حرام وواجب فلا يرد ما يقال إنه يلزم توقف الأصل على فرعه ولذلك قال ابن الحاجب أن المراد تصورها أي تصور حقائقها وأقسامها أي لأنها الغاية من أدلة الأصول. وأما الكلام فلأن علم الكلام اسم للعلم الجامع لتحقيق مدارك العلوم النظرية بوجه لا يخالف الأصول الشرعية فهو قد أودع مسائل المنطق والفلسفة بعد تجريدها مما يجافي الدين فلما كان للأصولي فضل احتياج إلى قواعد من هذين العلمين وكان علم الأصول ومنازع الاجتهاد تشغل جل وقت المشتغل بها لزمهم أن يكفوا طلاب علمهم مؤنة ما يحتاجون إليه من هذين العلمين لصون الذهن عن الخطأ في النظر ولم يرضوا أن يتنازلوا إلى أخذها من علم غير إسلامي لئلا يكون علمهم الذي هو رئيس العلوم الشرعية على التحقيق مستمداً من علم غير إسلامي هذا قصارى ما نوجه به صنيعهم في الاستمداد من الكلام. ووجه ابن الحاجب ذلك بما لا يتم وإنما يصلح أن يجعل توجيهاً لاحتياج صحة الإيمان إلى علم الكلام. وبهذا يظهران هذا الباب مقدمة علم وكتاب معاً ولا ضير في ذلك عند التحقيق. غير أن أهل الأصول جروا على ابتداء كتبهم بتعريف العلم ثم يذكرون بعد ذلك المبادئ والمصنف رحمه الله عكس فقدم تعريف الحد على تعريف أصول الفقه وله وجه وجيه. وهو أن البحث عن تعريف الحد لا غرض منه إلا التحقيق فيما يرد من التعاريف كتعريف العام والمجمل مثلاً ليعلم الجامع والمانع من غيره ولما كان تعريف علم الأصول محتاجاً إلى ذلك كان البحث عن تمييز أحكام الحدود جديراً بالتقديم على كل تعريف يرد في هذا العلم على أن المصنف ترك توجيهه بهذا وعدل إلى الجواب الراجع إلى أن العلم تصور وتصديق والتصور سابق على التصديق الخ وهو لا يحسن هنا بل يحسن من المنطقي الذي يبحث عن طرق العلم لأن