المذكورة بعده سند المنع ويرد عليه أنه لا مشابهة بين حكم الحاكم وبين الاجتهاد لأن الحكم إنما منع نقضه لأنه مظنة صرف الجهد لتوخي الصواب مع ما في نقضه من إدخال الفساد على الناس في آثار العقود وغيرها بخلاف تنقل المقلد من قول لقول (قوله فإن أراد بالرخص هذه الأربعة إلخ) لا يمكن أن يريدها إذ إطلاق الرخصة على هذه الأربعة لا وجود له في لغة ولا في اصطلاح (قوله مخالفًا لتقوى الله وليس كذلك إلخ) مصادرة واضحة (قوله قاعدة انعقد الإجماع إلخ) هذا سند المنع الذي تضمنه التنبيه واعلم أن دعوى الإجماع هنا لا تتم إذ لا دليل على علم أبي هريرة مثلاً بأن مستفتيه قد استفتى قبله أبا بكر وعلى تسليم علمه فلا يستلزم ذلك أنه أباح له العمل بأي القولين شاء في المسألة الواحدة بل لا معنى للإفتاء إلا تعيين العمل بما أفتاه به وقد ثبت من قضايا عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أفتوا فيها ثم بلغهم مخالفة غيرهم فراجعوه وأنكروا عليه أو رجعوا له ومنها كثير في صحيح البخاري رحمه الله ولو سلم فهو إجماع سكوتي وليس بحجة خصوصًا مع عدم تحقق بلوغ المخالفة على أن ذلك كله قبل تدوين مذاهب يجد فيها المستفتي المقلد كل ما يحتاج وبعد كونه كذلك فإن تتبع الرخص ضرب من ضروب التشهي وقد أبطلناه فيما تقدم مع تقييد وبين أبو إسحاق الشاطبي أنه من الهوى ولذا رجح الجمهور وجوب التزام مذهب معين لأن الترجيح صعب على العامة عند التعارض فلو انتقل تتبعًا للسهولة فهو لعب وتهاون بالدين لأنه يجب توخي حكم الله ومراده لا مراد المكلف. والتقليد ضرورة تقدر بقدرها فإذا فاته البحث عن حكم الله