لَا لِوُجُوبِهِ فَقَدْ صَوَّبَ النَّوَوِيُّ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّ نَصَّ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا يَشْهَدُ لَهُ

(وَلَا يُدْفَعُ مَالٌ لِمَحْجُورٍ) عَلَيْهِ (بِسَفَهٍ) لِتَبْذِيرِهِ (بَلْ يَصْحَبُهُ وَلِيٌّ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبُهُ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ أُجْرَتَهُ كَأُجْرَةِ مَنْ يَخْرُجُ مَعَ الْمَرْأَةِ.

(وَ) النَّوْعُ الثَّانِي (اسْتِطَاعَةٌ بِغَيْرِهِ فَتَجِبُ إنَابَةٌ عَنْ مَيِّتٍ) غَيْرِ مُرْتَدٍّ (عَلَيْهِ نُسُكٌ مِنْ تَرِكَتِهِ) كَمَا تُقْضَى مِنْهَا دُيُونُهُ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَبِي عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ أَنَّهُ لَوْ اسْتَطَاعَ وَالْوَقْتُ ضَيِّقٌ ثُمَّ مَاتَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَيُقْضَى مِنْ تَرِكَتِهِ وَخَالَفَهُ الْأَصْحَابُ، وَنَقَلَ الْعِرَاقِيُّ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ فِي النُّكَتِ مَا يُشْبِهُ مَذْهَبَ أَبِي عَلِيٍّ وَلَكِنَّ عِبَارَتَهُ تُوهِمُ أَنَّهُ شَرْحٌ لِكَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ فَلْيُحْذَرْ اهـ. (قَوْلُهُ: لَا لِوُجُوبِهِ) فِيهِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَجْعَلْهُ شَرْطًا لِوُجُوبِهِ بَلْ جَعَلَهُ شَرْطًا لِلِاسْتِطَاعَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ وَشَرْطُ الشَّرْطِ شَرْطٌ. اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُدْفَعُ مَالٌ لِمَحْجُورٍ بِسَفَهٍ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر، وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ كَغَيْرِهِ فِي وُجُوبِ النُّسُكِ عَلَيْهِ وَلَوْ بِنَحْوِ نَذْرٍ قَبْلَ الْحَجَرِ وَإِنْ أَحْرَمَ بِهِ بَعْدَهُ أَوْ نَفْلٍ شَرَعَ فِيهِ قَبْلَ الْحَجَرِ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ النَّفَقَةِ حِينَئِذٍ بِسَبَبِ السَّفَرِ تَكُونُ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ فَيَصِحُّ إحْرَامُهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ لَكِنْ لَا يُدْفَعُ الْمَالُ إلَيْهِ لِئَلَّا يُضَيِّعَهُ بَلْ يَخْرُجُ مَعَهُ الْوَلِيُّ بِنَفْسِهِ إنْ شَاءَ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يُنَصِّبُ شَخْصًا لَهُ ثِقَةً يَنُوبُ عَنْ الْوَلِيِّ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ مُتَبَرِّعًا كَافِيًا لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ أُجْرَتَهُ كَأُجْرَةِ مَنْ يَخْرُجُ مَعَ الْمَرْأَةِ وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَصُرَتْ مُدَّةُ السَّفَرِ وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُسَلِّمَهُ نَفَقَةَ أُسْبُوعٍ فَأُسْبُوعٍ إذَا كَانَ لَا يُتْلِفُهَا؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ فِي الْحَضَرِ يُرَاقِبُهُ فَإِنْ أَتْلَفَهَا أَتَّفِقَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ السَّفَرِ فَرُبَّمَا أَتْلَفَهَا وَلَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ فَيُضِيعُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَإِنْ تَبَرَّعَ الْوَلِيُّ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ السَّفِيهَ مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكٍ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ إِلَخْ مَفْهُومُهُ أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ: لَيْسَ كَذَلِكَ فَيُمْنَعُ مِنْهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِأَمْوَالِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْحَجُّ فَوْرِيًّا بِأَنْ أَفْسَدَ الْحَجَّ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتِطَاعَةٌ بِغَيْرِهِ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ مُسَاوَاتُهُ لِلْمَحْجُوجِ عَنْهُ فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ فَيَكْفِي حَجُّ الْمَرْأَةِ عَنْ الرَّجُلِ كَعَكْسِهِ أَخْذًا مِنْ الْحَدِيثِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَتَجِبُ إنَابَةٌ) أَيْ فَوْرًا أَيْ تَجِبُ عَلَى الْمُوصِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْوَارِثُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْحَاكِمُ إنْ لَمْ يُرِدْ كُلٌّ مِنْهُمْ فِعْلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ اهـ. حَجّ وَسَيَأْتِي هَذَا الْكَلَامُ مَفْرُوضًا فِيمَنْ مَاتَ بَعْدَ الِاسْتِطَاعَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَمَّا مَنْ مَاتَ قَبْلَهَا كَغَالِبِ النَّاسِ فَلِكُلٍّ مِنْ الْوَارِثِ وَالْأَجْنَبِيِّ الْحَجُّ وَالْإِحْجَاجُ عَنْهُ.

