إلا في النساء فلذلك يعامله العلماء في هاته الأحوال معاملة اللقب. والذي تلخص لي من تتبع موارد المفاهيم ومتناثر كلمات أهل الأصول أن القيود التي تفيد محترزات إنما تدل على الاحتراز متى علمنا أن المتكلم عمد إليها قصداً لإبطال غير ما تدل عليه فمتى لم نعلم ذلك لوجود ما يبعث المتكلم على ذكر القيد دون قصد الاحتراز تعطل مفهوم القيد وذلك لمحاكاة كلام أو للنظر إلى صورة مقصودة بالكلام مثال الأول قوله صلى الله عليه وسلم بان سأله هل من البر الصيام في السفر «ليس من البر الصيام في السفر» فلم يقصد بالظرف الاحتراز عن الحضر لأنه ليس براً في الحضر دائماً. ومثال الثاني قوله تعالى {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} نظراً لكونه أغلب أسباب قتل الولد عندهم فلا يفيد أنهم يقتلونهم لخشية العار أو الإراحة من ألم فهو كالعام الوارد على سبب ولهذا قد يجئ القيد في مثل هذا مقصوداً فيتوقف فيه السامع. أخرج البخاري في باب من جر إزاره من كتاب اللباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من جر ثوبه خيلاه لم ينظر الله إليه يوم القيامة فقال أبو بكر رضي الله عنه أن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت لسن ممن يصنعه خيلاء فكأنه احتاج للسؤال لاحتمال كون خيلاء ذكر للغالب إذ هو غالب أحوال جر الإزار وأن النهي عن جميع أحواله. وقد اختلف العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ فقال مالك لا يمنع فضل الماء غير المملوك مطلقاً سواء قصد بمنعه منع الكلأ أم لا وإنما قيد بمنع الكلأ لأن شأنهم أنهم إذا أرادوا منع مرعى من