به التأديب وكراهة مخالطتهم وفيه بعد لأن الصلاة عليهم حق إسلامي لا يقع التأديب بالحرمان منه. وقيل لأنهم عنده كفار وصحح ابن رشد في البيان القول الأول وهو تأويل سحنون وتوقف مالك في إعادة صلاة من صلى خلف مبتدع وكل ذلك يقتضي الفسق لا محالة لأنه لا يؤدب بمثل هذه الغلظة إلا فاسق وكان وجه التفسيق أن هاته الأهواء لا تخلو من تجويز مفسق كاستحلال الخوارج لدماء المخالفين لهم أو من تعمد تأويل القرآن بلا دليل وذلك عمل مفسق. أما الآراء والاعتقادات التي لا تفضي إلى أحد هذين ولا تمس أصول الدين فلا يمكن أن تكون فسقًا وإن كانت مخالفة للصواب والحق وقد فسروا أهل الأهواء بمن يفسر متشابه القرآن بحسب رأيه وهو إلا من غير دليل واضح أي بحيث لا يحمله على تأويله إلا تصحيح مذهبه وهذا موذن بقلة التحرز في الدين وقد يقع لبعضهم ذلك لكن الباعث عليه شدة التغالي من غير تعمد، وكذلك من يؤول لوجود دليل عنده يظنه حاملًا على التأويل كما تأول المعتزلة ءاية الرؤية لمعارضتها لأصل عندهم وهو استحالة تعلق البصر بواجب الوجود ومثال التأويلات البعيدة بلا داع تأول الشيعة قوله أن علينا للهدى بأنه إن عليًا للهدى. ونقل السبكي في جمع الجوامع عن مالك قبول رواية المبتدعين إذ كانت بدعتهم لا تجيز الكذب، ولم يكن الراوي داعية لمذهبه وكذلك يوجد في شرح التلمساني على المعالم ولم أره لغيرهما فإن صح عنه فإنما يريد به الذين لم تبلغ بهم بدعتهم إلى مفسق كتعمد تأويل القرآن ونحوه فيكون مخصصًا لقوله في المدونة لا يصلى على أحد من أهل الأهواء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015