وَعِبَارَةُ حَجّ وَلِكُلٍّ الْحَجُّ وَالْإِحْجَاجُ عَنْ مَيِّتٍ لَمْ يَسْتَطِعْ فِي حَيَاتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ نَظَرًا إلَى وُقُوعِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُخَاطَبًا بِهَا فِي حَيَاتِهِ انْتَهَتْ.

وَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ النُّسُكِ سِنِينَ وَلَمْ يَفْعَلْهُ حَتَّى مَاتَ أَوْ عَضِبَ عَصَى مِنْ آخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ فَيَتَبَيَّنُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ عَضَبِهِ فِسْقُهُ فِي الْأَخِيرَةِ بَلْ وَفِيمَا بَعْدَهَا فِي الْمَعْضُوبِ إلَى أَنْ يُفْعَلَ عَنْهُ فَلَا يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُنْقَضُ مَا يَشْهَدُ بِهِ فِي الْأَخِيرَةِ بَلْ وَفِيمَا بَعْدَهَا فِي الْمَعْضُوبِ إلَى مَا ذُكِرَ كَمَا فِي نَقْضِ الْحُكْمِ بِشُهُودٍ بَانَ فِسْقُهُمْ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْوَارِثِ أَوْ الْمَعْضُوبِ الِاسْتِنَابَةُ فَوْرًا لِلتَّقْصِيرِ نَعَمْ لَوْ بَلَغَ مَعْضُوبًا جَازَ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: عَنْ مَيِّتٍ) بِأَنْ مَاتَ بَعْدَ انْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ وَمَضَى إمْكَانُ الرَّمْيِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَإِنْ دَخَلَ الْحَاجُّ مَكَّةَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَيَأْثَمُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِالتَّأْخِيرِ إلَى هَذَا الْوَقْتِ وَلَوْ كَانَ شَابًّا وَإِنْ لَمْ تَرْجِعْ الْقَافِلَةُ اهـ. شَرْحُ م ر.

وَعِبَارَةُ حَجّ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ بَعْدَ الْوُجُوبِ بِأَنْ أَخَّرَ فَمَاتَ أَوْ جُنَّ قَبْلَ تَمَامِ حَجِّ النَّاسِ أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ تَسَعُ بِالنِّسْبَةِ لِعَادَةِ حَجِّ بَلَدِهِ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَمْ يُمْكِنْهُمْ فِيهِ تَقْدِيمُهُ عَلَى نِصْفِ اللَّيْلِ مِنْ الْأَرْكَانِ وَرَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ أَوْ تَلِفَ مَالُهُ أَوْ عَضِبَ قَبْلَ إيَابِهِمْ لَمْ يُقْضَ مِنْ تَرِكَتِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُرْتَدٍّ) أَمَّا الْمُرْتَدُّ فَلَا تَصِحُّ الْإِنَابَةُ عَنْهُ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِتَرِكَتِهِ إذْ الْمُرْتَدُّ لَا تَرِكَةَ لَهُ لِتَبَيُّنِ زَوَالِ مِلْكِهِ بِالرِّدَّةِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ يَلْزَمُ مِنْ صِحَّتِهَا وُقُوعُهَا لِلْمُسْتَنَابِ عَنْهُ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ وَبِهِ فَارَقَ إخْرَاجَ الزَّكَاةِ مِنْ تَرِكَتِهِ اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: عَلَيْهِ نُسُكٌ) أَيْ حَجٌّ أَوْ عُمْرَةٌ سَوَاءٌ كَانَ فَرْضَ الْإِسْلَامِ أَوْ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا وَمَعْنَى كَوْنِهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَزِمَ ذِمَّتَهُ وَاسْتَقَرَّ فِي الْحَيَاةِ بِأَنْ تَمَكَّنَ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى فِعْلِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ اهـ. شَرْحُ م ر وَخَرَجَ نُسُكُ النَّفْلِ كَأَنْ مَاتَ بَعْدَ فِعْلِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَلَا يَجُوزُ لِلْوَارِثِ وَلَا لِغَيْرِهِ أَنْ يَفْعَلَهُ عَنْهُ إلَّا إنْ أَوْصَى بِهِ. اهـ. بِرَمَّاوَيْ وَحَجّ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ أَيْضًا فِي تَطَوُّعٍ عَنْ حَيٍّ غَيْرِ مَعْضُوبٍ وَلَا عَنْ مَيِّتٍ لَمْ يُوصِ بِهِ إلَّا عَنْ مَيِّتٍ أَوْصَى بِهِ وَإِلَّا مِنْ مَعْضُوبٍ أَنَابَ مَنْ يَحُجَّ عَنْهُ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ اهـ. بِاخْتِصَارٍ فَتَحَصَّلَ جَوَازُ إنَابَةِ الْمَعْضُوبِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ بَلْ يَجِبُ فِي الْفَرْضِ وَجَوَازُ الْحَجِّ عَنْ الْمَيِّتِ فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا، وَفِي النَّفْلِ إنْ أَوْصَى بِهِ وَيَمْتَنِعُ إنَابَةُ الْقَادِرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015