتَحْلِيلِ السَّيِّدِ رَقِيقَهُ وَيَلْزَمُهُ التَّحَلُّلُ بِأَمْرِهِمَا وَمَحَلُّهُ فِي الْآفَاقِيِّ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مُصَاحِبًا لَهُمَا فِي السَّفَرِ
وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْأَبَ الرَّقِيقَ كَالْحُرِّ فِي أَنَّ لَهُ الْمَنْعَ وَلَيْسَ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْ نُسُكِ الْفَرْضِ لَا ابْتِدَاءً وَلَا إتْمَامًا كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَيُفَارِقُ الْجِهَادَ بِأَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ وَلَيْسَ الْخَوْفُ فِيهِ كَالْخَوْفِ فِي الْجِهَادِ مَعَ أَنَّ فِي تَأْخِيرِهِ خَطَرَ الْفَوَاتِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ كَانَ لِأَبَوَيْهَا مَنْعُهَا مِنْ نُسُكِ التَّطَوُّعِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ رِضَا الزَّوْجِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ الْأَصْلِ إلَّا أَنْ يُسَافِرَ مَعَهَا الزَّوْجُ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ أَيْ الْأَصْلُ لَوْ مَنَعَهُ أَيْ الْفَرْعَ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى مَنْعِهِ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ، الْمَانِعُ السَّادِسُ الدَّيْنُ فَلِصَاحِبِهِ مَنْعُ الْمَدْيُونِ مِنْ السَّفَرِ لِيَسْتَوْفِيَهُ إلَّا إنْ كَانَ مُعْسِرًا أَوْ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا أَوْ اسْتَنَابَ مَنْ يَقْضِيهِ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي إحْرَامِهِ اهـ. شَرْحُ م ر وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الرِّقَّ وَنَحْوَهُ لَيْسَ مِنْ الْحَصْرِ بِقِسْمَيْهِ وَلَك أَنْ تَقُولَ مَا الْمَانِعُ مِنْ جَعْلِهِ مِنْ الْخَاصِّ لِاتِّحَادِ الْحُكْمِ وَانْطِبَاقِ التَّعْرِيفِ عَلَيْهِ اهـ. رَشِيدِيّ وَمُقْتَضَى صَنِيعِ م ر أَنَّ الْمَرَضَ لَيْسَ مِنْ مَوَانِعِ إتْمَامِ النُّسُكِ وَقَدْ جَعَلَهُ الْبِرْمَاوِيُّ مِنْهَا فَعَدَّ الْحَصْرَ مُطْلَقًا نَوْعًا وَالْمَرَضَ وَنَحْوَهُ نَوْعًا ثَانِيًا.
وَعِبَارَةُ ابْنِ الْجَمَّالِ: الْخَامِسُ الْأُبُوَّةُ فَلِأَصْلٍ وَلَوْ أُنْثَى وَإِنْ عَلَا وَمِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَمَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ وَكَافِرًا وَإِنَّمَا لَمْ يُرَاعَ فِي الْجِهَادِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِالْمَنْعِ حَمِيَّةً لِدِينِهِ مَنْعَ فَرْعٍ مِنْ نُسُكِ تَطَوُّعٍ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ نَحْوَ تِجَارَةٍ مِنْ إجَارَةٍ كَالْجَمَّالِينَ وَالْعَكَّامِينَ إنْ زَادَ الرِّبْحُ أَوْ الْأُجْرَةُ عَلَى مُؤَنِ سَفَرِهِ وَمِثْلُهُ أَنْ تَكُونَ مُؤْنَةُ الْحَضَرِ مِنْ مَالِهِ وَمُؤْنَةُ السَّفَرِ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ وَمِنْ طَلَبِ عِلْمٍ، وَلَوْ نَفْلًا وَلَهُ تَحْلِيلُهُ إذَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ وَهُوَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالذَّبْحِ مَعَ النِّيَّةِ ثُمَّ الْحَلْقُ مَعَهَا وَيَلْزَمُهُ التَّحَلُّلُ بِأَمْرِهِ وَلَوْ نَحْوَ مَكِّيٍّ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَالْمُصَنِّفِ فِي الْإِرْشَادِ.
