في مرض أو من دعوى مرض قتيل وقوله التأديب والزجر إلخ* هما إيلام للنفس لقصد إصلاحها ومنه السجن لأنه إيلام بضغط الوجدان وأنظر الفرق السادس والثلاثين بعد المائتين* قوله من غير إفراط إلى قوله تلك الغاية إلخ* لأن التأديبات والزواجر لم يقصد منها الانتقام بل الإصلاح لبلوغ غاية التأديب ولذا أندرج الأصغر في الأكبر من الحدود وأخرت عن المريض إذ موته كاف ولهذا أسقط حد المحارب إذا جاء تائبًا قبل القدرة عليه وعليه فيسع الإمام في جميع ذلك الاجتهاد كما يراه زاجرًا للجناة ولا ينضبط وقد قيل لا يبلغ بالتعازير مبلغ الحدود وضرب عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضببعًا الذي كان يحمل اليأس على السؤال عن متشابه القرآن ثلاثمائة سوط ويجب كما قال المصنف أن يقتصر من العقوبة على مقدار الحاجة لأن في الإفراط أضرارًا ومذلة وفي الحديث لا يضرب قرشي بالسياط في غير حد كان علته أن لا يذلوا وحاصل معنى الزجر والتأديب يرجع إلى قطر خلق سيئ من الأفراد كالحدود ومن هذا النوع ضرب الصبي للتمرن على الصلاة وإن لم يكلف بها وضرب الدابة لاستصلاحها وإن لم يكن لها تكليف: أو إلى إظهار كامن محاسن الطبايع والسجايا تعتاد الظهور كزجر المتعلم أو الولد ليترك التواني ويتمطى بمواهبه ولا يقتنع بما بلغ إليه وقد أخذ هذا من حديث بدء الوحي أن الملك لما قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأ فقال ما أنا بقارئ غطه ثلاثًا وهذا أصل فلسفي شريف في إظهار محاسن الأخلاق والمواهب النفسانية فإن الأخلاق السامية تبلغ أقصى غايتها عند المضايقة كما قال أبو تمام لولا اشتعال النار فيما جاورت* ما كان يعرف طيب عرف العود