خصت بالتبويب والقاعدة هنا المستخلصة من خلاف كثير أن الفعل إن جاء فيما شأنه التشريع كوقوعه بياناً أو فيما لا يجيء إلا شرعاً من عبادة أو أخذ بحق فهو تشريع وإلا فهو الجبلة والعادة كأنواع اللباس والطعام وإن لم يتضح أمره لكونه قريباً من الجبليات لكننا نجده دخل في العبادات وتعلق بها كالركوب عند وقوف عرفة وكالضجعة على الشق الأيمن بعد صلاة الفجر فهو مجمل. فأما الجبليات إن كانت ترجع إلى مكارم الأخلاق أو محامد الفطرة كالمعاشرة وسعة الأخلاق وترك التكلف في المشي واللباس وترك الرعونات فلا شبهة في كونها ملحقة بآداب الشريعة وضابطها هي الأمور التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكمل الناس فيها وكان الكمل يتفاوتون في قربهم منه في ذلك وإن كانت ترجع إلى ضروب الأحوال العادية والحاجات القومية كصور اللباس وصنوف الطعام ونحو ذلك فهذه لا دخل للتشريع ولا للندب فيها كم نقل حلولو عن إمام الحرمين والمصنف عن الباجي وابن التلمساني في شرح المعالم عن الاتفاق وإنما كان بعض السلف رحمهم الله يتبعونها تطلباً للتأسي والتبرك بالتشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قضوا حظهم من القيام بالواجبات والكمالات