وَعُلِمَ مِنْ مَنْعِهِ لَهُ وُجُوبُ اسْتِئْذَانِهِ فِي السَّفَرِ أَمَّا مَنْ قَصَدَ نُسُكَ التَّطَوُّعِ نَحْوَ تِجَارَةٍ مِمَّا ذُكِرَ فَلَهُ السَّفَرُ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِشَرْطِ أَمْنِ الطَّرِيقِ أَمْنًا مَعْهُودًا وَأَنْ لَا يَرْكَبَ بَحْرًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ جَوَازِ سَفَرِ التِّجَارَةِ بِقَيْدِهِ وَطَلَبِ الْعِلْمِ بِغَيْرِ إذْنِ الْأَصْلِ وَبَيْنَ سَفَرِ حَجِّ التَّطَوُّعِ الَّذِي لَمْ يَقْصِدْ بِهِ نَحْوَ التِّجَارَةِ حَيْثُ تَوَقَّفَ عَلَى الْإِذْنِ أَنَّ النَّفْسَ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ الْمَالِ وَالِاسْتِكْثَارِ مِنْهُ فَلَوْ تَوَقَّفَ السَّفَرُ لَهُ عَلَى رِضَا الْأَصْلِ لَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْعِبَادَةِ الْمُتَطَوَّعِ بِهَا فَإِنْ تَوَقَّفَ سَفَرُهَا عَلَى مَا هُوَ آكَدُ مِنْهَا لَا مَشَقَّةَ فِيهِ وَإِنَّ طَلَبَ الْعِلْمَ نَفَعُهُ مُتَعَدٍّ فَسُومِحَ فِيهِ مَا لَمْ يُسَامَحْ فِي الْحَجِّ، قَالَهُ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّءُوفِ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: يُقَالُ حَصَرَهُ إلَخْ) فِي الْمُخْتَارِ حَصَرَهُ ضَيَّقَ عَلَيْهِ وَأَحَاطَ بِهِ وَبَابُهُ نَصَرَ وَالْحَصْرُ الْعَيُّ وَهُوَ أَيْضًا ضِيقُ الصَّدْرِ يُقَالُ حَصَرَ صَدْرُهُ أَيْ ضَاقَ وَبَابُهُمَا طَرِبَ وَكُلُّ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ شَيْءٍ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَقَدْ حُصِرَ عَنْهُ وَلِهَذَا قِيلَ حُصِرَ فِي الْقِرَاءَةِ وَحُصِرَ عَنْ أَهْلِهِ، وَالْحَصُورُ الَّذِي لَا يَأْتِي النِّسَاءَ وَالْحُصْرُ بِالضَّمِّ اعْتِقَالُ الْبَطْنِ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ أَحْصَرَهُ الْمَرَضُ أَيْ مَنَعَهُ مِنْ السَّفَرِ أَوْ مِنْ حَاجَةٍ يُرِيدُهَا وَحَصَرَهُ الْعَدُوُّ يَحْصُرُونَهُ أَيْ ضَيَّقُوا عَلَيْهِ وَأَحَاطُوا بِهِ وَبَابُهُ نَصَرَ وَحَاصَرَهُ أَيْضًا مُحَاصَرَةً وَحِصَارًا، وَقَالَ الْأَخْفَشُ حَصَرْت الرَّجُلَ فَهُوَ مَحْصُورٌ أَيْ حَبَسْته وَأَحْصَرَهُ بَوْلُهُ أَوْ مَرَضُهُ أَيْ جَعَلَهُ يَحْصُرُ نَفْسَهُ وَقَالَ أَبُو عُمَرَ وَحَصَرَهُ الشَّيْءُ وَأَحْصَرَهُ حَبَسَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا يُقَالُ حَصَرَهُ) أَيْ حَبَسَهُ وَضَيَّقَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: وَأَحْصَرَهُ أَيْ مَنَعَهُ مِنْ غَرَضِهِ وَمَقْصُودِهِ وَوُقُوعُ الثَّانِي فِي الْقُرْآنِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْفَصَاحَةِ
اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِلْحَجِّ) مُتَعَلِّقٌ بِالْفَوَاتِ وَيُتَصَوَّرُ فَوَاتُ الْعُمْرَةِ تَبَعًا لِلْحَجِّ فِي حَقِّ الْقَارِنِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا) أَيْ مِنْ قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْرَمَ رَقِيقٌ أَوْ زَوْجَةٌ بِلَا إذْنٍ فَلِمَالِكِ أَمْرِهِ تَحْلِيلُهُ اهـ. ع ش وَمِنْ قَوْلِهِ كَنَحْوِ مَرِيضٍ شَرَطَهُ فَهَذَا أَيْضًا زَائِدٌ عَلَى تَرْجَمَةِ الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: عَنْ إتْمَامِ أَرْكَانِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) خَرَجَ بِالْأَرْكَانِ الْوَاجِبَاتُ كَرَمْيِ الْجِمَارِ وَالْمَبِيتِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ فِيهَا تَحَلُّلُ الْمُحْصَرِ؛ لِأَنَّهُمْ مُتَمَكِّنُونَ مِنْ التَّحَلُّلِ بِالطَّوَافِ وَالْحَلْقِ وَيَقَعُ حَجُّهُمْ مُجْزِيًا عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَيَجْبُرُ الرَّمْيَ وَالْمَبِيتَ بِالدَّمِ اهـ. شَرْحُ م ر.
وَعِبَارَةُ حَجّ فَلَوْ مُنِعَ مِنْ الرَّمْيِ أَوْ الْمَبِيتِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّحَلُّلُ أَيْ تَحَلُّلُ الْحَصْرِ الْمُخْرِجِ مِنْ النُّسُكِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْهُ