اجتهاده بخلاف التجريح فإنه سلب الثقة عنه وعدم الركون إلى أمانته وذلك أمر علمي فلا يعتبر إلا بما يدل على الاستخفاف والتهاون بالشرع ولما كان هذا الشارب مقلدًا لم يكن متاونًا بالشرع فالحد مناسب للتحريم إذ ينبني عليه الانزجار في نظر الحاكم بقطع النظر عن حالة مرتكبه ولو مع عذر الشارب، أما سلب العدالة فلا مقتضى له مع العذر لأنه يتبع الجراءة على المخالفة وفي قواعد عز الدين ابن عبد السلام في فصل الزواجر ما نصه: «فإن قيل كيف زجر الحنفي عن شرب النبيذ بالحد مع إباحته قلنا: ليس هو مباحًا وهو مخطي بشربه وقد عفا الشرع عن مفاسد المخطئين الجاهلين دون العامدين ومن صوب المجتهدين فإنما اشترط أن لا يكون مذهب الخصم مستندًا إلى دليل ينقض الحكم المستند إليه به» وهذا هو الذي ساقه المصنف في القاعدة الثانية في تقريره لمذهب الشافعي غير أن عز الدين اقتصر بها على توجيه الحد والمصنف أنصف إذ جعلها مطردة حتى في عدم قبول الرواية لضعف مدرك المقلد المنزل منزلة العدم وهو منزع دقيق. أما مذهب مالك فتقريره في القاعدة الثانية أن دليل المخالف ضعيف لمخالفته القياس الجلي فلم يعتد به ولذلك تترتب على إلغائه سائر الآثار العملية الشرعية من الحد ومن التفسيق وسلب العدالة فكان مرتكبه لم يقلد أحدًا. ولهذا قال المصنف كأنه قطع بفسقه فينشأ عن هذا أن مالكًا رحمه الله يفصل بين ما قوي دليل المخالف فيه فيقبل رواية مرتكبه ويعذره وإن كان يجرى عليها الأحكام الاجتهادية دون ما ضعف فيه دليل المخالف ضعفًا بينا فلا يعذر به ونظيره قوله في النكاح الفاسد المختلف فيه يقرر بعد البناء بصداق المثل، وقال في نكاح المتعة بالفسح أبدًا وبالحد، وقد أشار المصنف هنا، وفي الفرع الأول من الفرق التاسع والثلاثين إلى أن كل ما ينقض فيه حكم القاضي لا يعتبر فيه خلاف المجتهد عذرًا، وقد قالوا في الفقه أن القضاء بالشفعة للجار لا يرفع الخلاف (قوله حجة الشافعي أنهم من