دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ بِمَعْنَى أَنَّ الشَّارِعَ أَمَرَ فِيهِ بِالتَّقْوِيمِ وَالْعُدُولِ فِيهِ إلَى غَيْرِهِ بِحَسَبِ الْقِيمَةِ وَأَنَّ دَمَ الصَّيْدِ وَالنَّابِتِ دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَعْدِيلٍ وَأَنَّ دَمَ مَا نَحْنُ فِيهِ دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَقْدِيرٍ بِمَعْنَى أَنَّ الشَّارِعَ قَدَّرَ مَا يُعْدَلُ إلَيْهِ لِمَا لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ.
(وَدَمُ تَرْكِ مَأْمُورٍ) كَإِحْرَامٍ مِنْ الْمِيقَاتِ وَمَبِيتٍ بِمُزْدَلِفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ (كَدَمِ تَمَتُّعٍ) فِي أَنَّهُ إنْ عَجَزَ عَنْهُ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ لِاشْتِرَاكِ مُوجِبَيْهِمَا فِي تَرْكِ مَأْمُورٍ إذْ الْمُوجِبُ لِدَمِ التَّمَتُّعِ تَرْكُ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ كَمَا مَرَّ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَغَيْرِهِ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِينَ فَهُوَ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَقْدِيرٍ، وَمَا فِي الْأَصْلِ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ تَصَدَّقَ بِقِيمَةِ الشَّاةِ طَعَامًا فَإِنْ عَجَزَ صَامَ لِكُلِّ مُدٍّ يَوْمًا ضَعِيفٌ وَالدَّمُ عَلَيْهِ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ (وَكَذَا) أَيْ وَكَدَمِ التَّمَتُّعِ (دَمُ فَوَاتٍ) لِلْحَجِّ وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي وُجُوبُهُ مَعَ الْإِعَادَةِ (وَيَذْبَحُهُ فِي حَجَّةِ الْإِعَادَةِ) لَا فِي عَامِ الْفَوَاتِ كَمَا أَمَرَ بِذَلِكَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَوَاهُ مَالِكٌ وَسَيَأْتِي بِطُولِهِ فِي الْبَابِ الْآتِي (وَدَمُ الْجُبْرَانِ لَا يَخْتَصُّ) ذَبْحُهُ (بِزَمَنٍ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّخْصِيصِ وَلَمْ يُرِدْ مَا يُخَالِفُهُ لَكِنَّهُ يُسَنُّ أَيَّامَ التَّضْحِيَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاحِدٌ وَهُوَ دَمُ الْإِفْسَادِ وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ دَمَ الْمُفْسِدِ كَدَمِ الْإِحْصَارِ وَلَمْ يَقُلْ إنَّ دَمَ الْمُفْسِدِ وَدَمَ الْإِحْصَارِ بَقِيَ مِنْ أَقْسَامِ الدِّمَاءِ وَاحِدٌ وَسَيَذْكُرُهُ الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ وَدَمُ تَرْكِ مَأْمُورٍ إلَخْ وَلَوْ أَخَّرَ الشَّارِحُ هَذَا الْحَاصِلَ بَعْدَهُ وَذَكَرَ الْأَقْسَامَ الْأَرْبَعَةَ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا لَا يَخْفَى تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: دَمُ تَرْتِيبٍ) وَهُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِ إلَّا بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ بِمَعْنَى أَنَّ الشَّارِعَ إلَخْ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ وَتَعْدِيلٌ وَقَوْلُهُ: دَمُ تَخْيِيرٍ وَهُوَ مَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَهُوَ مُقَابِلُ التَّرْتِيبِ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: مَا نَحْنُ فِيهِ) وَهُوَ الْوَاجِبُ بِارْتِكَابِ مُحَرَّمٍ أَوْ فِعْلِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ وَقَوْلُهُ: قَدَّرَ مَا يَعْدِلُ إلَيْهِ إلَخْ عِبَارَةُ حَجّ أَيْ قَدَّرَ الشَّارِعُ بَدَلَهُ صَوْمًا لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ انْتَهَتْ فَالصَّوْمُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُخَيَّرِ الْمُقَدَّرِ الَّذِي كَلَامُ الشَّارِحِ فِيهِ الْآنَ هُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَبِالنِّسْبَةِ لِلْمُرَتَّبِ الْمُقَدَّرِ الَّذِي سَيَذْكُرُهُ الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ وَدَمُ تَرْكِ مَأْمُورٍ إلَخْ هُوَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ ثَلَاثَةٌ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٌ إذَا رَجَعَ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِاَلَّذِي قَدَّرَهُ الشَّارِعُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ كُلُّ مَا يَئُولُ إلَيْهِ حَتَّى يَشْمَلَ الطَّعَامَ فِي دَمِ التَّخْيِيرِ وَالتَّقْدِيرِ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ فِيهِ أَيْضًا مُقَدَّرٌ بِثَلَاثَةِ آصُعٍ لَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ وَكَلَامُ حَجّ فِيهِ قُصُورٌ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَدَمُ تَرْكِ مَأْمُورٍ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي بَيَانِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي نَظْمِ ابْنِ الْمُقْرِي وَهُوَ تِسْعَةُ أَنْوَاعٍ ذَكَرَ الْمَاتِنُ مِنْهَا سَبْعَةً عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ بِقَوْلِهِ وَدَمُ تَرْكِ مَأْمُورٍ؛ لِأَنَّ هَذَا يَشْمَلُ تَرْكَ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَتَرْكَ الرَّمْيِ وَتَرْكَ الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةِ وَتَرْكَ الْمَبِيتِ بِمِنًى وَتَرْكَ طَوَافِ الْوَدَاعِ وَتَرْكَ الْمَشْيِ الْمَنْذُورِ بَلْ وَيَشْمَلُ التَّمَتُّعَ وَالْقِرَانَ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الدَّمِ فِيهَا فِي الْحَقِيقَةِ تَرْكُ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ لَكِنَّهُ ذَكَرَ التَّمَتُّعَ اسْتِقْلَالًا لِكَوْنِهِ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ فَلِذَلِكَ قَاسَ عَلَيْهِ دَمَ تَرْكِ الْمَأْمُورِ وَقَاسَ عَلَيْهِ أَيْضًا دَمَ الْفَوَاتِ الْآتِيَ فِي بَابِ الْإِحْصَارِ وَإِنَّمَا قَاسَهُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ كَهُوَ فِي التَّرْتِيبِ وَالتَّقْدِيرِ وَقَدْ جَمَعَ الْكُلَّ ابْنُ الْمُقْرِي بِقَوْلِهِ
أَرْبَعَةٌ دِمَاءُ حَجٍّ تُحْصَرُ ... فَالْأَوَّلُ الْمُرَتَّبُ الْمُقَدَّرُ
تَمَتُّعٌ فَوْتٌ وَحَجٌّ قُرِنَا ... وَتَرْكُ رَمْيٍ وَالْمَبِيتُ بِمِنًى
وَتَرْكُهُ الْمِيقَاتَ وَالْمُزْدَلِفَةَ ... أَوْ لَمْ يُوَدِّعْ أَوْ كَمَشْيٍ أَخْلَفَهْ
نَاذِرُهُ يَصُومُ إنْ دَمًا فَقَدْ ... ثَلَاثَةً فِيهِ وَسَبْعًا فِي الْبَلَدْ
وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْمَقَامِ التَّنْبِيهَ عَلَى الْقِسْمِ الثَّانِي فِي نَظْمِ ابْنِ الْمُقْرِي وَهُوَ نَوْعَانِ دَمُ الْفَسَادِ وَدَمُ الْإِحْصَارِ وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْحَاصِلِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَكَانَ عُذْرُ الْمُصَنِّفِ فِي تَرْكِهِ أَنَّ أَحَدَ نَوْعَيْهِ وَهُوَ الْوَاجِبُ فِي الْجِمَاعِ قَدْ ذَكَرَهُ إجْمَالًا فِيمَا سَبَقَ بِقَوْلِهِ وَتَجِبُ بِهِ بَدَنَةٌ عَلَى الرَّجُلِ وَأَنَّ النَّوْعَ الثَّانِيَ سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي بَابِ الْإِحْصَارِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: تَرْكِ مَأْمُورٍ) أَيْ أَمْرِ إيجَابٍ أَوْ نَدْبٍ كَمَا سَيَأْتِي اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: كَدَمِ تَمَتُّعٍ) أَيْ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ عَجَزَ بِحَرَمٍ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تُسَنُّ قَبْلَ عَرَفَةَ وَسَبْعَةً فِي وَطَنِهِ فَقَوْلُهُ: كَدَمِ تَمَتُّعٍ لَيْسَ مِثَالًا بَلْ هُوَ مَقِيسٌ عَلَيْهِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: لِاشْتِرَاكِ مُوجِبِهِمَا) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ السَّبَبِ الَّذِي أَوْجَبَهُمَا فِي تَرْكِ مَأْمُورٍ أَيْ فِي هَذَا الْمَفْهُومِ الْكُلِّيِّ الشَّامِلِ لِتَرْكِ الْمِيقَاتِ وَتَرْكِ الْمَبِيتِ وَتَرْكِ الرَّمْيِ وَهَكَذَا أَوْ هُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ الَّذِي وَجَبَ فِيهِمَا وَهُوَ الدَّمُ لَكِنَّ هَذَا فِيهِ نَوْعُ مُصَادَرَةٍ كَمَا لَا يَخْفَى.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا دَمُ فَوَاتٍ) أَيْ لِأَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ لِتَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَالْوُقُوفِ الْمَتْرُوكِ فِي الْفَوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَيَذْبَحُهُ فِي حَجَّةِ الْإِعَادَةِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَوَقْتُ الْوُجُوبِ مَنُوطٌ بِالتَّحَرُّمِ بِالْقَضَاءِ كَمَا أَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ مَنُوطٌ بِالتَّحَرُّمِ بِالْحَجِّ وَعَلَيْهِ لَوْ كَفَّرَ بِالصَّوْمِ لَا يُقَدِّمُ صَوْمَ الثَّلَاثَةِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْإِحْرَامِ بِهِ وَيَصُومُ السَّبْعَةَ إذَا رَجَعَ مِنْهُ، وَلَوْ أَخْرَجَ دَمَ الْفَوَاتِ بَيْنَ تَحَلُّلِهِ وَالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ أَجْزَأَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَكَلَامُ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَيَذْبَحُهُ فِي أَحَدِ وَقْتَيْ جَوَازِهِ وَوُجُوبِهِ لَا قَبْلَهُمَا فَالْأَوَّلُ يَدْخُلُ بِدُخُولِ وَقْتِ الْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ مِنْ قَابِلٍ وَالثَّانِي يَدْخُلُ بِالدُّخُولِ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ لِفَتْوَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِذَلِكَ وَكَمَا يَجِبُ دَمُ التَّمَتُّعِ بِالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهُ قَبْلَهُ وَبَعْدَ فَرَاغِ الْعُمْرَةِ لِدُخُولِ وَقْتِهِ حِينَئِذٍ وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَدَمُ الْجُبْرَانِ) أَيْ الدَّمُ الَّذِي يَجْبُرُ الْخَلَلَ لِوَاقِعٍ سَوَاءٌ كَانَ فِعْلَ مَنْهِيٍّ أَوْ تَرْكَ مَأْمُورٍ فَيَشْمَلُ سَائِرَ أَنْوَاعِ الدِّمَاءِ؛ لِأَنَّهَا كُلَّهَا لَا تَخْرُجُ عَنْ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَالدَّمُ الْوَاجِبُ بِفِعْلِ حَرَامٍ بِاعْتِبَارِ أَصْلِهِ